مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا تتباطأ.. والشركات تستغيث من أهداف المناخ
محمد عبد السند
- شركات صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا تنتظر غرامات باهظة
- يفرض الاتحاد الأوروبي قواعد بشأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع النقل
- شركات صناعة السيارات في أوروبا تتراجع عن أهدافها المناخية
- تستحوذ المركبات الكهربائية على أقل من 15% من السوق الخاصة
- بريطانيا السوق الوحيدة في أوروبا التي شهدت نموَا بمبيعات السيارات الكهربائية
دفع التراجع الحادّ الذي تشهده مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا الشركات المصنّعة للمركبات في القارة العجوز إلى مطالبة الاتحاد الأوروبي بتخفيف الأهداف المناخية ذات الصلة بالانبعاثات الصادرة عن قطاع النقل.
ويفرض الاتحاد الأوروبي قواعد مشددة بشأن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، فيما يُطلَق عليه معيار متوسط اقتصاد الوقود للشركات المعروف اختصارًا بـ سي إيه إف إي (CAFE) الذي يحدد معدلًا لانبعاث ثاني أكسيد الكربون لإجمالي عدد السيارات المبيعة، ويفرض غرامةً على شركات صناعة السيارات المخالفة لهذا المعيار.
ودفع الانكماش الحادّ الذي يضرب سوق السيارات الكهربائية في أوروبا –حاليًا- الشركات إلى العدول عن سياساتها الطموحة لكهربة أساطيلها من المركبات، وإسدال الستار على السيارات العاملة بالوقود التقليدي الحساس جدًا للبيئة.
ووفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة مقرّها (واشنطن)، تعاني سوق السيارات الكهربائية في أوروبا ركودًا حادًا منذ أكثر من عام؛ إذ تستحوذ المركبات منخفضة الانبعاثات على أقل من 15% من السوق الخاصة، و7% من السوق التجارية.
تراجع السوق الألمانية
تراجع نمو مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا متأثرًا بهبوط السوق الضخمة في ألمانيا خلال أغسطس/آب (2024)، ما شجّع شركات صناعة السيارات على مطالبة بروكسل بإعادة النظر في أهداف المناخ الرئيسة، وفق ما أوردته بلومبرغ.
وهبطت تسليمات السيارات الكهربائية في ألمانيا، أكبر سوق من نوعها في المنطقة، بنسبة 69% خلال الشهر الماضي، ما نتج عنه هبوط نسبته 36% عبر المنطقة، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن رابطة مصنّعي السيارات الأوروبية (the European Automobile Manufacturers’ Association) المعروفة اختصارًا بـ إيه سي إي إيه (ACEA).
وطالبت "إيه سي إي إيه" المفوضية الأوروبية –الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- باتخاذ تدابير عاجلة لتخفيف الأهداف الخاصة بالانبعاثات الصادرة عن أسطول النقل، والمقرر تنفيذها بحلول أواسط العقد الحالي (2025).
ومن الممكن أن يَنتُج عن تطبيق تلك المستهدفات فرض غرامات بالمليارات على شركات صناعة السيارات التي تمتنع عن الامتثال لها، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ويكافح مصنّعو السيارات مع هبوط الطلب على السيارات الكهربائية في أوروبا، بعدما سحبت الحكومات التحفيزات المالية التي جعلت السيارات مرتفعة التكلفة –نسبيًا- ميسورة بدرجةٍ أكبر.
إعادة التفكير في الإستراتيجيات
مع انكماش حصة سوق السيارات الكهربائية في أوروبا إلى 14% في أغسطس/آب (2024)، تراجعًا من أعلى من 15%، تعيد شركات صناعة السيارات التفكير في إستراتيجيتها وجداولها الزمنية المقررة للتحول بعيدًا عن استعمال محركات الاحتراق الداخلي.
وظهر التراجع في سوق السيارات الكهربائية في أوروبا بأشدّ درجاته في ألمانيا التي تواجه سلسلةً من الانتكاسات في قطاعها التصنيعي.
وألغت شركة فولكسفاغن، أكبر مصنع للسيارات في عموم أوروبا، اتفاقية العمل التي استمرت لعقود من الزمن، وتستعد لغلق مصانعها المحلية في ألمانيا لأول مرة بسبب ضعف الطلب.
وبالمثل، خفضت شركة بي إم دبليو توقعات الأرباح عن عام كامل، عازيةً السبب جزئيًا إلى تراجع مبيعات السيارات الكهربائية.
وفي أماكن أخرى في أوروبا، أرجأت شركة إنتل كورب (Intel Corp)، رائدة تصنيع الرقائق الإلكترونية الأميركية، موعد بناء مصنع خصصت له الحكومة الأميركية دعمًا بقيمة 11.1 مليار دولار.
وقال رئيس قسم النقل لأوروبا الغربية في شركة الخدمات المهنية الرائدة إيرنيست أند يانغ، المعروفة اختصارًا بـ إي واي (EY)، قسطنطين غال: "الاقتصاد الألماني لا يكتسب زخمًا، والمستهلكون والمستثمرون مترددون، كما أن التوترات الجيوسياسية والصراعات العميقة تنعكس سلبًا على المعنويات"، في مذكرة طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
غرامات تنتظر الشركات
تراجعت تسجيلات السيارات الجديدة في أوروبا بنسبة 16.5%، مقارنةً بعام سابق، لتصل إلى 756 مليون وحدة خلال أغسطس/آب (2024)، مع موجات هبوط طالت -كذلك- فرنسا وإيطاليا.
ويضع التباطؤ بمبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا شركات أمثال فولكس فاغن ورينو الفرنسية في مرمى التعرض لغرامات كبيرة بمجرد دخول قواعد الانبعاثات الصارمة في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، خلال العام المقبل (2025).
وطالبت رابطة مصنّعي السيارات الأوروبية المفوضية الأوروبية بضرورة إجراء مراجعات للوائح التنظيمية المخططة، غير أنها لم تُشر مجددًا إلى طلب كانت قد تقدمت به مؤخرًا لإرجاء تطبيق معايير الانبعاثات الجديدة المذكورة لمدة عامين، التي تُقدَّر بنحو 59 غرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر تقطعه السيارة، وهو خيار ما يزال خاضعًا للدراسة، وفق مسودة مقترحات حصلت عليها بلومبرغ الأسبوع الماضي.
وكانت المملكة المتحدة هي السوق الرئيسة الوحيدة التي ازدهرت فيها مبيعات السيارات الكهربائية، مسجلةً ارتفاعًا نسبته 10.8%.
إلى جانب ذلك، تضع تلك التطورات ضغوطًا شديدةً على الموعد الذي حدده الاتحاد الأوروبي لحظر مبيعات سيارات الوقود الأحفوري بدءًا من أواسط العقد المقبل (2035)، مع انقسام شركات صناعة السيارات الأوروبية بشأن طريقة مواجهة القواعد الجديدة.
قواعد مشددة
توجِب المعايير الجديدة التي حددها الاتحاد الأوروبي لخفض انبعاثات قطاع السيارات في أوروبا، على الشركات بيع سيارة كهربائية واحدة نظير كل 4 سيارات عاملة بالوقود الأحفوري، أي ما يعادل 25% من المبيعات، لتحقيق التوازن في كمية الانبعاثات المسببة لتغير المناخ.
وقد تصل الغرامات المفروضة على الشركات المخالفة لتلك المعايير إلى 13 مليار يورو (14 مليار دولار أميركي) على السيارات الخاصة، و3 مليارات يورو على المركبات التجارية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
* اليورو=1.11 دولارًا أميركيًا.
وكانت شركات صناعة السيارات الأوروبية قد طالبت الاتحاد الأوروبي بإرجاء تنفيذ القواعد الجديدة المتعلقة بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، المقررة لعام 2025، لمدة عامين، وفق وثيقة مسرّبة طالعتها بلومبرغ.
واقترحت الوثيقة تفعيل البند "122.1" من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي، الذي يجيز إرجاءً استثنائيًا لبعض اللوائح، دون الحاجة لتمريرها داخل البرلمان الأوروبي.
موضوعات متعلقة..
- السيارات الكهربائية في أوروبا تبحث عن حل سحري للتفوق على الصين
- مسؤول: التحول إلى السيارات الكهربائية في أوروبا يشعل حرب الأسعار
- مذبحة السيارات الكهربائية في أوروبا بدأت.. والصين الرابح الأكبر
اقرأ أيضًا..
- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي ترتفع إلى 782 مليون متر مكعب
- إيرادات صادرات النفط الروسية تواصل هبوطها.. آسيا طوق نجاة
- هل التحول الأخضر فقاعة توشك على الانفجار؟