تطور جديد في الربط الكهربائي بين قبرص واليونان وإسرائيل.. ينافس خطط مصر
أسماء السعداوي
سجّل مشروع الربط الكهربائي بين قبرص واليونان وإسرائيل عبر البحر المتوسط تطورًا جديدًا، بعد إجراء مشاورات خلال الأيام الماضية، في خطوة من شأنها أن تهدد خطط مصر لتصدير الكهرباء إلى أوروبا.
سيكون مشروع "غريت سي إنتر كونيكتور" (Great Sea Interconnector) (GSI)، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) -عند إكماله- أطول وأعمق خط تيار مباشر عالي الجهد في العالم.
ويواجه المشروع تحديات عدّة، أبرزها تمويلية؛ إذ ارتفعت التكاليف التي كانت مُقدَّرة بـ1.4 مليار يورو (1.56 مليار دولار)، كما تتحمل قبرص من ناحية أخرى أكثر من ثلثي التكلفة، ولذلك تسعى لزيادة منحة المفوضية الأوروبية.
ومن الناحية الجيوسياسية، ترى إسرائيل المشروع أولوية قصوى، وسيعزز أمن الطاقة بالمنطقة، لكنه يقترب من حدود منطقة تزعم تركيا سيطرتها عليها.
وبالنسبة لقبرص، سيُنهي مشروع الربط الكهربائي العزلة الطاقية للجزيرة، ودونه ستكافح وحيدة في معركة التحول والأخضر، وستواصل حرق الوقود الأحفوري، وفق تصريح للسفيرة الأميركية جولي فيشر.
وتسعى مصر إلى تزويد أوروبا بالطاقة المتجددة عبر خط كهرباء بحري مماثل يتصل بقبرص واليونان أيضًا، ورغم إعلانه قبل أكثر من عقدين، فإن المشروع ما زال طور البحث عن تمويلات.
مشروع الربط الكهربائي البحري
من المقرر أن يربط مشروع الربط الكهربائي شبكات الكهرباء في اليونان عبر جزيرة كريت في قبرص، ثم إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي.
وتصل تكلفة المشروع إلى 2.4 مليار يورو (2.67 مليار دولار أميركي)، ويصل طوله إلى ألف و240 كيلومترًا على عمق 3 آلاف متر، وفق تقرير لوكالة رويترز.
وأكد نائب المتحدث باسم الحكومة في قبرص يآنيس أنطونيو أن المشاورات جارية، وأنها شهدت تقدمًا، كما من المحتمل بحث المشروع خلال اجتماع حكومي اليوم الثلاثاء (17 سبتمبر/أيلول)، وأيضًا خلال لقاء سيجمع رئيس قبرص نيكوس خريستودوليدس برئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس بعد غد الخميس.
وكان الرئيس القبرصي قد أعلن يوم (13 سبتمبر/أيلول 2024) إحراز تقدّم مع اليونان بشأن المشروع، وإجراء محادثات مع رئيس الوزراء اليوناني بشأنه.
وأكد الرئيس منح الأولوية القصوى لحماية مصالح شعبه، في إشارة لارتفاع التكلفة التي ستُرهق كاهل قبرص بـ1.9 مليار دولار؛ إذ تتحمل قبرص 67% من التكلفة.
وردًا على اتهام بالتردد تجاه المشروع، قال خريستودوليدس، إن البيانات تُجمَع، مع الأخذ في الحسبان الانتخابات المقبلة والأجيال القادمة.
وفي اجتماع سابق بين مسؤولين قبرصيين ويونانيين، وصف الرئيس القبرصي المحادثات بالبنّاءة، وبأنها تزيل الغموض حول الكثير من الأمور، وفق ما ذكرته صحيفة "سيبرس ميل" (cyprus-mail).
ولإزالة العقبات التمويلية، كانت قبرص تدرس طلب زيادة المنحة التي تعهدت بتقديمها المفوضية الأوروبية بقيمة 657 مليون يورو (ثُلث التكلفة الإجمالية للمشروع)، عبر تقديم 200 مليون يورو (222.79 مليون دولار) أخرى.
* اليورو يعادل 1.11 دولارًا أميركيًا
وأرجعت قبرص الأمر إلى ارتفاع تكلفة المشروع من 1.4 مليار يورو عند التعهد بتقديم 657 مليون يورو، إلى 1.9 مليار يورو، وفق آخر التقديرات.
وأشارت تقارير حديثة إلى أن قبرص ستبدأ دفع 25 مليون يورو سنويًا لمدة 5 سنوات تنتهي في 2029، بعدما أصبحت حكومة الجزيرة أحد مساهمي الشركة المطورة للمشروع، باستثمارات تصل إلى 100 مليون يورو.
إسرائيل والإمارات ودول أخرى!
تُعدّ إسرائيل مساهمًا رئيسًا في مشروع الربط الكهربائي البحري، لكن الحديث بشأنها قلَّ بسبب تزايد المحادثات بين الجارتين اليونان وقبرص.
وبدوره، جدّد وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين اهتمام بلاده بالمشروع "ذي الأهمية الكبرى والرائد".
وفي تدوينة عبر حسابه بمنصة إكس، أوضح كوهين أن الخط سيربط شبكة الكهرباء في إسرائيل بنظيرتها الأوروبية عبر قبرص واليونان، وسيعزز أمن الطاقة في المنطقة.
وتعليقًا على التصريح، أكد الرئيس القبرصي اهتمام إسرائيل المستمر بالمشروع والمحادثات الجارية بين البلدين بشأنه.
وفي سياق متصل، أكد الرئيس نيكوس خريستودوليدس أن المحادثات جارية أيضًا مع دول أخرى، وأن زياته لأبوظبي لم تكن صدفة.
والتقى رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس القبرصي خلال زيارة الأخير في 11 سبتمبر/أيلول الجاري.
وكانت شركة طاقة الإماراتية قد أبرمت -على هامش قمة المناخ "كوب 28" في العام الماضي (2023)- مذكرة تفاهم تمهّد لأن تصبح أحد حمَلة الأسهم في المشروع.
الربط الكهربائي بين مصر واليونان
تسعى اليونان ومصر أيضًا لبناء خط بحري يربط شبكتي الكهرباء في البلدين، يكون نواة للربط بشبكة الكهرباء الأوروبية الموحدة.
ووقّعت مصر واليونان، في أكتوبر/تشرين الأول (2021)، مذكرة تفاهم لدراسة إنشاء خط الربط الكهربائي البحري، كما أبرمت مصر واليونان وقبرص في 2019 اتفاقية إطارية بشأنه.
وتصل قدرات الخط بطول 1600 كيلومتر وعلى عمق 3 آلاف كيلومتر، إلى 3 غيغاواط، بتكلفة تقترب من 5.5 مليار يورو.
وظهرت فكرة المشروع على السطح في عام 2008، لكن توقّف المشروع لأكثر من مرة، ويواجه عقبات تمويلية، وبعد إجراء دراسات جدوى وأخرى فنية، بدأت مصر في مطلع الام الجاري اتصالات مع مصارف أوروبية لتمويل المشروع.
وتسعى مصر لأن تصبح مركزًا إقليميًا لتصدير الكهرباء، مستغلة إمكانات طاقة الرياح والطاقة الشمسية عبر أراضيها.
وعلى الناحية الأخرى، تستهدف أوروبا تحقيق أمن الطاقة بعد الأزمة التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، مع تحقيق أهداف التحول الأخضر، إذ تسعى دول الاتحاد الأوروبي لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
موضوعات متعلقة..
- مشروع الربط الكهربائي بين المملكة المتحدة وأيسلندا يقترب من الاستثمار النهائي
- زيادة قدرات الربط الكهربائي الأردني العراقي إلى 200 ميغاواط في الربع الأول من 2025
- الربط الكهربائي بين تركيا وشمال قبرص.. مقترح بديل لمشروع اليونان
اقرأ أيضًا..
- قيمة صادرات مصر النفطية تنخفض 1.77 مليار دولار في 6 أشهر (رسم بياني)
- ألمانيا تبحث عن بدائل إمدادات الطاقة الروسية في آسيا الوسطى (مقال)
- منجم السكري.. القصة الكاملة لأكبر مواقع الذهب في مصر بعد صفقة الاستحواذ
- وزير الطاقة السعودي يكشف تطورات تنفيذ أول محطة طاقة نووية في المملكة (فيديو)