أنس الحجي: الغاز الروسي إلى أوروبا لن يتوقف.. وحالة واحدة تعرقل صادراته
أحمد بدر
ما تزال أوروبا تعتمد على الغاز الروسي بصورة كبيرة، على الرغم من الصراع السياسي والجيوسياسي الذي حدث على مدار العامين ونصف العام الماضيين، منذ انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022.
وفي هذا الإطار، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن اعتماد القارة العجوز على الغاز القادم من روسيا يزداد، وهذه مشكلة كبيرة.
وبرّر الحجي ذلك بأن الأوروبيين هم من تبنوا فكرة تخفيض استيراد الغاز الروسي، إذ لعب بوتين وجماعته لعبتهم، ولعب الأوروبيون لعبتهم، لكن لا مفر من استيراد الإمدادات الروسية.
وأضاف: "لو نظرنا إلى أوروبا كما هي الآن، وما تستورده من هذه الدول، نجد أمورًا توضح أنه لا يمكن للقارة العجوز بأي صورة من الصور أن تستغني عن الغاز الروسي".
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة" على مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قدّمها الدكتور أنس الحجي بعنوان: "مستجدات أسواق النفط والغاز".
صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن الحديث عن الغاز الروسي، يعني الحديث عن نحو 16% من واردات أوروبا من هذا المصدر الطاقي المهم، سواء عبر خطوط الأنابيب أو في صورة غاز مسال.
وأضاف: "الإشكالية الكبيرة في هذه الدول الآن هي النفط والغاز معًا، لأن هناك محاولة لقطع إمدادات النفط الروسية عبر خطوط الأنابيب، إذ إن الاتحاد الأوروبي عندما أصدر قرار العقوبات استثنى 3 دول".
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن هذه الدول كلها مغلقة، لا تُشرف على بحار، ومن ثم أقروا أن يستمر استيراد النفط الروسي، لكن الآن يحاولون الضغط عليها، خاصة أنها تدعم روسيا، لذلك يضغط الأوروبيون على المجر، ما يجعل الأمور سيئة بالنسبة إلى النفط، وليس الغاز وحده.
ولفت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول بطريقة مختلفة بيع الغاز المسال إلى أوروبا، بدلًا من الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، وقد نجح في ذلك، لذلك انزعجت بعض الدول الأوروبية، وطالبت بوقف استيراد الغاز المسال من روسيا.
وتابع: "المضحك في الأمر، أن الدول التي تطالب بوقف استيراد الغاز من روسيا، هي الدول التي لا تستورد الغاز الروسي، لذلك فالجميع يبحثون عن مصلحتهم في هذه الحالة".
الإشكالية الأخرى، بحسب الحجي، هي أن هناك دولًا ترسل الغاز إلى أوروبا، وفي مقدمتها النرويج ثم روسيا، وبعدها الجزائر، التي تؤدي دورًا كبيرًا، إذ إنها لديها خطا أنابيب يجري إرسال الغاز عبرهما إلى أوروبا.
بالإضافة إلى ذلك، وفق الحجي، هناك ليبيا التي تمتلك خطًا للغاز، ولكن تصدير الغاز الليبي إلى أوروبا بسيط، وعادة ما ينخفض مع حلول فصل الصيف.
لذلك، لا تستطيع أوروبا بصورة عامة التغيير أو إيجاد بديل في الوقت الحالي، في حين ستكون هناك زيادة في صادرات الولايات المتحدة وقطر عبر السنوات المقبلة، لكن لا أحد يدري ما سيحدث في موضوع الحرب الأوكرانية والعقوبات على روسيا.
وأردف الدكتور أنس الحجي: "من الواضح أن أكبر خطر على الغاز الأميركي في أوروبا هو الغاز الروسي، والغاز المسال الروسي، لذلك تركز الحكومة الروسية الآن بصورة كبيرة على الغاز المسال، لأنه يمكّنها من تنويع صادراتها، وإرسال هذا الغاز إلى أي مكان في العالم".
العقد بين غازبروم وأوكرانيا
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الغاز الروسي، خاصة الغاز المسال، في حال تمكّن موسكو من إرساله إلى أي مكان في العام، سيكون مثله مثل النفط.
وأكد أن أوروبا لن تتمكن من إيجاد بدائل الغاز الروسي في وقت قريب، في حين هناك نقطة أخرى تتعلق بذلك، تتمثّل في العقد بين شركة غازبروم الروسية والأوكرانيين، الذي يقضي بإرسال الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن هذا العقد سينتهي بنهاية العام الجاري 2024، وهناك ضغوط من داخل أوكرانيا وخارجها على الحكومة الأوكرانية، لعدم تجديد هذا العقد، الذي يريد الروس تجديده بالطبع.
وأضاف: "من الواضح تمامًا أن الأمر لم يعد لديهم فيه قرار نهائيًا، فالقرار أوروبي، ومن الواضح أيضًا أن أوروبا ليست أمامها بدائل لهذا الغاز الروسي".
ولكن، ما زال الحديث في هذا الأمر مبكرًا، إذ إن الشهر الحالي هو سبتمبر/أيلول، وهو الشهر التاسع في 2024، في حين يبدأ البرد في أوروبا -تقريبًا- في شهر أكتوبر/تشرين الأول اللاحق له.
وأردف: "إذا تبيّن في شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2024، أن هناك بردًا قارسًا جدًا في أوروبا، يمكن الاستنتاج بسهولة أنه سيُجدد العقد لإرسال الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا".
وأشار الدكتور أنس الحجي، إلى أنه ستكون هناك -بالطبع- بعض البطولات من بعض الحكومات، التي ستحاول إجبار الروس على تغيير أشياء معينة في العقد، ولكن سيستمر ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا.
وأوضح أن الإشكالية الحقيقية ستحدث في حال مجيء الشتاء معتدلًا، ومن ثم لن تكون القارة الأوروبية في حاجة إلى الغاز الروسي، حينها يمكن أن تكون هناك بعض المناورات لمنع أوكرانيا من تجديد العقد.
موضوعات متعلقة..
- الغاز الروسي قد يحول إيران إلى مركز توزيع لـ4 دول
- أزمة محطة الغاز الروسية تفضح هشاشة أمن الطاقة في أوروبا (مقال)
- إيرادات النفط والغاز الروسية تتجاوز أرقام 2023.. ماذا بعد؟ (مقال)
اقرأ أيضًا..
- خريطة واردات تركيا من الغاز المسال.. دولتان عربيتان تؤمّنان صفقات أنقرة
- السعودية تمول 3 شحنات غاز مسال إلى مصر.. وليبيا تسهم بـ50 مليون دولار
- أكبر الدول المستوردة للغاز في 2023.. ومفاجأة عربية غير متوقعة