السيارات الكهربائية في أميركا.. مستقبل غامض تحدده نتائج انتخابات الرئاسة (مقال)
أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح
- • ترمب عارضَ القيود الحكومية لتعزيز تصنيع وبيع السيارات التي تعمل بالبطاريات
- • ترمب أطلق على التمويل المرتبط بحركة السيارات الكهربائية اسم "الاحتيال الأخضر الجديد"
- • إيلون ماسك أيّد دونالد ترمب، على الرغم من معارضته الصريحة للسيارات الكهربائية
- • كامالا هاريس من أشدّ المؤيدين للسيارات الكهربائية والتحول إلى الطاقة المستدامة
يبدو أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة ستحدد مستقبل السيارات الكهربائية في أميركا، على ضوء معارضة المرشح الجمهوري الرئيس السابق، دونالد ترمب، وتأييد المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس، كامالا هاريس.
وكان المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب معارضًا قويًا للاستعمال الجماعي للسيارات الكهربائية في البلاد بالمناقشة الأوسع للسياسة البيئية واستقلال الطاقة.
ويتبنّى موقفه دحضًا قويًا للتركيز المتزايد على وسائل النقل الأكثر صداقة للبيئة، ومن بينها السيارات الكهربائية في أميركا.
ويستعرض هذا المقال النقاط الرئيسة لموقف ترمب من السيارات الكهربائية في أميركا، مع التركيز على انتقاداته للتشريعات الحالية واقتراحاته لتعديلات الهيكل المالي والتنظيمي التي تؤثّر في القطاع.
أسباب معارضة ترمب للسيارات الكهربائية
يعارض المرشح الجمهوري الرئيس السابق، دونالد ترمب، حركة السيارات الكهربائية في أميركا، لأسباب عديدة.
وعارضَ ترمب القيود الحكومية، مدّعيًا أنها تفرض تكاليف غير ضرورية على صناعة السيارات، وتعرّض صناعات الطاقة الراسخة للخطر، لتعزيز تصنيع وبيع السيارات التي تعمل بالبطاريات.
إضافة إلى ذلك، ندّد ترمب بالحوافز المالية للمنتجين والمستهلكين، ووصَفها بأنها سوء تخصيص للموارد وتقلّب السوق.
وتشمل التدابير التي يقترحها ترمب، وقد تؤدي إلى تغيير جذري بديناميكيات المنافسة في قطاع السيارات، فرض رسوم جمركية باهظة على السيارات المستوردة، وإلغاء محتمل للإعفاء الضريبي البالغ 7 آلاف و500 دولار الممنوح لمقتني السيارات الكهربائية في أميركا، المصنّعة محليًا.
ترمب وسياسات السيارات الكهربائية
يُعدّ إلغاء قوانين السيارات الكهربائية في أميركا أحد التعهدات الرئيسة لحملة الرئيس السابق، والمرشح الحالي دونالد ترمب إذا انتُخِب.
وينعكس انتقاده الأوسع لنهج إدارة بايدن، التي تستثمر بنشاط في الترويج لمبيعات وتصنيع السيارات الكهربائية جزءًا من هدفها البيئي، في هذا الالتزام.
ووفقًا لترمب، فإن هذه القوانين تُثقل كاهل صناعة السيارات دون مبرِّر، وتعرّض صناعات الطاقة الراسخة للخطر.
إضافة إلى ذلك، أطلق ترمب على التمويل المرتبط بحركة السيارات الكهربائية في أميركا اسم "الاحتيال الأخضر الجديد"، بحجّة أن الأموال يمكن استعمالها بصورة أفضل لمبادرات البنية التحتية الأكثر تقليدية، مثل إصلاح الطرق والجسور.
بدوره، اقترح زميل ترمب في الترشح، جيه دي فانس، تشريعًا من شأنه إلغاء الإعفاء الضريبي البالغ 7 آلاف و500 دولار للسيارات الكهربائية المصنّعة محليًا.
وقد يكون لهذا التعديل تأثير كبير في سوق السيارات الكهربائية، من خلال رفع تكلفة السيارات الكهربائية لكثير من الأشخاص، ومنع تبنّيها بوجه عام.
ويبرز الفارق الحادّ بين السياسات التي يخطط لها ترمب، وتلك التي تنتهجها الحكومة الحالية، من خلال تحذير الخبراء من أن إلغاء مثل هذه الإعانات من شأنه أن يلحق الضرر بثقة المستهلك، ويوقف النمو الصناعي.
الدعم من إيلون ماسك
نظرًا لنفوذ مؤسس شركة تيسلا الأميركية، إيلون ماسك، الكبير في مجال السيارات الكهربائية، فمن الجدير بالذكر أن ماسك أيّد دونالد ترمب، على الرغم من معارضته الصريحة لهذه المركبات.
ويأتي هذا الدعم بعد أن كان ترمب هدفًا لمحاولة اغتيال، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي.
وقد يكون ماسك يتوقع أن إدارة ترمب ستكون مفيدة لشركة تيسلا، لأن الشركة أكثر استقرارًا ماليًا، ولديها حضور سوقي أكثر رسوخًا من منافسيها، ما يجعلها أكثر مرونة بمواجهة أيّ تخفيضات في الدعم الحكومي.
يوضح هذا السيناريو نقطة تقارب لافتة للانتباه بين المخاوف الإستراتيجية والدعم السياسي، التي قد تؤثّر في سياسة ترمب بمجال الطاقة، واتجاه قطاع السيارات في المستقبل.
وقد تتأثر صناعة السيارات الكهربائية في أميركا بصورة كبيرة بعدد من السياسات المخطط لها إذا انتُخب ترمب رئيسًا.
بدورها، تهدف تشريعات إدارة بايدن للسيارات الكهربائية إلى زيادة مبيعات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات فقط بصورة كبيرة بحلول عام 2032، وقد وعد ترمب بإلغائها.
على صعيد آخر، قد يتباطأ الزخم بتصنيع السيارات الكهربائية في أميركا وقبولها بسبب هذا التغيير.
إضافة إلى ذلك، قد تلغي إدارة ترمب الإعفاء الضريبي البالغ 7 آلاف و500 دولار للسيارات الكهربائية المصنّعة في الولايات المتحدة، الذي كان ضروريًا لمساعدة الأشخاص على تحمُّل تكاليف السيارات الكهربائية.
وقد يؤدي إلغاء هذا الإعفاء إلى زيادة تكاليف السيارات الكهربائية في أميركا، وهو ما من شأنه أن يخفض الطلب من جانب العملاء، ويضرّ بقدرة شركات صناعة السيارات الأميركية على المنافسة، وخصوصًا مع المنتجين في الخارج الذين لا يعانون من القيود المالية نفسها.
زيادة التعرفات الجمركية
اقترح ترمب أن شركات صناعة السيارات التي تفشل في إنشاء مصانع إنتاج في الولايات المتحدة تواجه تعرفات جمركية تتراوح من 100% إلى 200%.
ومن خلال رفع سعر السيارات الكهربائية المستوردة، قد تساعد هذه السياسة، التي تسعى إلى دعم التصنيع المحلي، شركة تيسلا، من خلال تزويدها بميزة تنافسية في سوق تتمتع فيه حاليًا بمكانة مهيمنة.
رغم ذلك، قد تؤدي هذه الضرائب إلى زيادة تكاليف السيارات وتعقيد صناعة السيارات الكهربائية.
من ناحية ثانية، دعا ترمب إلى تحويل التمويل الحكومي من البرامج التي تروّج للطاقة الخضراء، مثل برامج السيارات الكهربائية، إلى تدابير البنية التحتية الأكثر تقليدية.
وقد يحدّ هذا التغيير من تمويل البنية التحتية الضرورية للسيارات الكهربائية، بما في ذلك محطات الشحن، ويعوق التوسع العام لسوق السيارات الكهربائية.
دعم هاريس للسيارات الكهربائية
كانت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، من أشدّ المؤيدين للسيارات الكهربائية والتحول إلى الطاقة المستدامة.
ومن خلال مشاركتها في فعاليات توسيع المصانع ودعم جهود التمويل الفيدرالي، شجعت بقوة استعمال السيارات الكهربائية.
وأدارت هاريس خطة بقيمة 10 تريليون دولار لتحويل الاقتصاد الأميركي إلى الطاقة المتجددة بحلول عام 2045، جزءًا من حملتها الرئاسية لعام 2019.
وتستغل هاريس الأهمية السياسية للسيارات الكهربائية التي تُصَنَّع في الولايات المتأرجحة، وهي شائعة في المناطق الديمقراطية.
ويتناقض هذا التأييد بوضوح مع وعد دونالد ترمب بإلغاء قوانين السيارات الكهربائية، وهو الموقف الذي قد يكون حاسمًا في الانتخابات المقبلة.
ويسلّط دحض مزاعم ترمب بشأن تصنيع السيارات الأجنبية الضوء على الاختلافات الكبيرة في منصات المرشحين.
وسوف يعتمد مدى استمرار الولايات المتحدة في الضغط من أجل تبنّي السيارات الكهربائية على نتيجة الانتخابات.
الخلاصة
قد تتعرض صناعة السيارات الكهربائية في أميركا لاضطرابات شديدة بسبب السياسات المرتقبة من جانب دونالد ترمب. وقد يتعطل تطوير البنية الأساسية اللازمة للسيارات الكهربائية، مثل محطات الشحن، بسبب وعوده بإعادة توجيه التمويل الحكومي من برامج الطاقة الخضراء إلى مشروعات البنية الأساسية التقليدية، بما في ذلك بناء الطرق والجسور.
وعلى الرغم من أن خطة ترمب لفرض تعرفات جمركية ثقيلة تتراوح من 100% إلى 200% على السيارات المستوردة، ما لم تَبْنِ شركات صناعة السيارات مرافق إنتاج أميركية قد تحمي شركات صناعة السيارات الأميركية، فإنها لديها القدرة على تعطيل السوق ورفع تكاليف المستهلك.
وبالنسبة لشركات السيارات الكهربائية، فإن هذه السياسات، التي تشمل التعرفات الجمركية المرتفعة، والحوافز المالية الأقل، والدعم الفيدرالي الأقل للطاقة الخضراء، قد تؤدي إلى بيئة أكثر اضطرابًا وتفككًا.
من ناحية أخرى، تدعو نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى المزيد من التمويل الفيدرالي للطاقة والبنية الأساسية الخضراء، ودعم التوسع المستمر لصناعة السيارات الكهربائية.
وتختلف سياسة ترمب، التي تسعى إلى إلغاء الحوافز المالية وتقليص معايير السيارات الكهربائية، اختلافًا كبيرًا عن سياسة هاريس.
وسوف تحدد نتيجة هذه الانتخابات ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تستمر في تبنّي السيارات الكهربائية بوتيرة سريعة، أم أن هذه الاختلافات في السياسات من شأنها أن تتسبب في تباطؤ تبنّيها.
وعلى الرغم من استمرار الطلب الاستهلاكي وتطورات التكنولوجيا، فإن مستقبل الصناعة قد يواجه عقبات كبيرة، نتيجة لخطط ترمب في الأمد البعيد.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- السيارات الكهربائية في أميركا تترقب "مقصلة" ترمب.. هل تنجو تيسلا؟
- مبيعات هيونداي من السيارات الكهربائية في أميركا تقفز 61%
- مبيعات السيارات الكهربائية في أميركا قد تصل إلى 4.5 مليون وحدة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- اكتشاف نفطي باحتياطيات 2.7 مليار برميل في أفريقيا يبحث عن مشغل
- إنتاج أوبك+ النفطي في يوليو يرتفع 117 ألف برميل يوميًا بقيادة 3 دول
- 10 تريليونات قدم مكعبة غاز في مصر.. بئر أوريون تنتظر حسم مصيرها