محطات الطاقة النووية في الصين تتحول إلى مزارات سياحية
محمد عبد السند
- تستهدف الصين الترويج لمحطات الطاقة النووية عبر تحويلها لمزارات سياحية
- تراجع الاعتماد على الطاقة النووية عالميًا بعد كارثة فوكوشيما
- الصين توافق على بناء 10 مفاعلات نووية في 2022 و2023
- قطاع الطاقة النووية في الصين ينمو بسرعة في السنوات الأخيرة
- أضافت الصين سعةً نوويةً بأكثر من 34 غيغاواط في السنوات الـ10 الأخيرة
يحظى قطاع الطاقة النووية في الصين بأولوية قصوى في أجندة الحكومة، التي لجأت إلى التوعية بأهميتها وجذب الأنظار إلى تلك الصناعة الإستراتيجية عبر تحويل منشآتها إلى مزارات سياحية.
وتعوّل بكين على تلك المبادرة غير التقليدية في رفع درجة التثقيف والوعي بإيجابيات الطاقة النووية، بوصفها مصدرًا نظيفًا لتوليد الكهرباء، بعد تراجع الاعتماد عليها عالميًا في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية التي حدثت في اليابان عام 2011.
ووفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) وافقت الحكومة الصينية على بناء 10 مفاعلات نووية جديدة في العاميْن الماضييْن (2022 و2023)؛ بهدف تحقيق مستهدفها الطموح لرفع حصة الطاقة النووية إلى 15% من إجمالي معدلات توليد الكهرباء في البلاد بحلول أواسط القرن الحالي (2050).
وتكفي تلك النسبة المستهدَفة لجعل الطاقة النووية في الصين ثالث أكبر مصدر للطاقة لديها بعد طاقة الرياح والشمس على الترتيب؛ ما يسرع جهود تحوّل الطاقة في ثاني أكبر بلد تعدادًا للسكان في العالم.
سياحة نووية
فتحت شركة الصين العامة للطاقة النووية (China General Nuclear Power Corp)، أكبر شركة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في البلاد، نظامًا للحجز الإلكتروني يتيح للسياح إمكان التخطيط لزيارة 9 محطات طاقة نووية في الصين، وفق بلومبرغ.
ونشرت الشركة كُتيّبًا بالمعلومات السياحية، يضم خرائط استرشادية مرسومة يدويًا لمحطات الطاقة النووية الـ9، بحسب ما نشرته الشركة على حسابها على منصة وي تشات (Wechat) الصينية للتواصل الاجتماعي.
وخلال مراسم حفل إطلاق نظام الحجز الإلكتروني التي جرت في 7 أغسطس/آب (2024) في محطة نينغدي (Ningde) للطاقة النووية بمحافظة فوجيان جنوب شرق الصين، دعا المسؤولون الزوار إلى القدوم لمشاهدة مفاعلاتها الأربعة من طراز سي بي آر 1000 (CPR-1000).
وتضمّنت الخيارات المتاحة أمام الزائرين زيارةً إلى محطة فانغتشنغغانغ (Fangchenggang) النووية الواقعة في مقاطعة قوانغشي، التي تقع مفاعلاتها من طراز هولونغ وان (Hualong One) بالقرب من جزر سياحية شهيرة تُعد موطنًا لأقلية جينغ العرقية.
كما زعم المسؤولون أن مفاعل ساناو (San’ao) الذي يُبنى بالقرب من ساحل ونتشو قد أصبح خلفية تصوير معروفة يستغلها المؤثّرون على وسائل التواصل الاجتماعي.
إنعاش الثقة النووية
بالإضافة إلى دعمها السياحة المحلية، تأمل شركة الصين العامة للطاقة النووية في أن تُسهم مبادرة فتح المنشآت النووية للسائحين بتعزيز الثقة العامة بهذا القطاع المهم عبر مشاركة المعلومات المتعلقة بموضوعات حيوية مثل التسرب الإشعاعي وضوابط السلامة.
ويكتسب الدعم العام لقطاع الطاقة النووية في الصين أهمية متنامية في الوقت الذي توسع فيه الحكومة أسطولها النووي لمساعدتها في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول 2060.
وتبني الصين -الآن- 30 مفاعلًا نوويًا، تمثّل قرابة نصف المفاعلات العالمية التي ما تزال قيد البناء، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المتحدث باسم شركة الصين العامة للطاقة النووية، جو شينغانغ: "تلك المبادرة ليست مجرد نشاط يستهدف الترويج للعلوم للعامة، وإنما هي -كذلك- استكشاف مهم في مجال السياحة النووية"، في تصريحات أدلى بها خلال مراسم حفل إطلاق نظام الحجز الإلكتروني.
وأضاف شينغانغ: "لن يساعد هذا في زيادة الفهم العام وتعزيز الثقة بقطاع الطاقة النووية في الصين فحسب، وإنما سيُسهم في تطوير ذلك القطاع -أيضًا-".
قطاع الطاقة النووية في الصين
يشهد قطاع الطاقة النووية في الصين توسعًا كبيرًا في الوقت الراهن، ويُتوقع أن يتجاوز نظيره في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية بحلول نهاية العقد الحالي، وفق تقديرات منصة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس إن إي إف (NEF)، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويأتي هذا النمو الصيني المطرد في صناعة الطاقة النووية في إطار سعي بكين لتنفيذ ما تعهّدت به بالوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل نهاية العقد الحالي (2030)، وتحقيق الحياد الكربوني في عام 2060.
وكانت الصين قد منحت ترخيصًا لإنشاء أول محطة طاقة نووية لديها في عام 1981؛ لكن هذا الشغف النووي توقف حتى عام 2019 حينما شرعت بكين في إنفاق ملايين الدولارات على قطاع البحوث والتطوير والتجارب لبناء المفاعلات مثل "لينغلونغ وان" التي تشغله الشركة الوطنية الصينية للطاقة النووية (China National Nuclear Power Co).
ويُعد "لينغلونغ وان" المفاعل المعياري الصغير الوحيد الذي وافقت على إنشائه الوكالة الدولية للطاقة الذرية -حتى الآن- ومن المقرر إنجازه بحلول نهاية العام المقبل (2025).
وخلال السنوات الـ10 الماضية أضافت الصين ما يزيد على 34 غيغاواط إلى سعة الطاقة النووية لديها، وفق ما جاء في تقرير حديث صادر من إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ووصل عدد المفاعلات النووية قيد التشغيل -حالياً- في الصين إلى 55 مفاعلًا بنهاية أبريل/نيسان (2024)، بسعة صافية تُقدر بـ53.2 غيغاواط، نظير 19 غيغاواط فقط في عام 2014، بارتفاع نسبته 180% خلال 10 سنوات.
وخلال العقد المقبل، يُتوقع أن تشرع الصين في تشغيل 23 مفاعلًا قيد الإنشاء -حاليًا- ما يعني إضافة نحو 24 غيغاواط إلى سعة توليد الكهرباء من الطاقة النووية.
يُشار إلى أن قطاع الطاقة النووية في الصين يستفيد من دعم الدولة المتواصل وإستراتيجيات التوطين التي أتاحت لبكين الهيمنة على قطاعات مثل الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة النووية في الصين تسحب البساط من الكبار.. وتراجع أميركي صادم
- 10 معلومات عن الطاقة النووية في الصين (إنفوغرافيك)
- تاريخ محطات الطاقة النووية وسر تفوق الصين (مقال)
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تخطط لصفقات جديدة.. وتضع أعينها على هذه الدولة
- حرائق السيارات الكهربائية تدفع كوريا الجنوبية إلى دراسة "قرار إلزامي"
- أزمة الكهرباء في مصر.. هل تحولها الطاقة المتجددة إلى ماضٍ؟ (تقرير)