الطاقة المتجددة في قازاخستان رهان أوروبا لاستيراد الكهرباء الخضراء مستقبلًا (تقرير)
يوسف خالد
- مساحة قازاخستان الحبيسة جغرافيًا تعادل دول أوروبا الغربية مجتمعة
- أغلب إمكانات الطاقة المتجددة في قازاخستان غير مستغلّة حتى الآن
- تقديرات موارد طاقة الرياح فقط تصل إلى 920 مليار كيلوواط/ساعة سنويًا
- حصة الطاقة المتجددة من مزيج الكهرباء الوطني لم تتجاوز 5% في 2023
- الصين والسعودية وقطر والإمارات وألمانيا أبرز المستثمرين في قازاخستان
تستحوذ مصادر الطاقة المتجددة في قازاخستان على اهتمام أوروبي متصاعد، في إطار سعي دول القارة العجوز لتنويع مصادر الطاقة وخفض الانبعاثات عبر البحث عن مورّدين مستقلين للكهرباء النظيفة المراهَن عليها بشدة لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول 2050.
ويتوقع تقرير تحليلي حديث –اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ومقرّها واشنطن- أن تُحدث نقلة نوعية كبيرة باستغلال موارد قازاخستان من الطاقة المتجددة في غضون سنوات معدودة، إذا ركّزت البلاد على استغلالها وحشد الاستثمارات المحلية والأجنبية اللازمة لذلك.
وزاد اهتمام دول الاتحاد الأوروبي بمصادر الطاقة المتجددة في قازاخستان، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وابتعاد الأوروبيين عن مصادر النفط والغاز الروسية، والتحول السريع إلى خطط تنويع إمدادات الطاقة.
ورغم أن الاتحاد ينظر إلى قازاخستان بصفتها موردًا مهمًا للنفط، ومصدرًا محتملًا للمعادن الحيوية، فإنه قد يبدأ استيراد الكهرباء الخضراء من تلك الدولة الغنية بالطاقة في آسيا الوسطى، التي تتجاوز مساحتها 2.7 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة دول أوروبا الغربية مجتمعة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
الطاقة المتجددة في قازاخستان
تحصل قازاخستان على معظم احتياجاتها من الكهرباء من الفحم والغاز الطبيعي؛ نظرًا لامتلاكها موارد كبيرة من الوقود الأحفوري، بينما ما يزال استغلالها لموارد الطاقة المتجددة ضعيفًا.
وقُدِّرت حصة الطاقة المتجددة في قازاخستان بمزيج الكهرباء الوطني عام 2023 بنحو 5.92% فقط، بحسب التقرير المنشور في موقع ذا أستانا تايمز المحلي (The Astana Times).
وتتمتع قازاخستان -أكبر دولة حبيسة في العالم- بإمكانات ضخمة من الطاقة الشمسية، لكنها لم تشكّل -حتى الآن- سوى 5% من استهلاك البلاد السنوي للكهرباء.
كما تحظي البلاد بتضاريس جغرافية تجعلها مناسبة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح على نطاق واسع، ورغم ذلك، فإن كمية الكهرباء المتولدة منها في عام 2023 لم تتجاوز 3.8 مليار كيلوواط/ساعة.
ويقدّر الخبراء إمكانات الطاقة المتجددة في قازاخستان (من موارد الرياح فقط) بنحو 920 مليار كيلوواط/ساعة سنويًا، لكن أغلبها غير مستغَل حتى الآن، بحسب بيانات عام 2023 الصادرة عن وزارة الطاقة القازاخستانية.
ويتساءل بعضهم، إذا كانت قازاخستان، الغنية بالوقود الأحفوري، تحصل على معظم احتياجات الكهرباء من الفحم والغاز الطبيعي، ونسبة الطاقة المتجددة فيها منخفضة نسبيًا، فكيف يمكنها تصدير الكهرباء الخضراء إلى أوروبا؟، بحسب الباحث في الطاقة المتجددة نيكولا ميكوفيتش.
شراكة ثلاثية مع أذربيجان وأوزبكستان
اختارت وزارة الصناعة والتقنيات الجديدة في قازاخستان 10 مواقع لبناء محطات رياح ضخمة لتوليد الكهرباء النظيفة، وإذا توسعت الحكومة في تطوير هذا القطاع، فمن المتوقع أن تبدأ في تصدير الكهرباء الخضراء لدول أوروبا عبر أذربيجان.
وحتى يتحقق هذا الحلم، يتعين على الدولتين (قازاخستان وأذربيجان) مدّ خط نقل كهرباء عالمي الجهد عبر قاع بحر قزوين، ومن المؤكد أن تنضم إليهم الجارة أوزبكستان، إذ توصلت العواصم الثلاث مؤخرًا (أستانا وباكو وطشقند) إلى اتفاق بشأن الشراكة الإستراتيجية في مجال الطاقة الخضراء.
وبدأت أذربيجان -بالفعل- الاستثمار بكثافة في قطاع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، واجتذبت ملايين الاستثمارات الأجنبية من عدّة دول، أبرزها الصين والسعودية وقطر والإمارات.
كما حققت أوزبكستان إنجازات مهمة في مجال الطاقة الخضراء، مع سعيها لتحقيق هدف طموح برفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني إلى 18% بحلول نهاية العام الجاري (2024)، ما يجعل الكرة تجري في ملعب قازاخستان الآن، بحسب التقرير.
خطط الطاقة المتجددة بحلول 2050
تخطط الحكومة لزيادة حصة الطاقة المتجددة في قازاخستان بمزيج الكهرباء الوطني إلى 15% بنهاية العقد الحالي، و 50% بحلول منتصف القرن (2050)، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ووفقًا لإستراتيجية الحياد الكربوني في البلاد بحلول 2060، يُفترض أن تتوقف الحكومة عن توليد الكهرباء من محطات الفحم بحلول 2050، مع زيادة حصة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والبديلة لأكثر من 80% من إجمالي مزيج الطاقة القازاخستاني بحلول 2060.
وبما أن الاتحاد الأوروبي يهدف إلى ضمان إمدادات الطاقة البديلة في أقرب وقت ممكن، بعد ابتعاده عن مصادر الطاقة الروسية، فمن المرجّح أن يضطر إلى إيجاد طريقة لمساعدة قازاخستان على تطوير قطاع الطاقة المتجددة لديها في المستقبل القريب.
وتشارك ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، بمشروعات للهيدروجين الأخضر في قازاخستان، ضمن إطار خطة تستهدف مساعدة البلاد على إنتاج كميات كبيرة منه باستعمال الكهرباء المولّدة من مصادر الطاقة المتجددة.
خطة لإنتاج مليوني طن من الهيدروجين الأخضر
تطمح السلطات القازاخستانية لإنتاج مليوني طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، بدءًا من عام 2032، على أن يبدأ الإنتاج بهدف التصدير عام 2030.
إضافة إلى ذلك، تحاول أستانا تعزيز التعاون في مجالات الطاقة الخضراء، ليس فقط مع أعضاء الاتحاد الأوروبي، بل مع دول أخرى، مثل الصين.
وتتطلع قازاخستان إلى تنفيذ مشروعات مشتركة للطاقة الخضراء مع الصين، كما تخطط لجذت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 150 مليون دولار بحلول 2029، سيتوجّه جزء كبير منها نحو مصادر الطاقة المتجددة.
علاوة على ذلك، تتجه حكومة قازاخستان لإجراء استفتاء لبناء محطة توليد كهرباء من الطاقة النووية، وإذا وافق الناخبون على بناء المحطة النووية، فسوف تسهم في تلبية احتياجات البلاد المحلية من الكهرباء؛ ما يجعلها قادرة على تصدير إنتاج الطاقة المتجددة للخارج.
وعندما تصدّر قازاخستان الكهرباء الخضراء والهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، فإنها ستوفر مورد طاقة مستقرًا ومستدامًا يساعد أوروبا على تحقيق أهدافها المناخية، وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ويعتقد الاتحاد الأوروبي أن قطاع الطاقة المتجددة في قازاخستان سيكون له أهمية كبيرة لتحقيق أمن الطاقة في أوروبا، وخصوصًا من خلال الشراكات الإستراتيجية معها، كما سيساعد التعاون بين قازاخستان وأذربيجان وأوزبكستان على تقوية شبكة الكهرباء الخضراء الإقليمية.
موضوعات متعلقة..
- قازاخستان تستورد الكهرباء الروسية بكميات ضخمة في 2024
- مصدر الإماراتية تتولى تطوير محطة طاقة الرياح في قازاخستان بقدرة 1 غيغاواط
- توسُّع محطات الفحم في قازاخستان يهدد بمخاطر اقتصادية ومناخية (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- مصر تتصدر 5 دول عربية تلغي مشروعات لتوليد الكهرباء بالفحم
- أكبر الدول المنتجة للفضة في العالم.. بلد عربي بالقائمة (إنفوغرافيك)
- حصري - إغلاق حقل الشرارة الليبي بأمر صدام حفتر.. وهذه آخر التطورات
- حكاية اكتشاف نفطي باحتياطيات 11 مليار برميل تخلت عنه 30 شركة