غازرئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات الغاز

"معضلة" الغاز في مصر.. قراءة في بيانات الحكومة (مقال)

تزداد التصريحات في مصر بشأن أزمة الكهرباء وموعد وقف تخفيف الأحمال نهائيًا، ورغم تحسُّن ملحوظ في وضع القطاع المنزلي، فإن المشكلة ما زالت حاضرة بشكلها الأوسع، ففي قلب مشكلة الكهرباء، تقبع مشكلة الغاز، التي عقَّدت من الحل دون خسائر.

فحتى الآن لا تبدو الحكومة قادرة على أن تحدد بدقة أرقام الاستهلاك والعجز في الغاز، أو أن تبرر أسباب التأخر المستمر في التعاقد على شحنات الغاز المسال، رغم تمام العلم بطول أمد الأزمة، وأيضًا لا تستطيع أن تحدد مدى قدرتها على وقف تخفيف الأحمال بشكل جدِّي، أو موعد ضخ الغاز المطلوب للصناعة بطاقته المعتادة، فالمتابع للموقف يستطيع بسهولة رصد تتابع التصريحات بشأن أزمة الكهرباء مند أن أطلّت بوجهها في يونيو/حزيران من العام الماضي (2023).

وبالتدقيق، نجد أن أرقام الاستهلاك التي كانت متداولة سابقًا قد عُدِّلَت عدّة مرات، كما تشير الأرقام الأخيرة المتداولة، والتي أوضحت أن الدولة تستهلك 162 مليون متر مكعب غاز يوميًا لتوليد الكهرباء بحسب تصريحات حكومية وبيانات رسمية، بما يعني 5.67 مليار قدم مكعبة يوميًا، وهو ما يختلف جملة وتفصيلًا عن رقم الـ 3.3 مليار قدم مكعبة الذي صُرِّحَ به في مايو/أيار.

وطبقًا لتصريحات سابقة، يستهلك القطاع الصناعي 2.2 مليار قدم مكعبة غاز يوميًا، وكامل احتياج الدولة، طبقًا للتصريحات الأخيرة، يبلغ نحو 7.9 مليار قدم مكعبة يوميًا على الأقل في فصل الصيف.

ويقابل الاستهلاك المتزايد انحسار في إنتاج الغاز، فإنتاج مصر من الغاز -رغم توقعات وصوله إلى 5.3 مليار قدم مكعبة يوميًا- طبقًا لأحدث الأرقام، بلغ نحو 5 مليارات أو أقل قليلًا، وللأسف يبدو أنه مرشّح لأن يستمر في التراجع.

إنتاج الغاز في مصر

وفقًا للصحفي بيتر ستيفنسن من نشرة "ميس" MEES المتخصصة، فإن أحدث بيانات لوزارة البترول تشير إلى انخفاض إنتاج الغاز المصري لـ4.996 مليار قدم مكعبة يوميًا لشهر مايو/أيار، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من 7 سنوات، والمرة الأولى التي تقلّ عن 5 مليارات قدم مكعبة يوميًا منذ مارس/آذار 2017.

ولم يقتصر الأمر فقط على حقل ظهر، أكبر الحقول المصرية، الذي شهد انخفاضًا كبيرًا، بل إن إنتاج حقل ريفين التابع لشركة النفط البريطانية بي بي (ثاني أكبر شركة في البلاد) انخفض إلى النصف خلال الأشهر الـ18 الماضية.

وبإضافة 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، تأتي عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط، يتضح أن إجمالي المتوفر من الغاز لمصر -سواء من الإنتاج المحلي أو المستورد من "خط الشرق"- 5.8 مليار قدم مكعبة، وهو ما يشير حال طرحه من رقم الاستهلاك الأخير لوجود عجز يصل إلى 2.1 مليار قدم مكعبة يوميًا.

وعلى الرغم من وجود إشكال في الأرقام المعلَنة التي تسوقها الحكومة، وبصرف النظر أيضًا عن عدم تماشيها مع الأرقام المعلنة سلفًا، ومع الأخذ في الحسبان شحنات الغاز المسال القديمة التي تمّ التعاقد عليها، والجديدة التي ما زالت قيد التنفيذ، يظهر جليًا أن أرقام العجز تحت أيّ تقدير لا يمكن التغلب عليها بالكميات المُعلَن شراؤها دون استمرار قطع الكهرباء، أو توفير 40% من كميات الغاز الموجهة للقطاع الصناعي.

أضف إلى ذلك أن هناك مشكلة فنية في استيراد الغاز المسال بهذه الكميات المتداولة، لأن الحكومة لم تستأجر إلّا وحدة إعادة تغويز "FSRU" واحدة فقط، بجانب الكميات التي تذهب لمحطة إعادة التغويز في ميناء العقبة الأردني، نظير نسبة من الغاز، وهو ما يضع الوحدتين بكامل طاقتهما في حدود الـ 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، مما يعجز عن سدّ عجز الـ1.6 مليار قدم مكعبة، الذي أعلنته مصادر حكومية سابقًا، فما بالنا برقم الـ2 مليار قدم مكعبة يوميًا، طبقًا لأرقام العجز الأخيرة؟! و على الرغم من إعلان وزير البترول دراسة شراء وحدة إعادة تغويز جديدة، فإن ذلك الأمر سيتطلب عدّة أعوام.

وقد أعلنت مصر مؤخرًا ترسية مناقصة عالمية جديدة لاستيراد 5 شحنات من الغاز المسال لتغطية احتياجات البلاد في أغسطس/آب الجاري وسبتمبر/أيلول المقبل، كما أشارت مصادر إلى تقييم البلاد حاليًا للاحتياجات المطلوبة للربع الرابع من العام، لطرح مناقصة جديدة في حدود 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال.

وفي هذا الصدد، وفي ظل ما تقدَّم، يدور السؤال حول قدرة البلاد على تحديد الاحتياجات المستقبلية بدقة على المدى القريب، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة لتأمين احتياجاتها من الغاز حتى نهاية 2024، توجد دول أخرى -مثل ‏تركيا- أعلنت تأمين شحنات غاز مسال حتى 2034 من مصادر مختلفة.

يرصد الرسم البياني التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، تطور واردات مصر من الغاز المسال منذ عام 2015 حتى نهاية يوليو/تموز من عام 2024:

واردات مصر من الغاز المسال

هل تعود مصر لتصدير الغاز المسال؟

على الصعيد الإستراتيجي، لا يبدو الوضع أكثر إشراقًا، فبينما تحدَّث وزير البترول المهندس كريم بدوي -على هامش لقائه مع رئيس منطقة شمال أفريقيا والمشرق العربي بشركة إيني الإيطالية مارتينا أوبيتزي- عن تحول مصر لمركز لتصدير الغاز من حقول الشركة في شرق المتوسط، كان للعضو المنتدب لشركة إيني رأي مختلف.

فقد صرّح العضو المنتدب خلال المؤتمر الربع سنوي الأخير، ردًا على سؤال من مصرف غولدمان ساكس الأميركي حول وضع الأعمال في مصر، بأن احتمال تصدير مصر بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال هذا الشتاء بات منخفضًا، وأنه بينما تمتلك مصر إمكانات كبيرة، فإن أمام البلاد "رحلة طويلة" مطلوبة لكي تؤدي دورًا محوريًا في مجال الغاز.

وتسعى الدولة المصرية لتحفيز دورة الاستكشاف، بالتعاون مع الشركاء الأجانب مثل إيني وبي بي، عن طريق جدولة مُعجّلة لسداد المستحقات المتأخرة التي تقدّرها المصادر بنحو 5 مليارات دولار بنهاية النصف الأول من العام الجاري.

ختامًا، ودون شك، الأزمة مركّبة، وترجع في المقام الأول إلى إشكالات في ملف تخطيط الطاقة، و هو أمر للأسف ليس بجديد على بلد اعتاد منذ 40 عامًا الدخول في دورات من العجز والفائض، وجاءت دورة العجز الحالية تحت ضغوط من أولويات الإنفاق بالنسبة للمالية العامة المصرية.

لكن على المدى المتوسط، ما يزيد الأمور تعقيدًا هو وجود مشكلة في صحة واتّساق الأرقام التي من المفترض أن يبني على أساسها المسؤولون التقديرات وخطط التعامل والاستيراد، ففي الوقت الذي تتزايد فيه التصريحات بحل قريب لأزمة الكهرباء، تأتي الأرقام والوقائع لتُظهر دون مواربة أنه لا توجد حلول جذرية تلوح في الأفق القريب لمعضلة إنتاج الغاز في مصر.

*دكتور محمد فؤاد، خبير اقتصادي ونائب سابق بالبرلمان المصري.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نكشف تماسيح الفساد .. وإمبراطورية "مال الدولة السايب".. متى يتم وقف مهزلة "الشركات القابضة الـ150" بعد انهيار أغلبها ووصول مديونياتها لمئات المليارات... قانونا مشبوها يدير الشركات القابضة لقطاع الأعمال ويبقى رؤساء الشركات مدى الحياة؟ القانون 203 يعطل مقاومة الفساد... وإقالة "العواجيز"..ووقف العمل بالقانون كفيل بإنقاذ 150 شركة...
    وقائع الفساد فى الشركات القابضة التابعة لقطاع الأعمال كثيرة وتحتاج إلى من يفتحها ويحيل كل المتورطين للنيابة بتهم إهدار المال العام وتدمير الشركات، لكن السؤال هل يمكن لرئيس الوزراء أن يقوم بذلك منفردا ام يحتاج الأمر تدخل رئيس الجمهورية ؟
    ومع استمرار الحملة المكثفة لفتح ملفات الفساد بالشركات القابضة التابعة لقطاع الأعمال وعلي راسهم القابضة لكهرباء مصر...
    ونؤكد ان قانونا مشبوها يدير الشركات القابضة لقطاع الأعمال ويبقى رؤساء الشركات مدى الحياة؟ القانون 203 يعطل مقاومة الفساد... وإقالة "العواجيز"..ووقف العمل بالقانون كفيل بإنقاذ 150 شركة...
    مخالفة شركات قطاع الأعمال لنحو 10 مواد قانونية وحول فساد القانون 203 لسنة 91 ، وحول اعتزام الوزير إقالة القيادات "العواجيز" فتح الأمل مجددا لقيادات قاربت على الوصول لسن المعاش فوق 55 سنة من أجل اعتلاء عروش الشركات، التى يقودها قيادات بعضها تخطى الـ81 سنة.
    هى أن شركات قطاع الأعمال كانت مرتعا للحكومة لتعيين من تريد من الأقارب ومن المقربين ومن التابعين، وأيضًا لحمايتهم فتم تفصيل القانون، الذى يمنع تماما الرقابة على الشركات من أى جهاز رقابى إلا الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى بالأساس لا تنفذ الحكومة ملاحظاته وتوصياته، بل وأحيانا تعتبر أنها مبالغ فيها فيما يتعلق بتقارير إهدار المال العام.
    معنى ذلك أن الحكومة حمت الفساد بقانون 203، حيث تنص المادة 53 من قانون قطاع الأعمال أنه «لا يجوز إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة فى الجرائم المشار إليها بالمواد 116 مكررا و116 مكررا (أ) و116 مكررا (ب) من قانون العقوبات بالنسبة إلى أعضاء مجالس إدارة الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون، إلا بناء على أمر من النائب العام أو من النائب العام المساعد أو المحامى العام الأول، كما تمنع المادة 55 مراقبة العاملين بالشركات ومحاسبتهم دون الرجوع لرئيس الشركة، وتنص على «أنه لا يجوز لأية جهة رقابية بالدولة عدا الجهاز المركزى للمحاسبات أن تباشر أى عمل من أعمال الرقابة داخل المقر الرئيس أو المقار الفرعية لأى شركة من الشركات الخاضعة لأحكام مد القانون إلا بعد الحصول على إذن بذلك من الوزير المختص أو رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة الذي هو في الأساس متورط بالفساد....
    نص المادتين يعنى أن هناك تأمينا وحماية للفساد لأن الموظف الفاسد قطعا يستمد فساده من رئيس له فاسد فى أغلب الأحيان، وقد تمتد منظومة الفساد لمن هو أعلى، وبالتالى لا يمكن للأجهزة الرقابية محاسبة الفاسدين بالقطاع، وأسوق مثالا لواقعة فساد موثقة فى الشركة القابضة لكهرباء مصر بخصوص رشاوى الستوم وبجسكو لمسؤولين كبار..
    فكثره وقائع الفساد فى شركات قطاع الأعمال كثيرة وتحتاج إلى من يفتحها ويحيل كل المتورطين للنيابة بتهم إهدار المال العام وتدمير الشركات، لكن السؤال هل يمكن لرئيس الوزراء أن يقوم بذلك منفردا ام يحتاج الأمر تدخل رئيس الجمهورية ؟
    الإجابة انه لا يستطيع، لأن الأمر بحاجة إلى تدخل مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسى خاصة أن بعض الشركات بها وزراء سابقون وعدد كبير من المسنودين، وبالتالى تدخل الرئيس بحل مجالس إدارات كل الشركات القابضة والتابعة ووقف العمل بقانون 203 لسنة 91 ، وإسناد ادارتها لهيئة مستقلة مؤقتا كفيل بإنقاذها مع ضرورة فتح كل ملفات الفساد فيها، وضخ دماء جديدة لانتشالها مما هى فيه.
    الغريب ان قانون قطاع الأعمال وفق المادة 3 ترك المدد مفتوحة ،مما يفتح الباب لبقاء رؤساء الشركات مدى الحياة رغم وجود المادتين 45 و46 الخاصتين بإنهاء الخدمة، ولا مد لمن تخطى 62 عاما مهما كانت الأسباب وقرار المد فوق الستين يكون بمعرفة رئيس الوزراء .
    يبقي أن نؤكد أن التخلص من العواجيز خطوة جادة تحسب لمن يستطيع أن يحققها، ويبقى أن يواصل التطهير والدفع بقيادات شابة، ربما تكون غير موجود فى بعض الشركات بسبب تهميشها منذ سنوات تكون موالية للمال العام، وليست موالية لرؤساء الشركات القابضة، التى عينتهم...
    لكن للحقيقة ان السادة الوزراء وعلي راسهم وزير الكهرباء يتعرضون لضغوط كبيرة للإبقاء علي رؤساء الشركات القابضة بزعم خبرتهم الطويلة فى إدارة الشركات، وارتباطهم بمشروعات جارية، لوجود رؤساء شركات قابضة وشركات تابعة مسنودين وسيتم الابقاء عليهم بحجة قربهم من شخصيات مؤثرة فى الدولة...
    ويعد ملف الشركات القابضة لقطاع الأعمال، أكثر الملفات الشائكة على مائدة الحكومة منذ سنوات، بسبب الأوضاع المتردية،بعدما كانت الشرايين التى تغذى الدولة، وتمنحها ما تحتاجها من الخدمات والخامات، وتوفر لها ملايين الدولارات من تكلفة الاستيراد وتمنحها ملايين أخرى من فوائض التصدير، أضحت شركات قطاع الأعمال العام التى يصل عددها إلى 150 شركة، وتتبع وزارات الاستثمار والكهرباء والتموين والرى، بما تمتلكه من إمبراطورية مترامية الأطراف وأصولا هائلة فى كل المحافظات المصرية، ونحو أكثر من 300 ألف موظف، عبئًا على الحكومة، وسببًا فى تحميلها المزيد من الديون «المرحلة» التى وصلت إلى مئات المليارات داخليا وخارجيا، بدلا من تحقيقها أرباحا تتناسب مع حجم أصولها، وصعوبات انتشال شركاته من مستنقع الخسائر،وتأتى على رأس الشركات التى واصلت خسائرها فى الفترات الأخيرة، الشركات التابعة للشركة «القابضة للصناعات الكيماوية»، ومنها «القومية للأسمنت»، و«ناوربين» و«سيجوارت» و«النقل» و«الهندسة والمحاريث» و«النصر للملاحات» و«كيما» و«الدلتا للأسمدة» و«مطابع محرم»، ومن الشركات الخاسرة التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، شركة «النحاس» و«النصر للمطروقات» و«النصر للمواسير» و«الحديد والصلب» و«العامة للورش» و«ميتالكو» و«الخزف والصينى» و«الزجاج والبلور» و«إسكندرية للحراريات»، ومن الشركات الخاسرة للقابضة للغزل كل شركات الغزل والنسيج الـ23، والتى تبلغ ديونها وحدها 35 مليار جنيه، ومنيت الشركات التجارية وأبرزها عمر أفندى بخسائر كبرى، ونفس الأمر بالنسبة لشركات الزراعة والرى، وبعض الشركات القابضة للنقل البحرى والبرى، والقابضة للأدوية، والقابضة للسياحة، والقابضة الغذائية التى تتبع وزارة التموين، ولا ننسي الخسائر التي تحققها الشركة القابضة لكهرباء مصر بسبب نسب الفقد العالية وبسبب مديونياتها.. ففي خلال هذا الشهر تعتزم الشركة القابضة لكهرباء مصر الحصول على قرض مشترك بقيمة 20 مليار جنيه لأجل 5 سنوات، لسداد التزامات مستحقة لصالح جهات حكومية، ويعكف البنك الأهلي المصري حاليًا على ترتيب القرض، الذي سيأتي بضمانة من وزارة المالية، والمتوقع أن تشارك فيه عدة بنوك أخرى، جدير بالذكر قد أجرت القابضة للكهرباء مفاوضات للحصول على قروض بقيمة 50 مليار جنيه من بنوك الأهلى المصرى ومصر والتجارى الدولى والكويت الوطنى وذلك لسداد ديون مستحقة على الكهرباء لصالح الهيئة العامة للبترول، وبلغت مديونية وزارة الكهرباء لصالح البترول نحو 168 مليار جنيه بنهاية 2023، مقابل نحو 153 مليار جنيه بنهاية الربع الثالث من 2023. وزادت الي 200 مليار جنيه في عام 2024، نظير سحوبات الغاز والمازوت اللازمة لتشغيل محطات توليد الكهرباء، فضلا عن مديونياتها الخارجية التي تفوق قيمة ال 10مليار دولار والتي لم تسدد الي وقتنا الحالي..وفي سياق متصل بدأت الشركة المصرية الألمانية للمنتجات الكهربائية “إجيماك” تتفاوض مع بنوك محلية للحصول على قرض بقيمة ٧٠٠ مليون جنيه، تبعا لتصريحات رئيس مجلس إدارتها الرجل الذي تعدي ال 70 عام المهندس مدحت رمضان، أن القرض الذى تسعى الشركة للحصول عليه يوجه لتمويل رأس المال العامل للشركة، موضحا أن القرض متوسط الأجل وسيتم توفيره من خلال أحد البنوك الخاصة العاملة بالسوق المحلية، وتأسست «إجيماك» عام 1979 وهى شركة مساهمة يشارك بها قطاع الكهرباء من خلال الشركة القابضة لكهرباء مصر بنسبة 63%، كما تشارك التشييد والبناء بنسبة 24% وكهروبيكا بنسبة 5%، والماكو بنسبة 5%، وتقوم بتوفير جميع المهمات الكهربائية اللازمة للمحطات والشبكات على مدار 45 عاما وتساهم بنسبة 60% فى السوق المحلية من المهمات الداعمة لقطاع الكهرباء بأحدث تكنولوجيا.. علي حد قوله...ويرجح ان أسباب انهيار هذا القطاع ، يرجع لحماية القانون 203 لسنة 91 الخاص بتنظيم عمل شركات الأعمال للفساد المستشرى فى القطاع، ومخالفة الشركات ذاتها لنحو 10 مواد من القانون، علاوة على كبر سن رؤساء الشركات، حيث تخطى سن البعض منهم الـ80 عاما، إضافة لإهمال القطاع وعدم تحديثه، وعدم تولى الشباب لمواقع المسؤولية فيه، وفتح المجال لرؤساء الشركات لتعيين من يشاؤون بمجالس الإدارات.
    فضلا إن هناك بعض القوانين التى تغل يد النيابة فى القيام بدورها والتحقيق فى قضية فساد، ومنها قانون قطاع الأعمال العام»، والذى وصفه بأنه «قانون سيئ ويقيد النيابة عن التحقيق مع الشركات التابعة للشركات القابضة إلا بموافقة رئيس الشركة القابضة، وبفرضية فساد هذا الرئيس لن يتم التحقيق فى القضية ويصبح البلاغ معلقا كما هو الحال في جميع ملفات الفساد بالشركة القابضه لكهرباء مصر وجميع الشركات التابعة لها، وتحصن المادة 53 من قانون قطاع الأعمال، فساد رؤساء الشركات، حيث تنص على أنه «لا يجوز إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة فى الجرائم المشار إليها بالمواد 116 مكررا و116 مكررا (أ) و116 مكررا (ب) من قانون العقوبات بالنسبة إلى أعضاء مجالس إدارة الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون، إلا بناء على أمر من النائب العام أو من النائب العام المساعد أو المحامى العام الأول، كما تمنع المادة 55 مراقبة العاملين بالشركات ومحاسبتهم دون الرجوع لرئيس الشركة، وتنص على «أنه لا يجوز لأية جهة رقابية بالدولة عدا الجهاز المركزى للمحاسبات أن تباشر أى عمل من أعمال الرقابة داخل المقر الرئيس أو المقار الفرعية لأى شركة من الشركات الخاضعة لأحكام مد القانون إلا بعد الحصول على إذن بذلك من الوزير المختص أو رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة»، دون النظر إلى رد فعل رئيس مجلس الإدارة إن كان متورطا فى الفساد، وهل سيسمح بالتحقيق مع تابعيه أم لا.
    وفى حين تنص المادة الأولى من قانون قطاع الأعمال 203 لسنة 91 على أنه يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص، ويكون رأسمالها مملوكا بالكامل للدولة، إلا أن أغلب الشركات تحولت إلى إقطاعيات خاصة وإمبراطورية مترامية الأطراف يعمل بها نحو أكثر من 300 ألف موظف، وتدار وفق توجهات رؤساء الشركات.
    وبالتالي فإن قوة رؤساء ومجالس إدارات الشركات، وتحكمهم فى قطاعاتهم بشكل كامل مستمدة من المادة 3 من القانون حول تشكيل مجالس الإدارات، والتى لم تحدد مددًا معينة للتجديد لرؤساء الشركات، مما يفتح الباب لبقاء رؤساء الشركات مدى الحياة مستمتعين بحصانة تفوق حصانة رئيس الجمهورية ورئيس وزرائه،
    ونفس الأمر بالنسبة للمادة 29 التى تنص على أنه يجوز لرئيس الجمعية العامة دعوة الجمعية لاجتماع غير عادى للنظر فى عزل رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة كلهم أو بعضهم أثناء مدة عضويتهم فى المجلس بالرجوع للجمعية، وبأغلبية ثلثى الأعضاء، وهى مادة مفصلة للإبقاء على رؤساء الشركات، وأن رؤساء ومجالس إدارات الشركات خالفوا عددًا من نصوص القانون، طوال السنوات الماضية، دون حساب، وعلى رأسها المادة 32 المتعلقة بصرف الأرباح، والتى تنص على أنه يتم صرف أرباح لا تزيد عن %10 من إجمالى الأرباح العامة للشركات، (فى حال تحقيق الشركات أرباحا فقط)، إلا أن الشركات الخاسرة تصرف أرباحا للعاملين بها، وعلى رأسهم الرؤساء وأعضاء مجالس الإدراة بنسبة 12 شهر سنويا»، فيما تصرف الشركات التى تحقق أرباحا من 18 إلى 24 شهرا مكافآت ومنحًا وحوافز سنوية، بما يمثل 4 أضعاف الراتب الأساسى للعمال، بما يفوق ما يحدده القانون، وهى صرف الأرباح بما لا تتجاوز الـ%10، ورغم أن المادة 5 من القانون تنص على «أنه يجوز عزل رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة كلهم أو بعضهم أثناء مدة العضوية بقرار مسبب من الجمعية العامة، طبقا لإجراءات المنصوص عليها فى المادة 29 من هذا القانون إذا كان من شأن استمرارهم الإضرار بمصلحة الشركة، كما لا يجوز تجديد تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة إذا لم تحقق الشركة الأهداف المحددة لها خلال مدة العضوية»، إلا أنه ورغم خسائر الشركات الفادحة مديونياتها لم يتم تطبيقها فى أغلب الحالات.
    ومن أبرز مخالفات الشركات للقانون، المادتان 45 و46 الخاصتان بإنهاء الخدمة، والمد فوق سن المعاش، من أبرز الأسباب التى أدت لفشل شركات قطاع الأعمال، حيث تنص بنود المادة 45 من القانون 203 على خروج من يبلغ سن الستين، بمراعاة أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وتنهى الخدمة بسبب عدم اللياقة للخدمة صحيا، وهو أمر غير مفعل لوجود رؤساء شركات تخطو سن الـ80 عاما.
    وتنظم المادة 46 الحالات «القصوى» التى يجوز فيها مد خدمة أى من العاملين من شاغلى الوظائف القيادية أصحاب الخبرة الفنية النادرة بعد تجاوزهم سن المعاش، ولا يكون ذلك إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء للعمل بالشركة، ويكون التجديد لمدة من سنة إلى سنتين بحد أقصى، وحسبما أكدت المصادر فإن هذه المادة لا تنطبق.
    وأوردت المصادر نماذج عدة لمخالفات جسيمة للمادة 46 فى المد لرؤساء وأعضاء مجالس الإدارة دون اعتبار للقانون ودون العودة لرئيس مجلس الوزراء، فعلى سبيل المثال تم المد لرؤساء الشركات القابضة، وبعض الشركات التابعة لها الذين تجاوزت أعمارهم الـ62 سنة، أبرزهم المهندس جابر دسوقي رئيس القابضة لكهرباء مصر والذى يبلغ عمره 66 سنة، فضلا عن أعضاء المتفرغين وغيرهم اللذين تعدوا السبعين عاما، وتخطى نحو 60 رئيس شركة تابعة لشركات القابضة السن القانونية، وتتراوح أعمارهم من 62 إلى 80 سنة، ومن الأسباب الرئيسية لخسائر الشركات القابضة التابعة للقطاع العام، انتشار الفساد بها، ومخالفة نص المادة 49 الخاصة بالعقوبات لكل من عبث عمدًا فى نظام الشركة وحملها خسائر، فعلى سبيل المثال تم تعيين عدد كبير من رؤساء شركات وأعضاء مجالسها ومستشارين، بالقابضة لكهرباء مصر وجميع الشركات التابعة لها وتولي رغم أنه متورطين بالعديد من ملفات فساد خسائر مديونيات عدة، دون إحالة المخالفات للنيابة العامة.
    وقد رصدت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات المئات من المخالفات التى ارتكبها المسؤولون عن إدارة شركات قطاع الأعمال، إلا أنه يتم تجاهلها، خاصة فيما يتعلق بمخالفات رؤساء الشركات القابضة وملاحظات الجهاز المالية عليها،وجاء قرار الحكومة مؤخرا بتصفية الشركة المصرية للإنشاءات المعدنية «ميتالكو»، وهي إحدى شركات قطاع الأعمال الحكومي المتخصصة في المنتجات المعدنية، وتكليف فريق عمل بإنهاء الإجراءات المتعلقة التصفية صادمة للجميع خاصة ان يرجع أنشائها قبل 56 عاما..الأمر الذي يدعو بتغيير القيادات التي شاخت وكبرت في أماكنها والتي متورطه بالفساد، وبتغيير الفاسد الأكبر المسئول عن الفساد الإداري والهيكلي بالشركات والاستعانة بكوادر شبابية تواكب التغيير والتطوير، وهو ما يستلزم تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى، بشكل حاسم، لوقف نزيف الأموال المهدرة على الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق