تقارير الطاقة المتجددةالتقاريررئيسيةطاقة متجددة

الحياد الكربوني في المملكة المتحدة في مرمى الاتهامات (تقرير)

أسماء السعداوي

واجهت سياسات الحياد الكربوني في المملكة المتحدة انتقادات، لتسبُّبها في زيادة كبيرة بأسعار الكهرباء، فضلًا عن اعتماد صناعة تقنيات الطاقة النظيفة على الخارج.

وكانت المملكة المتحدة قد سارعت بفرض تشريعات ملزمة لتحقيق هدف الحياد الكربوني، دون حوار وطني بشأن عواقبها وتأثيرها الحقيقيَين.

وفي مقال حديث له، اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، يقول الكاتب والمؤلف إد كونواي، إن بريطانيا تجمع بين ارتفاع أسعار الكهرباء التي تحددها سوق بيع الغاز بالجملة، والزيادات الضخمة بسبب إعانات الطاقة المتجددة.

وفي حين إن المملكة تولي اهتمامًا كبيرًا بخفض انبعاثات الكربون، وقد حققت -بالفعل- إنجازًا بخفضها بأكثر من النصف مقارنة بعام 1990، فإن ثمة تحديات أصعب مازالت قائمة، وفق الكاتب.

الصين والمملكة المتحدة

في مقال بعنوان "هل لاحظت أنه لم تعد ثمة علاقة بين الحياد الكربوني والمناخ؟"، حلّل الكاتب إد كونواي تصريحات رئيس الحكومة الجديدة اللورد كير ستارمر، خلال تدشين شركة "غريت بريتيش إنرجي" المعنية بالطاقة النظيفة.

وكان ستارمر قد ذكر في خطابه أن الحياد الكربوني مرتبط بأمن الطاقة وعدم الاعتماد على النفط والغاز القادمين، سواء من الشرق الأوسط أو من روسيا، فضلًا عن محاولة إعادة بناء الصناعات المحلية.

رئيس الوزراء البريطاني اللورد كير ستارمر
رئيس الوزراء البريطاني اللورد كير ستارمر - الصورة من صحيفة "ذا إيكونوميست"

بدوره، يرى الكاتب أنه من "المضحك" أن هذا النهج لا يختلف كلّية عن ذلك الخاص بالصين، التي سارعت بتطوير صناعات البطاريات وألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح؛ لأنها بمثابة فرصة، وليست لإثبات جدارتها بالصناعات الخضراء.

وأوضح أن الصين "تريد الهيمنة على صناعات المستقبل وربح المليارات في طريقها.. وتريد أمن الطاقة وأسطول سيارات كهربائية تعمل بالفحم أو مصادر الطاقة المتجددة الصينية، بدلًا من سيارات البنزين العاملة بنفط الشرق الأوسط".

وعند المقارنة بين المملكة المتحدة والصين في هذا الصدد، قال، إن هدف الأولى كان تقليل البصمة الكربونية، حتى لو اضطرت إلى الاعتماد على الخارج.

وفي هذا الصدد، أشار تقرير حديث إلى أن المملكة المتحدة لن تتّبع خطى الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية متشددة على واردات السيارات الكهربائية الصينية، وفق ما نشرته صحيفة فايننشال تايمز.

وأكد مسؤولون في الحكومة أن قطاع السيارات المحلي لم يطلب فتح تحقيق في الواردات الصينية، رغم أن سوق السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة تهيمن عليها طرازات صُنعت في الصين، مثل: "تيسلا"، و"بي إم دبليو"، و"إم جي".

أسعار الكهرباء

يقول الكاتب إد كونواي، إن المراحل الأولى لخفض انبعاثات الكربون كانت يسيرة، لكن يتبقى ما هو أصعب ويعتمد على أمور أخرى، مثل شراء المستهلكين السيارات الكهربائية، واستبدال غلايات الغاز بالمضخات الحرارية، وفق المقال المنشور عبر موقع صحيفة "ذا تايمز" البريطانية.

وعلى نحو خاص، يقول، إن رخص أسعار الكهرباء هو ما يهم حقًا، ليس من أجل المستهلكين، بل لأنه "دون كهرباء رخيصة، من الصعب رؤية نجاح أيٍّ من ذلك".

ولفت إلى أن أحد المبادئ الموجهة لتحول الطاقة هو الحاجة لتحلّ الكهرباء بدلًا من مصادر الوقود الأحفوري، فإذا كانت أسعار الكهرباء منخفضة، سيكون تسيير السيارات الكهربائية أرخص كثيرًا من تلك العاملة بحرق البنزين، والأمر نفسه عند استبدال المضخات الحرارية بغلايات الغاز.

الكاتب والمؤلف إد كونواي
الكاتب والمؤلف إد كونواي - الصورة من صحيفة "ذا تايمز"

وفي هذا الصدد أيضًا، تبحث شركات الصناعات الثقيلة عن بدائل خضراء لتشغيل المصانع والأفران العاملة بالوقود الأحفوري ضمن سياسات الحياد الكربوني، لكن تكلفة تشغيلها أعلى، فضلًا عن تكاليف رأس المال.

وكانت المصانع البريطانية تحظى بأحد أرخص أسعار الكهرباء في أوروبا، وهناك الآن زيادة بمقدار 75 سنتًا عن متوسط الأسعار بالقارة.

ورغم أنه يمكن الإلقاء باللوم -جزئيًا- على "فلاديمير بوتين وارتفاع أسعار الغاز"، فإن فواتير الكهرباء ما زالت أعلى من أيّ دولة أخرى في العالم تقريبًا، وفق الكاتب.

وأرجع ارتفاع الأسعار إلى عاملين، هما :"السرعة في التحول إلى الطاقات الخضراء، ولأن الكهرباء لدينا ليست خضراء بما فيه الكفاية"، فضلًا عن أن التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر منخفضة الكربون هو ما رفع أسعار الكهرباء.

الحياد الكربوني في المملكة المتحدة

بحسب المقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ما زال السؤال الشائك مطروحًا بشأن ما سيكون عليه وضع إنتاج الكهرباء في حالة عدم هبوب رياح.

ويقول إد كونواي، إنه من الممكن -من الناحية النظرية- أن تنتج توربينات الرياح الضخمة الكهرباء -من حين لآخر- بأسعار منخفضة للغاية، في حالة هبوب رياح قوية.

غير أنه ألقى باللوم على الزيادات المفروضة بموجب سوق الكهرباء بالجملة المصممة لوقت كان يهيمن عليه الفحم والغاز، وبموجب قواعد تلك السوق، يعتمد سعر الكهرباء السائد على سعر الغاز الطبيعي.

لكن "في عالم مثالي، سيكون المستهلك قادرًا على دفع السعر الحالي للرياح أو الطاقة الشمسية، وهو ما قد يصل إلى صفر بين الحين والآخر"، بحسب الكاتب.

وأوضح أن أسعار كهرباء الرياح كانت تفوق النفط والغاز على مدار معظم العشرين عامًا الماضية، لكن أُضيف "مزيج معقّد" من الرسوم لأسعار بيع الكهرباء بالجملة، سواء لفرض ضرائب على الملوّثين، أو لدعم الخطط الخضراء.

وفي سياق متصل، يقول الكاتب، إن حزب العمال ربما يعوّل على شركة "غريت بريتيش إنرجي" لتصنيع توربينات الرياح محليًا، وهو ما سيخفض أسعار الكهرباء، لكنه يتوقع أن تكون أسعارها أعلى؛ لأنها ستحاول شراء المزيد من المكونات محلية الصنع.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق