شركات النفط والغاز في المملكة المتحدة تبدأ تلقي وعيد حكومة العمال
قرارات جديدة قد تهدد مستقبل الصناعة في بحر الشمال
حياة حسين
بدأت حكومة حزب العمال تنفيذ وعيدها لشركات النفط والغاز في المملكة المتحدة، بإصدار قرارات جديدة قد تقوّض الاستثمارات وتهدد أمن الطاقة.
وأعلنت حكومة حزب العمال الجديدة الفائزة في الانتخابات العامة مطلع الشهر الجاري، بقيادة كير ستارمر، وعودًا سخية لقطاع الطاقة المتجددة، في إطار السير قدمًا في تحقيق الحياد الكربوني لشبكة الكهرباء في 2030، والحياد الكربوني بصورة عامة في 2050، في حين توعدت بالحد من توسعات أنشطة الوقود الأحفوري.
ورغم المخاوف من هذا الاتجاه لدى الكثير من الخبراء، خاصة على أمن الطاقة، فإن وزيرة المالية راشيل ريفز، كشفت عن أول الإجراءات التي من شأنها البدء في تنفيذ ما أُعلن سابقًا، من العمل على الحد من أنشطة النفط والغاز في المملكة المتحدة.
والقرار هو تمديد العمل بضريبة الأرباح غير المتوقعة على شركات النفط والغاز في المملكة المتحدة، التي فرضتها حكومة المحافظين السابقة، بقيادة ريشي سوناك.
وكانت حكومة سوناك منحازة بصورة أكبر إلى قطاع الوقود الأحفوري في البلاد؛ كونه -من وجهة نظرها- الأكثر ضمانًا لأمن الطاقة في البلاد، في ضوء عدم موثوقية الطاقة المتجددة.
تمديد الضريبة وزيادتها
أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، يوم الإثنين 29 يوليو/تموز 2024، تمديد ضريبة الأرباح غير المتوقعة على شركات النفط والغاز في المملكة المتحدة عاميْن إضافييْن، إذ تنتهي في مارس/آذار 2030. كما قررت الوزيرة زيادة الضريبة بنسبة 3%، من 75% إلى 78%.
وتفرض حكومات الدول مثل هذه الضريبة عندما تحقق الشركات أرباحًا استثنائية دون مجهود منها، كما حدث مع شركات الوقود الأحفوري عقب الارتفاعات القياسية لأسعار الطاقة؛ نتيجة لغزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط من 2022.
ولم تكن المملكة المتحدة استثناء في فرض مثل هذه الضريبة. ففي أميركا أحدثت تلك الأرباح والضريبة التي فرضتها إدارة البيت الأبيض جدلًا هائلًا بين الرئيس جو بايدن ورؤساء شركات مثل "إكسون موبيل".
وتمادت حكومة حزب العمال في وعيدها، إذ قررت إلغاء ما وصفته بـ"الدعم السخي غير المبرر"، كما جاء على لسان الوزيرة، وهو السماح لشركات النفط والغاز في المملكة المتحدة، باسترداد جزء من استثمارات ضختها في حقول جديدة من مستحقات الضريبة المطلوبة منها.
وتقرر إلغاء هذا الإجراء في أول شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2024)، لكنه لن يُطبق بأثر رجعي على الاستثمارات السابقة لهذا التاريخ.
وفي المقابل ستُبقي حكومة حزب العمال على خفض من الضريبة كانت تحصل عليه من خلال استثمارات في قطاع الطاقة الخضراء.
ووعدت الحكومة الجديدة بالتعجيل من خطة توسعة مشروعات الطاقة الخضراء والنظيفة؛ بهدف خفض الاعتماد على الغاز الطبيعي المستورد ومرتفع التكلفة.
وتتلخص أهداف الخطة في زيادة سعة مشروعات طاقة الرياح البحرية بمقدار 4 أضعاف، لتصل إلى 55 غيغاواط، وطاقة الرياح البرية للضعف، والطاقة الشمسية 3 أضعاف.
قرارات متهورة
عارضت شركات النفط والغاز في المملكة المتحدة قرارات حكومة حزب العمال الجديدة بشأن سحب بعض المزايا التي منحتها لها الحكومة السابقة، ووصفت القرارات بـ"المتهورة والخطأ والمدمرة لاقتصادات بحر الشمال"، حسبما ذكرت صحيفة "التليغراف"، الإثنين 29 يوليو/تموز 2024.
وقال الرئيس التنفيذي لغرفة تجارة أبردين وغرامبيان، التي تمثّل جانبًا كبيرًا من صناعة النفط والغاز في المملكة المتحدة، راسل بورثويك: "إن الحكومة الجديدة تعرّض منطقة بحر الشمال إلى خطر الزوال (انتهاء اللعبة)؛ ما يهدد خطة انتقال الطاقة في البلاد".
وأضاف: "بدلًا من أن تتخذ الحكومة من قطاع الطاقة حلًا لتحديات تواجه تمويل الموازنة العامة، اتخذت قرارات خاطئة بشأن ضريبة القطاع".
وتابع: "هذه القرارات تعني خسارة خزينة الدولة نحو 20 مليار جنيه إسترليني (25.6 مليار دولار أميركي) من الإيرادات، والاعتماد بنسبة أكبر على واردات النفط والغاز في المملكة المتحدة؛ وهو ما يضر بالكوكب والاقتصاد، بالإضافة إلى أنها تعني وضع عشرات الآلاف من الوظائف في خطر".
وكانت وزيرة الخزانة قد صرحت في وقت سابق، وقبل الفوز بالانتخابات، بأن الزيادة في الضريبة على شركات النفط والغاز في المملكة المتحدة تمكّن الحكومة من جني 10.8 مليار جنيه إسترليني (13.8 مليار دولار أميركي) إضافية لخزينة الدولة.
*(الجنيه الإسترليني = 1.28 دولارًا أميركيًا)
ورغم ذلك واصل المحللون التحذير من أن مثل هذه الخطوة قد تعجّل بانهيار الصناعة في بحر الشمال.
وعلى سبيل المثال، حذّر محللو شركة الاستشارات "وود ماكينزي"، في وقت سابق، من أن مثل هذه الخطوة قد تدفع شركات النفط والغاز في المملكة المتحدة إلى تجميد استثماراتها إلى أن يحل موعد انتهاء الضريبة، والمقرر في نهاية العقد الحالي.
كما يرى محللو شركة الاستشارات العالمية أن الخطوة قد تدفع -أيضًا- إلى وقف الإنتاج من الحقول القديمة، وسحب الاستثمارات الداعمة في البنية التحتية، وإلغاء الاستثمارات في تقنيات الطاقة الخضراء، مثل مشروعات طاقة الرياح البحرية، واحتجاز الكربون وتخزينه.
موضوعات متعلقة..
- المملكة المتحدة تتراجع عن خططها المناخية وتلجأ إلى الغاز لإنقاذ الكهرباء
-
مستشار بريطاني: سياسة الحياد الكربوني في المملكة المتحدة كارثية وعديمة الجدوى
-
أكبر اكتشاف غاز في بحر الشمال يواجه أزمة.. احتياطياته 309 مليارات قدم مكعبة
اقرأ أيضًا..