تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

"جنون" إعانات الطاقة المتجددة يستنزف خزينة أكبر اقتصاد أوروبي

أسماء السعداوي

يبدو أن ثقل إعانات الطاقة المتجددة أصبح يفوق قدرة الدولة صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي على التحمل، بعد سنوات طويلة من الدعم الذي يدفعه المواطن -بالأساس- من خلال فواتير الكهرباء.

وتسعى ألمانيا إلى تحقيق الحياد الكربوني قبل 5 سنوات من نظرائها بالاتحاد الأوروبي في 2045، وفي سبيل ذلك، قدّمت إعانات وإعفاءات ضريبية وحوافز مالية لجذب المطورين والتسويق لقطاع الطاقة النظيفة، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وأسهمت إعانات الطاقة المتجددة في ألمانيا بخفض تكاليف الإنتاج، لكن التكلفة التي وصفتها أكبر صحيفة بـ"جنون الكهرباء" أثارت تساؤلًا مشروعًا: إلى أيّ مدى ستستمر برلين وغيرها من عواصم الاتحاد في ذلك الدعم الباهظ؟

ومن المتوقع أن يبلغ حجم تلك الإعانات 20 مليار يورو (21.7 مليار دولار أميركي) خلال العام الجاري (2024)، وهو ضعف المخصصات المقررة سلفًا.

أزمة ألمانية خضراء

يتطلب التوسع في محطات الطاقة المتجددة إبرام الحكومة عقودًا مباشرة تتضمن دعم مطوري المشروعات، لضمان خفض أسعار الكهرباء.

وأصبحت ألمانيا ثاني أكبر أسواق اتفاقيات شراء الكهرباء في أوروبا بعد إسبانيا، إلّا أنها لا تغطّي سوى 3.6 ميغاواط من قدرات الإنتاج.

ومع هدف خفض تكاليف الإنتاج عبر تغطية الفارق وضمان تحقيق المطورين إيرادات، أسهمت إعانات الطاقة المتجددة بانخفاض أسعار الكهرباء، بل إلى الخسارة في بعض الأحيان.

ألواح طاقة شمسية وتوربينات رياح في ألمانيا
ألواح طاقة شمسية وتوربينات رياح في ألمانيا- الصورة من "offshore-windindustry"

وحقّق منتجو الطاقة المتجددة أرباحًا بالمليارات خلال أزمة الطاقة التي رفعت أسعار الكهرباء، كما أن عجلة الأرباح مستمرة بالدوران بسبب إعانات الطاقة المتجددة التي مازالت باقية، رغم انخفاض الأسعار.

يأتي ذلك في وقت حساس بالنسبة إلى دافعي الضرائب الذين يتعرضون لأسرع معدلات تضخم منذ عقود في السنوات الأخيرة، كما سيتحمّلون عبء خفض الإنفاق العام في مجالات أخرى، إذ تسعى الحكومة لتخفيف أعباء الميزانية، وفق تقرير وكالة بلومبرغ.

إعانات الطاقة المتجددة

تفرض قضية قطاع كهرباء الطاقة المتجددة المدعوم من الحكومة، تساؤلات سياسية واقتصادية بشأن قدرة الحكومة في ألمانيا وغيرها على تحمُّل تبعات وقف الإعانات دون تعريض التحول الأخضر للخطر.

وبالفعل، بدأت ألمانيا في دفع إصلاحات أولية تستهدف خفض حجم الإعانات، كما أن هناك مقترحات لإصلاح على نطاق أوسع ترتكز على دعم تكاليف الاستثمار، وليس ضمان أسعار الإنتاج.

وثمة توافق آراء آخذ في الظهور يقول، إن خطط الإعانات الأصلية المصممة في أوائل الألفية الحالية كان الهدف منها دعم التقنيات الناشئة، وليس التي تشكّل أكثر من نصف إنتاج الكهرباء حاليًا.

وليست تلك المرة الأولى التي تواجه فيها ألمانيا دعوات لإصلاحات نظام الإعانات بها؛ لأنها تضمن أدنى سعر.

وسبق، خلال أزمة الطاقة التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، أن طلبت المفوضية الأوروبية من ألمانيا وضع حدّ أقصى لأرباح مرافق الكهرباء، مثل المملكة المتحدة وبلدان أخرى.

وحذّرت الناشطة في منظمة "انفيرونمنتال أكشن" غير الربحية نادين بيثغ من انعدام الربحية المالية، ما لم تنقلب المنظومة بالكامل رأسًا على عقب.

وفي حالة إدخالها إصلاحات جريئة بمنظومة إعانات الطاقة المتجددة، ستمهّد ألمانيا الطريق أمام بقية بلدان أوروبا، التي تسعى لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وانضم رئيس اتحاد الطاقة المتجددة الألمانية سيمون بيتر لمنتقدي فكرة تغيير منظومة إعانات الطاقة المتجددة، خشية أن يؤدي التغيير الجذري إلى خنق الاستثمارات، أو دفعها للهرب إلى مناطق ذات ظروف استثمارية مواتية أكثر.

وفي المقابل، يقول المدير في شركة إنيرفيس الاستشارية (Enervis) نيكولاي هيرمان، إن النظام مرن للغاية، ولا يوجد مثيل له في الأسواق الأخرى.

وزير الاقتصاد وحماية المناخ الألماني روبرت هابيك
وزير الاقتصاد وحماية المناخ الألماني روبرت هابيك - الصورة من وكالة رويترز

تغييرات مرتقبة

رفض وزير الاقتصاد وحماية المناخ الألماني روبرت هابيك والجماعات الممثلة لصناعة الطاقة النظيفة دعوات لتطبيق نظام العقود مقابل الفروقات المطبّق في المملكة المتحدة؛ خشية أن يؤدي إلى تعطيل الاستثمارات.

ودعم هابيك آلية القدرات، حيث يُحدد سعر ثابت في العطاء، ولكنه قال، إنه ينبغي اختباره أولًا بالسوق الألمانية، وبحسب الوزير، ستستمر إعانات الطاقة المتجددة، ولكن على نحو أكثر كفاءة.

وفي آلية القدرات، تطرح محطات الكهرباء إنتاجها بالسوق عند الحاجة إليها، وفي المقابل، تحصل على مدفوعات، بالإضافة إلى الأرباح من بيع الكهرباء.

وربما تواجه مشروعات الطاقة المتجددة مشكلة بسبب تردد المصارف بتمويل استثمارات الطاقة المتجددة في حالة انتفاء اليقين من الربح على المدى الطويل، وسط الغموض بشأن الدعم الحكومي بالمستقبل.

وعلاوة على ذلك، ستخضع التغييرات في إعانات الطاقة المتجددة إلى عملية طويلة قبل الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي.

وربما يكون أحد الحلول لمطوري المشروعات النظيفة هو إقامة عقود مباشرة مع المستهلكين بالصناعة، وهو ما حدث بالفعل مع "أكبر مزرعة شمسية في أوروبا"، التي باعت الكهرباء مباشرة لشركتي شل ومايكروسوفت.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق