تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الصين تدافع عن "تخمة" قدرات الإنتاج.. وشركات الطاقة الشمسية تستغيث

أسماء السعداوي

ردّ مسؤول حكومي كبير في الصين على مخاوف الولايات المتحدة ودول أخرى بشأن فائض قدرات الإنتاج بصناعات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية.

وبسبب ما يُطلق عليه "فيضان" الواردات الصينية الرخيصة، تواجه صناعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية في أوروبا وأميركا مشكلات في إقامة سلسلة توريد محلية مستقلة ومستقرة، وسط ارتفاع الأسعار والفائدة؛ ما دفع بعضها للإفلاس أو الهروب من السوق.

وفي تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعهّدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، بمواصلة الضغط على بكين لمعالجة نموذج الاقتصاد الكلي الذي يوجّه وفورات وإعانات "أكثر من اللازم" إلى قطاع التصنيع.

وانتقدت الوزيرة إستراتيجية الصين الاقتصادية، واصفةً إياها بالتهديد لاستمرار الشركات والعاملين حول العالم.

واعترفت الرابطة الصينية لصناعة الطاقة الكهروضوئية بتأثير فرط الإنتاج في الشركات التي أصبحت لا تعمل بكامل طاقتها وتواجه تأخيرات في سداد القروض وتسليم الطلبيات، داعيةً لتسريع عمليات الاندماج ووقف تمويل مشروعات جديدة.

الطاقة الإنتاجية الفائضة في الصين

فنّد النائب الأول لوزير المالية الصيني لياو مين، الانتقادات بشأن فائض قدرات إنتاج تقنيات الطاقة النظيفة، قائلًا إن الصين تساعد العالم في مكافحة تغير المناخ واحتواء التضخم.

وعلى هامش فعاليات اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو عاصمة البرازيل، قال لياو إن الصين مثّلت على مدى عقود قوة لخفض معدلات التضخم في العالم من خلال توفير المنتجات المصنعّة ذات القيمة الجيدة مقابل المال.

الصين
نائب وزير المالية الصيني (وسط) وبجانبه وزيرة الخزانة الأميركية - الصورة من "أ ف ب"

وأضاف "أنها الآن (الصين) توفّر المنتجات الخضراء للعالم في حين تحاول الدول تحقيق أهدافها الخاصة بإزالة الكربون بحلول عام 2030"، وفق تقرير لوكالة بلومبرغ.

ونقل عن وكالة الطاقة الدولية تقديراتها لارتفاع الطلب العالمي على سيارات الطاقة الجديدة إلى 75 مليون بحلول نهاية العقد الجاري من 45 مليون وحدة، وهو ما يفوق بكثير قدرات التوريد العالمية حاليًا.

كما قال إن الصين، التي تولي اهتمامًا بمخاوف الاقتصادات الكبرى، قلقة أيضًا من التهديدات التجارية مثل الرسوم الجمركية.

وأضاف: "ينبغي علينا التواصل على نحو صريح مع احترام قواعد اقتصاد السوق والوقائع الحقيقية".

كما يرى لياو أن الخلل بين العرض والطلب أمر طبيعي لأي اقتصاد بالسوق، وأرجع ذلك جزئيًا إلى الشركات التي تتّخذ قراراتها الاستثمارية الخاصة وعلى المدى الطويل حاملةً توقعات بتلبية الطلب المرتفع، لكن قوى السوق هي التي ستحدد ما إذا كانت تلك القرارات صحيحة أم لا.

وأكد أن التدفقات الضخمة لصناديق رؤوس الأموال ليست نادرة، مستشهدًا بوفرة الاستثمارات في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والغاز الصخري والمستحضرات الصيدلانية الحيوية؛ ما أدى إلى قدرات فائضة "مؤقّتة" في الدول المتقدمة.

مخاوف عالمية

تواجه الصين خطر تزايد الحواجز التجارية التي قد تمنع وصول منتجات تقنيات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية إلى الدول المتقدمة والولايات المتحدة، خشية تأثير فائض الإنتاج الذي تزعم أنه مدعوم من الحكومة الصينية في أداء الشركات المحلية ومستقبلها.

ويتّجه الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية على واردات السيارات الكهربائية الصينية، كما هدّد الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني (2024) دونالد ترمب، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على واردات السلع الصينية في حالة إعادة انتخابه رئيسًا جديدًا.

عاملان داخل مصنع ألواح شمسية في الصين
عاملان داخل مصنع ألواح شمسية في الصين - الصورة من صحيفة "وول ستريت جورنال"

كما فرضت بعض الدول النامية، ومنها البرازيل وتركيا، رسومًا جمركية على المنتجات الصينية مثل الصلب والسيارات، رغم أنها كانت أقل حدةً من أوروبا في انتقادها للسياسة الصناعية الصينية.

وحثّ محافظ البنك المركزي الألماني يواخيم ناغيل، البرازيل على المحافظة على علاقاتها مع الدول الغربية بدلًا من الرهان فقط على الصين لتعزيز النمو الاقتصادي.

لكن وزير المالية البرازيلي فيرناندو حداد، دافع عن الصين قائلًا إن استجابة بعض الدول لصادرات الصين "رد فعل مفهوم".

وأوضح أن الإعانات الحكومية ليست السبب الرئيس للميزات التنافسية التي تملكها صناعات صينية مثل الطاقة المتجددة، لافتًا إلى عوامل أكثر أهمية مثل استثمارات الشركات في الأبحاث والتطوير على مدار سنوات وريادة الأعمال والابتكار التكنولوجي.

وأضاف أن تجربة الإصلاح والانفتاح الصينية على مدار أكثر من 40 عامًا مضت تؤكد أنه لا يمكن ببساطة أن تحقق صناعة واحدة التنافسية العالمية اعتمادًا على الدعم الحكومي.

وعلى عكس بعض البلدان التي تخلّفت عن ركب تطوير السيارات الكهربائية لامتلاكها ميزات في قطاع السيارات التقليدية، قال حداد إن الصين سعت لتحقيق النمو في القطاعات الجديدة مثل السيارات الكهربائية بسبب الافتقار إلى مميزات في السوق التقليدية.

الطاقة الشمسية في الصين

حذّر مدير الرابطة الصينية لصناعة الطاقة الكهروضوئية (CPIA) وانغ يو هوا، من التحديات التي تواجه مستقبل شركات تصنيع الطاقة الشمسية في الصين.

وطالب المسؤول بدفع الشركات المتعثرة للخروج من السوق في أقرب وقت ممكن لتقليل حدة القدرة الإنتاجية الفائضة بالقطاع الحيوي لتحول الطاقة وتجنب هدر الموارد، وفق تقرير منفصل لوكالة بلومبرغ، رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ودعا الحكومات المركزية والمحلية والمؤسسات المالية والشركات للتنسيق فيما بينهم لتسريع عمليات دمج الشركات داخل القطاع.

وأدى فائض قدرات الإنتاج بالمصانع إلى "تخمة" في معدات توليد الكهرباء وحرب أسعار، وخسرت أكبر شركتين لتصنيع وحدات الطاقة الشمسية في الصين "لونغي غرين تكنولوجي" (Longi Green Energy Technology) و"تونغوي" (Tongwei) أكثر من مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، بسبب الأزمة التي من المتوقّع أن يكون الأكثر تضررًا منها الشركات الأصغر حجمًا.

وخلال مؤتمر للصناعة، يوم الخميس (25 يوليو/تموز)، قال وانغ إن شركات الصين تؤجّل سداد القروض وتسليم الطلبيات، كما أن مصنعي البولي سيليكون والوحدات يعملون بـ50 إلى 60% من الطاقة التشغيلية القصوى.

وبسبب الأوضاع المالية المتردية لبعض شركات الطاقة الشمسية، حذّر وانغ من تعريض جودة المنتجات للخطر، قائلًا إن "الألم الفوري" عبر تسريع الاندماج والاستحواذ أفضل من الدخول في رحلة طويلة.

كما دعا المؤسسات المالية لتجنب إقراض الشركات التي من المتوقع أن تفشل في السداد، وطلب من المصنعين الحذر عند الاستثمار في بناء قدرات جديدة، ودراسة شراء مصانع سيتخلّى عها مستثمرون أجانب.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق