أنس الحجي: أسواق النفط تتأثر بالانتخابات البريطانية.. وهكذا تستفيد دول الخليج
أحمد بدر
تركت الانتخابات البريطانية أثرًا مهمًا في أسواق النفط، بما في ذلك دول الخليج، لا سيما مع وصول حزب العمال البريطاني إلى سدة السلطة، الذي يضم متطرفين يدعمون مصادر الطاقة المتجددة على حساب النفط والغاز.
وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل انتخاباتها سريعة جدًا، وأصبح الحاكم هو حزب العمال، الذي من ضمن سياساته أنه لن يدعم صناعة النفط والغاز.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان: "مستقبل أسواق النفط في ظل التغيرات السياسية في الولايات المتحدة وبريطانيا".
وقال إن حزب العمال حزب يساري، وفيه متطرفون على غرار المتطرفين في أميركا، مثل كامالا هاريس ونيوسوم حاكم كاليفورنيا، وحاكمة ميشيغان، وكلهم عادة ما يكون لهم تأثير في أسواق النفط والغاز، التي يعادونها لحساب المصادر المتجددة.
تأثر أسواق النفط ودول الخليج
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن من ضمن سياسات حزب العمال البريطاني أنه لن يدعم صناعة النفط والغاز، على الرغم من وجود بحر الشمال الذي يضم احتياطيات عملاقة من النفط والغاز.
وأوضح أن الحكومة السابقة لحزب "المحافظين"، التي كان يرأسها ريشي سوناك، لعبت على الحبلين، وتكبدت خسائر كبيرة، إذ سمحت للشركات بالتنقيب عن النفط والغاز، لكنها فرضت عليها ضرائب إضافية كبيرة، ما أدى إلى انسحاب الاستثمارات، ومن ثم تأثرت أسواق النفط.
وأضاف الدكتور أنس الحجي: "بالأصل بدأت الشركات تنسحب من بريطانيا قبل عامين ونصف العام، تقريبًا، والآن جاءت حكومة حزب العمال، التي ستكون مهمتها معاقبة شركات النفط والغاز والتخلص من هذه الصناعة في أقرب وقت ممكن".
ولفت إلى أن الحكومة البريطانية الجديدة ستعمل على التركيز على الطاقة المتجددة، وتحديدًا طاقة الرياح، سواء البرية أو البحرية، وسيكون ذلك من خلال الاستثمار فيها بمبالغ ضخمة، إذ ستنفق مبالغ مليارية على تطويرها.
وتابع: "طبعًا نحن نعرف ما حصل في السنوات الماضية، أن كل ما يحلمون به لن يتحقق بالكامل، بل ستتحقق أجزاء منه، لكن محاربة النفط والغاز في المنطقة تأتي لصالح دول الخليج، لأنها ستعني في النهاية انخفاض إنتاج بريطانيا من النفط والغاز".
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أنه في حال عدم وجود استثمارات في صناعة النفط والغاز في بريطانيا، فسيزيد اعتماد أوروبا على الاستيراد من أسواق النفط في مناطق أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الخليج.
معاقبة الصين وضريبة الكربون
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هناك إشكالية كبيرة الآن، وهي أن الاتحاد الأوروبي يريد معاقبة الصين وفرض تعرفة جمركية إضافية عليها، كما أن لديهم ضريبة الكربون، لكن أغلب المواد التي سيحتاجون إليها لبناء مزيد من مزارع الرياح والطاقة الشمسية يأتي من الصين.
وأضاف: "إذا فرضوا هذه التعرفة الجمركية الإضافية وضرائب الكربون على الصين، يعني ذلك أن التضخم سيستمر في هذه الدول، وإذا حاولوا تصنيعها داخل دولهم فإن التكلفة سترتفع بصورة كبيرة".
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن أول شيء وعدت به الحكومة الجديدة في بريطانيا، هو تخفيض أسعار الطاقة، ولكنهم في هذه الحالة لا يستطيعون تخفيض أسعارها، إذ إن الحل الوحيد لتخفيضها هو منح إعانات، ولكن هناك مشكلة أيضًا في هذا الأمر.
وتابع: "رأينا خلال السنوات الأخيرة بعد جائحة كورونا، ارتفاع أسعار البنزين، وهم بالأصل يحاربون النفط والبنزين، فارتفعت أسعار البنزين والآن سيقدمون إعانات إلى الناس، لأن فاتورة البنزين زادت عليهم، فهم إما سيخففون استهلاك البنزين، وإما سيبقى نفسه، وإما سيرتفع، لذلك فإن سياساتهم في هذه الحالة متناقضة".
ولفت إلى أنهم وعدوا أن تكون بريطانيا ملكة الطاقة الخضراء في العالم وليس في أوروبا فقط، وأنهم سيجرون تطويرات، وكل هذا ممكن بالطبع، ولكن يجب تذكر أنه في شهر مايو/أيار 2021، بدأت أزمة الطاقة في أوروبا، وكان ذلك قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأردف: "كان السبب الرئيس في حدوث أزمة الطاقة في أوروبا، هو التوسع بصورة كبيرة جدًا في طاقة الرياح، قبل أن يفيقوا في أحد الأيام ليجدوا أن الرياح توقفت ولا توجد كهرباء، وكان الحل في الغاز، ولكن لاستيراد الغاز يجب دفع أسعار عالية".
وكشف الدكتور أنس الحجي، أن الأسعار في مثل هذه الأوقات ترتفع بمئات الأضعاف، وكذلك أسعار الكهرباء ترتفع بمئات الأضعاف، فبدأت أزمة الطاقة الأوروبية في بريطانيا أولًا، وهي تملك في الوقت الحالي عددًا من مزارع الرياح المتوقفة عن العمل بأمر من الحكومة، وتحصل على أموالها كأنها تعمل.
نتائج تحول بريطانيا إلى الطاقة المتجددة
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن كل ما سبق حدث في عهد حكومة حزب المحافظين التي انتهت ولايتها، ولكن في عهد حكومة حزب العمال، من المتوقع أن تسوء الأمور بصورة أكبر.
وأضاف: "بعد التغيير الحكومي في بريطانيا، سيكون هناك اتجاه كامل -مثلما حدث في ألمانيا- نحو الطاقة المتجددة، في محاولة للتخلص من النفط والغاز، إذ إنهم تخلصوا من الفحم بالفعل بصورة كبيرة".
وأوضح أن حكومة حزب العمال ستسعى إلى التضييق على الصين، ولكن كل هذا سيرتد عليهم من خلال أمور عديدة، من بينها حدوث أزمات طاقة، والتضخم، كما ستستفيد دول الخليج منها، لأن انخفاض إنتاج النفط والغاز في أوروبا سيؤدي إلى زيادة الاعتماد على الدول الأخرى.
وأكد أنه إذا سيطر اليساريون على الحكم في أميركا وبريطانيا، فإن ذلك يعني استمرار التناقض الكبير في السياسات، من جهة التراجع والتدهور الكبير الحاصل على أرض الواقع في سياسات التغير المناخي.
موضوعات متعلقة..
- أثر انقطاع الكهرباء في مصر و6 دول عربية بأسواق النفط والغاز (تقرير)
- تطورات أسواق النفط والغاز.. أنس الحجي يكشف توقعات النصف الثاني من 2024
- كيف تتأثر أسواق النفط بانتخابات الرئاسة الأميركية؟ ولماذا "ترمب" الأسوأ للصناعة؟
اقرأ أيضًا..
- الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان.. هل التصدير خيار مناسب؟
- أوبك تتسلم خطط 3 دول لتعويض فائض إنتاج النفط
- بئر غاز احتياطياتها 318 مليار قدم مكعبة تشهد تحرك سفينة عملاقة
- مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 6 أشهر (ملف خاص)
