الحياد الكربوني في بريطانيا.. شعار سياسي يهدد حرية السكان (تقرير)
مع تزايد الطلب على النفط والغاز لتوفير الطاقة الموثوقة
نوار صبح
- لن تُمنح تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال
- ارتفاع درجة حرارة الكوكب من خلال التدخل البشري قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة
- المملكة المتحدة تطلق أقل من 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية
- تكنولوجيا البطاريات ليست متطورة بما يكفي لتخزين الكهرباء على نطاق الشبكة
تحوّل الحياد الكربوني في بريطانيا إلى شعار يردده السياسيون من جميع الأطياف، باستثناء حزب إصلاح المملكة المتحدة، ما قد يقيّد حرية السكان؛ إذ ينطوي على تكاليف كبيرة.
وأعلن وزير الطاقة والحياد الكربوني في المملكة المتحدة، إد ميليباند، مطلع الأسبوع الماضي، أنه لن يمنح تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، وفق مقال اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وبالنظر إلى أن المملكة المتحدة ما تزال تتمتع بطلب قوي على كلا النوعين من الوقود لتوفير الطاقة الموثوقة، فإن ذلك يعني زيادة اعتماد البلاد في المستقبل على الواردات، وهذا أمر ضار بالنسبة إلى الوظائف (خصوصًا في إسكتلندا) ولميزان المدفوعات.
وقال ميليباند، يوم الجمعة 12 يوليو/تموز الجاري، إنه وافق على إنشاء 3 مزارع جديدة كبيرة للطاقة الشمسية في لينكولنشاير وسوفولك، متراجعًا عن رفضه السابق لهذه الخطط.
مغزى الحياد الكربوني في بريطانيا
قد يُسهم الحياد الكربوني ببريطانيا في تغيير طريقة استثمار المملكة المتحدة في البنية التحتية، وتغيير قاعدتها التصنيعية وفرص التصنيع لديها، وتغيير نمط حياة السكان إلى حد غامض، خصوصًا في استعمال وسائل النقل والسفر والبناء والتدفئة.
وذكر مقال بعنوان "إد ميليباند.. الوجه الجديد لحماقة الحياد الكربوني في بريطانيا" -نشرته صحيفة ذا تليغراف البريطانية (The Telegraph) للخبير الاقتصادي السابق في بنك إنجلترا مؤلف كتاب "إرث السير همفري"، نيل ريكورد- أن "الحياد الكربوني سوف يقيّد حريتنا، ومن المرجح أن يكون مكلفًا للغاية".
وأضاف نيل ريكورد: "ما زلنا في المراحل المبكرة جدًا من هذه الثورة المرتقبة، ولم يظهر سوى القليل منها حتى الآن".
وأردف: "قبل أن نتخلى عن تاريخنا الممتد على مدار 250 عامًا في استعمال طاقة الوقود الأحفوري، ربما ينبغي لنا أن نسأل أنفسنا: ما المغزى من الحياد الكربوني؟".
وأوضح أن "حرق الوقود الأحفوري يؤدي إلى انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ويتسبب في الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الكوكب".
وقال إن "ارتفاع درجة حرارة الكوكب من خلال التدخل البشري قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة (سيئة أو سيئة للغاية)، لذا دعونا نوقف هذا التلوث"، مشيرًا إلى أنه "رغم أن هذا الموقف قابل للنقاش بالتفصيل، فإنه منطقي".
انبعاثات الكربون في بريطانيا
قال الخبير الاقتصادي السابق في بنك إنجلترا مؤلف كتاب "إرث السير همفري"، نيل ريكورد: "تطلق المملكة المتحدة أقل من 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وإجبار هذه النسبة على الانخفاض إلى الصفر سيكون له تأثير غير ملموس في الانبعاثات العالمية".
من ناحية ثانية، بلغت الزيادة في الانبعاثات العالمية، في عام 2023، 410 ملايين طن، أي أعلى بمقدار 107 ملايين طن من إجمالي انبعاثات الكربون في بريطانيا البالغة 303 ملايين طن، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وأوضح نيل ريكورد: "إذا كانت إشارة الحياد الكربوني مجانية، فقد يكون من المنطقي متابعتها لمحاولة إقناع الدول الكبرى المصدرة للانبعاثات (الصين والهند) بالتخطيط لتخفيضات جدية (على سبيل المثال)".
وألمح إلى أن "طموحات تحقيق الحياد الكربوني في بريطانيا ما تزال بعيدة عن أن تكون مجانية"، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
قدرة شبكة الكهرباء
قال الخبير الاقتصادي السابق في بنك إنجلترا: "يجب أن تكون شبكة الكهرباء قادرة على إنتاج نحو 45 غيغاواط من ذروة الطلب، وإمداد جميع السكان ليلاً ونهارًا، في الشتاء والصيف".
وأوضح أنه "في عالمنا الحديث المترابط والمتطور، يُعد انقطاع التيار الكهربائي كارثيًا"، مشيرًا إلى أن "منع انقطاع التيار الكهربائي، يتطلب أن تكون الطاقة متاحة دائمًا، والطريقة الوحيدة للحصول عليها هي أن تكون جاهزة ومخزنة وقابلة للتحويل إلى كهرباء على الفور (خلال ثوانٍ وليس دقائق)".
وأكّد أن "تكنولوجيا البطاريات ليست متطورة بما يكفي لتخزين الكهرباء على نطاق الشبكة، وحتى لو كانت كذلك، فسيكون تركيبها مكلفًا للغاية".
وأضاف أنه "توجد أكبر بطارية في العالم حاليًا في كاليفورنيا، ويمكنها تشغيل شبكة المملكة المتحدة في الاستعمال العادي لمدة 3 دقائق تقريبًا، وتبلغ تكلفة هذه البطارية نحو 1.5 مليار دولار".
وقال: "في عز فصل الشتاء، يكون لدينا أحيانًا طقس عالي الضغط؛ ما يؤدي إلى سكون الهواء والضباب، وقد استمر ذلك على الأقل لمدة 10 أيام في الماضي".
وأردف: "إذا أردنا الاعتماد بالكامل على مصادر الطاقة المتجددة، فنحن بحاجة إلى تخزين الكهرباء لمدة 10 أيام على الأقل، وعمليًا، أكثر من ذلك بكثير للتعامل مع الظروف القاسية".
وتابع: "من أجل إبقاء الأضواء مضاءة، وتشغيل السيارات والشاحنات والقطارات، وتدفئة منازلنا ومكاتبنا، فلن نتمكن من الوصول إلى أي مستوى قريب من الحياد الكربوني في عام 2050".
اقرأ أيضًا..
- حقل ريفين للغاز في مصر يفاجئ الجميع.. هل يصل إلى 900 مليون قدم؟
- سوق الطاقة العالمية تحبس أنفاسها.. 7 انتخابات في 2024 قد تغير المشهد
- المغرب يكشف عن مفاجأة بخصوص الربط الكهربائي مع الجزائر (خاص)
