الطاقة الشمسية على الأسطح تزدهر في باكستان.. لماذا تخشاها الحكومة؟
محمد عبد السند
- تعاني باكستان أزمة انقطاع الكهرباء بشكل متكرر
- الطاقة الشمسية على الأسطح في باكستان تمثّل طوق نجاة للمواطنين من أزمة الكهرباء
- تواجه الحكومة الباكستانية أزمة مالية طاحنة
- مخاوف إسلام آباد بشأن انتشار الطاقة الشمسية تتنامى
- تتزايد الضغوط على الشبكة الوطنية في باكستان
تشهد الطاقة الشمسية على الأسطح في باكستان ازدهارًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة؛ إذ بات يُعوَّل عليها في إتاحة كهرباء موثوقة إلى القرى والمناطق النائية المحرومة من الشبكة الوطنية.
لكن رغم الدور الحيوي الذي يؤديه هذا المصدر النظيف في ظل أزمة الكهرباء العميقة في باكستان، فإن الحكومة تتخوف من اتّساع انتشار تلك التقنية، وما يَنتُج عنها من فقدان استثماراتها في الشبكة الوطنية.
وتراجع معدل استهلاك الكهرباء من الشبكة الوطنية في باكستان بنسبة 10% خلال السنة المالية 2023، مقارنةً بالعام السابق، وسط ارتفاع أسعار الطاقة.
ومن شأن هذا التراجع أن يفاقم المشكلات الحاصلة في القطاع المُثقَل بالأزمات، الذي تقلّ ديونه عن 8.3 مليار دولار، يُستحَق الكثير منها إلى منتجي الطاقة الصينيين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
طوق نجاة
تبرز الطاقة الشمسية على الأسطح في باكستان طوق نجاة للمواطنين من أزمة الكهرباء المستفحِلة في البلد المعتمد على مصادر الوقود الأحفوري بتوليد 63% من الكهرباء المولّدة لديه.
وتواجه الحكومة الباكستانية التي تعاني أزمة مالية طاحنة المزيد من الضغوط لرفع أسعار الكهرباء في إجراءاتها الرامية لضبط موازنتها الوطنية؛ وهو ما تعوّل عليه في الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، وفق صحيفة نيكي إيجا (Nikkei Asia).
وما تزال الضغوط الواقعة على الشبكة الوطنية تتنامى؛ فخلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو/حزيران (2024)، كان هناك تخفيف أحمال بواقع 12 ساعة في مناطق عدّة بمدينة لاهور شرق باكستان نتيجة عيوب في خطوط نقل الكهرباء؛ ما يقلّص قدرة الأشخاص على استعمال المراوح الكهربائية أو أجهزة التكييف الهوائي.
يأتي هذا في الوقت الذي لامست فيه درجات الحرارة 46 درجة مئوية في المدينة البالغ عدد سكانها أكثر من 11 مليون نسمة.
ووسط تلك الظروف المعيشية المتردية، برزت الطاقة الشمسية على الأسطح في باكستان الخيار الأول للكثير من الأسر والأفراد لتوليد الكهرباء.
وقال بائع الألواح الشمسية في لاهور شاه زاد قريشي، إنه يشهد زيادة موسعة في مبيعات الألواح الشمسية رخيصة التكلفة؛ والمستورَد معظمها من الصين.
وأضاف قريشي: "هناك زيادة بأكثر من 50% في مبيعات الألواح الشمسية هذا الصيف".
ويصل سعر اللوحة الشمسية إلى 90 دولارًا في المتوسط، وهي تختلف من حيث الحجم والسعة.
بداية الأزمة
يعود تاريخ أزمة قطاع الطاقة الباكستاني إلى عام 1994 حينما قدّمت الحكومة صفقات مربِحة إلى المستثمرين الأجانب لتأسيس محطات كهرباء، مع سعي البلد البالغ تعداد سكانه -آنذاك- 130 مليون شخص لتحقيق نمو اقتصادي.
وحصل هؤلاء المشغّلون، الذين أطلِق عليهم اسم "منتجي الطاقة المستقلين"، على عائد مضمون على الاستثمار مرتبط بالدولار الأميركي، إضافةً إلى رسوم السعة الثابتة -رسوم تغطي خدمة ديونهم وغيرها من التكاليف الثابتة- بغضّ النظر إذا كانت محطات الطاقة تعمل أم لا.
ونتيجة لهذا، تدفع باكستان مبالغ باهظة لمنتجي الطاقة المستقلين سنويًا؛ ففي السنة المالية 2023، بلغت مدفوعات الحكومة لمنتجي الطاقة المستقلين 4.7 مليار دولار فقط، مقابل مدفوعات الطاقة الإنتاجية.
ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم 9 مليار دولار في السنة المالية 2024 بسبب مجموعة من العوامل، وأهمها انخفاض الطلب على الكهرباء، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويؤدي سداد رسوم الطاقة إلى زيادة تكاليف إنتاج الكهرباء بالنسبة للحكومة؛ ما يُترجَم إلى زيادة فواتير الكهرباء بالنسبة للمستهلكين؛ الأمر الذي يرهق موازنات شرائح كبيرة من المجتمع الباكستاني المترنِح اقتصاديًا.
تحفيز الطاقة الشمسية على الأسطح في باكستان
سعت الحكومة في البداية إلى تحفيز تجارة الطاقة الشمسية على الأسطح في باكستان؛ ففي عام 2017، بدأت إسلام آباد تطبيق نظام "القياس الصافي"، الذي يمكّن الأشخاص من بيع الفائض في كمية الكهرباء المُنتَجة من الألواح الشمسية إلى الشبكة الوطنية.
وأعرب 88% من المواطنين عن رضاهم عن الكفاءة الوظيفية لألواح الطاقة الشمسية المركبة على أسطح منازلهم، بحسب نتائج استطلاع رأي أجراه مركز غالوب الأميركي.
وتتمتع الطاقة الشمسية في باكستان بوجود فرص نمو مستقبلية مقارنةً بمساهمتها الحالية التي لا تُذكَر في مزيج الطاقة الوطني.
وبدءًا من يونيو/حزيران (2023)، لامست سعة الطاقة الشمسية المركبة في باكستان 630 ميغاواط، ما يعادل 1.4% من سعة الطاقة المركبة بوجه عام.
ووفق تقرير حالة الصناعة لعام 2023 الصادر عن هيئة تنظيم الطاقة الكهربائية الوطنية، لم يكن هناك سوى 56 ألف وصلة تعمل بنظام القياس الصافي، ما يمثّل 0.15% فقط من مستهلكي الكهرباء في البلاد.
مخاوف حكومية
يرى الخبراء أن الطاقة الشمسية على الأسطح في باكستان أصبحت صداعًا يؤرّق الحكومة التي تخشي أن يؤدي اتّساع انتشارها إلى فقدان العملاء الذين يدفعون الأموال نظير الحصول على الكهرباء من الشبكة الوطنية.
وتخشى الحكومة أن تفقد الاستثمارات المتنامية في الشبكة الوطنية وأنظمة توليد الكهرباء؛ لأنه إذا حلّت الطاقة الشمسية محل جزء من الشبكة؛ فإنها ستوجّه ضربةَ اقتصاديةً موجعةً لن تستطيع إسلام آباد التعامل معها في ظل الأوضاع الاقتصادية البائسة.
في المقابل، يُنظَر إلى الطاقة الشمسية على أنها تقدّم مسارًا لباكستان للخروج من أزمات الطاقة العميقة التي تحاصرها في الوقت الراهن، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال الخبير في تغير المناخ والتنمية الاجتماعية أفتاب علم: "احتلّت باكستان المرتبة 26 بمؤشر جاذبية الدول في مجال الطاقة المتجددة الذي أعدّته شركة إيرنست آند يانغ"، وذلك في تصريحات أدلى بها إلى نيكي آيجا.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة الشمسية.. باكستان تلجأ إلى الممرات المائية لحل أزمة "أسعار الأراضي"
- باكستان تتوسع في المشروعات الكهرومائية لمضاعفة إنتاج الكهرباء
- باكستان تعتزم تنفيذ مشروع لتوليد الكهرباء من النفايات الصلبة
اقرأ أيضًا..
- إيني الإيطالية ترهن استكمال برنامج الحفر في مصر بإنهاء أزمة المستحقات
- سوق الطاقة الشمسية في أفريقيا تتهيّأ لغزو صيني.. وأميركا خارج الحسابات
- أول مشروع طاقة رياح في العراق تفوز به شركة إماراتية (خاص)