طاقة نوويةتقارير الطاقة النوويةرئيسية

فرنسا تلغي خطة لتصميم المفاعلات المعيارية الصغيرة

أسماء السعداوي

أعلنت شركة "إي دي إف"، المسؤولة عن قطاع الطاقة النووية في فرنسا (EDF)، إلغاء خطة لتطوير تصميم جديد من المفاعلات المعيارية الصغيرة، رغم العمل عليها خلال السنوات الأربع الماضية.

وفي المقابل، ستلجأ الشركة المملوكة للدولة بالكامل إلى تعديل الخطة لاستعمال التقنيات الموجودة في السوق لتصميم تلك المفاعلات بدلًا من تطوير ابتكارها الخاص، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

جاءت الخطوة المفاجئة بسبب صعوبات هندسية، وتجاوز التكاليف للحدود المقررة، والمخاوف بشأن التأخيرات التي كانت لتصيب أحدث محطات الطاقة النووية الضخمة.

ولم تكشف "إي دي إف" عن حجم تأثير القرار في الميزانية، أو ما إذا كان القرار سيؤدي إلى تأخير طرح المفاعلات المعيارية الصغيرة الجديدة التي قيل إنها ستكون جاهزة في السوق بالعقد المقبل.

المفاعلات المعيارية الصغيرة في فرنسا

تتميز المفاعلات المعيارية الصغيرة والمتوسطة بكونها ذات حجم أصغر وأرخص وأسرع في التنفيذ، مقارنة بنظيرتها التقليدية ذات الحجم الكامل التي يستغرق بناؤها عقودًا كاملة.

وكان الهدف الأساسي للمفاعلات الصغيرة هو إحلالها بدلًا من محطات توليد الكهرباء الملوثة، وتوفير الإمدادات للمواقع الصناعية والمناطق النائية.

وكشف مسؤول في شركة "نوارد" (Nuward)، المسؤولة عن تصميم المفاعلات المعيارية الصغيرة والتابعة لـ"إي دي إف"، عن أن القرار جاء بعد محادثات مع العملاء المحتملين، ومنهم شركة فاتنفول السويدية (Vattenfall)، وفورتوم الفنلندية (Fortum)، و"شيز" (ČEZ).

وبحثت الشركة الفرنسية مع العملاء الاستثمارات في المحطات النووية من الجيل الثالث والمفاعلات المعيارية الصغيرة التي لم تصل إلى مرحلة البناء بعد.

مفاعل معياري صغير من إنتاج شركة ويستنغهاوس الأميركية
مفاعل معياري صغير من إنتاج شركة ويستنغهاوس الأميركية - الصورة من موقعها الرسمي

ويخشى المشترون المحتملون من تضخم التكاليف المقررة وتأخر مواعيد التسليم، كما أن لديهم رغبة أكبر في الاستثمار بمنتجات تستند إلى تقنيات مُثبتة، لضمان أن التكلفة المستوية الكهرباء المنتجة من المفاعلات المعيارية الصغيرة والمتوسطة ستتراوح بين 70 و100 يورو للميغاواط/ساعة.

ويُقصد بالتكلفة المستوية للكهرباء (يُطلق عليها -أيضًا- المعيارية أو النموذجية أو الموحدة) تكاليف العُمْر التشغيلي لتوليد الكهرباء مقسومة على كمية الكهرباء المُوَلَّدة.

الخطوات المقبلة

بعد إلغاء التصميم الخاص بالشركة، نقلت صحيفة (L'Informé) الفرنسية عن مسؤولين قولهم إن "إي دي إف" ستستعين بشركات أخرى لاستعمال تقنيات أبسط وجاهزة، في محاولة لتجنب التأخيرات والتكاليف الزائدة.

وقال مسؤول في شركة نوارد التي تلقت إعانات حكومية لأغراض التطوير، إن الخطة الجديدة بشأن اختيار تصميم المفاعلات المعيارية الصغيرة ستخرج إلى النور في غضون عدة أشهر، وفق تقرير لوكالة رويترز.

وتقول "إي دي إف"، إن شركة نوارد وصلت إلى مرحلة التصميم الأساسية، وفيها تمكنت الفرق الهندسية من دراسة النموذج الكامل للمحطة بصورة أكثر تفصيلًا.

وستتضمّن عملية إعادة التوجيه تطوير تصميم يُبنى خصيصًا من تقنيات مثبتة، ما سيهيئ ظروفًا أفضل للنجاح عبر تيسير الجدوى التقنية.

أزمة التكاليف

بناء على التطورات الأخيرة، من المتوقع إنتاج أول مفاعل معياري صغير في فرنسا بحلول العقد المقبل على أقرب تقدير، رغم أن فرنسا في حاجة ماسة إلى المفاعلات لتحل بدلًا من محطات الكهرباء المتقادمة.

وبسبب التكاليف، من المتوقع أن تنخفض حصة الطاقة النووية في فرنسا داخل مزيج الطاقة في وقت تركز فيه على الطاقة الشمسية والرياح البحرية على نطاق أوسع وأكبر.

وسبق أن تعرضت شركة "إي دي إف" إلى مشكلات مماثلة عندما أعلنت في عام 2004 مشروع فلامانفيل النووي بميزانية قدرها 3 مليارات يورو (3.2 مليار دولار) مع تحديد عام 2012 موعدًا أقصى للتسليم، وإلى الآن لم يدخل المشروع قيد التشغيل وارتفعت تكاليفه بنحو 4 أضعاف إلى نحو 13.2 مليار يورو (14.17 مليار دولار).

*(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا)

وفي بريطانيا، تطور "إي دي إف" محطة هينكلي بوينت سي ووعدت بأن تدخل حيز الخدمة في 2017 بتكلفة 9 مليارات جنيه إسترليني (11.4 مليار دولار)، إلا أن الموعد تأجل حتى عام 2031، وارتفعت تكاليفه إلى 48 مليار إسترليني، بحسب تقرير لمنصة "رينيو إيكونومي" (reneweconomy) الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

*(الجنيه الإسترليني = 1.27 دولارًا أميركيًا)

الطاقة النووية في فرنسا

تستهدف فرنسا خفض حصة الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة إلى 40% في 2035، وتعوّل على بناء محطات الطاقة النووية لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات وصولًا إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وفي العام الماضي (2023)، كانت فرنسا صاحبة أكبر زيادة عالميًا في توليد الكهرباء من الطاقة النووية بإضافات وصلت إلى 41 تيراواط/ساعة، يليها اليابان والصين.

وحلّت فرنسا في المركز الثالث بين قائمة أكبر 10 دول توليدًا للكهرباء من الطاقة النووية في 2030 بعد الولايات المتحدة والصين، كما يوضح الرسم البياني التالي الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة:

أكبر الدول المنتجة للكهرباء من الطاقة النووية

وبلغ إجمالي إنتاج الكهرباء من مصادر نووية في فرنسا خلال العام المنصرم 336 تيراواط/ساعة، وفق بيانات مركز إمبر لأبحاث الطاقة النظيفة.

ويعود السبب في زيادات توليد الطاقة النووية في فرنسا إلى توافر المفاعلات مقارنة بالعدد في العام السابق (2022).

وأسهمت فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة والصين بـ58% من إجمالي التوليد العالمي للكهرباء من الطاقة النووية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق