التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة "غامض" حفاظًا على سمعة الشركات

هبة مصطفى

تُجري الهيئات المعنية أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة وسط حالة من التكتم الشديد، بعد أن وقعت هذه الهيئات في حيرة من أمرها بين نشطاء المناخ من جهة، والشركات من جهة أخرى.

وكانت هيئة مراقبة السلوك المالي -المعروفة اختصارًا باسم "إف سي إيه" FCA- قد طرحت نهاية شهر مايو/أيّار 2024 تشريعات ولوائح منظمة لعملية مكافحة الغسل الأخضر، صُنِّفت بأنها ضمن الأكثر شمولًا على الصعيد العالمي.

وطبقًا لمعلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يضغط نشطاء المناخ باتجاه ملاحقة الشركات المخالفة للالتزامات الخضراء، والأهداف المناخية المتفق عليها ضمن مسار الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات.

وتسعى الهيئة إلى متابعة سير عمل هذه الشركات وتقييم مدى التزامها أو مخالفتها هذه اللوائح، دون الإضرار بسمعة الشركات ووضعها في السوق دعمًا للاقتصاد، وهو ما طبّقته خلال أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة.

تحقيق "غامض"

تباشر هيئة السلوك المعنية بالرقابة المالية أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة مع شركة لم تفصح عنها، دون تفسير واضح لحالة الغموض التي تكتنف اسم الشركة وطبيعة الاتهامات.

وجاءت هذه الخطوة في ظل سجال ساخن بين نشطاء المناخ المطالبين بإعلان اسم الشركة التي تخضع للتحقيق بتهمة "الغسل الأخضر"، وفق تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

ومقابل مساعي نشطاء البيئة والمناخ، أطلق رجال أعمال وقانونيون حملة للتحذير من تداعيات الإضرار بسمعة الشركات، خاصة أن التحقيق يمكن أن ينتهي بعدم توجيه أيّ اتهامات لها.

احتجاج بيئي سابق ضد شركة شل
احتجاج بيئي سابق ضد شركة شل - الصورة من Times Series

ويستند داعمو وجهة نظر حماية سمعة الشركات إلى تقدير شركة لينكلاترز (Linklaters) لنتائج التحقيقات التي تُجريها هيئة مراقبة السلوك المالي، إذ خلصت الشركة المعنية بالأعمال القانونية إلى أن "ثلثي" تحقيقات الهيئة لم يترتب عليهما إجراءات.

وقبيل إزاحة الستار عن أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة، أعلنت الهيئة تشريعاتها بشأن الغسل الأخضر الشهر الماضي، وإثر ذلك دعا قانونيو المملكة الشركات ذات الصلة إلى إجراء مراجعة لالتزاماتها الخضراء عبر منصات مخصصة لذلك، منعًا لمخالفة القوانين.

لماذا الإفصاح؟

أثار إعلان أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة الجدل نظرًا لضبابية المعلومات المحيطة به؛ ما دفع العديد للتساؤل حول أسباب إفصاح هيئة مراقبة السلوك المالي عنه من الأساس.

ويمكن تفسير ذلك بالرجوع إلى مقاضاة المنظمة غير الربحية كلاينت إيرث (Client Earth) حكومة المملكة عام 2022، ومطالبة هيئة السلوك المالي بحرّية تداول المعلومات فيما يتعلق بالمواقف المناخية.

ودفع ذلك الهيئة لتأكيد أنها بدأت تحقيقًا تنفيذيًا مع شركة (لم تُسمِّها) في قضية ذات صلة بمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية للشركة، مع إسناد هذه المهمة لنحو 7 موظفين لمباشرة هذا التحقيق بصورة كاملة.

وأكدت الهيئة أنها تحفظت على الإفصاح عن اسم الشركة، تجنبًا للإضرار بسير التحقيق أو وضع الشركة في الأسواق المالية، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

بدورها، أكدت المحامية في منظمة كلاينت إيرث "ميغان كلاي" أن أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة يعدّ تقدمًا في أداء الهيئة المالية، لكنها شددت في الوقت ذاته على أنه يُنتظر المزيد منها بوصفها هيئة رقابية.

مواطنان يرفعان لافتة حملة جاست ستوب أويل المناهضة للوقود الأحفوري
مواطنان يرفعان لافتة حملة جاست ستوب أويل المناهضة للوقود الأحفوري - الصورة من The Telegraph

ممارسات بريطانية

حتى الآن، يظل أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة قاصرًا على شركة تواجه اتهامات بالغسل الأخضر، لكن الغريب في الأمر أنه جاء بالتزامن مع تقلبات عنيفة في سياسات المملكة البيئية التي تترقب بشغف نتائج الانتخابات المرتقبة شهر يوليو/تموز المقبل.

وواجهت سياسة الحياد الكربوني في المملكة انتقادات عدّة خلال السنوات القليلة الفائتة، منذ الجدل الذي أثارته حكومة ليز تروس بالعودة إلى التكسير المائي (الهيدروليكي) لاستخراج الغاز الصخري.

وقبل سنوات من بدء أول تحقيق مناخي في المملكة المتحدة، طالما لاحق نشطاء المناخ شركات طاقة كبرى في بريطانيا مثل شل (Shell)، ودافعوا عن سياسات مقيدة لتطوير النفط والغاز في بحر الشمال، بفرض ضريبة مفاجئة على أرباح هذه الشركات.

ولم تفلح توسعات تطوير الرياح البحرية في تخفيف حدّة الانتقادات البيئية لإقبال شركات الطاقة على المزيد من خطط الحفر والاستكشاف في بحر الشمال.

وزاد من حدة الانتقادات إلغاء الحكومة لمشروع مدينة الهيدروجين وإرجاء التقرير بشأنه إلى ما بعد عام 2026، لحين إكمال دراسة جدوى دور الهيدروجين في خفض انبعاثات التدفئة المنزلية، وفق قرار صادر شهر مايو/أيّار الماضي.

حتى خطط السيارات الكهربائية لم تسلم من الانتقادات، إذ سحبت الحكومة دعمها لعملية الشراء تدريجيًا، ما رفع التكلفة التي يتحملها المستهلك، في ظل عدم توافر نقاط شحن بالقدر الكافي، مما عمّق العزوف عن شرائها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق