الحياد الكربوني يكلف شبكة الكهرباء في بريطانيا 147 مليار دولار
أسماء السعداوي
حذّر مختصون من أن هدف تحقيق الهدف الحياد الكربوني لشبكة الكهرباء في بريطانيا مكلفٌ جدًا، فضلًا عن أنه يواجه عقبات، سواء وفق مستهدفات 2030 أو 2035؛ ما يستلزم تدخلات لتعديل السياسات وحل مشكلات التوريد والمهارات.
ويُقصد بالحياد الكربوني تحقيق التوازن بين إطلاق وإزالة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بهدف حصر ارتفاع حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية كما تنص اتفاقية باريس للمناخ.
ومع اقتراب عقد الانتخابات العامة، ظهرت مقارنة بين تكلفة خطة حزب المحافظين الحاكم وحزب العمال المنافس فيما يتعلق بإزالة الكربون من مصادر التوليد والتوسع في بناء المرافق لاستيعاب الزيادة بالإنتاج.
وبحسب خطة العمال التي تستهدف الوصول إلى 100% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول 2030، ثمة حاجة إلى قرابة 116 مليار جنيه إسترليني (147.7 مليار دولار) من الاستثمارات العامة والخاصة.
في حين إن مقترح "المحافظين" الذي يستهدف الوصول إلى الهدف نفسه بحلول 2035، يتطلب 104.6 مليار جنيه إسترليني (133.1 مليار دولار).
(الجنيه الإسترليني= 1.27 دولارًا أميركيًا).
الحياد الكربوني 2030/2035
يقول تقرير لمركز أبحاث "بوليسي إكستشينغ" (Policy Exchange)، إن خطة المحافظين التي تتطلب 104.6 مليار إسترليني على مدار 11 عامًا، ستكون مقسّمة بين 8.2 مليار سنويًا حتى 2030، ثم 11.1 مليار سنويًا بين 2031 و2035.
في المقابل، كشف تحليل لشركة أوروا لاستشارات وأبحاث الطاقة (Aurora) أن خطة حزب العمال التي ستتطلب أكثر من 116 مليار إسترليني على مدار الأعوام الـ11 المقبلة، ستكلّف الحكومة 15.6 مليار إسترليني سنويًا حتى 2030، ثم 4.4 مليار سنويًا بين 2031 و2035.
تُقارَن تلك المبالغ بالاستثمارات الحالية التي بلغت 23 مليار إسترليني فقط من القطاعين العام والخاص في عام 2022، بحسب تقرير لصحيفة "ستاندرد" البريطانية (standard).
وحتى إذا توافرت تلك المبالغ، لفت المحللون إلى أن القيود على سلاسل التوريد ونقص العمالة الماهرة والوقت المطلوب للتنفيذ تجعل تحقيق هدف 2035 "غير ممكن".
خطة "العمال"
تعهَّد حزب العمال بتحقيق الحياد الكربوني لشبكة الكهرباء في بريطانيا قبل الموعد الحالي بـ5 سنوات في 2030، وهو وعد أخضر طموح لاقى تحذيرات متشائمة بأن يؤول مصيره إلى الفشل.
وردًا على سؤال بشأن احتمالات نجاح المقترح، قال مدير استخبارات السوق في مجلس صناعات الطاقة نيل غولينج: "بصراحة لا، بالتأكيد ليس بالوتيرة الحالية للتطورات".
ووصف رئيس الاتحاد العام للنقابات غاري سميث المقترح بـ"المستحيل"، كما قال وزير الطاقة السابق وعضو البرلمان عن حزب المحافظين كريس سكيدمور: "شخصيًا، لا أعتقد أن المقترح قابل للتحقيق".
وتوصَّل تقرير "بوليسي إكستشينغ" الصادر في 2023 إلى أن هدف العمال بإزالة الكربون من الشبكة بحلول 2030 مختلف تمامًا عن خطة الحكومة الحالية.
وبسبب ضيق الإطار الزمني، سيكون من الصعب دخول محطات الطاقة النووية حيز الخدمة، وستكون هناك حاجة إلى ملايين الأطنان من الصلب لإقامة أبراج الكهرباء.
كما من المحتمل ألّا تكون تقنيات احتجار الكربون جاهزة في هذا الوقت، وهو ما يستلزم "دفعة كبرى" لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة إلى مستويات "غير واقعية" في غضون 4 سنوات فقط.
وتقول "أورورا"، إن الإصلاح الشامل السريع والمتداخل للغاية سيتطلب تحولًا في السياسات والخطط والاستثمارات، وهو أمر "غير قابل للتحقيق في الإطار الزمني (2030)" ومن المحتمل ألّا يلقى دعمًا من سلاسل التوريد القائمة ومهارات القوى العاملة.
بدوره، قال السكرتير الاقتصادي بوزارة الخزانة بيم أفولامي، إن خطة العمال تتطلب مليارات الجنيهات الإضافية سنويًا، وهو ما يعني فرض ضرائب أعلى وفواتير طاقة أكبر.
وبحسب "أوروا"، فالسياسة الحالية لن تؤدي إلى تحقيق الحياد الكربوني لشبكة الكهرباء في بريطانيا قبل عام 2051، لكن هدف 2035 غير مستحيل، شرط القيام بتدخلات جديدة حاسمة.
وبالنسبة لهدف 2030، فمن المحتمل ألّا يكون قابلًا للتحقيق بسبب ضيق الوقت اللازم لتحقيق التحول الضخم.
تحديات شبكة الكهرباء في بريطانيا
حذّرت لجنة التدقيق البيئي التابعة لمجلس العموم البريطاني من أن الكثير من مشروعات الطاقة المخطط لها تواجه عراقيل عديدة، منها: بطء الربط بشبكة الكهرباء، ومحدودية قدراتها، ولوائح التخطيط غير المناسبة، والشكوك بالسوق.
وبحسب تقرير اللجنة، فالطلب على الاتصال بالشبكة مرتفع ويزيد إنتاج المشروعات المرتقبة بأكثر من ضعف كمية الكهرباء المطلوبة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2035، حسب تقرير لمنصة "كلايمت أكشن" (climateaction) رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأوصت اللجنة الحكومة ومكتب أسواق الغاز والكهرباء في بريطانيا (Ofgem) بالمراقبة النشطة وتسهيل مبادرات الربط بالشبكة بصورة أسرع.
وعلى نحو خاص، يتعين على المكتب مراجعة إصلاحات قائمة الانتظار التي تركّز على دفع المشروعات الجاهزة إلى مقدمة القائمة.
ويرى معدّو التقرير أن منظومة التخطيط ربما تكون عقبة أمام انتشار البنية الأساسية للطاقة النظيفة؛ لأن السلطات المحلية عادةً ما تفتقر إلى الموارد والخبرات لتسريع المشروعات.
ولذلك، دعوا الحكومة إلى وضع خطة لتوفير الموظفين والخبرات المطلوبين للوصول سريعًا إلى قرارات التخطيط عند التعامل مع السكان المحليين.
وفي السياق ذاته، طالب التقرير بإزالة العقبات أمام تخزين الكهرباء طويل الأمد بصورة عاجلة، سواء عبر الاستثمار مباشرة في البنى الأساسية أو إصلاح آليات السياسة القائمة.
كما دعا الحكومة لنشر إستراتيجية تخزين الكهرباء بحدّ أقصى في عام 2025 المقبل، لتحديد المستهدفات قصيرة وطويلة الأمد اللازمة للوصول إلى الحياد الكربوني.
موضوعات متعلقة..
- حوادث الرياح البحرية في بريطانيا أعلى 4 مرات من النفط والغاز (دراسة)
- مشروع محطة نووية في بريطانيا يدخل النفق المظلم بسبب 25 مليار دولار
- رولز رويس تضرب الأحلام النووية لبريطانيا وتجمد مشروع مفاعلات
اقرأ أيضًا..
- التوازن بين الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري معادلة صعبة.. كيف تحققها السعودية؟
- صادرات النفط العراقي في أبريل تنخفض 11 ألف برميل يوميًا
- اكتشاف هيدروجين طبيعي جديد.. ودولة أفريقية ما زالت في المقدمة