"لن يصبح الغاز المسال في الفلبين حلًا لأزمة الطاقة، بقدر ما سيكون مصدر تهديد للبيئة المحيطة بمواقع المحطات، وصحة المواطنين، إضافة إلى أنه علاج مرتفع التكلفة، خاصةً في ضوء اقتراب موعد نضوب حقل الغاز الوحيد في البلاد".. هكذا يرى تقرير تحليلي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح التقرير الذي نشره موقع "إنرجي تراكر آسيا" المتخصص، بعنوان "الغاز المسال في الفلبين هو مشكلة أكثر منه علاج"، أن الدولة الآسيوية تخطط لأن تصبح مدينة "باتانغاز" مقرًا لعدد من المشروعات، ما يعني مرور السفن على طول الساحل، وتأثّر الأحياء المائية والبيئة البرية سلبًا.
وتخطط الفلبين لاستيراد الغاز المسال، وزيادة الاعتماد على هذا الوقود الأحفوري الانتقالي نحو تحقيق تحول الطاقة، واستقبلت أول شحنة من الخارج قبل عدّة أشهر.
جزيرة فيردي
أشار التقرير التحليلي لأوضاع الغاز المسال في الفلبين إلى أن نشاط هذا القطاع بالقرب من جزيرة "فيردي" يهدد المجتمعات المحلية المحيطة والأنظمة البيئية والشعاب المرجانية في غرب المحيط الهادئ، التي تضاهي تلك الموجودة في منطقة الأمازون.
وأضاف أنه مع ارتفاع تركيز هذا النشاط بالقرب من الجزيرة، فإن هذا يهدد سبل عيش مليوني مواطن يقطنون المنطقة، خاصة أن حكومة البلاد لم تعلنها محمية طبيعية.
وتقع مدينة "باتانغاز" في قلب الجزيرة، وهي موقع لـ 5 محطات توليد كهرباء تعمل بالغاز، ما يعرّض نظامها البيئي الهش أصلًا إلى مخاطر هائلة، خاصةً مع التوسعات المرتقبة، التي تضم تدشين محطتي كهرباء تعملان بالغاز جديدتين، و5 محطات غاز مسال.
وقالت المحامية ومديرة السياسات في منظمة "أوشينا فيليبينز" ليزا أوسوريو، إن أنشطة الغاز المسال في الفلبين تهدد جودة المياه في مواقع العمل.
وأضافت: "هناك آثار حاليًا لأنشطة الغاز المسال التي لم تستكمل منشآتها بعد، وهما محطتان تحت الإنشاء، فما بالنا مع وجود عدد أكبر من المحطات المستهدف تدشينها في المنطقة ذاتها؟.. ستنتج كارثة بشرية بالتأكيد، وهي قد تؤثّر في أنشطة الصيد لعدد من الأجيال القادمة".
وسنّت الفلبين عدّة تشريعات لحماية البيئة، إلّا أن تطبيق هذه التشريعات وآلية عملها يثير القلق، وفق المحامية التي عملت في قضايا عديدة لها علاقة بحماية البيئة، كما شاركت في حملات لحماية جزيرة فيردي.
نضوب الحقل الوحيد
انخفض الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة الفلبيني إلى 6% في 2022، مقارنةً بنسبة 22% عام 2020، وكانت حصة الفحم في العام الماضي 30.2%، والطاقة المتجددة 35.5%، والنفط 28.3%.
وتعاني الفلبين من أزمة طاقة حادة، في وقت يقترب به حقل "مالامبايا" للغاز الطبيعي على النضوب خلال العام المقبل (2024)، وهو المصدر الوحيد في البلاد للإنتاج المحلي، ويزوّد جزيرة لوزون، وهي الأكبر في البلاد والأعلى كثافة سكانية، بأكثر من ربع احتياجاتها من الطاقة.
ويبرز الغاز المسال في الفلبين بوصفه حلًا لأزمة الطاقة، ومساعدًا على خفض الانبعاثات بنسبة 75% بحلول 2030 وفق المستهدف، لذلك تخطط الحكومة لاستيراده، وبدأت تدشين المرافق اللازمة لذلك.
ووفق معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، فإن استيراد الغاز المسال قد يلبي طموحات الفلبين في زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي، غير أن إنفاق 90 مليون دولار أميركي لشراء أول شحنتين من الغاز المسال يوضح التكلفة المرتفعة لفاتورة هذا الخيار، وفق المعهد.
ولدى الفلبين محطتان فقط للغاز المسال حاليًا، إلّا أن أضرارهما البيئية أثارت المعارضة في البلاد، وخلال عام 2022 قدمت مجموعة ناشطين من المدافعين عن البيئة في جزيرة فيردي شكوى ضد مطوّري المحطتين.
وزادت حدة المعارضة ودعوات حماية الجزيرة، بعد تسرب نفطي في المنطقة خلال فبراير/شباط الماضي، جراء مرور ناقلة نفط في البحر وانتشارها، وصولًا للجزيرة.
ولا تؤذي أنشطة الغاز المسال في الفلبين البيئة المحيطة فقط، بل امتدت إلى صحة المواطنين. وبدأت وزارة الصحة تحقيقًا بسبب شكاوى زيادة المشكلات التنفسية والقلب والأوعية الدموية في المنطقة.
وتعالت أصوات مجموعات مناخية بسبب القلق من الحالات الصحية في 5 مقاطعات، واعتلال 4 آلاف شخص في هذه المناطق بأمراض تنفسية.
ويرى التقرير التحليلي أن الطاقة المتجددة هي الخيار الأنسب في الفلبين، إذ تخطط لزيادتها في مزيج الطاقة إلى 50% بحلول 2040.
موضوعات متعلقة..
- إطلاق أكبر محطة لبطاريات تخزين الكهرباء في الفلبين
-
مشروعات الغاز المسال في الفلبين تواجه خطر الإلغاء مع أزمة الطاقة العالمية
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الوقود من الطحالب الخضراء يبشر بمستقبل طاقة مستدام (مقال)
-
خبير إيراني: تجربة السعودية والإمارات نحو الهيدروجين تثير الإعجاب