طاقة نوويةتقارير الطاقة النوويةتقارير الغازتقارير النفطسلايدر الرئيسيةعام على حرب أوكرانياغازنفط

سفير موسكو في القاهرة: التخلي عن النفط والغاز الروسيين لم يكن في صالح الأوروبيين (حوار)

داليا الهمشري

أكد السفير الروسي في مصر جيورجي بوريسينكو أن تخلّي الدول الغربية بأمر من واشنطن عن موارد النفط والغاز الروسيين الرخيصة، وإلغاء الصفقات المُبرمة، لم يكن في صالح الأوروبيين، إذ تسبَّب في زيادة الأسعار، كما أجبرتهم العقوبات على شراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي رغم ارتفاع سعره.

وأوضح بوريسينكو -خلال حوار أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة- أن موسكو أدت منذ الستينيات من القرن الـ20 -وما تزال تؤدي- دورًا محوريًا في توريد النفط والغاز، ولم تستغل أبدًا أدوات الضغط الاقتصادية لتحقيق الأغراض السياسية مثل الولايات المتحدة.

كما سلّط الضوء على الاهتمام الذي يوليه الجانب الروسي لدعم العلاقات مع مصر من خلال الدور الذي تؤديه الشركات الضخمة، مثل "لوك أويل" و"روسنفط"، في مجال استخراج النفط والغاز.

وشدد على تطلّع موسكو لأن تصبح المحطة النووية في الضبعة مثلًا ساطعًا جديدًا للتعاون الثنائي متبادل المنفعة، مؤكدًا إنجاز الأعمال قبل الجدول الزمني المحدد لها.

وتحدّث السفير الروسي في القاهرة، جيورجي بوريسينكو، خلال حوار له مع منصة الطاقة، عن أزمة سوق الطاقة بعد عام على حرب روسيا وأوكرانيا، وأوجه التعاون بين الجانبين الروسي والمصري في قطاعات الطاقة المختلفة.. وإلى نصّ الحوار:

كيف تؤثر عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في روسيا والعالم بأجمعه في ظل أزمتي الغذاء والطاقة؟

كانت العقوبات الأوروبية والأميركية أحادية الجانب تسعى إلى "الحرب الخاطفة الاقتصادية" ضد بلدنا، وفي الوقت نفسه، شنّ الغرب حملة صحفية عدوانية ضد روسيا ليلقي عليها اللوم في زعزعة استقرار أسواق الطاقة والمواد الغذائية في العالم.

إلّا أن العقوبات الغربية غير الشرعية بالذات هي التي أسفرت عن مزيد من تدهور الوضع الاقتصاد العالمي بعد تضرره من جائحة فيروس كورونا.

وتُعرّض أعمال واشنطن وبروكسل وحلفائها في عام 2023 أكثر من 345 مليون نسمة لمشكلة نقص الأغذية، وأكثر من 900 ألف نسمة لمواجهة المجاعة.

كما أسفرت الزيادة الهائلة في أسعار الهيدروكربونات عن التوجه إلى ضرورة الاقتصاد باستهلاكها في عدّة مناطق، في حين يواصل الغرب عرقلة تصدير المنتجات الزراعية وموارد الطاقة من النفط والغاز الروسيين، ويزيد عن قصد من معاناة الناس.

بجانب أن الغرب يقف عقبة أمام مساعدتنا الإنسانية لأفريقيا، فعلى سبيل المثال، هناك 300 ألف طن من الأسمدة عالقة في المواني الأوروبية كانت في طريقها إلى البلدان الأفريقية بالمجان، إلّا أنها توقفت منذ فرض العقوبات.

وعلى الرغم من أن الغرب كان قد وعد الأفريقيين بتوريد الحبوب من أوكرانيا، فإن هذه الإمدادات قد توجهت إلى أوروبا لدفع ثمن الأسلحة، ومن ثم لإطعام الخنازير.

بينما يبذل الغرب قصارى جهده لإعاقة توريدات الحبوب الروسية، على الرغم من أن الـ60 مليون طن من القمح المخصص للتصدير هذا العام ستكون كافية لجميع المشترين.

كما حظرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قصد سفن شركات الشحن الغربية التي نقلت سابقًا أغلبية الحبوب من زيارة المواني الروسية، وحرمت وصول الأسطول التجاري الروسي إلى المواني الاوروبية.

وفي الوقت نفسه، طلبت أميركا وأوروبا من شركات التأمين الغربية التي تؤدي دورًا قياديًا في سوق خدمات التأمين الدولية بإيقاف تأمين شحناتنا.

وفي آخر المطاف، استبعد الغرب البنوك الروسية التي توفر المعاملات للمنتجات الزراعية من نظام سويفت، وبدأ تجميد المعاملات المختلفة في الدولارات واليورو.

ما الذي أسفرت عنه هذه الخطوة؟

أسفرت عن تعقيد اللوجستيات، ونشوب الهلع طويل الأمد في سوق الحبوب، وازدياد هائل في أسعار استئجار السفن، وكل ذلك كان نتيجة مباشرة لسياسة الغرب.

وماذا عن سوق الطاقة على وجه الخصوص؟

فيما يتعلق بالوضع في سوق الطاقة، فمنذ الستينيات من القرن الـ20، أدت روسيا -وما زالت تؤدي- دورًا محوريًا في توريد الهيدروكربونات، ولم تستغل أبدًا أدوات الضغط الاقتصادية لتحقيق الأغراض السياسية، مثل الولايات المتحدة.

كما أن تخلّي الدول الغربية بأمر من واشنطن عن موارد النفط والغاز الروسيين الرخيصة، وإلغاء الصفقات المُبرمة، لم يكن في صالح الأوروبيين، إذ تسبَّب في زيادة الأسعار، كما أجبرتهم العقوبات على شراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي رغم ارتفاع سعره.

كيف تتغلب روسيا على العواقب السلبية للعقوبات الغربية؟

إن روسيا تتكيف بنجاح مع الضغط الغربي، وتُظهر عدم جدوى -وعدم فعالية- المراهنة على تدمير اقتصادها، وأثبتت فعالية إستراتيجية تنويع الروابط التجارية وإحلال الواردات بفضل تنشيط الإنتاج الداخلي.

كما يتطور التعاون بشكل نشط مع بلدان رابطة الدول المستقلة، إذ زادت معدلات التبادل التجاري معها منذ بداية عام 2023 عن 100 مليار دولار.

السفير الروسي في القاهرة جيورجي بوريسينكو يتحدث عن أزمة النفط والغاز الروسيين
السفير الروسي في القاهرة جيورجي بوريسينكو

ما الدول التي تتعاون مع روسيا بصورة نشطة في الوقت الحالي؟

تشهد روسيا -حاليًا- تعزيز التعاون مع دول آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

على سبيل المثال، تمثّل علاقات روسيا مع الصين والهند شراكة إستراتيجية، ولا تقتصر فقط على إمدادات النفط والغاز الروسيين، ويظهر ذلك بصورة واضحة في زيادة معدلات التبادل التجاري الروسي الصيني التي زادت في المدة ما بين 2013 و2023 لأكثر من 100%، وبلغت 190 مليار دولار.

بالإضافة إلى تنفيذ المشروعات المشتركة الضخمة في مجال الطاقة، مثل بناء محطة تيانوان الصينية للطاقة النووية ومحطة كودانكولام الهندية النووية بشركتنا الحكومية "روساتوم".

إن روسيا تسعى إلى تعميق وتقوية التعاون في إطار نماذج التعامل متعددة الأطراف، مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، إذ تؤدي خطوات الغرب الأنانية والعدوانية إلى زيادة الاهتمام بهذه المنظمات، بما في ذلك من جانب البلدان العربية.

ما هي المشروعات التي تخطط روسيا لتنفيذها في البلدان العربية بمجالات الطاقة؟

يُعدّ التطوير المستدام وخلق التعاون مع بلدان العالم الإسلامي والعربي إحدى الأولويات الأساسية طبقًا للمفهوم الجديد للسياسة الخارجية الروسية عام 2023.

وبلا شك، تُعدّ مصر من أهم شركائنا في المنطقة، ونشهد -حاليًا- تطوير العلاقات التجارية الاستثمارية الثنائية بشكل نشط، وبلغ حجم التبادل التجاري بنهاية عام 2022 نحو 6.1 مليار دولار.

وتُقدّر معدلات الصادرات الروسية بنحو 5.3 مليار دولار، والواردات بنحو 0.8 مليارات، وتعمل في مصر 470 شركة روسية، وتتجاوز استثماراتها الرأسمالية 8 مليارات دولار.

وتؤدي الشركات الضخمة، مثل "لوك أويل" و"روسنفط"، دورًا بارزًا في مجال استخراج النفط والغاز، كما يوجد مصنع بالقرب من القاهرة لتجميع السيارات الروسية من طراز "لادا".

وعلى الرغم من العقوبات الغربية، نفّذت شركة "ترانس ماش هولدينغ" التزاماتها في إطار الصفقة بشأن توريد 1300 عربة لهيئة السكة الحديدية المصرية، وشحنت جميع عربات الركاب المصنوعة في بلدنا، وستُورّد باقي العربات من جانب شركائنا الهنغاريين.

ويستمر تحقيق المشروعات المشتركة المحورية، مثل بناء المحطة النووية المصرية الأولى في الضبعة، وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في منطقة قناة السويس.

وخلال شهري يوليو/تموز ونوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، أُعلن صبّ "الخرسانة الأولى" في أساس المفاعلين النوويين للمحطة النووية.

وفي مايو/أيار، يُتوقع صبّ الخرسانة في أساس المفاعل الثالث، وفي أساس المفاعل الرابع بحلول موسم الخريف، وتجدر الإشارة إلى أن الأعمال تُنجَز قبل الجدول الزمني المحدد.

ما أهمية افتتاح فرع الجامعة الوطنية للبحوث النووية الروسية في مصر؟

تتمتع الجامعة الوطنية للبحوث النووية الروسية بخبرة واسعة في مجال التعاون الدولي، فعلى سبيل المثال، في عام 2022 افتُتح فرعها في قازاخستان، وقبل ذلك في أوزبكستان.

ومن ثم، فإن افتتاح المركز الدراسي في مصر هو مواصلة منطقية لتعاوننا مع الجانب المصري في المجال التعليمي والعلمي.

ومنذ عام 2021، تتمتع مصر بعضوية كاملة في المعهد المشترك للبحوث النووية، ويعمل علماؤنا فيه جنبًا إلى جنب، كما نظّمت جامعة تومسك البوليتكنيكية والجامعة المصرية الروسية البرنامج المشترك لتدريب الطلاب المصريين في تخطيط المحطات النووية واستغلالها.

إن روسيا مهتمة بأن تصبح المحطة النووية في الضبعة مثلًا ساطعًا جديدًا للتعاون الثنائي متبادل المنفعة.

بالإضافة إلى ذلك، يُظهر افتتاح فرع الجامعة الوطنية للبحوث النووية الروسية الذي سيوفر إعداد الخبراء للعمل في هذه المحطة أننا مستعدون، ليس لتحقيق المشروعات المشتركة فقط، بل لمشاركة معارفنا.

ونتطلع إلى أن تستغل الأجيال العديدة من الخبراء المصريين في الطاقة النووية مشروعنا المشترك من أجل ازدهار مصر ورفاهيتها، في إطار الحفاظ على تقاليد الصداقة القديمة بين شعبينا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق