التقاريرتقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

طاقة الرياح البحرية في بحر الشمال تؤسس لمرحلة جديدة من "كهربة" أوروبا

ودعم مشروعات أوروبية بتقنيات عائمة

هبة مصطفى

تأتي طاقة الرياح البحرية على رأس أولويات القارة الأوروبية مؤخرًا، ولا سيما في ظل التخطيط للتخلص التدريجي من الاعتماد المفرط -سابقًا- على موارد الطاقة الروسية.

ويلتقي ممثلو عدد من دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى المملكة المتحدة، اليوم الإثنين 24 أبريل/نيسان 2023؛ لبحث سبل تطوير مشروعات الرياح البحرية، بما يلائم الأهداف المستقبلية لدول القارة العجوز؛ إذ يُنظر إليها بوصفها مصدرًا نظيفًا يلبي متطلبات أمن الطاقة، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويُعَد اللقاء -الذي يضم ممثلي 9 دول أوروبية ورئيسة المفوضية الأوروبية في مدينة أوستند البلجيكية- أكبر القمم السياسية حول موارد الطاقة في بحر الشمال؛ إذ تبحث الدول المشاركة تحول المنطقة لتصبح أكبر مركز للكهرباء المتجددة، بحسب ما نشرته هيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي "ويند يوروب" على موقعها الإلكتروني.

ومن الدول المشاركة: بلجيكا، الدنمارك، ألمانيا، فرنسا، أيرلندا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، بالإضافة إلى المملكة المتحدة.

ويمهد ممثلو الدول إلى لقاء ما يزيد على 10 آلاف مشارك ومهتم بالصناعة، خلال المدة من 25 أبريل/نيسان حتى 27 أبريل/نيسان الجاري، في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن.

بحر الشمال

يُشير تركيز أكبر قمة سياسية لمناقشة شؤون الطاقة في بحر الشمال على خطط طاقة الرياح البحرية، إلى سعي الحكومات الأوروبية لإفساح مساحة أكبر لموارد الطاقة المتجددة؛ كونها بديلًا للإمدادات الروسية.

طاقة الرياح البحرية
توربينات عائمة - الصورة من investing

ويسمح هذا الاتجاه بزيادة سعة طاقة الرياح من جهة، وتطوير الشبكات المستقبلية من جهة أخرى.

وتمتاز مزارع الرياح البحرية بتوافر نقاط ربط بالشاطئ؛ ما يُتيح لها تزويد الكهرباء المتجددة إلى نقاط برية.

ويمكن الاستفادة -أيضًا- من مزارع الرياح الهجينة لتزويد الأسواق بالكهرباء؛ إذ تفتح الشبكة المترابطة المجال أمام زيادة كفاءة التوزيع وتطوير أمن الإمدادات، وكذا خفض تكلفة طاقة الرياح البحرية.

وبدورها، رحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بانعقاد قمة بحر الشمال لدعم صناعة الرياح البحرية، مشيرة إلى أن نتائج القمة ستخلص إلى تضاعف الأهداف الإنتاجية للصناعة مقارنة بالعام الماضي، حسبما أوضحت في تغريدة بموقع التدوينات القصيرة "تويتر".

وأضافت "دير لاين" أن هذا الطموح يعزز أهداف الحياد المناخي، متعهّدة بدعم المفوضية الأوروبية للتوسع في استعمال مصادر الطاقة المتجددة وإصلاح سوق الكهرباء، وسط محاولات تأمين إمدادات المواد الخام الرئيسة.

وقال رئيس منظمة ويند يوروب، الرئيس التنفيذي لشركة "آر دبليو إي" المعنية بصناعة الرياح البحرية سفين أوتيرموهلين، إن طاقة الرياح تشكّل أهمية كبرى لدول القارة الأوروبية في الآونة الحالية.

وأشار أوتيرموهلين إلى أن القمة المنعقدة بشأن بحر الشمال تعزز أمن الطاقة الأوروبي، عبر دعم تطورات الرياح البحرية في المنطقة.

وأوضح أن تطوير الصناعة يتطلب زيادة سلاسل الإمداد ودعم هذه الزيادة سياسيًا وصناعيًا، عبر طرح مناقصات تتفق مع هذه الأهداف.

متطلبات التطور

يحتاج تطور طاقة الرياح البحرية وإجراء توسعات لها في بحر الشمال إلى متطلبات عدة؛ من بينها:

1) دعم تشريعي:

شهدت صناعة الرياح البحرية تطورًا مهمًا في الآونة الأخيرة مع مقترح قانون "الحياد الكربوني الصناعي"، الذي يدعم حزمة سياسات تتبنّاها المملكة المتحدة لتعزيز أمن الطاقة وتوفير استثمارات الحياد الكربوني، من بينها خطة "باورينغ أب بريطانيا".

2) سلاسل القيمة:

مع عدم كفاية التشريعات والسياسات المطروحة لدعم الصناعة، وعجزها عن تلبية الطموحات الأوروبية للصناعة بالتمويل المناسب، أصبح الحل الأمثل يتمثل في توسعة سلسلة القيمة.

ويقارن الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- بين سعة طاقة الرياح البرية والبحرية لمناطق عدة -من بينها أوروبا- خلال عامي 2021 و2022:

سعة طاقة الرياح البرية والبحرية حسب المنطقة

ويتيعن على أوروبا تطوير السعة المنتجة -حاليًا- عبر توربينات طاقة الرياح البحرية، المقدرة بنحو 7 غيغاواط سنويًا.

ولتلبية الطموحات المطروحة في قمة أوستند ينبغي أن ترفع أوروبا قدرتها التصنيعية إلى 20 غيغاواط سنويًا، بداية من النصف الثاني من العقد الجاري (2025-2030).

ويتطلب ذلك مساعي حثيثة للتغلب على ضغوط الصناعة، ولا سيما فيما يتعلق بتوافر سفن التركيب وخطوط الربط ومحطات الكهرباء الفرعية.

3) استثمارات إضافية:

بالتوازي مع الاتفاق على سياسات تطوير والتغلب على معوقات سلاسل التوريد، يمكن التوسع في طاقة الرياح البحرية عبر توفير استثمارات جديدة للمرافق (من شبكات وموانٍ).

وبصورة محددة، يمكن القول إن 9 مليارات يورو (9.92 مليار دولار) تعد استثمارات مطلوبة لتطوير وتوسعة البنية التحتية للمواني، بجانب حاجة القارة العجوز إلى مضاعفة استثماراتها السنوية.

(1 يورو = 1.10 دولارًا أميركيًا)

4) آليات التمويل:

سبق أن اتفقت دول أوروبية على آليات تمويل توسعات طاقة الرياح البحرية، عبر طرح مناقصات وإعادة ضبط السياسات الصناعية وإنشاء سوق للكهرباء.

وتأتي هذه الخطوات في محاولة لتحويل مسار الصناعة العام الجاري (2023) من الكبوة التي أصابتها العام الماضي بعدم إعلان قرار الاستثمار النهائي لأي من مزارع الصناعة.

5) المهارات والتوظيف:

لا يمكن أن تغفل الدول الأوروبية أصحاب المهارات ومعدل التوظيف الملائم لطموحات زيادة سعة الرياح البحرية؛ إذ لا تغرد العوامل السابقة في سرب منفصل؛ فتصنيع شفرات التوربينات وأعمال النقل والتشغيل يتطلب توظيف مهارات محددة.

وقد تستوعب الصناعة في أوروبا 250 ألف وظيفة بحلول عام 2030، ارتفاعًا من 80 ألف وظيفة -حاليًا-.

التقنيات العائمة

اكتسب تعزيز صناعة الرياح البحرية بتقنيات عائمة زخمًا واسعًا، وبعد أن شهد العام الماضي (2022) زيادة مناقصات التقنيات العائمة، يتوقع محللون أن يشكل العقد المقبل نموًا هائلًا للصناعة وتقنياتها.

وبالنظر إلى زيادة العمق المائي لنحو 80% من مشروعات طاقة الرياح البحرية العالمية، فإن استعمال التوربينات العائمة قد يكون منفذًا للبلدان التي تعاني المساحات البرية الصغيرة.

وتولد التوربينات البحرية العائمة كهرباء بمعدل أكبر من نظيرتها المثبتة في قاع البحر؛ إذ تنتعش الأولى في ظل قوة الرياح واستمرارها، بحسب تقرير نشرته رويترز.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم الاستثمارات المخصصة لطاقة الرياح لدى دول أوروبية عدة خلال العام الماضي 2022:

استثمارات طاقة الرياح في أوروبا حسب الدولة

ويتجنب هذا النوع من التقنيات الانتقادات البيئية الموجهة للصناعة البحرية، رغم أن السعة العائمة قيد التشغيل عالميًا لا تتجاوز 120 ميغاواط، وهو معدل ينخفض كثيرًا عن طموح بلوغها 48 غيغاواط.

وأُطلقت مناقصات جديدة في النرويج مع توقعات بزيادتها العام الجاري (2023)، لكن مشروع "هايوايند تامبن" -الذي تطوره شركة إكوينور قبالة السواحل النرويجية بسعة 88 ميغاواط- يظل محتفظًا بلقب أكبر المشروعات العائمة.

وتتطلع بريطانيا إلى تثبيت سعة الرياح العائمة بنحو 5 غيغاواط بحلول عام 2030، غير أن هناك توقعات أكثر تفاؤلًا؛ إذ تطمح إلى تركيب 34 غيغاواط بحلول عام 2040 لكنها رهنت هذه الخطوة بتطوير المواني.

مناقصات مرتقبة

فيما يلي نستعرض أبرز المناقصات المتوقعة خلال العام الجاري (2023) لتطوير طاقة الرياح البحرية لدى بعض الدول الأوروبية، ومن ضمنها مشروعات قائمة على تقنيات التوربينات العائمة، وفق ما رصدته رويترز.

  • بريطانيا:

منحت بريطانيا 13 فائزًا عقود إيجار في قاع البحر بسعة تتجاوز 5 غيغاواط، في مارس/آذار الماضي؛ ما يُشَكِّل خطوة مهمة للشركات المطورة لمشروعات إنتاج الكهرباء النظيفة اللازمة لتشغيل حقول النفط والغاز في بحر الشمال.

كما تستعد بريطانيا لمنح تراخيص إضافية لسعة تقارب 4 غيغاواط في البحر الكلتي، لمشروعات تعتمد على تقنيات الرياح العائمة.

  • فرنسا:

تخطط فرنسا لطرح مناقصات تراخيص لتطوير طاقة الرياح البحرية في قاع البحر، بجانب اتفاقيات شراء للكهرباء المنتجة بنحو 250 ميغاواط، قبالة سواحل بريتاني.

  • إيطاليا:

يرجح أن تطرح إيطاليا -خلال العام الجاري (2023) أو المقبل (2024)- مناقصة لتطوير سعة 1 غيغاواط من الرياح البحرية، المدعومة بتقنيات التوربينات العائمة.

  • النرويج:

في إطار سعيها لمواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء، طرحت النرويج أولى مناقصاتها لمزرعة تدعم صناعة طاقة الرياح البحرية الأوروبية، تتضمن منطقة محددة للتقنيات العائمة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق