التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

تكلفة خفض الانبعاثات الحالية أقل من التداعيات المناخية مستقبلًا (دراسة)

هبة مصطفى

اكتسبت المطالبات بخفض الانبعاثات ومكافحة التغير المناخي -بما يدعم تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ- زخمًا واسعًا الآونة الماضية، غير أن تكلفة الإنفاق على هذا التحول أثارت مخاوف عدد لا بأس به من الاقتصاديين.

ويبدو أن عرقلة إنجاز الأهداف المناخية تحسبًا لتكلفتها الاقتصادية ستواجه مقاومة أشد ضراوة، لا سيما أن عددًا من المهتمين بشؤون المناخ والاقتصاد أكدوا أن هذه التكلفة قد تتضاعف مستقبلًا في إطار تداعيات الكوارث المناخية، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وخرجت مطالبات حديثة تشير إلى أن مواصلة العمل المناخي تعدّ أفضل مسار لدعم النمو الاقتصادي للبلدان، خاصة مع التركيز على هدف التخلص من الكربون، وفق نتائج دراسة أعدّتها مجموعة من علماء المناخ والاقتصاديين، ونُشرت نتائجها بموقع رينيو إيكونومي (Renew Economy) الأسترالي.

تكلفة التحول

لطالما حذّر محللون من وقوف تكلفة انتقال الطاقة بوتيرة سريعة وراء فرض المزيد من الضغوط على الاقتصاد، فيما عدّه مهتمون بالشأن البيئي "مبررًا" لتباطؤ سبل خفض الانبعاثات والتخلص من الكربون.

خفض الانبعاثات
انبعاثات وأدخنة ملوثة تنطلق من مرافق صناعية - الصورة من WEF

ومؤخرًا ظهر اتجاه معاكس، إذ خرج اقتصاديون يؤكدون أن تقديرات تكلفة مكافحة التغير المناخي ليست ضخمة وفق ما طُرح مسبقًا، بجانب أنها -حتى إن كانت مرتفعة- فإنها ما زالت أقلّ من التكاليف طويلة الأجل لتجاهل هذه المسارات.

وأقرّ 3 من مُعدِّي الدراسة بأن أفضل مسارات الاقتصاد العالمي تتلخص في خفض الانبعاثات والتخلص من الكربون، وتلبية أهداف اتفاقية باريس للمناخ المعلنة منذ عام 2015.

وتتوافق نتائج هذه الدراسة مع نتائج لدراسات وتحليلات سابقة، إذ تشير إلى أن اتفاقية باريس تحمل نتائج تعزز النمو الاقتصادي، بينما انحاز جانب أقلّ من الدراسات إلى أنّ تحمّل التكلفة المناخية لاستمرار حالة الاحترار العالمي ذو جدوى اقتصادية أكبر.

واستندت الدراسة إلى نتائج التقييم السادس الصادر عن اللجنة الدولة للتغيرات المناخية العام الماضي (2022)، والتي نوقشت خلالها تكلفة خفض الانبعاثات والأضرار المترتبة على الاحتباس الحراري.

التغير المناخي وخفض الانبعاثات

يعدّ خفض الانبعاثات والتخلص من الكربون أولى الأدوات التي يتعين البدء الفوري بها في إطار مكافحة التغير المناخي، بحسب ما أكده المؤلف المشارك في الدراسة "غيرنوت واغنر".

وقال واغنر: "رغم أهمية هذه الخطوة، فإنها تتطلب تطبيق سياسات مناخية تلائم أسعار الكربون المتفق عليها عالميًا"، موضحًا أنها تدور في نطاق 250 دولارًا/طن.

وتوقّع تراجع تسعير الكربون عالميًا إلى نطاق أقلّ من 40 دولارًا/طن، بحلول نهاية القرن الجاري (2100).

وشبّه واغنر الاستثمار في خفض الانبعاثات والتخلص من الكربون في الآونة الحالية، وما يجلبه من منافع تقليص المخاطر المستقبلية، بأنه قريب الصلة من الاستثمار في السندات -ذات العائد المنخفض لكنها آمنة- بدلًا من الاستثمار في أسهم تفتح باب المخاطرة.

وأوضح أن الاندفاع نحو التخلص من الكربون حاليًا وتحمّل التكلفة الاقتصادية لذلك، يُجنب العالم مخاطر قد تمتد لأجل طويل، وتعود بكوارث مناخية محتملة.

عوامل مؤثرة

تطرقت الدراسة إلى أن التباطؤ المتّبع حاليًا في مكافحة التغير المناخي، وإرخاء الأيدي فيما يتعلق بخفض الانبعاثات والتخلص من الكربون، قد يمنع إهدار الأموال.

وفي الوقت ذاته، وجّهت رسالة إلى الحكومات مفادها أن "أيّ وفورات ستُجمَع الآن لن تكون كافية للإنفاق على حجم الأضرار التي ستخلّفها الكوارث المناخية".

وأوضح المعنيون بشؤون المناخ في دراستهم أن إحراز المزيد من التقدم سيجد مجالًا بالتوازي مع نشر التقنيات الحديثة، مؤكدين أن اتّساع دائرة انتشارها يعمل على خفض تكلفتها، وبالتبعية تقليص تكلفة مكافحة تغير المناخ وخفض الانبعاثات والتخلص من الكربون.

ودلّل العلماء على حجم الانتشار واسع النطاق لعدد من التقنيات، من بينها (الألواح الشمسية، وتوربينات طاقة الرياح، وبطاريات الليثيوم أيون)، والذي دفع نحو خفض تكلفتها مقارنة بالأعوام السابقة.

ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- ملامح مسار مواجهة تغير المناخ، وأبرز السياسات التي يمكن اتّباعها للاقتصادات المختلفة:

تغير المناخ

جرس إنذار

ذكرت الدراسة أنه ينبغي وضع حجم المخاطر التي قد يتكبدها الاقتصاد العالمي بسبب الكوارث المناخية نصب الأعين بصورة دائمة، إذ ربما تكون المخاوف من التأثير في نمو الاقتصاد دافعًا نحو إعادة النظر في تضخيم التكلفة الاقتصادية لمسارات التغير المناخي الحالية.

وشددت الدراسة على أنّ تجنُّب الاقتصادات للأضرار المستقبلية -باتّباعها المسارات المقترحة لمكافحة التغير المناخي- قد يهبط بالتكلفة المقدّرة، وفق مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي بنحو عشرات التريليونات من الدولارات.

توصّل مُعِدّو الدراسة إلى أن أفضل مسارات نمو الاقتصاد العالمي هو الانحياز إلى سياسات مناخية صارمة، تركّز على مكافحة التغير المناخي عبر خفض الانبعاثات والتخلص من الكربون، في محاولة للسيطرة على معدلات التلوث والاحتباس الحراري إلى 90% أقلّ من مستوياتها الحالية.

وأطلقت الدراسة تحذيرًا من التباطؤ في إنجاز الأهداف المناخية، لا سيما فيما يتعلق بارتفاع درجات الحرارة، موضحةً أن تداعيات التباطؤ لا يمكن التخلص منها مستقبلًا.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق