التقاريرتقارير الغازتقارير النفطسلايدر الرئيسيةغازنفط

تمويلات الوقود الأحفوري تتراجع في 2022.. وهذه مخاطر نقص الاستثمارات

هبة مصطفى

ترتبط تمويلات الوقود الأحفوري بعلاقة طردية مع معدلات الاستثمار في قطاعات الصناعة، وسجّل حجم التمويل تراجعًا خلال العام الماضي (2022)، رغم ما حققته كبريات الشركات من أرباح مدعومة بقفزة أسعار الطاقة.

وأثارت هذه الخطوة التساؤلات حول إذا ما كان تقديم المصارف والمؤسسات تمويلًا منخفضًا للصناعة خلال العام الماضي -أقل المستويات منذ عام 2016- تغيرًا في السياسات، أم جاء مدفوعًا بعوامل أخرى، بحسب تحليل لنتائج "التقرير السنوي رقم 14 للأعمال المصرفية والفوضى المناخية" نشرته منصة أرغوس ميديا (Argus Media) المعنية بشؤون الطاقة نقلًا عن منظمات غير حكومية.

ويخشى مسؤولون بشركات الطاقة لدى كبار الدول المنتجة من تأثير نقص الاستثمارات في القدرة على تلبية الطلب، وذهب بعضهم إلى توقع قفزة في أسعار النفط واضطراب صناعة الغاز المسال حتى عام 2027، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

تمويلات 2022

بلغ حجم تمويلات الوقود الأحفوري، خلال العام الماضي (2022)، نحو 673 مليار دولار، انخفاضًا من تمويلات العام السابق له (2021) المقدرة بنحو 742 مليار دولار.

تمويلات الوقود الأحفوري
معدات بحرية للتنقيب عن النفط والغاز - الصورة من MetraWeather

ورغم التراجع الإجمالي؛ فقد دفعت مخاوف أمن الطاقة التي سيطرت على الأسواق العالمية العام الماضي (2022) نحو تسجيل تمويل كبريات شركات الغاز المسال 22.7 مليار دولار، بعدما كان في نطاق 15.2 مليار دولار.

واقتربت نسبة الزيادة في تمويل مشروعات الغاز المسال، خلال العام الماضي، من 50%، وتصدر قائمة ممولي الصناعة "بنك ميزوهو الياباني"؛ إذ قدم يد العون لمشروع "فينشر غلوبال" الأميركي وشركة "جيرا" اليابانية.

واقتنص بنك "رويال بنك أوف كندا" لقب أكبر مصدر عالمي لتمويلات الوقود الأحفوري عام 2022؛ حيث قدّم وحده تمويلات تصل إلى 42.1 مليار دولار، بينما بلغ حجم تمويلات بنك "جي بي مورغان" الأميركي ما يصل إجماليه إلى 434.1 مليار دولار خلال المدة من عام 2016 حتى العام الماضي.

انحيازات التمويل

كان بنك "بي إن بي" الفرنسي على قمة مصارف تمويلات الوقود الأحفوري الأوروبية خلال عام 2022، إذ بلغ حجم تمويلاته 20.8 مليار دولار.

وسيطرت مؤسسة "ميتسوبيشي يو إف جيه" المالية اليابانية على صدارة تمويلات الصناعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بحجم تمويلات بلغ 29.5 مليار دولار.

وتباينت موافقات المصارف الـ60 الكبرى على تمويلات الوقود الأحفوري للمشروعات في 2022، إذ انصبّ تركيزهم على تمويل محطات استيراد الغاز المسال في أوروبا وآسيا، بينما تعثر تمويل محطات التصدير في أميركا الشمالية وقطر وأفريقيا وأستراليا.

وقدّمت البنوك الأميركية حصة تمويلية نسبتها 28% خلال العام الماضي (2022)، بما ينخفض عن حصتها في العام السابق له (2021) بنحو 33%.

ومقابل ذلك، رفعت المصارف التمويلية في كندا واليابان وفرنسا تمويلاتها عن مستويات عام (2021).

السياسات أم الأرباح؟

استبعد تقرير تحليل نتائج أعمال أكبر 60 بنكًا على المستوى العالمي؛ كون تراجع تمويلات الوقود الأحفوري اتجاهًا يعكس تغيرًا في السياسات؛ إذ أكد أن ما جنته شركات النفط والغاز من أرباح إثر ارتفاع أسعار الطاقة انعكس على مستويات الاقتراض وأسهم في خفض التمويلات.

وأسهم في إصدار تحليل أعمال المصارف منظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، بقيادة شبكة "رينفوريست أكشن" الأميركية و"أويل تشينج إنترناشيونال"، وبمشاركة 625 منظمة أخرى.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور حجم الدعم السنوي للوقود الأحفوري من عام 2012 حتى العام الماضي (2022):

دعم الوقود الأحفوري عالميًا

وقالت المنظمات، في تقريرها، إن هناك حالة منخفضة من الثقة حول ما إذا كان خفض تمويلات الوقود الأحفوري سيعد اتجاهًا طويل الأمد، وفسرت ذلك بأن تراجع تمويل 2022 يُعَد استثناءً لا يمكن القياس عليه أو التوقع باستمراره؛ نظرًا إلى إنعاش أرباح النفط والغاز خزائن الشركات.

ودللت على ما توصلت إليه بعدم لجوء كبريات شركات النفط والغاز إلى الاقتراض خلال العام الماضي (2022)، بينما شرعت هذه الشركات في إعلان نتائج مالية قوية في ختام العام.

تراجع الاستثمارات.. ناقوس خطر

يبدو أن تراجع تمويلات الوقود الأحفوري يؤدي إلى تراجع الاستثمارات، ولا سيما فيما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما، ومن شأن هذا دفع الأسواق العالمية نحو مواجهة نقص الإمدادات وارتفاع في مستويات أسعار الطاقة.

وتُشير التوقعات إلى استمرار تداعيات نقص الاستثمارات بالتأثير في المعروض وأسعاره لمدة قد تتراوح بين 3 و4 سنوات إضافية، لحين الانتهاء من المشروعات قيد التنفيذ في الآونة الحالية وتهيئتها للدخول في حيز التشغيل.

  • استثمارات النفط:

حذر معنيون بقطاع النفط في أسواق مختلفة بالعالم من تداعيات نقص الاستثمارات وتراجع تمويلات الوقود الأحفوري على سوق الإمدادات.

وأبدى الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف الصباح، قلقه من "محدودية" السعة الفائضة العالمية للنفط التي خلّفها نقص الاستثمارات خلال السنوات الـ7 الماضية.

وكشف عن هذه التداعيات بالأرقام؛ إذ أوضح أن حجم الاكتشافات الحالية يقدر بنحو ملياري برميل سنويًا، انخفاضًا من 6 مليارات برميل سنويًا كان يجري اكتشافها قبل بدء تراجع استثمارات وتمويلات الوقود الأحفوري.

وأشار الصباح إلى أن الاستثمارات الجديدة -حاليًا- تتركز غالبيتها في الشرق الأوسط ومنتجي منظمة أوبك، مثل الكويت والسعودية والإمارات.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم الاستثمارات المطلوبة لاستكشافات النفط والغاز حتى عام 2030:

الاستثمارات المطلوبة في قطاع النفط والغاز

وفي الوقت ذاته، أوضح الشيخ نواف الصباح أن استثمارات الشرق الأوسط -وإن كانت تحتل الجانب الأكبر من الاستثمارات العالمية الجديدة لتطوير الخام- قد تستغرق سنوات لإتمام خططها التوسعية، بحسب تصريحاته على هامش انعقاد "قمة كولومبيا العالمية للطاقة" في 12 أبريل/نيسان 2023.

وقدر الرئيس التنفيذي لشركة بايونير ناتشورال ريسورسز "سكوت شيفيلد"، حجم نقص استثمارات قطاع المنبع "التنقيب والاستكشاف" -منذ عام 2015- بنحو تريليون دولار.

وفجّر شيفيلد مفاجأة بتوقعه ارتفاع أسعار خام برنت إلى 100 دولار للبرميل قبل نهاية 2023، مشيرًا إلى أن محدودية السعة الفائضة حتى عام 2025 كانت متوقعة قبيل تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على الأسواق.

  • استثمارات الغاز:

لم يقتصر القلق من تراجع تمويلات الوقود الأحفوري واستثماراته على قطاع النفط فقط، بل امتد إلى قطاع الغاز -أيضًا- وربما بمستويات أشد ضراوة.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة "تيلوريان" الأميركية المعنية بأعمال الغاز المسال شريف سوكي، أن السعة الإضافية قد تحتاج إلى سنوات للظهور على السطح، مشيرًا إلى أن الخطوط الإنتاجية الجديدة ضمن مشروعات التوسعة في حقل الشمال القطري ستدخل حيز العمل خلال الأعوام من 2026 حتى 2028.

ومن شأن هذه التوسعة تعزيز صادرات البلاد من الغاز المسال إلى 126 مليون طن سنويًا، ارتفاعًا من 77 مليون طن سنويًا -حاليًا- بحسب أرغوس ميديا.

وأوضح سوكي أن الغاز الأميركي يسير على النهج ذاته؛ إذ من المتوقع أن تؤتي الخطط الاستثمارية ثمارها خلال المدة من 2025 حتى 2027، بإضافة 40 مليون طن سنويًا إلى السعة التصديرية.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق