نفطالتقاريرتقارير النفطرئيسية

لماذا تدعم مصافي التكرير الآسيوية قرار أوبك+ بخفض الإنتاج؟

المخزونات كلمة السر في مخاوف المصافي

رجب عز الدين

أبدت مصافي التكرير الآسيوية ارتياحًا شديدًا لقرار تحالف أوبك+ الأخير بخفض الإنتاج بصورة مفاجئة بداية من مايو/أيار المقبل، و حتى نهاية عام 2023.

ويصبّ قرار أوبك+ في صالح المصافي الآسيوية التي لا تفضّل انخفاض أسعار النفط الخام بصورة مفاجئة خشية التأثير في عائداتها من بيع المشتقات المكررة، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال المتخصصة (S&P global platts)

واتخذت عدّة دول في تحالف أوبك +، 2 أبريل/نيسان 2023، قرارًا بخفض إنتاجها للنفط بصورة طوعية بمعدل 1.6 مليون برميل يوميًا، بدءًا من شهر مايو/أيار المقبل، وحتى نهاية عام 2023؛ ما يصبّ في مصلحة مصافي التكرير الآسيوية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تفاصيل قرار أوبك+

مصافي التكرير الآسيوية
وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان - الصورة من رويترز

أعلنت المملكة العربية السعودية خفض إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، كما أعلنت الإمارات خفضًا بمقدار 144 ألف برميل يوميًا، بداية من مايو/أيار المقبل، وحتى نهاية 2023.

وصرّحت روسيا، إحدى دول تحالف أوبك+، بتمديد خفض إنتاجها من النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميًا حتى نهاية 2023، تماشيًا مع قرار أوبك+.

وسيخفض العراق إنتاجه بواقع 211 ألف برميل يوميًا، بينما ستخفض الكويت إنتاجها بمقدار 128 ألف برميل يوميًا، أمّا عمان فستخفض إنتاجها بمقدار 40 ألف برميل يوميًا.

كما أعلنت قازاخستان خفض إنتاجها بمقدار 78 ألف برميل يوميًا، بينما أعلنت الجزائر خفض إنتاجها بمقدار 48 ألف برميل، أمّا الغابون فكانت أقلّ الملتزمين بخفض الإنتاج بمقدار 8 آلاف برميل يوميًا.

الانخفاض يضر المصافي

أحدث قرار أوبك+ صدمة في الأسواق العالمية التي لم تكن تتوقع خفض الإنتاج بصورة إضافية خاصة، وأن أعضاء أوبك خفضوا الإنتاج بالفعل بمقدار مليوني برميل يوميًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

ومن المتوقع أن تسهم هذه التخفيضات المفاجئة في زيادة أسعار النفط العالمية حتى نهاية 2023 على الأقلّ؛ ما يصبّ في مصلحة الدول المصدرة أساسًا

وتشتبك مصلحة مصافي التكرير الآسيوية مع مصالح تحالف أوبك+ بصورة كبيرة تجعلها لا تحبّذ أي انخفاض حادّ أو سريع في أسعار النفط العالمية.

وغالبًا ما تحتفظ مصافي التكرير الآسيوية بمخزونات ضخمة من النفط الخام، ما يعني أن أيّ انخفاض سريع في أسعار النفط يعود عليها بالضرر بصورة خسائر كبيرة في تكرير المخزون وبيعه بالأسعار الجديدة.

وتستفيد المصافي من الحالة العكسية، التي تزيد فيها أسعار النفط بصورة فجائية عن أسعار المخزون المتعاقد عليه منذ أشهر؛ ما يحقق لها عوائد أعلى من تكرير المخزونات وبيعها بالأسعار الأحدث.

مخاوف من ضعف الطلب

على الجانب الآخر، تخشى شركات تسويق المشتقات النفطية في آسيا من ارتفاع أسعار النفط فوق 90 دولارًا للبرميل؛ ما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب الإقليمي نتيجة ضعف ثقة المستهلك الذي يعاني معدلات تضخم مرتفعة منذ الحرب الأوكرانية.

ويشترك في هذا التخوف عدّة شركات رائدة في تجارة الوقود على مستوى آسيا، من بينها، إس كيه إنوفاشين، وبي تي تي، وكوسمو أويل، و سي بي سي تايوان، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتخشى مصافي التكرير الآسيوية- في حالة انخفاض أسعار النفط- من اضطرارها إلى بيع المنتجات المكررة بأسعار أقلّ بكثير مما دفعته في شراء الخامات المخزّنة خلال الأشهر الماضية.

وتفضل المصافي هبوط الأسعار بصورة تدريجية يسهل معها التحوط من التكاليف المستقبلية وحماية مخزونات النفط من التعرض لخسائر كبيرة ومفاجئة.

وتضمن شركات التكرير في هذه الحالة هوامش ربحية معقولة من تصدير المنتجات المكررة، لا سيما المبيعات الفورية الشهرية، إضافة إلى المبيعات الآجلة، وفقًا لمدير التسويق في إحدى مصافي التكرير اليابانية.

المصافي المصدرة حساسة

مصافي التكرير الآسيوية
مصفاة تكرير آسيوية - الصورة من بلومبرغ

يسود اعتقاد شائع بين عموم الناس أن مصافي التكرير تفضل الأسعار المنخفضة للنفط حتى تتمكن من بيع البنزين والديزل والمشتقات النفطية بأسعار أرخص.

على العكس من ذلك، تتحسب مصافي التكرير في كوريا الجنوبية من انخفاض أسعار المنتجات النفطية؛ لاعتمادها على التصدير للخارج بصورة كبيرة.

لهذا السبب، تخشى هذه المصافي من هبوط أسعار النفط الخام بمقدار 10 دولارات للبرميل في غضون أيام أو أسابيع قليلة؛ ما جعلها تؤيد قرار أوبك+ بخفض الإنتاج لإسهامه في ارتفاع أسعار النفط.

على الجانب الآخر يفضّل المستهلكون انخفاض أسعار النفط الخام لانعكاسها بصورة مباشرة على أسعار الوقود المتحكمة في تكاليف النقل والشحن وأسعار السلع والمنتجات الغذائية ومستلزمات الحياة اليومية وخلافه.

ضعف القدرة الشرائية

يعاني المستهلكون في آسيا من ارتفاع معدلات التضخم في بلدانهم بصورة قياسية منذ الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير/شباط 2022، للعام الثاني على التوالي.

كما يعاني أغلب الاقتصادات الآسيوية من ضعف العملات المحلية مقابل الدولار؛ ما يعني أن ارتفاع أسعار النفط سيزيد من أعباء التضخم، وسيؤدي إلى إضعاف القوة الشرائية للمستهلكين بصورة إضافية، قد توثّر في الطلب الإقليمي الكلي على النفط.

وتتوقع رابطة النفط الكورية -مقرّها سول- لجوء الأسر الآسيوية إلى خفض انفاقها الاستهلاكي بصورة كبيرة، مع زيادة أسعار النفط فوق 90 دولارًا للبرميل؛ ما سيزيد الضغوط على قطاع النقل ومبيعات الوقود إلى القطاعات الصناعية.

السياحة متضررة في تايلاند

يمكن لتداعيات أسعار النفط أن توثّر في حركة السياحة في تايلاند التي شهدت انتعاشًا تدريجيًا في قطاع السياحة خلال العام الماضي، لكنها لم تصل بعد إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا.

وتعتمد حركة السياحة في تايلاند على رحلات الشباب والعائلات ذات الدخل المتوسط في الاقتصادات الآسيوية المتقدمة، مثل كوريا الجنوبية واليابان وهونغ كونغ وسنغافورة.

ويخشى مراقبون من ضعف رغبة السياح الآسيويين إلى السفر لتايلاند، إذا ارتفعت أسعار النفط فوق 90 دولارًا، وأدت إلى ارتفاع معدلات التضخم، وإضعاف القدرة الشرائية بصورة كبيرة حتى نهاية العام.

ويؤدّي السياح الوافدون دورًا مهمًا في إنعاش مبيعات السيارات ووقود الطائرات المحلية المستعملة بالرحلات السياحية القصيرة في تايلاند.

وتشتكي شركة تايلاند أويل، أكبر مصفاة تكرير مملوكة للحكومة في البلاد، من تأثّر قطاع السياحة بضعف القدرة الشرائية للمستهلكين في كوريا الجنوبية واليابان، أكبر المصادر السياحية في تايلاند.

وارتفع عدد السائحين الوافدين إلى تايلاند إلى 11.15 مليون سائح في عام 2022، مقارنة بـ430 ألف سائح فقط في عام 2021.

وتشير هذه الأرقام إلى تحسّن ملحوظ في حركة السياحة إلى تايلاند، رغم أنها ما تزال أقلّ بكثير من الأرقام المسجلة في عام 2019 عند 39.8 مليون سائح.

كوريا الجنوبية

حاولت تايلاند دعم حركة السياحة بصور شتى خلال العام الماضي، إلّا أن الارتفاعات الجنوبية في أسعار النفط والغاز رفعت فواتير الخدمات العامة بصورة قياسية على المستهلكين في كوريا الجنوبية، ما جعلهم يؤخرون السفر للتنزه أو السياحة إلى ذيل اهتماماتهم الحياتية.

وزادت أعباء المستهلك الكوري الجنوبي، مع انخفاض الوون الكوري أمام الدولار إلى أدنى مستوياته خلال 10 سنوات، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

(الدولار = 1322 وونًا كوريًا جنوبيًا).

كما انخفضت قيمة الين اليابان أمام الدولار إلى أدنى مستوياته منذ 24 عامًا؛ ما يرجّح ضعف حركة السفر للخارج أواخر الربيع وخلال أوقات الذروة الصيفية.

(الدولار = 133 ينًا يابانيًا).

وأدت أسعار النفط والغاز المشتعلة منذ الحرب الأوكرانية إلى زياد تكاليف المعيشة في اليابان بصورة كبيرة؛ ما دفع كثيرًا من الأسر اليابانية إلى خفض استهلاكها من البنزين والكيروسين بصورة ملحوظة، أثّرت بمبيعات المشتقات النفطية في ثالث أكبر بلد مستهلك للنفط في آسيا.

التضخم في اليابان

ارتفع معدل التضخم الأساسي في اليابان خلال 14 شهرًا متتالية إلى 3.4% حتى فبراير/شباط 2023، وهو أعلى مستوى له في 33 عامًا (منذ يناير/كانون الثاني 1990)، وفقًا لبيانات حكومية يابانية.

وهدأ معدل التضخم في اليابان قليلًا في مارس/آذار 2023، ليسجل 3.3%، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وأدى ضعف الطلب على المشتقات النفطية في اليايان إلى انخفاض متوسط تقييم الأسعار الشهرية للبنزين وزيت الوقود لمدة 3 أشهر متتالية حتى مارس/آذار 2023، بينما انخفض متوسط تقييم أسعار الكيروسين لشهرين متتاليين، وفقًا لبيانات منصة إس آند بي غلوبال المتخصصة.

وتخطط الحكومة اليابانية لزيادة الإنفاق العام بأكثر من تريليوني ين (15.3 مليار دولار)، لدعم جهود مكافحة تأثيرات التضخم عبر حزمة من المساعدات النقدية للأسر ذات الدخل المنخفض، إضافة إلى إعانات لمستعملي غاز النفط المسال في المناطق الريفية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق