التقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

تباطؤ إنتاج النفط الصخري الأميركي يربك ميزان الصادرات والواردات

هبة مصطفى

يدفع اضطراب إنتاج النفط الصخري الأميركي البلاد نحو زيادة الاعتماد على واردات الخام من أسواق خارجية، بعدما شكّلت وتيرة النمو عائقًا أطلق جرس إنذار حول التحديات التي علقت بالعملية الإنتاجية.

وتعطّل الإنتاج خلال الربع الأول من العام الجاري (2023)، بحسب نتائج مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي ونشرت منصة أرغوس ميديا (Argus Media) المعنية بشؤون الطاقة نتائجه.

وتأثر الإنتاج بعوامل عدة تتعلّق بمستويات الأسعار والتكاليف ومستجدات القطاع المصرفي، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويُعد النفط الصخري بمثابة "كنز" بالنسبة إلى أميركا، إذ أضحى مصدرًا لريادتها في قطاع النفط والغاز ودفعها نحو حجز موقع عالمي رائد بصفتها أكبر مُصدّر لهما.

عوامل التراجع

رصد مسح بنك الاحتياطي الفيدرالي تعرّض شركات النفط والغاز إلى ضغوط، إثر التكلفة الآخذة في الارتفاع، بجانب مخاوف تتعلق بالقطاع المصرفي، وانهيار مصرف "سيليكون فالي"، وتراجع أسعار النفط والغاز.

وشمل نطاق المسح بيانات من ولاية تكساس، وجنوب نيو مكسيكو، وشمال ولاية لويزيانا، وتوصل إلى أن إنتاج النفط الصخري الأميركي قد توقف عن النمو خلال الربع الأول من العام الجاري (2023).

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مستويات إنتاج النفط الخام الأميركي، منذ عام 2019 حتى العام الجاري (2023):

إنتاج النفط الأميركي

ومن شأن ما توصلت إليه نتائج المسح أن يجدّد الشكوك حول الأداء المستقبلي للصناعة، لا سيما في ظل تراجع الإنتاج من الآبار وحالة عدم اليقين حول الأراضي المتاحة للاستفادة.

وشمل المسح -الذي جرى إعداده خلال المدة من 15 مارس/آذار الماضي حتى 23 من الشهر ذاته- 147 مُنتجًا وشركات لخدمات حقول النفط، كاشفًا عن تراجع مؤشر النشاط التجاري إلى 2.1 خلال الربع الأول من العام الجاري (2023).

وتعكس حالة الهبوط المفاجئ لمؤشر النشاط، من 30.3 خلال الربع الأخير من العام الماضي (2022)، مدى سوء الأوضاع المتدهورة، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

انتعاشة مؤقتة

ربما تحمل نتائج مسح بنك الاحتياطي الفيدرالي سيناريو غير متفائل، لكن على النقيض من ذلك سجل إنتاج النفط الصخري الأميركي -في يناير/كانون الثاني 2023- ارتفاعًا إلى أعلى مستوياته منذ مارس/آذار عام 2020.

مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي
مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي

وحذّر مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، من أن قفزة الإنتاج ربما تكون "انتعاشة مؤقتة" في أعقاب إعصار خليج المكسيك والعاصفة الجليدية التي أصابت الإنتاج في بعض الأحواض بالتوقف، حسبما أوضح في مقال له نُشر في صحيفة "إندبندنت عربية".

وأوضح الحجي أن شركات النفط تمكّنت من رفع إنتاج خليج المكسيك، بما دفع الإنتاج نحو أعلى مستوياته منذ مارس/آذار عام 2020.

وفسّر هذا التضارب بأن الأزمة الحقيقية ليست في كميات الإنتاج وإنما في النوعيات، مشيرًا إلى أن الإنتاج من حقول النفط الصخري الأميركي شهد زيادة في إنتاج المكثفات، إلى أن أوشكت لتحل محل النفط.

وبهذا تكون أحواض النفط الصخري الأميركي مصدرًا لإنتاج تدفقات أكبر من النفوط الخفيفة والغازات السائلة والغاز الذي عزّز من تخفيض مستويات الأسعار.

الصادرات والواردات

تشكّل زيادة إنتاج المكثفات على حساب إنتاج النفط الصخري الأميركي عقبة في طريق الحكومة والشركات، لا سيما في ظل انخفاض أسعار الغاز وتراجع أرباح الشركات ومكاسبها، حسبما ورد في مقال الدكتور أنس الحجي.

وقال إن انخفاض إنتاج النفط يُشير إلى زيادة الاعتماد الأميركي على واردات النفط، ومقابل ذلك تزداد صادرات النفوط الخفيفة والمكثفات.

وركز الحجي على جانب مهم، إذ أشار إلى أن تعثر إنتاج النفط الصخري لاقى ترحيبًا من الإدارة الأميركية والرئيس جو بايدن، لانخفاض تكلفة الغاز المحلي وما يترتب عليه من انخفاض في مستويات التضخم وزيادة الصادرات إلى أوروبا.

وينظر الحجي إلى إنتاج النفط الصخري الأميركي بصفته يشكل "ثورة" غيّرت موازين تجارة النفط والغاز العالمية، وحوّلت الولايات المتحدة من "مستورد" إلى أكبر المنتجين والمُصدرين.

وأردف أن إنتاج النفط الصخري الأميركي لم يؤثر في النفط الخليجي -خاصة السعودي- فالأول حلو والثاني متوسط حامض، غير أنه لفت إلى تأثير من نوع آخر في المنتجات النفطية والسوائل الغازية، امتد إلى تداعيات قانون حظر التصدير الملغي عام 2015.

مكاسب محلية

أوضح الدكتور أنس الحجي، أن زيادة إنتاج النفط الصخري خلال فترة حظر التصدير عزّزت من انخفاض أسعاره محليًا، إلى أن بلغت فجوة فارق الأسعار بين خام غرب تكساس الأميركي وبرنت الأوروبي ما يزيد على 20 دولارًا للبرميل.

ومن زاوية أخرى، أسهم فارق الأسعار في إقبال مصافي التكرير الأميركية على شراء النفط المحلي الرخيص، مقابل خفض الاعتماد على واردات النفط وأغلبها من الجزائر ونيجيريا.

وانعكس ذلك سلبًا على الدول المصدرة إلى أميركا التي خسرت سوقها وعززت المنافسة مع دول منظمة أوبك، كما أدى بطريقة غير مباشرة إلى اعتماد بعض دول الخليج على صادرات المشتقات الأميركية بدلًا من بناء مصافٍ خاصة بها.

وفي الآونة الحالية، يبدو أن انخفاض أسعار النفط الروسي يعمّق خسارة النفط الأميركي لبعض الأسواق، مثل الأسواق الآسيوية.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور إنتاج النفط الصخري الأميركي من عام 2019 حتى العام الماضي (2022):

إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة

الإنتاج والحفر والأسعار

يتسم إنتاج النفط الصخري في أميركا بالتباطؤ، وانخفض مؤشره من 25.8 في الربع السابق إلى 10.5 خلال الربع الجاري.

وامتد الانخفاض إلى إنتاج الغاز -أيضًا- بعدما تراجع مؤشره من 29.4 في الربع السابق إلى 7.4 حاليًا، وفق البيانات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وبالتوازي مع ذلك، استمرت معاناة الشركات مع ارتفاع التكاليف للربع الـ9، ما قد يؤثر بطريقة أو بأخرى في رفع تكلفة الحفر.

وبينما يغرق المشغلون في حالة من عدم التفاؤل، وساورت الشركات شكوك حول التوقعات المستقبلية، لكن غالبية الشركات المشاركة في عينة المسح لديها القدرة على حفر آبار جديدة وتحقيق أرباح رغم مستويات الأسعار.

وقد يصل متوسط سعر خام غرب تكساس الأميركي إلى 80 دولارًا للبرميل، بحلول نهاية العام الجاري (2023)، بحسب نتائج المسح.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق