وزير إماراتي سابق لـ"الطاقة": قمة المناخ كوب 28 ستكون الأصعب منذ اتفاقية باريس (حوار)
النعيمي: استحالة التخلي عن الوقود الأحفوري ببدائل أخرى حتى ينضب
حياة حسين
- مفهوم الغسل الأخضر خرج من الهند
- تنمية الدول تتطلب توافر الوقود الأحفوري الرخيص
- خفض استعمال الميثان 50% يخفّض الحرارة 0.2 درجة مئوية ويمنع كارثة مناخية
- لا يوجد هيدروجين أخضر صناعي حتى الآن
- قد ينجح إنتاج الهيدروجين للوقود إذا اعتمدنا على المحيطات والبحار
يرى وزير التغير المناخي والبيئة الإماراتي السابق الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، أن قمة المناخ كوب 28، التي تستضيفها بلاده في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ستكون الأصعب منذ إطلاق اتفاقية باريس للمناخ في 2015.
وبرر النعيمي ذلك بأن قمة كوب 28 ستشهد عرضًا لخطوات دول العالم المختلفة ونتائجها لالتزاماتها السابقة، في وقت أظهرت فيه البيانات أن نسبة التزام الدول لم تتجاوز 6% خلال العامين الماضيين.
كما يعتقد النعيمي استحالة تخلي العالم عن الوقود الأحفوري ببدائل أخرى حتى ينتهي من الوجود، وأن الهيدروجين حتى الآن لا يمكن أن يكون بديلًا له.
منصة الطاقة المتخصصة حاورت النعيمي، خلال زيارته إلى القاهرة، الأحد 19 مارس/آذار 2023، لمشاركة مبعوث الرئاسة للمناخ المصري الدكتور محمود محيي الدين في لقاء "الكرة الأرضية تحت الضغط المناخي"، نظّمه منتدى البحوث الاقتصادية، واستضافته كلية إدارة الأعمال في جامعة النيل الأهلية، وفيما يلي نص الحوار:
* كيف تستعد الإمارات لاستقبال قمة المناخ كوب 28؟
الإمارات تمضي قدمًا في التحضير للقمة، التي أتوقع أن تكون الأصعب منذ إطلاق اتفاقية باريس للمناخ في 2015، لأن الدول ستعرض ما فعلته بشأن التزاماتها المناخية في الإمارات.
ويوم السبت 18 مارس/آذار 2023، أطلقت رئاسة قمة المناخ كوب 28 مبادرة الشباب، إذ عملوا على تدريب مجموعة من الشباب استعدادًا للقمة، والإمارات دائمًا ما تبحث عن الحلول الجريئة لكل التعقيدات.
"لذلك أنا على يقين -رغم أنني خارج الترتيبات، لكن وفق ما يصل لي من أنباء- سيكون كوب 28 الأكثر معرفيًا وعمليًا وصعوبة، لأن النتائج ستُعرض فيه، في وقت تشير فيه التقديرات إلى أن العالم لم يحقق أكثر من 6% من التزاماته المناخية خلال عامين".
* تحدّث محيي الدين عن الغسل الأخضر وضرورة التعامل معه، ما رأيك؟
هذا المصطلح أطلقته الهند، والآن يُتداول في كل أنحاء العالم، ومفاده بأن الدول الغربية بدلًا من أن تُسهم في خفض الانبعاثات وتمول الدول الأقل نموًا لمساعدتها على خفض الانبعاثات، بدأت تعطي أفكارًا للغسل الأخضر، مثل الغسل عن طريق إنتاج الهيدروجين.
كما أن تجارة الكربون تُعد من الغسل الأخضر، ويقال إن هذا غسل أخضر، لكن لا يوجد شيء علمي مثبت أن هناك ما يُسمى الغسل الأخضر، "مثل ما ثبت أن هناك غسل أموال مثلًا".
واليوم؛ لا يمكن أن تأتي بمفاهيم تعوق التنمية، وتعتقد أنها ستستمر معك.
وما يحدث اليوم هو إعاقة للدول النامية، وأنت لا تستطيع وقفها لمجرد أنك أتممت عمليات التنمية في بلادك -يقصد الدول المتقدمة التي تطالب الدول النامية بالتوقف عن استعمال الوقود الأحفوري- وتنمية الدول تتطلب توفير الوقود الأحفوري الرخيص، ومن ثم كل ما يحدث هو أن تحاول العثور على بديل للوقود الأحفوري، فبعض الوقت نتكلم عن الغاز -كونه أنظف-، وأوقات أخرى نتحدث عن الطاقة الشمسية، وكلها بدائل ممكنة، لكن غير جاهزة للاعتماد الكامل عليها.
* هل تعني أننا لن نستطيع الاستغناء عن الوقود الأحفوري؟
نحن لن نستطيع أن نستغني عن الوقود الأحفوري إلى أن ينضب وينفد، لذلك يجب أن نبحث عن طرق لخفض الانبعاثات من مصادر أخرى.
* مثل ماذا؟
يجب أن ننظر إلى غازات الدفيئة الأخرى التي تؤثر في الهواء، فثاني أكسيد الكربون موجود طبيعي في الهواء، ودونه لا يمكن للحياه أن تستمر، لأن درجة الحرارة ستنخفض بنسبة كبيرة، لذلك من المهم أن نتعامل مع ثاني أكسيد الكربون بصورة مختلفة.
"ألا يوجد أكسجين ونيتروجين في الهواء؟ وهما يمثلان نحو 99% وأقل من 1% للغازات الأخرى".
أعتقد أن العالم يحتاج إلى أن ينظر إلى بخار الماء في الهواء.. هل نستطيع التعامل معه، خاصة أنه أكثر الغازات إصدارًا للحرارة في الهواء.
* حذّرت من غاز الميثان، رغم أنه مرتبط بتوفير الغذاء، إذ إن تربية الأبقار من أهم مصادره.
نعم، فالأبقار تصدر غاز الميثان، وما أقصده هو ضرورة التركيز على الانبعاثات الأخرى، غير ثاني أكسيد الكربون.
* هل تعتقد أنه يجب أن نركز على غاز الميثان أولًا؟
يجب أن نركز على كل أنواع الانبعاثات، لكن البدء بالغاز الأسهل والتخلص منه من المسائل المهمة التي يمكن أن تصنع فرقًا في مهمة القضاء على تغير المناخ بسرعة.
* كيف يكون غاز الميثان سهل التخلص منه وهو مرتبط بالغذاء؟
ربما يكون من الغازات الحساسة في توفير الغذاء، ولكنه ليس كذلك في مجال الصناعة، والأولى بنا أن نخفضه، إذ إن هبوط استعمال غاز الميثان بنسبة 50%، يؤدي إلى تراجع الحرارة 0.2 درجة مئوية، "0.1 درجة مئوية خفضًا في الحرارة يحمينا من كارثة مناخية ما، فما بالنا بـ0.2%".
* كنت أشرت إلى استحالة نقل الهيدروجين من خلال أنابيب الغاز، ففي مصر والإمارات والجزائر وغيرها من الدول العربية تعول على الهيدروجين وقودًا، ونقله عبر أنابيب الغاز، بمَ تفسر ذلك؟
كل العالم يعوّل على استعمال أنابيب نقل الغاز الطبيعي في نقل الهيدروجين، لكن جميع الدراسات تقول اليوم إن هذا غير ممكن، لأن هذه الأنابيب تعمل تحت ضغط معين، والهيدروجين غاز صاحب كثافة منخفضة، لذلك يتطاير بسرعة في الهواء، ما يعني صعوبة ضغطه "سمعنا من المؤكد عن القنابل الهيدروجينية"، لذلك يجري خلطه بغاز آخر، حتى نستطيع نقله إلى مسافة محدودة مثل 5 أو 6 كيلومترات مربعة، "اليوم تقول الدراسات إنه غير ممكن، لأن أطوال أنابيب الغاز وصماماتها غير مؤهلة ولا تصلح لنقل الهيدروجين، وإذا حدث ذلك فسيحدث تسرب للهيدروجين، وهذا أمر خطير جدًا".
* هل الدراسات استبعدت أنابيب الغاز في نقل الهيدروجين، أم يجري البحث عن بدائل؟
الدراسات لا تعمل، ولكنها تحتاج إلى إعادة نظر، اليوم وجدنا هيدروجين يُحول إلى سائل في أستراليا، ويُنقل في بواخر إلى اليابان، إلا أن تكلفة إنتاجه مرتفعة جدًا، كما أنه ملوث للبيئة.
* هل يمكن إعادة تطوير تلك الأنابيب واستعمالها؟
هذا مرتفع التكلفة -حاليًا- أيضًا، لكن هل ممكن فعل ذلك مستقبلًا، قد نجد إجابة خلال 5 أو 10 سنوات مقبلة من خلال الدراسات، وقد يستغرق الأمر مدة أطول.
حتى الآن، لم يتمكن العالم من إنتاج هيدروجين أخضر كما نشاء، ومعظم الهيدروجين الموجود من النوع الأزرق الذي يعتمد على الغاز الطبيعي، أو رمادي، والسؤال الأهم في هذه المسألة ممَ يُنتج الهيدروجين وبأي طريقه يُنتج؟
* هل تعني أن الهيدروجين الأخضر غير موجود؟
نعم -إلى الآن- لا يوجد هيدروجين أخضر صناعي، ما أقصده أنه نظريًا يوجد هيدروجين أخضر إذا أنتجته من الطاقة الشمسية، وحال اعتمدت على الغاز الطبيعي فهو من الوقود الأحفوري، كما قد تنتجه من الطاقة النووية.
وما يحدث اليوم، هو إنتاجه عبر عملية التبخير، إذ نغلي غاز الميثان ونستخرج منه الهيدروجين، "ما يعني أنك تستعمل غازات في إنتاج الهيدروجين أكثر ضررًا من ثاني أكسيد الكربون على المدى البعيد، إذ إنه غاز يظل نشطًا لمدة 25 عامًا".
ما أقوله إنه لا بد من دراسات عديدة إضافية حتى نعرف إمكان استعمال الهيدروجين بديلًا للوقود الأحفوري.
* هل تلك الخواص تهدد الهيدروجين بوصفه وقودًا للمستقبل؟
تهدّد الهيدروجين بوصفه بديلًا للوقود الأحفوري، اليوم الهيدروجين الموجود يأتي من أين.
* هل أفهم من هذا أن الاستثمارات المرتقب ضخها في الهيدروجين غير عقلانية، فهناك 100 مليار دولار محتملة استثمارها في مشروعات الهيدروجين بمصر، ولا يختلف الأمر عندكم في الإمارات، ودول عربية عديدة أخرى؟
إذا استطعنا التوجه إلى البحار والمحيطات وإنتاج الهيدروجين والأكسجين من مياهها، فسنكون قد نجحنا، خاصة أنه يهدد المياه العذبة، في وقت تعاني دول عديدة نقص المياه.
موضوعات متعلقة..
- مسؤول: قمة المناخ كوب 28 ستدفع الجهود الدولية من التعهدات إلى التنفيذ (فيديو)
-
رئيس الإمارات: أسبوع أبوظبي للاستدامة محطة رئيسة في الطريق إلى كوب 28
-
سلطان الجابر يبحث مع قيادات المناخ استعدادات الإمارات لاستضافة كوب 28
اقرأ أيضًا..
- سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة تسجل نموًا قياسيًا في 2022
-
خبراء لـ"الطاقة": قطاع النفط في العراق لم يتعافَ بعد 20 عامًا من الغزو الأميركي