تكنو طاقةالنشرة الاسبوعيةتقارير التكنو طاقةتقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

أطول توربينات الرياح البحرية في العالم تنافس ناطحات السحاب.. ما السبب؟

مي مجدي

"كلما كان حجم توربينات الرياح البحرية أكبر؛ كان ذلك أفضل"، بحسب مكتب كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة التابع لوزارة الطاقة الأميركية.

فخلال الشهور والأعوام المقبلة، يستعد العالم لجيل جديد من التوربينات البحرية العملاقة، في ظل تدافع الشركات لتطوير توربينات تنافس على لقب الأطول عالميًا، وتسحب البساط من المباني الشاهقة حول العالم، مثل برج إيفل ومبنى إمباير ستيت.

فمنذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، شهدت أحجام توربينات الرياح البحرية طفرة، من حيث الارتفاع وطول الشفرات؛ ما يسهم في توليد المزيد من الكهرباء.

وأصبح من الممكن أن يتجاوز ارتفاع أطول التوربينات 200 متر، وقد تصل تكلفة التصنيع والتركيب إلى أكثر من 12 مليون دولار.

وتوضح منصة الطاقة المتخصصة في السطور التالية سبب اتجاه الشركات لتطوير أكبر توربينات الرياح البحرية، وما هي أشهر هذه الشركات وتوربيناتها العملاقة.

طول توربينات الرياح

ارتفاع محور التوربين هو المسافة من الأرض إلى منتصف دوار التوربين.

ووفقًا لبيانات وزارة الطاقة الأميركية، زاد ارتفاع المحور للتوربينات البرية واسعة النطاق بنسبة 66% منذ 1998-1999، إلى قرابة 94 مترًا في عام 2021، ويعادل ذلك ارتفاع تمثال الحرية.

أما متوسط ارتفاع التوربينات البحرية في الولايات المتحدة فسينمو من 100 متر في عام 2016، إلى قرابة 150 مترًا في عام 2035، ويماثل ذلك ارتفاع نصب واشنطن التذكاري.

وبينما يعتقد البعض أن هذه الارتفاعات شاهقة، تعتقد كبريات الشركات الأوروبية والصينية أنه بإمكانها تصنيع توربينات تفوق طول برج إيفل البالغ 330 مترًا.

وأدت زيادة حجم توربينات الرياح، خلال السنوات الأخيرة، إلى إثارة مخاوف مما إذا كانت البنية التحتية للمواني والطرق السريعة والسفن المستخدمة لتركيب التوربينات في البحر قادرة على التأقلم، وعلى الرغم من ذلك؛ فقد بات عصر التوربينات العملاقة وشيكًا.

أكبر توربينات الرياح البحرية

تطور شركة "مينغ يانغ سمارت إنرجي"، وهي شركة صينية مصنعة لتوربينات الرياح، أكبر توربينات رياح حتى الآن.

وما زال طراز "ماي إس إي 16.02-242" الجديد قيد الإنشاء، ومن المتوقع أن يدخل الخدمة بحلول عام 2026.

وسيبلغ ارتفاع طراز هذا التوربين 264 مترًا، في حين سيصل طول الشفرات إلى 118 مترًا، وقطر الدوار نحو 242 مترًا، وسيتميز بسعة تبلغ 16 ميغاواط، بحيث يمكن للتوربين الواحد تشغيل 20 ألف منزل خلال دورة حياته البالغة 25 عامًا.

توربينات الرياح البحرية
توربينات الرياح البحرية العملاقة من شركة مينغ يانغ سمارت إنرجي – الصورة من ريتشارج نيوز

أما توربين "إس جي 14-236 دي دي" فهو الخطوة التالية لشركة سيمنس جاميسا نحو هدف إنتاج كهرباء نظيفة.

ويتميز التوربين بقدرة 14 ميغاواط، ودوار قطره 236 مترًا، أما طول الشفرات فيصل طول كل منها إلى 115 مترًا، ويسمح ذلك بزيادة إنتاج الكهرباء السنوية بنسبة تتجاوز الـ30% مقارنة بالنماذج السابقة.

أما طول المحور فيُحدد على حسب الموقع، وفق ما ذكرته الشركة على موقعها الإلكتروني.

توربينات الرياح البحرية
توربينات الرياح البحرية العملاقة من شركة سيمنس جاميسا – الصورة من موقع الشركة

يأتي في المرتبة الثالثة توربين "هالياد إكس" من شركة جنرال إلكتريك، الذي صُنف في عام 2019 كونه أحد "أفضل اختراعات العام" من قبل مجلة "تايم".

فقد أعلنت شركة جنرال إلكتريك منذ بضع سنوات خططًا لبناء توربين رياح بحري يمكنه تزويد نحو 16 ألف منزل بالكهرباء.

وكان نتاج هذا الجهد هو توربين "هالياد إكس"، الذي يبلغ طول محوره نحو 260 مترًا، في حين يصل قطر الدوار إلى 220 مترًا، ويتكون من شفرات بطول 107 أمتار.

ويمكن أن يولد توربين واحد بقوة 14 ميغاواط نحو 74 غيغاواط/ساعة سنويًا، ويوفر ذلك قرابة 52 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون.

توربينات الرياح البحرية
توربين هالياد إكس من شركة جنرال إلكتريك – الصورة من موقع الشركة

أما التوربين الأخير في هذه القائمة فقد ابتكرته شركة فيستاس الدنماركية العملاقة، ويُعرف بـ"في 236-15.0".

وتصل قدرة التوربين إلى 15 ميغاواط؛ إذ يمكن للتوربين الواحد توليد كهرباء كافية لـ20 ألف منزل سنويًا، من خلال إنتاج 80 غيغاواط/ساعة سنويًا، كما أنه يوفر أكثر من 38 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.

ووفقًا للشركة، يبلغ طول محور التوربين الجديد من شركة فيستاس نحو 280 مترًا، في حين يصل قطر الدوار إلى 236 مترًا، ويتكون من شفرات بطول 116 مترًا.

توربينات الرياح البحرية
توربينات الرياح البحرية العملاقة من شركة فيستاس - الصورة من موقع الشركة

طموحات الشركات

في الوقت نفسه، تعتقد شركة "ويند كاتشينغ سيستمز" النرويجية أنه كلما زاد طول توربينات الرياح البحرية؛ انخفضت تكلفة الإنتاج وزادت قدرتها على توليد الكهرباء مقارنة بالتوربينات التقليدية.

وفي عام 2021، أعلنت الشركة خططها لتطوير مزرعة رياح عائمة عملاقة تفوق طول برج إيفل، يمكنها توفير الكهرباء لـ80 ألف منزل، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويحتوي الهيكل، الذي أطلقت عليه الشركة اسم "ويند كاتشر"، على أكثر من 100 دوار موضوعة فوق بعضها داخل إطار ارتفاعه 300 متر.

وتقول الشركة إنه في حالة توافر ظروف الجو المثالية، يمكن إنتاج نحو 400 غيغاواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، مقارنة بـ80 غيغاواط/ساعة الناتجة عن التوربينات العائمة المتوافرة -حاليًا-.

ووفقًا للشركة، سيعادل إنتاج ويند كاتشر من الكهرباء ما ينتجه 5 من أقوى التوربينات العائمة، فضلًا عن خفض سعر الكهرباء إلى النصف.

توربينات الرياح البحرية
توربينات الرياح البحرية العملاقة من شركة ويند كاتشينغ سيستمز – الصورة من موقع الشركة

مشروعات عملاقة

خلال العام الجاري (2023)، على بُعد قرابة 100 ميل من ساحل شمال شرق إنجلترا، سيبدأ توربين "هالياد إكس" من شركة جنرال إلكتريك توليد الكهرباء داخل المرحلة الأولى من مزرعة الرياح البحرية "دوغر بنك".

وعند وضع هذا التوربين في لندن، سيكون ثالث أطول مبنى في المدينة؛ حيث يُعَد أطول من ناطحة سحاب "ون كندا"، وأقصر بـ50 مترًا فقط من برج شارد، بينما ستكون شفراته الـ3 أطول من برج بيغ بن.

وبحسب معلومات منصة الطاقة المتخصصة، تضم محطة دوغر بنك في النهاية قرابة 300 توربين من "هالياد إكس" العملاق.

فقد مر عقدين فقط منذ تطوير أول مزرعة رياح بحرية في المملكة المتحدة قبالة ساحل شمال ويلز، وكان كل توربين قادر على إنتاج 2 ميغاواط من الكهرباء.

في المقابل، يمكن لتوربين هالياد إكس إنتاج 13 ميغاواط من الكهرباء، وستصل إلى 15 ميغاواط في غضون عام أو عامين فقط.

ما يجعل البعض يتساءل عن السبب وراء الطفرة في حجم توربينات الرياح البحرية وطولها بهذا المعدل السريع.

توربينات الرياح البحرية
توربينات الرياح البحرية العملاقة داخل مشروع دوغر بنك – الصورة من الموقع الإلكتروني للمشروع

هل الأكبر هو الأفضل؟

في هذا الصدد، قالت الأستاذة بكلية سيبلي للهندسة الميكانيكية والفضائية بجامعة كورنيل، رئيسة تحرير العديد من المجلات العلمية المتخصصة في طاقة الرياح، ريبيكا بارثيملي، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، إن سرعة الرياح تتزايد كلما ارتفعنا في الغلاف الجوي (إلى حد ما)، وتتناسب الكهرباء المنتجة مع منطقة مسح الدوار.

وتتفق بارثيملي مع رؤية الشركات بأن الأكبر هو الأفضل، موضحة أن الأساسات والبنية التحتية باهظة الثمن؛ لذا يجب أن تكون التوربينات ضخمة لإبقاء التكاليف منخفضة.

كما أشارت إلى أن الرياح البحرية باتت أكثر تنافسية في الأسعار -حاليًا- مقارنة بمصادر توليد الكهرباء الأخرى؛ بفضل أحجامها والابتكارات التكنولوجية الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، أوضحت بارثيملي أن هناك تحولًا هائلًا يحدث لاستبدال محطات توليد الكهرباء منخفضة الكربون بمحطات الكهرباء القديمة، وأملًا في مواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء، وهذا يتطلب توليد كهرباء من الرياح على نطاق واسع.

توربينات الرياح البحرية
الأستاذة بكلية سيبلي للهندسة الميكانيكية والفضائية بجامعة كورنيل، ريبيكا بارثيملي

في حين أشارت أستاذة الأرصاد الجوية وعلوم البيئة، الباحثة المتخصصة في طاقة الرياح وتغير المناخ بجامعة ديلاوير، كريستينا آرتشر، إلى أن اتجاه الشركات لابتكار توربينات ضخمة أمر منطقي، والسبب الرئيس لذلك، هو أنه كلما زاد القطر؛ ارتفعت القدرة على توليد الكهرباء من الرياح، ومن ثم إذا ضاعفت القطر، فسنحصل على ضعف الكهرباء 4 مرات.. وهذا حافز كبير لجعل الشفرات أطول.

ووفقًا لـ"آرتشر"، هناك بعض العوامل الأخرى الداعمة لهذه الفكرة، منها أن الرياح تصبح أقوى كلما ارتفعنا في الغلاف الجوي، وإذا كان بإمكان التوربين الوصول إلى ارتفاع أعلى، فسوف يلتقط رياحًا أسرع، ويمثل ذلك حافزًا لصنع توربينات أطول وذات قطر أكبر.

وأضافت آرتشر أن من بين الأسباب الأخرى أن بناء التوربينات في بيئة بحرية قاسية أمر معقد ومكلف، ومن الأفضل بناء توربين ضخم واحد بدلًا من توربينين أصغر، حتى لو كانت السعة الإجمالية للتوربينات الصغيرة هي نفسها للتوربينات الضخمة.

وقالت آرتشر، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، إن هناك مسافات كبيرة بين توربينات الرياح البحرية وبعضها؛ نظرًا إلى وجود قيود على الملاحة والصيد.

وتابعت: "لا أحد يريد الإبحار في مزرعة مكتظة بتوربينات الرياح، لذلك التباعد الكبير بينها يحد من تأثير الارتداد -وهو الأثر الكلي في إنتاج الكهرباء بمزرعة الرياح، والذي ينتج عن التغيرات في سرعة الرياح الناتجة عن تأثير التوربينات على بعضها بعضًا- ومن ثم تزداد القدرة على توليد الكهرباء".

ما مدى التأثير البيئي لتوربينات الرياح البحرية العملاقة؟

في هذا الصدد، قالت الأستاذة بكلية سيبلي للهندسة الميكانيكية والفضائية بجامعة كورنيل، ريبيكا بارثيملي، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة: "إنه فيما يخص التأثير البيئي للرياح البحرية فهو محدود للغاية، خاصة عند مقارنته بتأثير تغير المناخ أو الآثار الصحية لتلوث الهواء من حرق الوقود الأحفوري".

وتابعت: "لا يوجد أي شيء يدعو للقلق حتى الآن، ولا نتوقع أي تأثير ضخم حال كنا حريصين على تحديد الموقع المناسب لتجنب طرق هجرة الطيور ومناطق تعشيش البط".

وأضافت: "عند استخدام الرادار نجد أن الطيور تتجنب مزارع الرياح البحرية، وإذا نظرنا إلى لقطات الرادار، فهي مثيرة للاهتمام، لأنه يمكن رؤية أسراب الطيور تقترب من مزرعة الرياح ثم تدور حولها، بفضل المسافات الكبيرة بين التوربينات".

توربينات الرياح البحرية
أستاذة الأرصاد الجوية وعلوم البيئة بجامعة ديلاوير، كريستينا آرتشر

وقالت: إن "المسافة بين توربينات الرياح البحرية التي اقتُرحت في الولايات المتحدة هي 1.8 كيلومترًا، ما يعادل ميلًا بحريًا؛ لذلك هي مساحة كبيرة، بحيث يمكن للطيور أن تتوسطها، لكن يبدو أن الطيور تتجول أو تحلق فوق مزارع الرياح".

ومع ذلك، هناك بعض الاستثناءات التي ما زال يتعين التفكير فيها، مثل تأثيرها في مجموعات الحيتان وكيفية تفاعلها، على حد قولها.

بينما تعتقد أستاذة الأرصاد الجوية وعلوم البيئة، الباحثة المتخصصة في طاقة الرياح وتغير المناخ بجامعة ديلاوير، كريستينا آرتشر، أن تأثير التوربينات الضخمة أقل من تأثير التوربينات الأصغر.

وأوضحت أن الطيور تميل إلى التحليق على ارتفاع منخفض بالقرب من الماء لصيد الأسماك، ومن ثم فإن طول التوربينات والشفرات، ودورانها ببطء، يسهل على الطيور والخفافيش رؤيتها، ولا تشكل تهديدًا خطيرًا على الطيور.

النمو العالمي لطاقة الرياح

خلال عام 2021، أنتجت طاقة الرياح 6.6% من الكهرباء حول العالم، ارتفاعًا من 3.5% في عام 2015 عقب توقيع اتفاقية باريس، وبذلك تصبح طاقة الرياح أسرع مصادر الطاقة نموًا بعد الطاقة الشمسية.

واستطاع العديد من البلدان دمج طاقة الرياح في شبكات الكهرباء الخاصة بها.

فقد كانت حصة الرياح من توليد الكهرباء في الدنمارك قرابة 50%، وتجاوزت 25% في بلدان، مثل أيرلندا وأوروغواي والبرتغال.

بينما وفرت طاقة الرياح 8.4% من إجمالي توليد الكهرباء في الولايات المتحدة.

وبلغت قيمة سوق توربينات الرياح العالمية 53.4 مليار دولار خلال عام 2020، ومن المتوقع أن تصل إلى 98.4 مليار دولار بحلول عام 2030.

وستواصل قدرة طاقة الرياح على توليد الكهرباء في الارتفاع مع زيادة حجم التوربينات -أيضًا-.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق