التقاريرتقارير الهيدروجينتقارير دوريةرئيسيةهيدروجينوحدة أبحاث الطاقة

تطوير الهيدروجين في الصين.. رحلة 3 مدن تعتمد على مصادر إنتاج مختلفة (دراسة)

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال

  • الصين أكبر منتج ومستهلك للهيدروجين في العالم.
  • تطوير الهيدروجين في الصين يركز على مركبات خلايا الوقود.
  • الصين بدأت اعتماد سياسات الهيدروجين منذ أوائل القرن الـ21.
  • غالبية الهيدروجين المنتج في الصين يعتمد على الوقود الأحفوري.
  • مدينة تشانغجياكو الصينية تركز على إنتاج الهيدروجين الأخضر.

منذ أوائل القرن الـ21، بدأ التركيز على تطوير الهيدروجين في الصين، بصفته وقودًا للنقل، لكن الاعتماد في إنتاجه على مصادر نظيفة لا يحظى باهتمام كافٍ حتى الآن مثل الطاقة المتجددة التي تشهد طفرة هائلة من أجل تحقيق أهداف إزالة الكربون.

وتُعَد الصين أكبر منتج ومستهلك للهيدروجين في العالم، وتتبنّى الدولة إستراتيجية تستهدف تحقيق نمو كبير في إنتاج هذا الوقود واستهلاكه، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويستكشف معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، في دراسة حديثة، أهمية سياسات الهيدروجين في الصين وتنفيذها، ومدى إسهامها في تحقيق أهداف البلاد لخفض الانبعاثات؛ نظرًا إلى الدور المهم الذي يؤديه هذا الوقود في التحول إلى الطاقة منخفضة الكربون.

وترصد الدراسة سياسات الهيدروجين في الصين، عبر نماذج لإستراتيجيات حكومات محلية لـ3 مدن؛ تشانغجياكو وداتونغ وتشنغدو، التي تعتمد على مصادر مختلفة لإنتاج هذا الوقود.

اقتصاد الهيدروجين في الصين

يُقدر إنتاج الهيدروجين في الصين بنحو 33 مليون طن سنويًا، لكن معظمه يأتي من عملية تغويز الفحم -تحويل الكربون الموجود في الفحم إلى غاز- لذلك يُعرف باسم الهيدروجين الأسود أو البني (حسب نوع الفحم المستعمل)، في حين يُعَد الغاز الطبيعي المصدر الرئيس لإنتاج الهيدروجين في معظم الدول الأخرى.

ويرصد الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، أنواع الهيدروجين من حيث طريقة إنتاجه:

أنواع الهيدروجين

وبصورة مُفصلة، يُشكل الفحم 60% من إنتاج الهيدروجين في الصين، يليه غاز الميثان بنحو 15%، في حين تأتي غالبية النسبة المتبقية بصفتها منتجًا ثانويًا لصناعة البتروكيماويات، بالإضافة إلى حصة صغيرة للغاية من التحليل الكهربائي باستعمال الطاقة المتجددة.

ونتيجة لذلك؛ فإن غالبية إنتاج الهيدروجين في الصين تُعَد أكثر الأنواع تلويثًا للبيئة، كونه يُطلق المزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ويُستهلك معظم الهيدروجين في الصين بصفته مادة وسيطة في إنتاج الأمونيا والميثانول وتكرير النفط، في حين يُعتمد عليه بنسبة طفيفة للغاية في قطاع النقل، رغم الاهتمام بمركبات الهيدروجين.

ووفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية؛ فإن الاعتماد على الوقود القائم على الهيدروجين، يمكن أن يُجنب الصين انبعاثات تراكمية تصل إلى 16 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2060، على أن تأتي أكبر التخفيضات من قطاعات الصناعة والشحن والطيران والنقل البري على التوالي.

وتؤكد الوكالة الدولية أنه إذا رغب العالم في إسهام كبير للهيدروجين في جهود إزالة الكربون ومواجهة تغيّر المناخ؛ فإنه يجب أن يُنتج من مصادر منخفضة الكربون، بعيدًا عن الوقود الأحفوري، مثل الهيدروجين الأخضر والأزرق.

سياسات تطوير الهيدروجين في الصين

أصدرت الحكومة الصينية سياسات مختلفة تهدف إلى الترويج لتطوير الهيدروجين في الصين، وتعود إلى العقد الأول من القرن الـ21، إلا أنها لم تكن جزءًا من إستراتيجية انتقال الطاقة منخفضة الكربون.

كما ركزت على خلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين ولم تستهدف أي أشكال أخرى من هذا الوقود.

ومن ذلك الحين، أعلنت المدن الصينية سياسات تطوير الهيدروجين التي تركز على استغلال موارد الطاقة المحلية أو المنتجات الثانوية الصناعية.

وفي المقام الأول، كان يُنظر إلى وقود الهيدروجين المشتق من مصادر الطاقة المحلية على أنه طريقة محتملة للحد من اعتماد الصين المتزايد على استيراد النفط، خاصة مع تنامي أسطول السيارات الضخم في البلاد.

وأدرجت الحكومة الصينية الهيدروجين في خطة تطوير التقنيات الوطنية للمرة الأولى في عام 2006، وفق دراسة معهد أكسفورد، التي اطلّعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

وبحلول نهاية 2021، تجاوزت الصين أهدافها بالوصول إلى 10.7 ألف وحدة من مركبات خلايا الوقود العاملة بالهيدروجين، و194 محطة وقود هيدروجين قيد التشغيل، لكن ما زالت البلاد تستهدف مليون وحدة من سيارات خلايا الوقود الهيدروجينية، و1000 محطة وقود بحلول عام 2030.

وبعد إعلان الصين في سبتمبر/أيلول 2020، هدف تحقيق ذروة انبعاثات الكربون قبل عام 2030، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060، بدأ الهيدروجين في الظهور بصورة أكثر بروزًا في سياسة الحكومات المحلية، بسبب قدرته على خفض الانبعاثات.

ويُظهر الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، خطة الصين لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060:

الحياد الكربوني - الصين

وفي أبريل/نيسان 2021، توقّع تحالف الهيدروجين الصيني (CHA)، وصول إنتاج الهيدروجين في الصين المعتمد على الطاقة المتجددة إلى 100 مليون طن بحلول عام 2060، من إجمالي الاستهلاك المتوقع عند 130 مليون طن بحلول العام نفسه.

وكانت الانطلاقة الحقيقية لتعزيز إنتاج الهيدروجين في الصين خلال مارس/آذار 2022، مع إعلان اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح لتطوير صناعة طاقة الهيدروجين (2021-2035)، مع تسليط الضوء على أهمية هذا الوقود في إزالة الكربون.

وبموجب هذه الخطة، من المتوقع أن يتراوح حجم إنتاج الهيدروجين الأخضر في الصين بين 100 ألف و200 ألف طن بحلول 2025؛ ما يُسهم في خفض الانبعاثات بمقدار 1-2 مليون طن سنويًا.

تنفيذ سياسات الهيدروجين في 3 مدن صينية

بعد استعراض اقتصاد الهيدروجين في الصين وسياساتها، من المهم معرفة مدى التنفيذ لإجراءات تمكين الهيدروجين في المدن والمقاطعات المحلية.

وتركز دراسة معهد أكسفورد على مدينة تشانغجياكو في مقاطعة خبي الغنية بالطاقة المتجددة، وداتونغ في مقاطعة شانشي الغنية بالفحم، وتشنغدو الغنية بالطاقة الكهرومائية والغاز الطبيعي.

تشانغجياكو: بالنسبة إلى هذه المدينة؛ فهي تستفيد من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الهائلة لتطوير الهيدروجين.

وفي يوليو/تموز 2019، اتخذت حكومة مدينة تشانغجياكو 10 تدابير لدعم تطوير صناعة الهيدروجين؛ أهمها تقديم حافز قدره 0.05 دولارًا أميركيًا لكل كيلوواط/ساعة للهيدروجين المنتج من التحليل الكهربائي للماء، إلى جانب تقديم إعانات لمحطات وقود الهيدروجين في عام 2020.

وعزز الدعم المباشر من الحكومة المركزية قدرة المدينة على رفع السعة التراكمية للطاقة المتجددة إلى 23.5 غيغاواط بنهاية 2021، من 13.45 غيغاواط بنهاية 2017.

ومع الدعم المستمر، تشير الدراسة إلى أن قدرة إنتاج الهيدروجين من الطاقة المتجددة في المدينة الصينية قد تصل إلى 50 ألف طن بحلول عام 2035، ارتفاعًا من 21 ألف طن عام 2021، وفق الأهداف المعلنة.

وفي أوائل 2023، كانت هناك 444 حافلة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في المدينة الصينية، ومع ذلك ما زال الاستهلاك الرئيس للهيدروجين في صناعات الأسمدة والميثانول.

ومع استعراض تجربة مدينة تشانغجياكو، خلصت الدراسة إلى أن دعم أسعار الكهرباء أسهم بصورة كبيرة في تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر، لكن نقل هذا الوقود ما زال يمثل تحديًا، إلى جانب أن البيانات المحدودة عقبة أمام تحديد مدى قدرة المدينة على تحقيق أهداف الإنتاج طويلة الأجل.

داتونغ: استفادةً من إنتاج الفحم الضخم، الذي وصل إلى 150 مليون طن عام 2021، تعتمد المدينة على اقتصاد الهيدروجين البني المنتج من الفحم، بصفته عنصرًا مهمًا لدعم تحول الهيكل الاقتصادي للمدينة.

وعبر استغلال الموارد المحلية، تتطلع داتونغ إلى بناء مشروع لتحويل الفحم إلى هيدروجين بإنتاج سنوي يبلغ 110 آلاف طن.

بينما يُنظر إلى الفحم على نطاق واسع على أنه أساس خطط تطوير الهيدروجين في داتونغ؛ فإن المدينة تمتلك عددًا قليلًا من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، لكنها لم تصل بعد إلى النطاق التجاري.

وفي الوقت الحالي، يستعمل الهيدروجين في المدينة بصورة أساسية للحافلات والمركبات الثقيلة، وتعمل على زيادة استثمارات سيارات خلايا الوقود الهيدروجينية.

محطة لإنتاج الهيدروجين من طاقة الرياح
إنتاج الهيدروجين من طاقة الرياح – أرشيفية

وتهدف داتونغ إلى نشر أكثر من 57 ألف سيارة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين بحلول عام 2030، فضلًا عن 100 محطة لوقود الهيدروجين.

وفيما يتعلق التقنيات، تخطط المدينة الصينية للاعتماد على احتجاز الكربون وتخزينه في مشروعات إنتاج الهيدروجين.

أمّا الإنتاج؛ فتستهدف الحكومة المحلية إنتاج 20 ألف طن سنويًا من الهيدروجين في 2023، مع زيادة تدريجية في الأهداف حتى يصل الإنتاج إلى مليون طن سنويًا خلال مدّة (2026-2030).

وترى الدراسة أن الهيدروجين المعتمد على الفحم أكثر قدرة على المنافسة من نظيره المنتج من مصادر الطاقة المتجددة، لكن بمرور الوقت يمكن للهيدروجين المتجدد أن ينافس المنتج من الفحم.

تشنغدو: مع وجود احتياطي يبلغ 35.4 مليار متر مكعب؛ فإن الغاز الطبيعي العنصر الرئيس لإنتاج الهيدروجين في مدينة تشنغدو، ويذهب معظمه إلى صناعة الأمونيا.

وركزت سياسات الهيدروجين في تشنغدو، مثل العديد من المناطق التي تُطور الهيدروجين في الصين، على قطاع النقل، في محاولة لخفض الانبعاثات، ونتيجة لذلك، كانت لدى المدينة 370 حافلة وشاحنة هيدروجينية بنهاية 2020.

وتخطط المدينة لزيادة قدرة إنتاج الهيدروجين من الغاز (الهيدروجين الرمادي) إلى 110 آلاف طن سنويًا بحلول عام 2025، لكن الهيدروجين الأخضر لم يحظَ بعد باهتمام كافٍ.

ومع ذلك، لتطوير الهيدروجين القائم على مصادر الطاقة المتجددة، ستحتاج تشنغدو إلى الاستفادة من موارد الطاقة الكهرومائية، مع امتلاكها سعة مركبة تبلغ 88.87 غيغاواط؛ ما يمثل 77.4% من القدرة الإجمالية المركّبة في المدينة.

ورغم ذلك؛ فإن إنتاج الهيدروجين خلال موسم الجفاف سيكون صعبًا، خاصة أن المدينة تشتري خلاله الكهرباء من المناطق الأخرى لتلبية الطلب المحلي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق