تقارير الغازتقارير النفطرئيسيةغازنفط

لماذا تتردد شركات النفط والغاز العالمية في دخول الهند؟ (تقرير)

الضرائب المفاجئة أحد أسباب العزوف

رجب عز الدين

ما زالت شركات النفط والغاز العالمية تخشى دخول الهند، ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، رغم ظهور فرص تنقيب كبيرة في المياه الإقليمية العميقة للبلاد.

ويرجع أحد أهم أسباب هذا العزوف إلى خشية الشركات الدولية من تعرضها لضرائب مفاجئة في الهند، إضافة إلى ضعف الحوافز الاستثمارية وصعوبة الإجراءات البيروقراطية، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال بلاتس المتخصصة (S&P global platts).

وتحتاج الهند إلى جذب شركات النفط والغاز العالمية لتعزيز إنتاجها المحلي من مصادر الوقود الحيوية، بهدف تلبية احتياجات قطاعات الصناعة والحياة اليومية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وغالبًا ما تنفر شركات النفط والغاز العالمية من الاستثمار في البلدان التي تفرض ضرائب غير متوقعة على إيراداتها، مثل الهند والصين والبلدان ذات الطابع المختلف عن النظم الرأسمالية المعاصرة.

توتال وإكسون

لهذا السبب، ما زالت شركات النفط والغاز العالمية مترددة في المنافسة على مشروعات التنقيب والاستخراج في الهند، وتكتفي بتقديم مساعدات فنية للشركات الهندية.

واستعانت شركة النفط والغاز الهندية -المملوكة للدولة- بشركات عالمية مشهورة، من بينها توتال إنرجي؛ للتعاون في استكشاف المياه العميقة، لكن تعزيز هذا التعاون ما زال بحاجة إلى إصلاحات ضريبية وحوافز سخية.

وتتفاوض الهند في الوقت الحالي، مع شركات النفط والغاز العالمية، مثل إكسون موبيل الأميركية، وإكوينور النرويجية، وبيكر هيوز الأميركية، إلى جانب توتال إنرجي ذات الحضور الأكبر في المباحثات الجارية.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- استهلاك النفط في الهند:

الطلب على النفط في الهند

تحديات جيولوجية

تدور المناقشات بين الأطراف الهندية وشركات النفط والغاز العالمية حول تقديم الدعم الفني لعمليات استكشاف المناطق الحدودية والمواقع ذات التحديات الجيولوجية، إضافة إلى المساعدة في خفض الانبعاثات خلال عمليات تطوير مربعات المياه العميقة.

واقتصرت المناقشات حتى الآن على مسائل المساعدة الاستشارية والفنية، دون التطرق إلى جولات التنقيب والتراخيص التي تستعد الهند لطرحها في المياه العميقة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتترقب شركات النفط والغاز العالمية وعودًا حكومية بإصدار حزمة من الحوافز المالية والتيسيرات الضريبية التي تشجع الأجانب على الدخول إلى قطاع النفط والغاز الهندي بثقة أكبر.

وتشير التوقعات العالمية إلى أن الطلب على النفط والغاز سيستمر لعقود مقبلة، رغم الخطط العالمية والإقليمية والمحلية الطموحة لخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ما يرجح حاجة الهند لإغراء شركات الوقود الأحفوري.

ويزيد من حاجة نيودلهي لهذه الإغراءات أن خططها لخفض الانبعاثات لا تستهدف الوصول للحياد الكربوني قبل عام 2070؛ أي أنها متأخرة عن أوروبا بـ20 عامًا، وعن الصين بـ10 سنوات.

ضرائب مفاجئة

يعني تأخر الهند في خطط تحقيق الحياد الكربوني، زيادة الحاجة إلى الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري لزمن أطول من غيرها، ما يضفي إلى جدوى الاستثمار في القطاع أهمية أكبر من مناطق العالم الأخرى.

وتصطدم خطط نيودلهي لتعزيز إنتاج النفط والغاز بسياستها الضريبية المفاجئة التي تثير قلق الشركات الفاعلة في القطاع عالميًا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وفرضت الهند ضرائب مفاجئة على إيرادات شركات النفط والغاز في يوليو/تموز 2022، أسوة بغيرها من الدول الأوروبية التي لجأت إلى الطريقة نفسها لمزاحمة الشركات المستفيدة من ارتفاع أسعار النفط والغاز بصورة قياسية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

ويعتمد احتساب الضريبة المفاجئة في الهند على تجاوز المنتجين لحدود أسعار النفط الخام التي تحددها الجهات المختصة، وتعدلها بصورة دورية منتظمة وفقًا لتحركات الأسعار العالمية.

53 دولارًا للطن المتري

رفعت الهند ضريبة الأرباح غير المتوقعة على النفط الخام المنتج محليًا إلى 53.5 دولارًا للطن المتري في آخر تحديث معتمد من الجهات المختصة خلال يوم 4 مارس/آذار 2023.

ويزيد هذا التحديث بنسبة 1.15% عن آخر مراجعة نصف شهرية في 16 فبراير/شباط 2023، إذ يجري تحديث الضريبة كل أسبوعين وفقًا للأسعار العالمية.

وكلفت الحكومة الهندية شركة النفط والغاز الحكومية "أو إن جي سي" بتحديد الأصول والمواقع البحرية التي يمكنها الاستفادة بالخبرات الأجنبية، وكذلك المشروعات التي يمكن للشركات المشاركة فيها.

وأطلقت الهند حملة تنقيب بقيمة 4 مليارات دولار خلال المدة من 2022 إلى 2025، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

شركات النفط والغاز العالمية
منصة استخراج تابعة لشركة شيفرون الأميركية - الصورة من موقع الشركة

وستركز الحملة على أنشطة المسح الزلزالي بعدد من الأحواض غير المستكشفة من الفئة الثانية والثالثة وأصول المياه العميقة، بمساعدة فنية من شركة توتال إنرجي الفرنسية.

وتطمح شركة النفط والغاز الحكومية "أو إن جي سي" لتطوير قدراتها التقنية في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة في تطوير مربعات المياه العميقة الغنية بالغاز، ولا سيما مناطق "ماهاندي" و"أنداماناس"، قبالة الساحل الشرقي للهند .

ووقعت الشركة الهندية في أغسطس/آب 2022، اتفاقية مع شركة إكسون موبيل الأميركية للتعاون في استكشاف المياه العميقة للسواحل الشرقية والغربية للبلاد.

ويركز الاتفاق على أحواض كريشنا غودافاري، وكوفيري، الواقعة بالمنطقة البحرية الشرقية، وحوض كوتش مومباي في المنطقة البحرية الغربية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

شركة شيفرون

كما أبرمت اتفاقًا آخر في سبتمبر/أيلول 2022، مع شركة شيفرون نيو فينشرز التابعة للشركة الأميركية الأم "شيفرون كوربوريشن" ومقرها كاليفورنيا، لتقييم إمكانات الاستكشاف في الهند.

ويلاحظ المراقبون أن هذه الاتفاقات تنحصر في تقديم المساعدة الفنية لشركة النفط الوطنية الهندية دون الالتزام بتطوير أي حقول نفط أو غاز بواسطة الشركات الأجنبية نفسها كما هو معروف في المجال، وفقًا لكبير الباحثين في منصة إس آند بي غلوبال مانسي أناند.

ويشدد أناند على ضرورة تطوير هذه الاتفاقيات ونقلها من مراحل المساعدة الفنية إلى ما هو أبعد؛ أملًا في مشاركة الكيانات الدولية في جولة المزايدة الثامنة للاستكشاف المرتقب طرحها في الهند خلال عام 2023.

توقعات الإنتاج 2024

انخفض إنتاج شركة الهند الحكومية من النفط الخام والمكثفات بنسبة 3.7% إلى 21.71 مليون طن متري خلال السنة المالية المنتهية مارس/آذار 2022.

كما انخفض إنتاجها من الغاز الطبيعي بنسبة 5% إلى 21.68 مليار متر مكعب خلال العالم المالي نفسه، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ولا تتوقع الشركة زيادة إنتاجها أعلى من 1% خلال السنة المالية المنتهية مارس/آذار 2023، بينما ترجح زيادة الإنتاج بنسبة تتراوح بين 4 و5% في العام المالي المقبل 2024، استنادًا إلى توقعات بزيادة الإنتاج من أصولها في المياه العميقة.

وتعتمد نيودلهي في الوقت الحالي على استيراد 80% من احتياجاتها النفطية من الخارج عبر التفاوض مع 39 دولة منتجة ومصدرة بدرجات وكميات متفاوتة.

وزادت مصافي التكرير الهندية من اعتمادها على النفط الروسي المقدم لها بأسعار وخصومات سخية منذ العام الماضي (2022)، حتى الأشهر الأولى من عام 2023.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق