طاقة متجددةالتقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

مشروعات الطاقة النظيفة.. 1550 شركة أميركية تبحث عن الخلاص بعد انهيار سيليكون فالي

محمد عبد السند

تواجه مشروعات الطاقة النظيفة في أميركا تحديات ضخمة، لا سيما أن الشركات العاملة في مجال التقنية النظيفة لم تستفق بعد من الصدمة الناجمة عن انهيار بنك سيليكون فالي الذي كان يُسهم بنصيب الأسد -تقريبًا- في تمويل هذه المشروعات.

لكن الكُلفة المنخفضة المقترنة بتلك المشروعات، تُغري -بدورها- البنوك الكبرى الأخرى لأن تحل محل سيليكون فالي، وتضطلع بمنح القروض للشركات الناشئة التي اقتحمت تلك الصناعة الواعدة منذ سنوات قليلة.

وفي هذا السيناريو، سارع أكثر من 1550 شركة عاملة في مشروعات الطاقة النظيفة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية، وتخزين البطاريات، والهيدروجين في الولايات المتحدة الأميركية، إلى إعادة توحيد صفوفها في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي الأسبوع الماضي، والذي كان قد منحهم قروضًا تشغيلية بمليارات الدولارات، حسبما أورد موقع "كوربوريت نايتس".

وكان بنك سيليكون فالي، الذي انهار بعد عام من الانكماش التدريجي في عملياته المصرفية، ينخرط في تمويل 62% من مشروعات الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة الأميركية، ما يعني -غالبًا- أنه يخدم المناطق والأحياء منخفضة الدخول، حسبما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

ويأتي انهيار سيليكون فالي في وقت بالغ الحساسية بالنسبة إلى صناعة ناشئة يُنظر إليها على أنها مركز الجهود الرامية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للتغيرات المناخية التي تهدد بمحو كوكب الأرض، وفق ما ذكرته صحيفة "تايمز" البريطانية.

وبينما هرعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى اتخاذ خطوات ملموسة نهاية الأسبوع، في إطار مساعيها لاحتواء الانهيار الفوري لآلاف الشركات العاملة في تقنيات المناخ ومشروعات الطاقة النظيفة، لكنها لم تقدر على إيجاد ولو مشترٍ واحد لديه رغبة في الاستحواذ على حافظة الإقراض المحلية التابعة لبنك سيليكون فالي، ما سيترك بعض الشركات الكبرى تكافح من أجل تأمين خطوط ائتمان جديدة، حسبما رأى موقع "إي أند إي نيوز".

ويُعد انهيار سيليكون فالي هو الأكبر في القطاع المصرفي الأميركي على الإطلاق منذ الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها في عام 2008.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا:

استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا خلال 2022

بنك مناخي

قال الرئيس التنفيذي لشركة "أركاديا" -أكبر مزود للمستهلك بالطاقة الشمسية المجتمعية في أميركا- كيران بهاتراغو: "سيليكون فالي كان بمثابة بنك مناخي"، وفق تصريحاته التي أدلى بها لصحيفة "تايمز".

وأوضح بهاتراغو: "حينما تكون لديك غالبية العمليات المصرفية بالسوق عبر مؤسسة واحدة، سيكون ثمة الكثير من الأضرار".

وبدورها، قالت الشريكة الإدارية في شركة "فوييجر" -المتخصصة في الاستثمارات المناخية- ساره سكلارسيك، إن الأزمة جاءت في الوقت الذي صارت فيه تقنية المناخ "واحدة من النقاط المضيئة القليلة وسط حالة الانكماش التي يشهدها قطاع التكنولوجيا بوجه عام".

وأوضحت سكلارسيك: "هؤلاء (الشركات) ليسوا أشخاصًا في بنك سيليكون فالي يبنون تطبيقات لمشاركة الصور، ولكنها كيانات منتشرة في أنحاء البلاد، في ديترويت وتكساس وكل مكان، يصنعون أشياء مهمة".

من جانبه، قال الكاتب الصحفي لو دين: "فتح بنك سيليكون فالي خط تعامل مع رواد التكنولوجيا النظيفة منذ نحو 15 عامًا، ليسبق بذلك معظم أقرانه من البنوك الأخرى"، في مقالة نشرتها مجلة "فوربس" الأميركية.

وأوضح لو دين: "تلك رسالة إلى العديد من رواد التكنولوجيا النظيفة، وفي القلب منها مشروعات الطاقة الشمسية، مفادها بأن هذا البنك هو ملك لهم، كما أنها تعني أن البنك يمتلك خبرة واسعة في هذا القطاع".

5 مليارات للقروض والاستثمارات

في العام الماضي (2022)، أعلن بنك سيليكون فالي التزامه بتخصيص ما إجمالي قيمته 5 مليارات دولار للقروض والاستثمارات ذات الصلة بالاستدامة، مقارنة بمئات الملايين من الدولارات الممنوحة من البنوك العامة الكبيرة.

وفي هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي لو دين قبل إعلان خطة الإنقاذ الفيدرالية: "إذا ما كنت لاعبًا في صناعة التكنولوجيا النظيفة، لكنت قد أحببت كل ما يفعله البنك، لكنك الآن تجد نفسك غير قادر على الوصول إلى أموالك".

ومع ذلك، فإنه وحتى مع الإجراءات التي اتخذتها السلطات الفيدرالية الأميركية لتأمين أموال المودعين في سيليكون فالي، فإن انهيار المصرف يترك عملاءه السابقين دون الأموال التي يعولون عليها للمحافظة على عملياتهم وتوسيعها.

وفي ضوء هذا السيناريو، قال المحلل التقني في مؤسسة "ويدبش سيكيوريتيز"، دانييل إيفيز، إن سيليكون فالي كان البنك الذي يسارع بالتجاوب معك، بعكس الحال مع البنوك الكبرى الأخرى، مؤكدًا أن انهياره "سيدفع البنوك الأخرى إلى تشديد الشروط المالية بالنسبة إلى الشركات الناشئة".

رياح معاكسة عديدة

أوضح المحلل التقني في مؤسسة "ويدبش سيكيوريتيز"، دانييل إيفيز: "هذا يجعل انهيار سيليكون فالي ضربة موجعة إلى الشركات الناشئة التقنية التي ما تزال في مراحلها الأولى أو حتى التالية، وتتطلع للحصول على التمويل اللازم".

وقال مؤسس مجموعة "غريت سيركل كابيتال أدفايزورز"، دانييل فيرغر: "كل تلك الأشياء بدأت تلوح آثارها في الأفق".

وأردف فيرغر: "إلى أي مدى يستطيع مؤسسو شركات تقنية المناخ التي ما تزال في مراحلها الأولى، المضي قدمًا ومواجهة هذه الرياح المعاكسة؟".

وواصل: "إذا توقفت عجلة التمويلات للشركات المناخية التي ما تزال في مراحلها الأولى، في تلك السنوات الحرجة، فستكون تلك مُعضلة كبرى"، في تصريحاته لصحيفة "تايمز".

وقال المؤسس المشارك لشركة "غالفانايز كليميت سوليوشنز"، توم ستيير، إن سيليكون فالي كان بنكًا لديه رغبة في العمل مع الشركات الناشئة في شمال كاليفورنيا، حتى دون أن يقدم أصولًا أو تدفقات نقدية إلى تلك الكيانات، في تصريحات أدلى بها لشبكة "بلومبرغ".

وأضاف ستيير: "رغم تلك المخاطر، لم يكن هذا هو السبب الذي وضعهم وجهًا لوجه أمام المشكلات.. ولكن كانت الطريقة التي أدارت بها تلك الشركات موازناتها".

في المقابل، أكد العديد من المحللين أن الخسارة ستكون فادحة في مشروعات الطاقة النظيفة، وأن رواد الأعمال في تلك المشروعات ليسوا بمأمن عن المخاطر.

وفي هذا الخصوص، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة "سوباك"، التي تعمل في مجال المناخ وغير هادفة للربح ومقرها المملكة المتحدة، آكالا دي ألويس: "حينما نتحدث عن الإبداع المناخي، فإننا نتحدث عن تطوير تقني قائم على التجربة، بل وفي بعض الأوقات يكون محفوفًا بالمخاطر"، في تصريحات لـ"بلومبرغ".

وأوضحت أن هذا يعني استثمارات ضخمة وطويلة الأجل في المعدات الصلبة "الهاردوير" والتكنولوجيا.

وتابعت: "السؤال الآن: إذا لم يكن انهيار سيليكون فالي سيفاقم الأوضاع في تلك الشركات، فمَن إذًا؟".

مشروعات الطاقة النظيفة وانهيار سيليكون فالي
ألواح شمسية- الصورة من lightinus

من البديل؟

بينما سيكون لانهيار سيليكون فالي تداعيات مُحققة على مشروعات الطاقة النظيفة، يشير بعض المسؤولين التنفيذيين في الصناعة إلى الخطوات الواجب اتخاذها من أجل إعادة التوازن والاستقرار إلى عملياتهم المصرفية.

فعلى سبيل المثال قالت الرئيسة التنفيذية لشركة "صن رن" -عملاقة الطاقة الشمسية المركبة على الأسطح-، ماري باول، إن شركتها كان لديها ودائع تقل عن 80 مليون دولار في بنك سيليكون فالي، مضيفة أنها شعرت بسعادة إزاء إعلان الحكومة الفيدرالية ضمان إتاحة تلك الأموال.

وأوضحت باول: "بخلاف ذلك، (صن رن) لديها علاقات مصرفية طويلة الأمد مع عدد كبير من المؤسسات المصرفية، وسنظل على ثقة في قدراتنا على استبدال بنوك أخرى بـ(سيليكون فالي)".

وبالمثل، قالت شركة "نوتيلوس سولار إنرجي" المتخصصة في الطاقة الشمسية المجتمعية، إنها لم تتأثر أبدًا بانهيار سيليكون فالي، بيد أنها أعربت عن دعمها لـ"الشركات التي تضررت في صناعتنا".

كما أشارت شركة "صنوفا" المتخصصة في الطاقة الشمسية المنزلية إلى أن تأثرها بانهيار سيليكون فالي كان محدودًا، موضحة أن الأخير كان المُقرض لواحدة من عملياتها.

مشروعات منخفضة المخاطر

قال محلل أبحاث الطاقة في مؤسسة "بافل مولكانوف"، ريموند جيمس، إن البنوك الأميركية لديها "نهم شديد" لمشروعات الطاقة النظيفة، والطاقة المتجددة الأخرى، بسبب "تراجع المخاطر" المصاحبة لتلك المشروعات، وهذا الاهتمام الكبير سيضمن أن ثمة بنوكًا أخرى ستسارع لأن تحل محل سيليكون فالي.

وفي هذا الخصوص، قال الرئيس التنفيذي لشركة "أركاديا"، كيران بهاتارغو: "ثمة ممولون آخرون سيرغبون في سد الهوة؛ نظرًا إلى أن تلك المشروعات تعد من أفضل مشروعات البنية التحتية في الولايات المتحدة الأميركية".

وتابع محلل أبحاث الطاقة في مؤسسة "بافل مولكانوف"، ريموند جيمس: "القضية الأكثر إلحاحًا بالنسبة إلى مطوري مشروعات الطاقة النظيفة في الشهور الأخيرة كانت هي تكلفة رأس المال، التي ارتفعت مع ارتفاع أسعار الفائدة".

وأردف: "هذا يعني أن شركات الطاقة الشمسية المجتمعية لديها وفرة سيولة، ولكن بتكلفة مرتفعة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق