التقاريرأسعار النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةعاجلنفط

وزير هندي: أنقذنا أسعار النفط من الارتفاع إلى 300 دولار للبرميل

الطاقة المتجددة والوقود التقليدي جناحا الانتقال الآمن في الهند

هبة مصطفى

أدت الهند دورًا رئيسًا في حماية أسعار النفط من تسجيل قفزة غير مسبوقة تصل إلى 300 دولار للبرميل، بإبقاء العرض والطلب على الصعيد العالمي في مستوى متوازن.

ولسنوات طويلة، ركّزت نيودلهي على توسعة نطاق مورّدي النفط الخام إليها، وطورت علاقتها مع دول رئيسة بأسواق الطاقة، لتحتلّ موقع ثالث أكبر المستوردين العالميين.

ولم تكتفِ الدولة الآسيوية بذلك، بل خططت لإحداث توازن بين المضي قدمًا نحو ضمان أمن الطاقة عبر استكشاف المزيد من أنواع الوقود حتى وإن كانت تقليدية، وبين مواصلة مسار تطوير الطاقة المتجددة.

وكان تأثير أزمة الطاقة -التي ضربت الأسواق العالمية العام الماضي (2022)- محدودًا بالنسبة للهند، في ظل سعيها لإحداث توازن بين موارد الطاقة بأنواعها، بحسب مقال كتبه وزير النفط الهندي "هارديب سينغ بوري" نُشر في صحيفة ذي إنديان إكسبريس (The Indian Express).

ميزان العرض والطلب

أسهمت الهند في إحداث توازن بين العرض والطلب على المستوى العالمي في نطاق يتراوح بين 98 و100 مليون برميل يوميًا، بإقبالها على شراء المنتجات النفطية من دول محددة.

ودفع ذلك نحو سيطرة سلسلة القيمة على مستوى أسعار النفط في نطاق معقول، ما وفّر الحماية للأسعار من الارتفاع إلى مستوى قياسي يُقدَّر بنحو 300 دولار للبرميل، حسب مقال الوزير الهندي.

أسعار النفط
وزير النفط الهندي هارديب سينغ - الصورة من Current Affairs

ويبدو أن جهود نيودلهي لتوسعة شبكة مورّدي الخام خلال السنوات الماضية أتت ثمارها، إذ قفزت تعاملاتها النفطية من 27 دولة إلى 39 دولة، بهدف ضمان موثوقية وأمن الإمدادات.

وزاد معدل تجارة الطاقة بين الهند وأميركا إلى 13 ضعفًا خلال السنوات الـ4 الأخيرة، كما توسعت مؤخرًا في استيراد النفط الخام من روسيا.

وكانت منافع هذه السياسة الشرائية -التي دفعت الهند لتحتلّ موقع ثالث أكبر مستوردي النفط في العالم- مزدوجة، فمن ناحية ضمنت للمستهلكين المحليين إمدادات بأسعار ملائمة وعدم الوقوع في براثن أزمة الطاقة، ومن ناحية أخرى كان لها بالغ الأثر في ضبط أسعار النفط والأسواق العالمية.

الهند وأزمة الطاقة

بجانب إسهامها في ضبط مستويات أسعار النفط، اتّبعت الهند إستراتيجية من شأنها العمل بواقعية وتوازن، بهدف ضمان توافر موارد الطاقة وتحمّل تكلفتها.

وبينما غرقت الأسواق العالمية بين مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان نقص الإمدادات مع تفاقم أزمة الطاقة، كان المشهد في الدولة الواقعة جنوب القارة الآسيوية مختلفًا بعض الشيء.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور أسعار النفط يوميًا، خلال المدة من يناير/كانون الثاني العام الماضي (2022) حتى فبراير/شباط العام الجاري (2023):

أسعار النفط اليومية منذ بدء حرب أوكرانيا

وسجلت أسعار الديزل في الهند تراجعًا، رغم ارتفاع أسعار البنزين والديزل بمعدل يتراوح بين 35 و40% في كل من أميركا، وكندا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة.

وعلى مدار العام الماضي (2022)، لم تشهد نيودلهي نقصًا في إمدادات الوقود بأيٍّ من ولاياتها، رغم عدم قدرة جيرانها على تلبية الطلب خلال موجات الجفاف وانقطاعات الكهرباء.

ونجحت الهند في إدارة تداعيات أزمة الطاقة على الصعيد المحلي، عبر فرض إجراءات، من بينها إقرار تخفيضات على ضرائب الإنتاج وضريبة القيمة المضافة أكثر من مرة.

وتحملت شركات الطاقة التابعة للقطاع العام خسائر باهظة مقابل عدم شعور المستهلكين بارتفاعات أسعار النفط والغاز في السوق الدولية، وفرضت الحكومة المركزية ضرائب على صادرات البنزين والديزل والإنتاج المحلي، للسيطرة على محاولات المصافي جني أرباح على حساب المستهلكين.

خطوات انتقالية

تقتنص الهند -وحدها- ما يعادل "ربع" الطلب العالمي على الطاقة خلال المدة بين عام 2020 و2040، بالنظر إلى سرعة نمو اقتصادها مقارنة بالاقتصادات العالمية، بحسب ما نقله المقال عن بيانات شركة النفط البريطانية بي بي وتقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وكان لزامًا على نيودلهي اتّباع إستراتيجية قائمة على التوازن والواقعية، لتلبية طلب أعداد المستهلكين الكبيرة لدى الدولة الآسيوية على الطاقة وضمان أمن الإمدادات في ظل تقلبات أسعار النفط والموارد ونقص بعضها.

أسعار النفط
مرافق نفطية تابعة لشركة إنديان أويل - الصورة من Outlook India

وواصلت البلاد استيراد المنتجات المكررة دعمًا للإسهام في استقرار أسعار النفط بالأسواق الدولية من جهة، وتلبية الطلب المحلي من جهة أخرى.

وبالتوزاي مع ذلك، عززت الهند اتجاهًا مزدوجًا باستكشاف الوقود التقليدي، جنبًا إلى جنب مع انتقال الطاقة، وبفضل ذلك وصفت شركة "وود ماكنزي" للاستشارات نيودلهي بأنها "وجهة جاذبة للطاقة والكهرباء".

وتستهدف الحكومة المركزية زيادة رقعة الاستكشاف من 8% إلى 15% بحلول عام 2025، بما يصل إلى نصف مليون كيلومتر مربع، ما يرفع المساحة المخصصة للاستكشاف في البلاد إلى مليون كيلومتر مربع.

ويأتي هذا جنبًا إلى جنب مع زيادة وتيرة إنتاج البتروكيماويات وقدرات التكرير في البلاد، لتحتلّ نيودلهي المرتبة الـ4 ضمن قائمة أكبر مصدّري المشتقات النفطية في العالم.

وفي ظل تقلُّب أسعار النفط الدولية، عززت جهود التكرير المحلية من احتواء انعكاس أزمة الوقود العالمية على الدولة الآسيوية.

وبالحديث عن انتقال الطاقة، برز الغاز كونه مصدر وقود مهمًا لدى الهند، إذ زاد عدد الأسر المعتمدة عليه بصفته وقودًا نظيفًا للطهي خلال العقد الماضي، كما ارتفع عدد محطات الغاز الطبيعي المضغوط إلى 4 آلاف و900 محطة حتى العام الجاري (2023)، وزاد معها طول شبكة خطوط أنابيب النقل إلى 22 ألف كيلومتر.

أين موقع الأهداف المناخية؟

لم تنسَ الهند خلال رحلتها على مدار العام الماضي (2022) لضمان أمن الطاقة المحلي ودعم استقرار أسعار النفط الدولية، الأهداف المتعلقة بالتزاماتها المناخية والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة.

ولضمان أمن الطاقة لمدة 25 عامًا مقبلة، تخطط الدولة الآسيوية للاعتماد على الطاقة المتجددة والوقود التقليدي معًا، وفق ما ورد في مقال وزير النفط الهندي.

وسبق أن جدد رئيس الوزراء ناريندرا مودي تمسُّك بلاده بالتزامات مكافحة تغير المناخ لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070، والسعي لخفض الانبعاثات بحلول نهاية العقد الجاري (2030) بما يصل إلى مليار طن.

وأطلقت الدولة الآسيوية -العام الماضي (2022) أيضًا- إستراتيجيتها الوطنية للهيدروجين الأخضر، بهدف إنتاج 4 ملايين طن سنويًا بتكلفة تصل إلى 19 ألفًا و744 كرور روبية، بالإضافة إلى استهداف إنشاء نظام بيئي يقوم على الهيدروجين بحلول نهاية العقد.

(روبية هندية = 0.012 دولارًا أميركيًا)

(كرور = وحدة بنظام الترقيم الهندي تعادل 10 ملايين)

ويلخص الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز الرسائل الهندية خلال انعقاد قمة المناخ كوب 26، في المملكة المتحدة عام 2021:

رسائل الهند في قمة المناخ كوب 26

ومن زاوية أخرى، تركّز نيودلهي على مواصلة مسار النقل النظيف ونشر السيارات الكهربائية، ودعم ذلك بحوافز وإعفاءات وربطها بإنتاج خلايا وقود تصل إلى 50 غيغاواط/ساعة.

واهتمت -أيضًا- بتطوير الوقود الحيوي ودعم تقنيات مزج البنزين بالإيثانول، مع التخطيط لتجريبه في 15 مدينة خلال العامين المقبلين، وتعكف -حاليًا- على إنشاء 5 محطات يمكنها تحويل المخلّفات الزراعية إلى وقود حيوي.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق