تكنو طاقةتقارير التكنو طاقةرئيسية

ابتكار نوع خارق من الموصلات الفائقة للكهرباء

بداية من القطارات والهواتف إلى السيارات الكهربائية والاختبارات الطبية

رجب عز الدين

اكتشف مجموعة من العلماء نوعًا خارقًا من الموصلات الفائقة للكهرباء يمكنه أن يعمل في درجة الحرارة العادية؛ ما قد يحدث ثورة في عالم النقل والمواصلات والصناعات الإلكترونية الحديثة.

ونشرت مجلة "نيتشر" الأميركية العلمية المتخصصة بحثًا لمجموعة علماء في جامعة روتشستر حول اكتشافهم نوعًا من المواصلات يمكنه أن يعمل في درجة حرارة الغرفة وتحت ضغط أقل.

ويتوقع الباحثون المشاركون في الدراسة أن يحدث ابتكارهم ثورة في عالم الشبكات الكهربائية؛ إذ يمكن إنشاء شبكات دون فاقد؛ ما يعني حل مشكلة هدر التيار المعروفة في أوساط النظم الكهربائية الحديثة، وفقًا لموقع لصحفية وول ستريت جورنال الأميركية.

كما سيحدث هذا النوع من الموصلات الفائقة للكهرباء ثورة في عالم النقل والمواصلات المعتمدة على نظم مغناطيسية ضخمة، كما في حالة قطارات السكك الحديدية فائقة السرعة.

ثورة في عالم القطارات

الموصلات الفائقة للكهرباء
قطار كهربائي من صنع شركة ألستوم الفرنسية - الصورة من موقع الشركة

يمكن رفع القطارات فوق قضبان تعتمد على هذا النوع من الموصلات الفائقة التي لا تتطلب أنظمة تبريد مكلفة؛ نظرًا إلى قدرة الموصلات نفسها على العمل في درجة الحرارة العادية وتحت ضغط أقل بكثير من أنظمة الموصلات الحالية.

وتعتمد فكرة رفع القطارات هذه على ظاهرة مشهورة في علم الفيزياء تسمى "تأثير مايسنر" نسبةً إلى العالم الألماني المكتشف لها في عام 1933.

وتتلخص ظاهرة "مايسنر" في ملاحظة طرد بعض المواد لمجالها المغناطيسي؛ ما يعني أنك إذا وضعت موصلًا فائقًا للكهرباء بالقرب من مغناطيس فسيرتفع لأعلى.

ويعتقد فريق الباحثين المكتشفين لهذا النوع الجديد من الموصلات الفائقة للكهرباء، إمكان استخدام هذه الفكرة في عالم السكك الحديدية عبر رفع القطارات فوق قضبان متصلة بهذه النوعية من الموصلات.

ويقول الباحث المشارك في ورقة الابتكار المنشورة رانجا دياس، إن هذا الابتكار سيقلب كل الموازين والمعايير المشهورة في مجال تخزين الكهرباء ونقلها بالصناعات الحديثة كافة.

بطاريات أطول نفسًا

يتوقع الباحث الذي يحمل درجة أستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية والفيزياء بالجامعة، أن تسهم الموصلات الفائقة للكهرباء الجديدة في إحداث ثورة في صناعة البطاريات الحديثة المستخدمة بأجهزة الحواسب الآلية والهواتف الشخصية والسيارات الكهربائية.

ويمكن استخدام هذا النوع من الموصلات الفائقة للكهرباء في صناعة بطاريات لا تفقد الحرارة بسرعة؛ ما قد يطيل من عمر الحواسب الآلية والهواتف ويسمح للسيارات الكهربائية بالسير لمسافات أطول دون إعادة شحن سريعة.

واعتمد علماء جامعة روتشستر الأميركية في ابتكارهم الجديد على إضافة مادة النيتروجين ومعدن أرضي نادر يطلق عليه "اللوتيشيوم"، إلى الهيدروجين بدلًا من مواد الكبريت والكربون التي يعتقد أنها السبب في ارتفاع حرارة الموصلات الفائقة للكهرباء الحالية وحاجتها لأنظمة تبريد ذات تكاليف باهظة.

وأجرى الباحثون تجارب تسخين وضغط لهذه المواد مع بعضها باستخدام وسيط من الماس، وأطلقوا على المادة الناتجة من هذه العملية "المادة الحمراء"، بعد ملاحظتهم تغير لون المادة من الأزرق إلى الوردي، ثم إلى الأحمر عند وضعها تحت الضغط.

طفرة في غضون 5 سنوات

الموصلات الفائقة للكهرباء
مبتكر الموصل الفائق د. رانجا دياس - الصورة من نيويورك تايمز

توصل الباحثون إلى أن هذه المادة الحمراء يمكن تطويرها للعمل في درجات الحرارة العادية وتحت ضغط أقل بكثير من المستويات المعروفة في الأوساط العلمية الحديثة.

وأثنى عالم الأبحاث في المختبر الوطني للأبحاث المغناطيسية بجامعة فلوريدا ستانلي تورز، على نتائج الدراسة التي لم يشارك بها، واصفًا نتائجها بالمذهلة.

وقال تورز إن نتائج زملائه في جامعة روتشستر تقع في نطاق ما يفكر فيه المهندسون ويمكن تطويرها إلى منتج قابل للتنفيذ والتداول التجاري.

ويتوقع عالم الفيزياء، المشارك في الدراسة، أشكان سلامات، نجاح الفريق فى ترجمة هذا الابتكار إلى أجهزة ذات موصلات فائقة التوصيل في غضون 5 سنوات.

سيارات كهربائية مختلفة

إذا صدقت توقعات سلامات؛ فمن المتوقع أن نجد طرازات أحدث من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة يمكن تشغيلها لمدد أطول بكثير من المعروف -حاليًا- في أوساط الصناعات الإلكترونية.

كما يمكن دمج هذه الموصلات في بطاريات السيارات الكهربائية؛ ما قد يحدث ثورة في عالم النقل البري ويوفر في استهلاك الكهرباء عالميًا.

كما يساعد هذا الابتكار بصورة غير مباشرة في معالجة قضايا البيئة والمناخ والاحتباس الحراري وخفض الانبعاثات، عبر مساهمته في تشجيع التحول نحو الكهرباء النظيفة في مجالات الحياة اليومية والصناعية كافة.

وحال استخدم الابتكار في إنشاء شبكات كهربائية فائقة التوصيل؛ فستكون قادرة على تخزين الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح ونقلها لمدد طويلة عبر مسافات كبيرة دون خسائر الهدر المعروفة في القطاع، وفقًا لعالم الفيزياء أشكان سلامات.

وداعًا لهدر الكهرباء

تقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية حجم الهدر في عمليات نقل وتوزيع الكهرباء بين ولايات البلاد بما يزيد على 5% من إجمالي الإنتاج، خلال الأعوام الـ5 الممتدة من 2017 إلى 2021.

كذلك يمكن لهذا الابتكار أن يحدث ثورة في عالم الاختبارات الطبية "الأشعة" التي تعتمد على التصوير بالرنين المغناطيسي، عبر استحداث أجهزة رنين محمولة أصغر حجمًا لا تحتاج إلى أنظمة تبريد.

ورغم ثناء بعض العلماء على نتائج دراسة العلماء من جامعة روتشستر؛ فإن بعض الباحثين في مجال الفيزياء ما زالوا يعتقدون أنها بحاجة إلى دراسات أخرى للتأكد من فرضياتها ونتائجها ومنهجيتها في جمع البيانات وتحليلها.

ويستند هؤلاء المتريثون إلى نتائج أعمال بحثية سابقة لمجموعة جامعة روتشستر في عام 2020، لم تحظَ بثقة كبيرة بين العلماء الذين تتبعوها بالتدقيق والتحقق والتجريب، وفقًا لعالم الفيزياء بجامعة جنيف ديرك فان ماريل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق