أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةعام على حرب أوكرانيانفط

أنس الحجي: أسواق النفط تواجه 3 آثار سلبية بسبب الحرب في أوكرانيا (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أسواق النفط والغاز تأثرت بشدة بسبب الحرب في أوكرانيا، التي بدأت في 24 فبراير/شباط (2022).

وأوضح الحجي، خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها بعنوان "بعد عام على غزو أوكرانيا.. كيف غيّرت الحرب الأسواق العالمية للنفط والغاز؟.. وما التوقعات المستقبلية في ظل استمرار هذه الحرب؟"، أن الأسواق بدأت تتأثر بشكل فعلي في مارس/آذار 2022.

وأضاف الدكتور أنس الحجي أن الأثر الأول الذي شهدته أسواق النفط جراء الحرب في أوكرانيا، كان تغيُّر اتجاهات وحركة التجارة الدولية للنفط الخام، بالإضافة إلى أثر مماثل في تجارة الفحم والغاز، "وهو أمر له عواقبه".

اتجاهات تجارة النفط الدولية

قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن تغير اتجاه التجارة الدولية في أسواق النفط العالمية له عدّة أمثلة، موضحًا أنه في ديسمبر/كانون الأول 2021، أي قبل شهرين ونصف من بدء الحرب في أوكرانيا، لم تتخطَّ واردات الهند من النفط الروسي 1% من إجمالي وارداتها العالمية.

ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم واردات الهند النفطية حتى مارس/آذار 2022، ومن بينها النفط الروسي:

صادرات النفط الروسية ضمن مزيج واردات الهند

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أي بعد عام واحد ونحو 10 أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا، بلغت نسبة واردات الهند من النفط الروسي، من إجمالي وارداتها الكلية، نحو 21%، قبل أن تزيد في يناير/كانون الثاني 2023، لتمثّل نحو 24%، وفق الدكتور أنس الحجي.

وأضاف: "هذا المثال يؤكد وجود قفزة ضخمة بتغير اتجاهات التجارة العالمية في أسواق النفط، والأمر نفسه ينطبق على الصين، التي زادت وارداتها من النفط الروسي في البداية بشكل كبير، ولكن عند الحديث عن روسيا وبياناتها، يجب أن نكون حذرين جدًا".

وتابع: "بالنسبة لمتابعي أسواق النفط والطاقة، يجب الانتباه إلى أن التركيز من الآن فصاعدًا سيكون على البيانات الرسمية وغير الرسمية، لأن البيانات الرسمية تقول، إن واردات الصين من النفط الروسي تنخفض خلال الـ4 أو 5 أشهر الأخيرة من 2022، ولكن البيانات غير الرسمية تكشف أن هذه الواردات زادت بشكل كبير".

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن واردات الصين من النفط الروسي زادت، لأن جزءًا منها يأتي عبر دول أخرى، بينما الجزء الآخر يأتي من خلال السوق السوداء التي لا يتابعها أحد، لذلك يجب عند مطالعة الأخبار تذكُّر أن هناك فارقًا بين البيانات الرسمية وغير الرسمية.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم الخام الروسي المبيع للمصافي في أوروبا وآسيا قبل العقوبات الأخيرة:

رسم يوضح المصافي التي تشتري النفط الروسي

وأردف الحجي: "حتى في دول الخليج، هناك بعض البيانات الرسمية تقول، إنه لا يوجد استيراد من روسيا بعد الحرب في أوكرانيا، بينما في الحقيقة تكشف البيانات الرسمية أن هناك استيرادًا كبيرًا من موسكو عبر دول ثالثة، التي يأتي النفط الروسي من خلالها".

وأشار الحجي إلى أن بعض الدول تمرّ من خلال الشحنات إلى أسواق النفط المختلفة، ضاربًا مثلًا بدولة ماليزيا، التي تعدّ صادراتها من النفط أكبر من إنتاجها، ما يشير إلى أنها تشتري النفط من دول أخرى، ثم تعيد تصديره من جديد.

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن البيانات غير الرسمية تشير إلى أن النفط الذي تصدّره ماليزيا ليس ماليزيًا، وإنما معظمه إيراني، يمرّ من خلال دولة ثالثة إلى الجهة التي يُصَدَّر إليها، لذلك فإن البيانات الرسمية كثيرًا ما تكون مضللة، ويجب الانتباه إلى ذلك.

مخزونات الصين التجارية والإستراتيجية

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الأثر الثاني في أسواق النفط العالمية، الذي أسفرت عنه الحرب في أوكرانيا، وما تبعها من عقوبات واهتزازات، هو ملء الصين لمخزوناتها التجارية والإستراتيجية من النفط الخام.

وأضاف: "عندما كانت أسعار النفط ترتفع، خلال العام 2021، عملت الصين على سحب كميات كبيرة من مخزوناتها الإستراتيجية النفطية، لتمنع أسعار النفط من الوصول إلى 100 دولار للبرميل، وهو الهدف الذي نجحت في تحقيقه بالفعل".

أسواق النفط بعد الحرب في أوكرانيا
ناقلة النفط فولغا ريفر تاغانروغ التي ترفع العلم الروسي تعبر مضيق البوسفور - الصورة من سي إن بي سي

وأوضح الحجي أن استعمال الصين للمخزون الإستراتيجي يعني أنه ينخفض بشكل كبير، كما أن الطلب العالمي في أسواق النفط عادة ما ينخفض خلال الربع الأول من كل عام، لذلك، فإن الصين استعملت مخزوناتها في 2021، ثم خلال الربع الأول من 2022 ينخفض الطلب على النفط وتنخفض أسعاره، فتعود بكين إلى ملء مخزونها من النفط منخفض السعر.

 

ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، لم تسر الأمور بهذا الشكل، فما حدث هو أن بوتين بدأ الحرب في أوكرانيا، ومن ثم ارتفعت الأسعار بشكل كبير، الأمر الذي أوقع الصين في مأزق، ولكنها استطاعت ملء المخزون لاحقًا بسهولة وبأسعار رخيصة.

ولفت إلى أن هناك سببين مكّنا بكين من ملء مخزوناتها الإستراتيجية بسهولة وبأسعار رخيصة، السبب الأول هو تعاقداتها مع موسكو، التي نصّت على شراء النفط الروسي بأسعار رخيصة، والسبب الثاني هو إغلاق المدن الكبرى في الصين خلال جائحة كورونا، مما أدى إلى انخفاض الطلب على النفط.

وأكد الحجي أن المخزون النفطي التجاري والإستراتيجي في الصين أكبر من المخزونات التجارية والإستراتيجية في الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، يزيد الاستهلاك الأميركي للنفط عن الاستهلاك الصيني بنحو 7 ملايين برميل يوميًا، ما يجعل بكين قادرة على ممارسة لعبة كبيرة في أسواق النفط خلال العام الجاري 2023، والعام المقبل 2024.

الحرب في أوكرانيا والسوق السوداء

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الأثر الثالث لبدء الحرب في أوكرانيا، هو تمدد السوق السوداء، لتصبح الأكبر في تاريخ أسواق النفط العالمية، التي يبلغ عمرها حاليًا ما يزيد عن 160 عامًا.

وأضاف: "على مرّ تاريخ صناعة النفط العالمية، لم نرَ أسواق النفط السوداء مثل تلك التي نراها الآن، لأنها أصبحت عملاقة بسبب تهريب النفط الروسي والإيراني والفنزويلي"، موضحًا أن المشكلة أن نوعية البيانات المتعلقة بالنفط بدأت تسوء منذ عام 2017، خاصة البيانات الأميركية.

أسواق النفط

وتابع: "هناك بعض الأمور المعروفة بشأن أسباب سوء البيانات في الولايات المتحدة، مثل سوء حالة التوظيف وغيرها من الأمور، ولكن عمومًا أصبحت البيانات سيئة، حتى في منظمة أوبك، بسبب تغييرات معينة، ووكالة الطاقة الدولية بسبب اهتمامها بشكل أكبر بالتغير المناخي".

وأوضح خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي أن البيانات أصبحت بأسوأ حالاتها في الوقت الحالي، لأن أغلب التجارة في أسواق النفط الآن أصبح مخفيًا، وهو أمر يجعل أيّ شخص قادر على ادّعاء أيّ أرقام.

في الوقت نفسه، وفق الحجي، بعض الوكالات الإعلامية، مثل رويترز وبلومبرغ، لديها برامج متصلة مع الرادارات والبرامج التي تحدد أماكن السفن، ومن ثم تستطيع أن تعرف أماكنها ووجهاتها، والأزمة هنا أن ما يصدرونه ينتشر بقوة في جميع أنحاء العالم.

وأردف: "إذا قالت هذه الجهات الإعلامية، إن إنتاج النفط الروسي ينخفض بمقدار 400 ألف برميل يوميًا، فإن الخبر ينتشر بسرعة كبيرة في كل مكان، ولكن الأزمة هنا أنهم أعلنوا عن السفن التي رصدتها أجهزة التتبع، ولم يرصدوا السفن التي اختفت في المحيطات والبحار، وهذه عددها كبير".

ونتيجة لسوء البيانات، بحسب الدكتور أنس الحجي، ستكون هناك مشكلات في أسواق النفط، منها ما يتعلق بقرارات أوبك التي تُتَّخَذ بعد دراسة البيانات، كما أن سوء هذه المعلومات هو أحد المؤثرات الرئيسة بتذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق