التقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

إعادة إحياء مصفاة سامير قد تضع حلًا لأزمة المحروقات في المغرب (تقرير)

المملكة تتلقى 15 عرضًا لشراء المصفاة الوحيدة بالبلاد

ياسر نصر

يترقب المغرب انفراجة في أزمة المحروقات، مع عودة ملف مصفاة سامير للواجهة من جديد، ومع خطط طرحها للاستثمار.

خلال السنوات الماضية تعالت الأصوات من جانب النقابات والبرلمانيين والأحزاب المطالبة بإعادة تشغيل المصفاة الوحيدة في المغرب المتوقفة منذ عام 2015.

وأكد العديد من المراقبين أن أسعار المحروقات في المغرب ما كانت لتسجل مستوياتها القياسية، إذ كانت مصفاة سامير تعمل بطاقتها، وهو ما تنفيه الحكومة، مشيرة إلى أن أسعار الوقود في المملكة مرتبطة بالأسعار العالمية التي شهدت ارتفاعات كبيرة خلال المدة الأخيرة.

صفقة الاستحواذ

تلقّى المغرب 15 عرضًا من عدّة دول خلال فبراير/شباط الماضي للاستحواذ على مصفاة سامير، وكل الأصول التابعة لها، والتي كانت مملوكة لرجل الأعمال السعودي محمد العمودي.

وفتح القضاء المغربي خلال شهر فبراير/شباط باب تلقّي العروض لشراء الشركة المغربية لصناعة التكرير المعروفة باسم "سامير"، الخاضعة للتصفية القضائية منذ 2016، بسعر يناهز 21 مليار درهم (ملياري دولار)، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

مصفاة سامير المغربية
عامل يقف داخل مصفاة سامير - أرشيفية

وتوقفت مصفاة سامير عام 2015 بعد تراكم ديونها إلى أكثر من 40 مليار درهم (3.98 مليار دولار)، نسبة منها لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، بالإضافة إلى مؤسسات مصرفية، وأدى الوضع إلى خضوع المصفاة للتصفية القضائية بقرار صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء سنة 2016.

تراوحت العروض المالية لشراء مصفاة التكرير الوحيدة في المغرب ما بين 1.8 مليار و2.8 مليار دولار، ما يعني تجاوز بعض العروض السعر الذي حدده القضاء المغربي بنحو 800 مليون دولار، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ.

وجاءت العروض الراغبة في الاستحواذ على المصفاة، التي كانت هناك مطالب للحكومة المغربية بتأميمها، من دول عدّة، في مقدمتها الإمارات والسعودية والولايات المتحدة والهند وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا.

وكان أحد أعضاء جمعية المصدّرين المغاربة قد كشف، في أكتوبر/تشرين الماضي، أنه عرض على مستثمرين سعوديين خلال "المنتدى الاقتصادي المغربي السعودي" بالعاصمة الرباط، الاستثمار بمصفاة سامير، من خلال استيراد النفط السعودي وتكريره في المغرب، ومن ثم توزيعه في السوق المحلية وتصديره للأسواق الأفريقية، وهو الأمر الذي وعدت الرياض بدراسته.

تأميم سامير

مع استمرار أزمة مصفاة سامير، التي اشتراها الملياردير السعودي محمد العمودي عام 1997، والخاضعة للتصفية القضائية منذ 2016، تعالت الأصوات في المغرب مطالبةً تأميم الشركة، وإعادة تشغيلها من أزمة وضع حلول لأزمة الوقود.

من جانبها، رفضت الحكومة هذه المطالب، مؤكدة أن ملف تشغيل مصفاة سامير أمر في غاية التعقيد؛ بسبب تراكم المشكلات والأزمات على مدى 20 عامًا، فضلًا عن أن ملف المصفاة أمام القضاء الدولي، وهو موضوع استثماري أكثر مما هو ملف خاص بأزمة أسعار المحروقات في المغرب.

وعُرضت المصفاة للبيع لأول مرة عام 2017، لكن رغم تلقّي عدد من العروض المحلية والأجنبية لم يُقبَل أيّ منها في حينه.

ويطالب المالك السابق لشركة سامير، محمد العمودي، بتعويض قدره 14 مليار درهم (1.35 مليار دولار)، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة.

في حالة حسم المحكمة التجارية بمدينة الدار البيضاء لصالح أحد العروض المقدّمة، سيكون على صاحبه تقديم ضمانة مالية عبر بنك محلي، قبل الشروع في استكمال صفقة الاستحواذ.

من جهتها، تواصلت منصة الطاقة مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب، للحصول على تعليق بشأن مدى صحة المعلومات الواردة، إذ أكدت أن "الأمر الآن في يد القضاء والمحكمة التجارية في الدار البيضاء، ولا تعليق من جانب الوزارة".

أزمة المحروقات في المغرب

بعد توقّف مصفاة سامير، أصبح المغرب يستورد كامل المشتقات النفطية المكرّرة من الخارج، وهو ما جعله عُرضة لتقلبات أسعار السوق الدولية.

مصفاة سامير المغربية
مصفاة سامير المغربية - أرشيفية

وألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها على فاتورة الطاقة في المغرب، التي سجلت ارتفاعًا كبيرًا خلال 2022، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وارتفعت فاتورة الطاقة في المغرب بنسبة 102% خلال العام الماضي، مسجلة رقمًا قياسيًا بلغ 153.5 مليار درهم (41.79 مليار دولار)، وفق بيانات رسمية صادرة عن مكتب الصرف.

أكدت مصادر أن رؤية الحكومة لمستقبل قطاع تكرير النفط ستكون عاملًا حاسمًا بالنسبة للمستثمرين في عملية الاستحواذ على مصفاة سامير، بالنظر لحجم الاستثمار الكبير المطلوب، حسبما ذكرت بلومبرغ.

كانت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي قد أكدت بتصريحات تلفازية في يوليو/تموز الماضي أن المغرب في الوقت الحالي ليس في حاجة إلى مصفاة سامير، مشددة على أن الحكومة تعمل على حلول أخرى لأزمة المحروقات، بديلة عن إعادة تشغيل مصفاة سامير.

وشددت، وقتها، على اختلاف أوضاع تكرير النفط بين عام 1970، الزمن الذي أُنشئت فيه المصفاة المغربية، و2022، إذ هناك حاجة إلى قدرة تنافسية أعلى من تلك الموجودة في مصفاة سامير بـ4 مرات، من حيث قدرات الإنتاج والتقنيات ومعالجة البتروكيماويات وغيرها.

مخزونات الوقود في المغرب

تمتلك مصفاة سامير قدرة إنتاجية تبلغ 10 ملايين طن سنويًا، وهو ما يكفي لتغطية 67% من احتياطيات المغرب من المشتقات النفطية (الديزل، البنزين، زيت الوقود، وقود الطائرات، الإسفلت)، إضافة إلى قدرات تخزينية لمدة 71 يومًا من هذه المواد.

وكشفت بنعلي مؤخرًا أن مخزونات المشتقات النفطية في البلاد تكفي لـ31 يومًا فقط، مشيرة إلى تنفيذ الحكومة سياسة طموحة من أجل زيادة المخزون الاحتياطي لتأمين احتياجات السوق الوطنية من المشتقات النفطية.

وينصّ القانون على ضرورة توفير حدّ أدنى من مخزون المواد النفطية يكفي 60 يومًا، لكن عادةً ما يفشل الفاعلون في سوق توزيع المحروقات بتأمين ذلك للعديد من الأسباب، أبرزها ضعف البنية التحتية وعدم توافر السيولة اللازمة.

وأشارت بنعلي إلى أن وزارة الطاقة تعمل على متابعة تنفيذ المشروعات المبرمجة من طرف الشركات الخاصة بتطوير قدرات تخزينية إضافية لتخزين المواد النفطية تصل إلى 540 ألف متر مكعب، أي ما يناهز 13 يومًا إضافيًا من الاستهلاك، باستثمار يقارب ملياري درهم (190 مليون دولار) خلال 2023، وهو ما سيمكّن من تغطية 44 يومًا من الاستهلاك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق