تقارير النفطالتقاريررئيسيةنفط

الوقود الأحفوري يكتسح الطاقة النظيفة في التمويلات المصرفية (تقرير)

محمد عبد السند

ما يزال الحديث عن نهاية عصر الوقود الأحفوري ضربًا من ضروب الخيال، ما يتجلى في التمويلات المصرفية الضئيلة الممنوحة للطاقة النظيفة، التي تقل كثيرًا عن نظيرتها المخصصة للوقود المُسبب للانبعاثات الكربونية.

وما تزال البنوك مقتنعة بأهمية مشروعات الوقود الملوث للبيئة، إذ ترى فيها ضرورة مُلحة لمواكبة متطلبات الطاقة العالمية.

وفي هذا الإطار، منحت البنوك 81 سنتًا لتمويل الدعم الممنوح لإمدادات الطاقة النظيفة منخفضة الكربون، مقابل كل دولار أنفقته على الوقود الأحفوري عام 2021، وفق ما ورد في تقرير حديث أعدته شبكة "بلومبرغ" الإخبارية الأميركية.

استثمارات باهظة

ستحتاج البنوك إلى تأكيد التزاماتها بصورة أكبر، كي تتمكّن من تحقيق أهدافها المناخية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويشير العديد من سيناريوهات المناخ إلى أنه ولخفض ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة سلزيوس، فوق متوسط المعدل الذي كان سائدًا قبل الثورة الصناعية، يحتاج العالم إلى ضخ استثمارات بقيمة 4 دولارات في الطاقة المتجددة لكل دولار يُستثمر في الوقود الأحفوري بحلول نهاية العقد الجاري (2030).

وحلّل خبراء الطاقة البيانات التي جمعتها شبكة "بلومبرغ" من ألف و142 مؤسسة مصرفية، والخاصة بما سمّته "سعر صيرفة إمدادات الطاقة"، بهدف تقييم ما إذا كانت البنوك تحشد تمويلاتها لصالح النهوض بالاقتصاد الحقيقي، والوصول إلى درجة الحرارة المستهدفة البالغة 1.5 درجة سلزيوس.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- الدعم السنوي للوقود الأحفوري عالميًا:

دعم الوقود الأحفوري عالميًا

تمويلات بـ1.9 تريليون دولار

في العام قبل الماضي (2021)، لامس إجمالي قيمة التمويل المُخصص لإمدادات الطاقة 1.9 تريليون دولار، ذهب أكثر من تريليون دولار منها إلى الوقود الأحفوري، في حين خُصص 842 مليار دولار لمشروعات الطاقة منخفضة الكربون، والشركات، بحسب التقرير الصادر الثلاثاء 28 فبراير/شباط (2023).

وجاء سعر التمويل المصرفي البالغ 81 سنتًا لكل دولار أميركي، أقل من معدل الاستثمارات في إمدادات الطاقة العالمية البالغ 90 سنتًا لكل دولار، الذي جاء قفزة من نحو 45 سنتًا لكل دولار خلال المدة بين عامي 2011 و2015.

وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة "بلومبرغ إن إي إف"، جون موري: "في حين يُتوقع أن تقاوم استثمارات الوقود الأحفوري الاضطرابات الحاصلة نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن الاقتصاد الأساسي لإمدادات الطاقة منخفضة الكربون يعني أن نمو تلك الأخيرة سيكون مُستدامًا".

وأشار موري إلى الزيادة البالغة نسبتها 15% في العام الفائت (2022)، في الاستثمارات الخاصة بإمدادات الطاقة منخفضة الكربون.

وتتفاوت معدلات تمويل البنوك الفردية، إذ يمتلك مصرف "رويال بنك أوف كندا" معدلًا يصل إلى 0.4، في حين يصل المعدل في "جيه بي مورغان" إلى 0.7، وبنك "بي إن بي باريبا" (1.7)، ودويتشه بنك (2.2)، بحسب الأرقام التي جمعتها بلومبرغ.

من جهته قال متحدث باسم "جيه بي مورغان" إن البنك يقدم تمويلات في قطاع الطاقة، مضيفًا أنه يستهدف تقديم تريليون دولار لصالح المبادرات الخضراء بحلول عام 2030.

وجاءت نتائج ذلك التقرير مغايرة إلى حد كبير لنتائج دراسة نشرتها مجموعات بيئية في شهر يناير/كانون الثاني (2023)، التي أفادت بأن حصة تمويلات البنوك، المُخصصة للطاقة المتجددة، قد انكمشت.

ويبيّن الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- تراجع انبعاثات احتراق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء في أوروبا في 2020:

تراجع انبعاثات احتراق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء في أوروبا خلال 2020

حصة ضئيلة

تحتاج مشروعات الطاقة المتجددة إلى دعم مالي سخي، حتى يتسنى للعالم التخلص تدريجيًا من الوقود الأحفوري، غير أن البنوك العالمية لم تضطلع بدورها بعد في هذا الخصوص - حتى الآن على الأقل.

واقتنصت الطاقة المتجددة ما نسبته 7% فقط من إجمالي 2.5 تريليون دولار من إجمالي القروض البنكية والسندات المُصدرة لأنشطة الطاقة خلال المدة بين عامي 2016 و2022، بحسب ما ورد في تقرير أفرجت عنه مؤسسة فير فاينانس إنترناشيونال (Fair Finance International) إلى جانب مؤسسات بيئية أخرى.

وتُترجم تلك النسبة الضئيلة إلى 178 مليار دولار فقط، كانت من نصيب أنشطة الطاقة المتجددة، نظير ما قيمته 2.3 تريليون دولار لإنتاج الوقود الأحفوري، بحسب التقرير الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.

الوقود الأحفوري
انبعاثات ناجمة عن حرق الوقود الأحفوري - الصورة من موقع theglobeandmail

ارتفاع تمويلات الطاقة المتجددة

زاد معدل القروض المصرفية واكتتاب السندات للطاقة المتجددة من 7% في عام 2016، إلى 10% عام 2021، قبل أن تنزل إلى 8% في العام المنصرم (2022)، ما يعني عدم حصول تغيير كبير في دعم المصارف العالمية للمشروعات المتجددة إبان تلك المدّة.

وشهد إجمالي المبلغ السنوي الذي منحته المصارف العالمية في مجال الطاقة المتجددة ارتفاعًا إلى 34.6 مليار دولار في عام 2021، من 23.2 مليار دولار عام 2016.

في غضون ذلك، صعد تمويل الوقود الأحفوري بمعدلات كبيرة، ما أدّى إلى استقرار حصة الطاقة النظيفة.

وما تزال المصارف ترى ضرورة ملحة في تمويل مشروعات الوقود الأحفوري في ضوء احتياجات الطاقة العالمية.

وأكدت المصارف منحها الدعم إلى الشركات التي تمضي في مسار تحول الطاقة، لافتة إلى أن شركات الطاقة المتجددة تستفيد -غالبًا- من التمويليْن الخاص والحكومي.

يُذكر أن وكالة الطاقة الدولية كانت قد أوردت في تقرير صدر أواسط العام الماضي (2022)، ما يفيد بأن استثمارات الطاقة النظيفة قد تلامس 1.4 تريليون دولار في 2022، من إجمالي الإنفاق العالمي على الطاقة، البالغ 2.4 تريليون دولار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق