نفطتقارير النفطرئيسية

الهند تتفاوض لزيادة واردات النفط الأميركي وتلعب بورقة موسكو (تقرير)

مشتريات النفط الروسي القياسية لم تؤثر في حصة أميركا

رجب عز الدين

دخلت الهند في مفاوضات للحصول على حصة أكبر من واردات النفط الأميركي خلال عام 2023، بالتوازي مع شراء كميات كبيرة من النفط الروسي بأسعار مغرية.

وتهدف الحكومة الهندية إلى موازنة العلاقة مع الولايات المتحدة حتى لا تتعرض إستراتيجيتها لإمدادات النفط للاضطرابات المتوقعة في الأسواق العالمية، بعد تشديد العقوبات على روسيا، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال بلاتس (S&P global Platts).

واستوردت الهند كميات قياسية من النفط الروسي بأسعار مخفضة، خلال العام الماضي (2022) حتى الأشهر الأولى من عام 2023؛ ما أسهم في تخفيف حدة أزمة الطاقة في ثاني أكبر بلد من حيث السكان في العالم، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتسعى وزارة النفط الهندية إلى عقد مزيد من الصفقات لزيادة واردات النفط الأميركي إلى البلاد خشية تعقد الوضع العالمي وزيادة الاضطرابات في حالة فرض عقوبات جديدة على موسكو.

الاستيراد من 39 دولة

النفط الأميركي
وزير النفط الهندي هارديب سينغ - الصورة من India tv news

تُعَد الهند ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم؛ إذ تستورد 80% من احتياجاتها النفطية، بينما لا يغطي إنتاجها المحلي أكثر من 20% من الطلب.

وتستورد نيودلهي النفط من عشرات الدول حول العالم بنسب وكميات متفاوتة، ووصل عدد الدول المصدرة إلى الهند في عام 2022 إلى 39 دولة، بينما كان عددها قبل عامين 27 دولة فقط، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويستهدف تنويع الموردين تعزيز أمن الطاقة وإمدادات النفط وضمان وصولها إلى شركات التكرير الهندية دون التأثر بمخاطر الاضطرابات المحتملة في أي دولة منتجة أو موردة.

كما يستهدف التنويع الحصول على مميزات سعرية عبر التفاوض مع الدول المنتجة التي تنظر إلى الهند والصين بصورة مختلفة عن غيرهما من البلدان ذات معدلات سكان متوسطة أو قليلة.

وتستخدم نيودلهي ورقة النفط الروسي في التفاوض مع دول الخليج والولايات المتحدة وإيران وفنزويلا وغيرها؛ إذ تقدم موسكو تخفيضات تتراوح بين 20% و30% على مختلف نوعيات النفط الروسي بداية من خام الأورال الرئيس حتى الخامات القطبية غير المشهورة.

تشديد العقوبات على موسكو

رغم تلاعب الهند بورقة موسكو في تفاوضها مع الدول المنتجة للنفط؛ فإنها تخشى تداعيات تشديد العقوبات الأوروبية والأميركية على النفط الروسي والمشتقات الروسية خلال الأشهر المقبلة.

وفرضت أوروبا وأميركا حظرًا رسميًا على النفط الروسي المنقول بحرًا بداية من 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، كما أدخلت المشتقات الروسية إلى الحظر منذ 5 فبراير/شباط 2023.

وتتفاوض الهند، في الوقت الحالي، مع الولايات المتحدة؛ لضمان الحصول على واردات النفط الأميركي بكميات أكبر خلال العام الحالي، كما تجري مفاوضات مماثلة مع أوروبا، وفقًا لوزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري.

وأعلن مسؤلون أميركيون، مؤخرًا، أن واشنطن تدرس فرض عقوبات جديدة على روسيا في إطار الضغوط الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب الأوكرانية خلال عام 2023.

خسارة 50%

تقول وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين -التي زارت الهند مؤخرًا- إن الحد الأقصى لأسعار النفط الروسي أسهم بصورة كبيرة في خفض أرباح موسكو خلال العام الماضي (2022) حتى الآن، وربما يزيد تأثيره خلال 2023.

وانخفضت عائدات روسيا من النفط بنسبة 50% في شهر يناير/كانون الثاني 2023، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي (2022)، وتعمل الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي على فرض مزيد من العقوبات خلال 2023.

وانتهزت الهند والصين فرصة العقوبات المفروضة على النفط الروسي لشراء كميات قياسية خلال العام الماضي، بأسعار لم تخلُ من التفاهمات السياسية بين قادة البلدين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تضاعف المشتريات 6 مرات

أنهت الهند، العام الماضي (2022)، بزيادة الواردات من أنواع النفط الروسي بمعدل 6 أضعاف، مقارنة بقبل اندلاع الحرب الأوكرانية الممتدة منذ فبراير/شباط 2022 حتى الآن.

وسجّلت الواردات رقمًا قياسيًا بلغ 700 ألف برميل يوميًا خلال 2022، مقارنة بـ100 ألف برميل يوميًا في عام 2021، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وأسهمت عمليات الشراء المتزايدة من قبل شركات التكرير الهندية (الحكومية والخاصة) إلى زيادة الحصة السوقية للنفط الروسي في سلة واردات الهند إلى 15% في 2022، مقارنة بنحو 2.2% في 2021.

وترجح تقديرات منصة إس آند بي غلوبال بلاتس المتخصصة، ارتفاع هذه الحصة إلى 25% أو 30% في عام 2023، ليرتفع متوسط الشراء الهندي من 700 ألف برميل يوميًا إلى 1.2 أو 1.5 مليون برميل يوميًا.

دول أوبك المتضررة

أدى حصول النفط الروسي على حصة أكبر في سلة مشتريات الهند، إلى انخفاض الواردات من حصة الدول الأعضاء في منظمة أوبك لأدنى مستوى خلال عقد كامل.

وتراجعت مشتريات الهند من دول أوبك من 87% في 2008 إلى 64.5% في عام 2022، وسط توقعات بمزيد من التراجع في حالة استقبال نيودلهي كميات أكبر من النفط الروسي خلال 2023 وما بعده.

ورغم تمكن شركات التكرير الهندية من جلب كميات كبيرة من النفط الخام من أكبر مورد من خارج أوبك بأسعار مغرية، إلا أن هذا لم يمس حصة صادرات النفط الأميركي إلى البلاد رغم تضرر بلاد أخرى من هذه المقايضة.

ولا تنوي الهند خفض واردات النفط الأميركي خلال عام 2023، بل تتفاوض على زيادة الكميات، خاصة بعد إعلان وزارة الطاقة الأميركية بدء السحب من المخزون الإستراتيجي للبلاد وطرحه للبيع في الأسواق المحلية والدولية.

النفط الأميركي في مأمن

النفط الأميركي
الرئيس الأميركي جو بايدن - الصورة من abc news

أظهرت بيانات وزارة التجارة الأميركية ارتفاع صادرات النفط الأميركي إلى الهند عند مستوى قياسي بلغ 880 ألف برميل يوميًا في ديسمبر/كانون الأول 2022.

ويتوقع خبير أسواق النفط في وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز غلوبال سوميت رتوليا، أن تستحوذ صادرات النفط الأميركي إلى الهند على محادثات البلدين خلال عام 2023، مع استمرار الحرب الأوكرانية وضعف الأمل في انتهائها قريبًا.

وأدى السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي إلى اتساع انتشار خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت الأكثر جاذبية لمصافي التكرير الهندية.

وتتبع الهند سياسة الموازنة بين مشتريات النفط الروسي ونظيره الأميركي، مع تكثيف الجهود للبحث عن مصادر أخرى للاستيراد من قارات العالم المختلفة بدايةً من أفريقيا حتى أميركا اللاتينية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

80 دولارًا للبرميل

تتوقع مؤسسة ستاندرد آند بورز أن يدور متوسط أسعار خام برنت حول 80 دولارًا للبرميل خلال النصف الأول من 2023، ثم يتحرك بين 85 و90 دولارًا خلال النصف الثاني.

ويقول وزير النفط الهندي هارديب سينغ، إن ارتفاع أسعار النفط تترتب عليه نتيجتان؛ إحداهما سلبية وتتمثل في مخاوف التضخم والركود، والثانية إيجابية وتتمثل في زيادة خطط الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.

على الجانب الآخر، يخشى سينغ استمرار ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والأسمدة؛ ما سيضع أمن الطاقة في حالة تأزم خلال العامين المقبلين على الأقل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق