تقارير الغازرئيسيةسلايدر الرئيسيةغاز

مشروعات النفط والغاز "فرس رهان" حكومات الشرق الأوسط لحل مشكلة البطالة

محمد عبد السند

أضحت مشروعات النفط والغاز "فرس الرهان" المُفضل الذي تعوّل عليه الكثير من حكومات منطقة الشرق الأوسط في خلق الوظائف، ومن ثم الإسهام في حل مُعضلة البطالة التي لطالما أرّقت تلك الدول، والتي كانت -وما تزال- السبب الرئيس في حدوث الاضطرابات السياسية والاجتماعية، في العديد من بلدان المنطقة.

ومنذ بداية العقد الثاني من القرن الحالي شهدت دول عدة في الشرق الأوسط سلسلة من الاضطرابات التي قادت في النهاية إلى تغيير أنظمة حاكمة، ليبدأ صناع القرار في المنطقة، لا سيما دول الخليج العربي، التفكير "خارج الصندوق"، وتعظيم الاستثمارات في قطاع الطاقة لديها، لخلق الوظائف وتحسين جودة حياة المواطنين.

وفي ضوء هذا السيناريو، لا تُعد سوق النفط والغاز في الشرق الأوسط بمنأى عن عدم اليقين العالمي، وغالبًا ما تتحدد آفاقها بالعوامل الخارجية، ما يؤثّر بطبيعة الحال في مشروعات النفط والغاز المُنفذة في المنطقة، حسب تقرير لموقع أويل آند غاز (Oil & Gas).

وفي أعقاب جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19"، حينما كانت الصحة البيئية هي ما تقود دفة الأوضاع العالمية، شهد العام المنقضي (2022) أزمات جيوسياسية واقتصادية، قللت -إلى حد ما- من معدلات تنفيذ مشروعات النفط والغاز في الشرق الأوسط، وفي العالم بوجه عام، وفق معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من تداعيات باعثة على القلق، لتفرض مخاطر متزايدة بالنسبة إلى استقرار قطاع الطاقة العالمي نتيجة نقص إمدادات الطاقة الروسية.

وهذا العجز في الإمدادات استلزم زيادة في الإنتاج، وقاد بدوره إلى صعود أسعار النفط.

تحديات وضوء في نهاية النفق

جاءت تلك الزيادة في أسعار النفط مقترنة بتحديات عدة، استوجبت معها إعادة تقييم الإستراتيجية الخاصة بأمن الطاقة.

ومع ذلك، تظل مخاطر الاضطربات الجيوسياسية وعدم اليقين التي تُغلّف الاقتصاد الكلي قائمة، لكن بوجه عام تتزايد الآفاق الإيجابية للاقتصاد العالمي، التي تعزو -جزئيًا- إلى تصاعد وتيرة تنفيذ مشروعات النفط والغاز، التي توفر وظائف بالآلاف، إن لم يكن بالملايين.

وتُعد منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" مساهمًا كبيرًا في سلة الطاقة العالمية، ما يعني أن شركات النفط الوطنية في دول الخليج العربي تؤدي دورًا رئيسًا في مواجهة التحديات العالمية.

وتطالب القوى الكبرى بصفة مستمرة دول الخليج الغنية بالنفط بزيادة إنتاج الخام، لتعويض مستويات الإنتاج المتناقصة نتيجة تداعيات الحرب الأوكرانية، وما نجم عنها من قطع روسيا إمدادات النفط والغاز عن القارة العجوز، ومن ثم إرباك أسواق الطاقة العالمية.

وبمقدور الشرق الأوسط أن يتجاوب بسرعة، وأن يستثمر ميزة تكاليف الإنتاج المنخفضة، وأداء الأصول القائمة، ما ستكون له تداعيات إيجابية ومباشرة على سوق الوظائف في المنطقة، من خلال تنفيذ العديد من مشروعات النفط والغاز التي يسعى إليها المستثمرون، لا سيما في تلك الآونة.

ويُعد قطاع النفط والغاز جزءًا لا يتجزأ من تحول الطاقة، وصولًا إلى أهداف الحياد الكربوني، وتمتلك صناعة النفط والغاز مبادرات إستراتيجية مُلزمة لخفض الانبعاثات، التي بدورها تعزز تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، جنبًا إلى جنب مع الرقمنة.

ويوضح التصميم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- احتياطيات العالم من النفط والغاز الطبيعي خلال عام 2022:

احتياطيات النفط والغاز الطبيعي خلال عام 2022 - احتياطيات النفط والغاز

الوظائف في السعودية والإمارات

ستتوفر الوظائف نتيجة الإنفاق الرأسمالي المخطط الذي يُقدّر بمليارات الدولارات، في كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات.

وفي هذا السيناريو، تدخل كل من شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" و"أرامكو" عملاقة النفط السعودية الحكومية، في شراكات عالمية، ما يعني مزيدًا من مشروعات النفط والغاز التي ستخلق فرص عمل للشركاء في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة الأميركية.

علاوة على ذلك، ستستمر فرص التوظيف في القطاعات الفرعية الجديدة، التي أوجدتها مشروعات النفط والغاز في الشرق الأوسط، في تعزيز تنويع الحافظات الاستثمارية.

وتُعد منتجات الغاز سواء الطبيعي أو المسال، إلى جانب الغاز الصناعي، سوقًا رئيسة للنمو بالنسبة إلى "أدنوك"، ومن المتوقع أن تشهد سوق الوظائف ازدهارًا كبيرًا بفضل مشروعات النفط والغاز الضخمة، مثل حائل وغشا.

وكانت "أدنوك" قد منحت مشروعات تنقيب بقيمة 4 مليارات دولار إلى شركات عالمية، لدعم الإنتاج منخفض الكربون.

وما تزال هناك مشروعات -مثل "يو زد 750" و"يو زد 1000"- تتوسع عامًا تلو الآخر، ما يخلق طلبًا على العمالة المُدربة والماهرة والخبيرة.

وتؤدي صناعة البتروكيماويات -أيضًا- دورًا محوريًا في خطط التنويع المذكورة.

وفي هذا السياق، أطلقت أبوظبي مبادرة "تعزيز"، بهدف دعم وضع الإمارات كونها مركزًا إقليميًا لإنتاج المواد الكيميائية.

وترحب المبادرة -على وجه التحديد- بالاستثمارات العالمية، وتشجع على تنفيذ الأعمال الجديدة في مناطق الكيماويات الصناعية.

الوظائف في قطاع الطاقة المتجددة

يحتل قطاع الطاقة المتجددة أولوية قصوى في الشرق الأوسط، فتلك المنطقة الحيوية تؤدي دورًا مهمًا في التحول العالمي صوب الطاقة البديلة.

ومع تخصيص موازنات استثمارية ضخمة في كل إستراتيجية وطنية تنفذها بلدان الشرق الأوسط، من المتوقع أن تتسارع وتيرة تنمية إنتاج الطاقة النظيفة.

وتقود الإمارات تلك الجهود في منطقة الشرق الأوسط، إذ تضخ استثمارات ضخمة في العديد من المشروعات الكبرى، لا سيما في قطاع الطاقة الشمسية.

وعلاوة على ذلك، تُنفذ كل من السعودية والبحرين ومصر مشروعات مُلهمة في هذا الشأن.

ووفقًا لتقديرات رسمية، تتصدّر الإمارات مجال خلق الوظائف من مشروعات الطاقة المتجددة، تليها في المركز الثاني المملكة العربية السعودية.

الهيدروجين قطاع مهم

من الممكن أن يصبح الهيدروجين قطاعًا ثانويًا رائدًا في مجال الطاقة المتجددة، مع تزايد عدد المشروعات المخطط تنفيذها، ما سيخلق بدوره فرص توظيف مُجزية، لا سيما بالنسبة إلى العمالة الماهرة.

وتُنفذ في منطقة الشرق الأوسط الكثير من المشروعات الطموحة التي ترمي لتطوير الهيدروجين، ضمن مساعي الكثير من الدول، للتحول إلى الوقود النظيف، والتخلص التدريجي من مصادر الوقود الأحفوري.

مشروعات النفط والغاز
شعار شركة أدنوك - الصورة من موقع الشركة

وفي هذا الإطار، اتفقت كل من أكوا باور، الشركة السعودية الرائدة في مجال تزويد الطاقة وتحلية المياه والهيدروجين الأخضر، وشركة الكهرباء النمساوية فيربوند، على تطوير وتنمية مشروعات الهيدرجين الأخضر، وذلك خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة 2023، وفق ما أورده موقع "إنفيرونمنت إنرجي ليدر".

وتلقى مشروعات الهيدروجين الأخضر رواجًا كبيرًا من قبل شركات الطاقة الكبرى العالمية، بفضل آثارها البيئية الإيجابية، وقدراتها على إزالة الكربون من القطاعات الصناعية كافّة، بحسب معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

يُذكر أنه منذ بداية يناير/كانون الثاني (2023) لامس عدد مشروعات الهيدروجين المُنفذة حول العالم نحو 500 مشروع.

وتوقع الرئيس التنفيذي لشبكة "دي آي آي ديزرت إنرجي" الدولية المعنية باستثمارات الطاقة النظيفة، ومقرّها دبي، كورنيليوس ماتيس، وصول سعة مشروعات الهيدروجين المُعلنة رسميًا حتى الآن في منطقة الشرق الأوسط إلى 20 غيغاواط.

بيد أن ماتيس رجح أن تتجاوز تلك السعة هذا الرقم، لتصل إلى 100 غيغاواط على المدى المتوسط.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق