هيدروجينالتقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةسلايدر الرئيسية

استعمال الهيدروجين للتدفئة يرفع فواتير الطاقة.. ونتائج صادمة لدراسة عالمية

محمد عبد السند

بينما أصبح الهيدروجين فرس الرهان في كل سباقات الدول الأوروبية بوجه خاص، والعالمية بوجه عامّ، بشأن التحول إلى الوقود النظيف، كشفت دراسة النقاب عن نتائج صادمة قد تفرض تحديات صعبة في تلك الصناعة الحيوية.

وترغب حكومات الدول الأوروبية في التخلص التدريجي من مصادر الوقود الأحفوري ضمن خططها الرامية للوصول إلى الحياد الكربوني، ناهيك عن فطم نفسها عن إمدادات الوقود الروسي، في ظل تداعيات الحرب الأوكرانية.

وفي هذا الإطار، حذّرت الدراسة البحثية التي أجرتها منظمة "غلوبال ويتنس" الأهلية المتخصصة في الأبحاث الاستقصائية من أن استعمال الهيدروجين لأغراض التدفئة في أوروبا، من الممكن أن يضاعف فواتير الطاقة، حسبما أورد موقع "يورو نيوز" الأوروبي.

وغالبًا ما يُوصف الهيدروجين الذي يمكن إنتاجه عبر التسخين الزائد للمياه، بأنه البديل الأخضر لمصادر الوقود الأحفوري.

بيد أن تكلفة تحول العملاء الأوربيين إلى الغاز الطبيعي قد تبلغ نحو 249 مليار يورو ( 266 مليار و 342 مليون دولار أميركي).

*( اليورو = 1.07 دولار أميركيًا)

وأشارت "غلوبال ويتنس" إلى أن الشركات تعتزم على الأرجح تمرير تلك الكلفة الباهظة للمستهلكين النهائيين.

وتتسم مصادر الطاقة المتجددة بكونها خيارًا أرخص بكثير وصديقًا للبيئة، مقارنة بالوقود الأحفوري، وفق ما قالته "غلوبال ويتنس"، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وترى المنظمة أن أوروبا بحاجة ماسّة إلى التوقف الفوري عن استعمال الغاز، غير أن هناك بديلًا أفضل للهيدروجين، مثل توفير الطاقة ومصادر الوقود المُستعملة في تدفئة المنازل مثل المضخات الحرارية، وتدفئة المناطق باستعمال الكهرباء المتجددة.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إسهام الهيدروجين في مزيج الطاقة العالمي:

مساهمة الهيدروجين في قطاع الطاقة

إنتاج وأنواع الهيدروجين

يُنتِج الغاز الطبيعي عند حرقه من أجل استعماله وقودًا، طاقة حرارية، إلى جانب غاز ثاني أكسيد الكربون- العامل الرئيس المسبب للتغيرات المناخية.

في المقابل، لا ينتُج عن حرق الهيدروجين غازات دفيئة، ما يجعله وقودًا نظيفًا لإنتاج الطاقة.

إلّا أن الأمر ليس بتلك البساطة على ما يبدو، بالنظر إلى أنه يمكن إنتاج الهيدروجين بطرق عدّة، مثل فصل جزيء الماء إلى ذرّات الأكسجين والهيدروجين، وبالتبعية تحتاج تلك العملية إلى طاقة، إذ إن 96% من وقود الهيدروجين يُنتَج -حاليًا- عبر حرق الوقود الأحفوري.

ولعل هذا هو السبب في وجود 3 أنواع من وقود الهيدروجين: الأخضر والأزرق والرمادي.

ويُنتَج الهيدروجين الأزرق بوساطة الوقود الأحفوري، غير أن ثاني أكسيد الكربون المنبعث من تلك العملية يُحتجز ويُخزَّن، بعكس ما هو عليه الحال مع الهيدروجين الرمادي الذي يُنتَج -أيضًا- من الوقود الأحفوري، لكن ينطلق غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من العملية في الهواء.

تكلفة الوقود النظيف

مع التزام حكومات الدول بالتخلص التدريجي من النفط والغاز الطبيعي، شرعت كبريات شركات النفط في التحول إلى غاز الهيدروجين.

وتميل تلك الشركات إلى استعماله بسبب تشابهه، في أوجه عدّة، مع الغاز الطبيعي، من حيث حرقه لإنتاج الطاقة، ونقله عبر خطوط الأنابيب إلى وجهات الاستهلاك.

إلّا أن نقل الهيدروجين بتلك الكيفية لن يكون رخيصًا في واقع الأمر.

ففي نهاية عام 2021- آخر مدة أُتيحت فيها البيانات ذات الصلة- أنفق الأوروبيون في المتوسط زهاء 67 سنتًا يورو/كيلوواط/ساعة من الطاقة.

(سنت يورو =20 سنتًا)

وقادت الحرب الروسية-الأوكرانية، التي اندلعت شرارتها في 24 فبراير/شباط (2022)، إلى ارتفاع أسعار الغاز، لكن ضاعفت أسعار الهيدروجين كلفة تلك الفاتورة.

ويبين الإنفوغرافيك الآتي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إسهام الهيدروجين في قطاع الطاقة العالمي بحلول 2050:

الهيدروجين النظيف

ووفق تقديرات "غلوبال ويتنس"، ستنفق الأسر الأوروبية 12.5 سنتًا/كيلوواط/ساعة من طاقة الهيدروجين بحلول عام 2050.

وبالنسبة لمنزل متوسط الحجم، ستصل فاتورة الهيدروجين المنزلية السنوية إلى 1580 يورو.

واستندت "غلوبال ويتنس" في تلك التقديرات على تكلفة بناء وتشغيل البنية التحتية الخاصة بالهيدروجين -التكاليف التي ستلامس إجمالي قيمته 240 مليار يورو على مدار 40 سنة.

وستغطي تلك الفاتورة الضخمة خطوط أنابيب الغاز الجديدة اللازمة لنقل الوقود، وإذا ما أُخذت تكاليف مثل التخزين وأجهزة التحليل الكهربائي- التقنية المُستعمَلة لإنتاج الهيدروجين من المياه- سترتفع التكاليف بدهيًا بصورة أكبر.

هذه النتائج دعمتها دراسات أخرى، من بينها دراسة صدرت في شهر فبراير/شباط (2023)، والتي خلصت نتائجها إلى أن كلفة الهيدروجين الأخضر ستزيد بما يتراوح بين 2 و 3 مرات، عن استعمال الكهرباء لتدفئة المنازل.

شركات الغاز والعملاء

تضغط شركات الغاز على المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي- لحثّها على استعجال مستهلكي الغاز الحاليين –حتى أولئك الذين لا يخططون في التحول إلى الهيدروجين- للتحول إلى هذا الوقود الحيوي النظيف.

ففي عام 2021، طالبت المفوضية الأوروبية التشاور بشأن حزمة الغاز الخاصة بها.

وفي هذا الصدد، قالت الرابطة الألمانية لصناعات الطاقة والمياه " بي دي إي دبليو " -تمثل نحو 1900 مرفقًا-: إن "كل مستعمِلي الغاز النهائيين الحاليين" كان ينبغي عليهم سداد أموال البنية التحتية الجديدة.

وحذا حذو الرابطة الألمانية لصناعات الطاقة والمياه كلٌّ من إردغاز شفابن دي إس أو، مزود الطاقة الألماني، وأنيغاز، جماعة الضغط الإيطالية، جنبًا إلى جنب مع العديد من مشغّلي أنظمة النقل- الشركات التي تدير خطوط الأنابيب.

وتنص مسودة مقترح حزمة الغاز، التي كُشف عنها في ديسمبر/كانون الأول (2021)، على أنه يجوز لدول الاتحاد الأوروبي أن تسمح للشركات المزودة للهيدروجين أن تُشرك مستهلكي الهيدروجين والغاز لديها في سداد تكاليف البنية التحتية الجديدة.

ومع ذلك، لا يمكن مشاركة تلك التكاليف للأبد، ومن الممكن فقط تحميلها على المستهلك في شكل رسوم خلال "الثلث الأول من مدة إهلاك البنية التحتية المعنية".

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- الدول المرشحة عالميًا لإنتاج الهيدروجين:

واردات الهيدروجين الأخضر من المغرب إلى أوروبا أقل تكلفة من الإنتاج المحلي

ما هو الوقود الأفضل؟

لتحقيق أهدافها المناخية الطموحة التي تقود في النهاية إلى الحياد الكربوني، تحتاج أوروبا إلى فطم نفسها عن الوقود الأحفوري.

وبالنسبة للصناعات الثقيلة، وقطاعات النقل الكبيرة- السفن والنقل الجوي-، قد لا يبرز الهيدروجين كونه أفضل بديل.

غير أن الأسر الأوروبية ينبغي أن تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، بدلًا من ذلك، حسبما أوصت منظمة "غلوبال وتنس".

وتابعت: "يتّضح جليًا أنه بالنسبة للأسر، سيدفع التحول إلى الهيدروجين الأوروبيين الذي يعانون من شُح في الطاقة للوقوع في براثن الفقر المُدقع".

خطة أوروبية طموحة

كشفت المفوضية الأوروبية النقاب عن خطة "ريباور إي يو"، في مايو/أيار (2022)، وترمي من خلالها إلى رفع مستهدف الاتحاد الأوروبي بشأن مصادر الطاقة المتجددة إلى ما نسبته 45% بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، من المستهدف السابق (40%).

وتأتي خطة "ريباور إي يو" ضمن إطار مساعي الاتحاد الأوروبي لفطم دوله عن إمدادات الطاقة الروسية، على خلفية تداعيات الحرب الأوكرانية.

وفي الخطة المذكورة، بلغت السعة المُستهدفة من إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون محليًا 10 ملايين طن، مع 10 ملايين طن إضافية من الواردات بحلول 2030، بغية استبدال الغاز بصفة أساسية، جنبًا إلى جنب مع بعض استعمالات الفحم والنفط.

ووجهت المفوضية الأوروبية ما إجمالي قيمته 41 مليار يورو (50.3 مليار دولار) من خطة "ريباور إي يو" لأغراض التحول من الوقود الأحفوري إلى بدائل الوقود النظيفة، في مقدمتها الهيدروجين منخفض الكربون.

كما خصصت المفوضية الأوروبية ما قيمته 27 مليار يورو ( 26.6 مليار دولار) لتأسيس البنية التحتية الرئيسة للهيدروجين.

وخطة "ريباور إي يو" ليست على ما يبدو الوحيدة في جعبة المفوضية الأوروبية التي أزاحت –أيضًا- الستار عن خطة أخرى لإنشاء بنك للهيدروجين قيمته نحو 3 مليارات يورو (2.9 مليارات دولار)، بهدف تعظيم الاستثمار في القطاع.

وبينما تسهم تلك الاستثمارات في تنمية بعض القطاعات، تظل تكلفة سلسلة القيمة الكاملة للهيدروجين أحد التحديات التي تعاني منها تلك الصناعة الحيوية، ما يستوجب استحداث السياسات وتقديم الحوافز المالية، بوصفهما عاملين رئيسين في تعزيز مساعي التحول إلى الوقود النظيف.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق