أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةنفط

ما هو غسل النفط؟ وما علاقته بوصول الخام الروسي إلى جميع دول العالم؟ (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن ما نراه الآن من غسل النفط لا يمكن مقارنته بما كان يحدث قديمًا، الذي يتضح أنه كان مجرد كميات بسيطة.

وأوضح الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها على موقع تويتر تحت عنوان "العقوبات على روسيا وغسل النفط والغاز: هل الهدف تحجيم الاتحاد الأوروبي؟"- أنه منذ بداية غزو أوكرانيا كانت التوقعات أن النفط الروسي سيواصل التدفق للأسواق رغم كل العقوبات المفروضة عليه.

وأضاف: "غسل الأموال معروف للجميع، وهو محاولة للتهرب من القوانين المختلفة، الآن نتكلم عن غسل النفط، وهو قصة غسل الأموال نفسها تمامًا، ولكن فيما يخص النفط؛ فهو موضوع قديم، حتى إن مدة حكم صدام حسين شهدت هذا الأمر مع تطبيق عقوبات من جانب الأمم المتحدة، ولكن مقارنة بما نراه اليوم ندرك أنها كانت كميات بسيطة".

وتابع: "ثم قام الإيرانيون بعمليات كبيرة لغسل النفط، وبعدهم جاء الفنزويليون بعد 2018 وتعلموا من الإيرانيين وتلقوا مساعدتهم في ذلك؛ لذا فإن ما نراه الآن بالنسبة إلى هذا الأمر في روسيا يُعَد عملية تاريخية بكل المقاييس؛ فهي أكبر عملية سوق سوداء في العالم الآن لسوق النفط".

العقوبات ضد النفط الروسي

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، إن غسل النفط من جانب روسيا يعني أكبر عملية في تاريخ صناعة النفط، بفضل العقوبات وسقف الأسعار.

غسل النفط
سفينة تحمل النفط الروسي - الصورة من رويترز

ولفت إلى فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على واردات النفط الروسي الخام، واستثناء بعض الدول من ذلك، ولكنه لم يفرض حظرًا على المنتجات النفطية بعد؛ حيث سيبدأ هذا الحظر في 5 فبراير/شباط المقبل.

وأضاف: "البعض -كما توقعوا في الماضي وفشلت هذه التوقعات- يتوقعون الآن أن يؤدي حظر المنتجات النفطية الروسية إلى أزمة في أسواق النفط، وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط، خلال الأيام الأخيرة؛ فهم يتوقعون ألا تستطيع روسيا إيجاد أسواق بديلة لمنتجاتها، ومن ثم ستخفض الإنتاج".

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن الاتحاد الأوروبي ومن قبله الولايات المتحدة فرضا حظرًا على النفط الروسي؛ فالفكرة العامة أنهما لا يريدانه، ولكن بسبب عمليات غسل النفط، أصبح الخام الروسي يصل إلى أميركا وأوروبا في كل الحالات، مهما كانت العقوبات.

وتابع: "نحن الآن في الدورة العاشرة من العقوبات؛ أي أن هناك 9 عقوبات طبقوها وفشلت، وأحد أسباب الفشل كان الخداع أو (الضحك على اللحى)؛ لأن طريقة التطبيق فعلًا أغلبها دعائية أكثر من أي شيء آخر".

طرق غسل النفط وعملياته

عن طريقة غسل النفط، قال خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن أول نوع من هذه العمليات التي اتبعتها إيران وعلمتها للروس، هو أن تقوم سفينة مجهولة تحمل علم بنما، ومملوكة لشركة غير معروفة، وعلى الأغلب تكون سفينة يونانية قديمة، بتحميل النفط الروسي من ميناء في روسيا.

ولفت إلى أن هذه السفينة تغلق أجهزة التتبع، وتختفي في أعالي البحار؛ فلا أحد يعرف وجهتها ولا أين هي، وهي إما أن تغير علمها وإما ملكيتها وإما لا تغير شيء، وفجأة تظهر في أحد المواني وتفرغ حمولتها، ولا يعرف أحد عنها أي شيء.

وعن النوع الثاني من هذه العمليات التي تكون معقّدة بشكل أكبر، قال الحجي إن السفينة تحمل النفط من أحد مواني روسيا، وتغادر دون تشغيل أجهزة التتبع، وقد تكون هناك أجهزة مخابراتية تتبعها مثلًا، ثم تصل لمكان ما في أعالي البحار حيث تنتظرها سفينة أخرى تأخذ النفط منها.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم إنتاج النفط الخام في روسيا:

إنتاج النفط الروسي

وتابع: "بعد أن يُحَمَّل النفط الروسي على السفينة الأخرى، تغير عملها وتسجل ملكية باسم ملكية أخرى، وتغير كل شيء، وقد يتكرر هذا الأمر أكثر من مرة، ومن ثم يضيع الأثر، وتستطيع السفينة الأخيرة توصيل النفط للمواني الأوروبية، بشهادة منشأ تقول إنه من دولة أخرى".

وأكد الحجي أنه إذا كانت الدول الأوروبية والولايات المتحدة جادتين في مسألة العقوبات؛ فمن السهل اقتفاء أثر النفط الروسي والتعرف عليه؛ لأنه مثل ما يحظى كل إنسان بـ"دي إن إيه" خاص به؛ فإن النفط له "دي إن إيه" خاص به، ويمكن بسهولة معرفة مصدره ومن أي منطقة أو حقل، أو حتى بئر.

النوع الثالث من عمليات غسل النفط، وفق الحجي، أكثر تعقيدًا، وتمارسه إيران من نحو عامين، ومن خلاله تأتي سفينة شبه مجهولة إلى المواني الإيرانية، وبدلًا من تحميلها بالكامل بالنفط، تحمل نصف حمولتها فقط، ثم تذهب لميناء آخر وتحمل نفطًا من دولة أخرى.

وأوضح أنه بهذه الطريقة، يُمزَج النفط الإيراني مع نفط دولة أخرى، ويصبح مزيجًا جديدًا، ويحصلون على شهادة المنشأ من الدولة الأخرى، ومن ثم يمكنهم بيعه لأي بلد، موضحًا أن روسيا تتبع الآن الطريقة نفسها، حيث تعمل على خلط النفط وبيعه على أنه غير روسي، ولكنها أيضًا طريقة تقليدية.

أساليب أخرى غير تقليدية

النفط الروسي

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن الفارق بين روسيا وإيران الآن، والعراق سابقًا، فيما يخص عمليات غسل النفط، هو أن الكميات كبيرة جدًا، ومن ثم تحتاج إلى سفن أكثر، وتجارة أكبر؛ لذلك فإن الطرق التقليدية غير كافية في هذه الحالة.

وأضاف: "من ضمن الطرق أن ترسل روسيا سفنًا مملوكة لها إلى بلد مثل الهند، وبمجرد وصولها للمواني الهندية إما أن تُغيَّر السفينة وإما النفط بنقله إلى سفينة أخرى، وإصدار شهادة منشأ أن النفط قادم من الهند، وبعدها يُصَدَّر إلى أوروبا على أنه نفط هندي.

ومن بين الطرق الأساسية أيضًا، وفق الحجي، أن تقوم بعض الدول المنتجة للنفط، وأغلبها من دول أوبك، باستيراد النفط الخام أو المنتجات النفطية لاستخدامها داخليًا، مثل زيت الوقود؛ لأنه قريب من النفط الخام، ويستخدم غالبًا في محطات الكهرباء.

وتابع الدكتور أنس الحجي: "تستورد هذه الدول زيت الوقود الروسي وتحرقه داخليًا، بدلًا من نفطها، ومن ثم تستطيع تصدير نفطها، وهو ما يمكن وصفه بأنه عملية استبدال، ولكنه في النهاية عملية لغسل النفط الروسي.

إلا أن أكبر عمليات غسل تحدث الآن، بحسب الحجي، تكون من خلال إرسال النفط الروسي لبعض الدول، بحيث يُكَرَّر هناك، ولاحقًا يُصَدَّر على أنه بنزين وديزل ووقود طائرات وزيوت تشحيم وغيرها من المنتجات النفطية المعروفة.

وأردف: "بهذه الطريقة يصل النفط الروسي إلى جميع أنحاء العالم؛ بما فيها أوروبا وأميركا، ولكنه يدخلها في شكل منتجات نفطية من دولة أخرى، وهذا هو الجزء الأكبر من النفط الروسي؛ حيث يذهب الآن إلى معظم دول العالم بهذه الصورة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق