التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

إمكانات المعادن في النرويج تقترب من إنهاء الهيمنة الصينية (تقرير)

هبة مصطفى

تدفع إمكانات المعادن في النرويج، الدولة نحو خوض غمار المنافسة العالمية، لتطلّ برأسها أمام الصين صاحبة الهيمنة على الأسواق حتى الآن، ومع اكتشاف موارد بحرية مؤخرًا يبدو سؤال "هل تسحب أوسلو البساط من بكين؟" منطقيًا.

وبرصد الخطوات النرويجية الحثيثة في قطاع الطاقة والمعادن، نجد أن الدولة الأوروبية -غير العضو بالاتحاد الأوروبي- تُخطط للريادة إقليميًا وعالميًا، إذ تمكنت في غضون أشهر قليلة من إزاحة الغاز الروسي من صدارة خريطة الواردات الأوروبية، وقد يتكرر المشهد مع المعادن في وقت قريب، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ومؤخرًا، كشفت دراسة أن الدولة الواقعة شمال أوروبا بصدد إنعاش خزائنها بموارد معدنية بحرية تضم كنوزًا من النحاس والمعادن الأرضية النادرة المستخرجة من الجرف القاري، بحسب ما أورده موقع أوف شور إنجينيرنج (Offshore Engineering).

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي- أورسولا فون دير لاين، قد أطلقت جرس إنذار حذّرت خلاله من مخاطر اعتماد القارة العجوز على المعادن الصينية، وربطت بين ذلك وبين الاعتماد المفرط على النفط والغاز الروسيين قبل اندلاع حرب أوكرانيا، طبقًا لتصريحات سابقة لها.

موارد ضخمة

أشرفت مديرية النفط النرويجية على الدراسة، وقالت، إنها رصدت وجود كميات هائلة من المعادن الأرضية النادرة في قاع الجرف القاري والتي تشكّل أهمية كبرى للمفوضية الأوروبية، من بينها: (الماغنيسيوم، والكوبالت، والنحاس، ومعدن النيوبيوم).

المعادن في النرويج
معدّات للتنقيب عن المعادن - الصورة من INN

وقدّرت الدراسة أحجام إمكانات المعادن في النرويج، في منطقة الاستكشاف -محل الدراسة- في البحر النرويجي وبحر غرينلاند، وتضمنت 38 مليون طن من النحاس بما يعادل ضعف عمليات تعدين النحاس عالميًا وبصورة سنوية، بجانب 45 مليون طن من الزنك.

وتراكم النحاس في الكبريتيدات متعددة الفلزات الممتدة في منتصف المحيط بعمق مائي يصل إلى 3 آلاف متر، كما وُجد 24 مليون طن من الماغنيسيوم و3.1 مليون طن من الكوبالت داخل قشور المنغنيز التي نبتت في قلب صخور يصل عمرها إلى ملايين السنوات.

وعثرت دراسة المديرية على 1.7 مليون طن من معدن السيريوم المستخدم في السبائك والمصنف ضمن المعادن الأرضية النادرة، بالإضافة إلى كميات أخرى من معادن: "النيوديميوم والديسبروسيوم" المستعمَلَين في تصنيع مكونات توربينات الرياح ومحركات السيارات الكهربائية.

تعدين أعماق البحار

رغم إمكانات المعادن في النرويج، التي كشفتها دراسة مديرية النفط بالبلاد، لا يزال قرار أوسلو بفتح المجال أمام عمليات التعدين في أعماق البحار معلقًا حتى الآن في انتظار التمرير البرلماني والبيئي.

وسارع نشطاء المناخ ومجموعات حماية البيئة بالدعوة إلى إرجاء استكشاف إمكانات المعادن في النرويج، لا سيما كنوز قاع البحر بالجرف القاري، ورهنوا استئناف تلك الخطوة بالتيقن من بذل جهود إضافية ودراسة الحياة البحرية وتداعيات عمليات التعدين عليها.

وفي المقابل، دافعت مديرية النفط النرويجية عن تقديراتها لإمكانات المعادن في البلاد والتي رصدتها الدراسة، غير أنها اتفقت مع مطالب حماة البيئة بالتأني لإجراء المزيد من الدراسات حول الأثر البيئي.

وبالنظر إلى صدارة أوسلو أوروبيًا في مجال النقل النظيف والتخطيط لتحول السيارات على الطرق بالكامل إلى سيارات كهربائية بحلول عام 2025، يبرز دور المعادن في النرويج، اللازمة لصناعة البطاريات وغيرها.

ومع تسليط الضوء على مناطق الاستكشاف في أعماق البحار لتعزيز المعادن في النرويج، نجد أنه بحلول منتصف القرن (2050) قد تُدرّ عمليات التعدين في تلك المنطقة عوائد تُقدَّر بنحو 20 مليار دولار سنويًا، مع توفير 20 ألف وظيفة في أوسلو، وفق ما نشرته صحيفة إنوفيشن نيوز نيتوورك (Innovation News Network).

تحدي الهيمنة الصينية

يبدو أن النرويج قررت أن تقوم بدور اللاعب الأوروبي الرئيس الذي يزوّد القارة بتدفقات الغاز بدلًا من موسكو، وارتفع طموح أوسلو ليمتدّ نحو سحب البساط من تحت أقدام الصين الأبرز آسيويًا وعالميًا في إنتاج المعادن.

ويومًا بعد يوم، تتكشف المزيد من الدراسات الراصدة لإمكانات المعادن في النرويج، لتبرهن على قدرتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي أوروبيًا.

المعادن في النرويج
بعض من المعادن الأرضية النادرة - الصورة من The Verge

وتعدّ الرواسب الضخمة للمعادن الأرضية النادرة في قاع البحر بالنرويج أحد مقومات نجاح مهمة الانتقال الأخضر في أوروبا، وبعد أن كانت الصين تمثّل ما يزيد عن 80% من المعادن العالمية والرائد الأبرز للإمكانات والموارد اللازمة لانتقال الطاقة، بدأت أوسلو زحزحة بكين من موقعها بالنسبة لأوروبا.

ومع تلقّي القارة العجوز درسًا من الغزو الروسي لأوكرانيا حول مخاطر الاعتماد المفرط على "مورد وحيد"، قد تشهد الأيام المقبلة دورًا أكبر لإمكانات المعادن في على حساب تراجع للهيمنة الصينية في القارة الأوروبية، بحسب صحيفة ساينس نورواي (Science Norway).

وقال الاستشاري بشركة "بيرغفالد للاستشارات البيئية" كارل كريستنسن، إن موارد المعادن في النرويج تقلّص السيطرة الصينية الكاملة على سوق المعادن الأرضية النادرة اللازمة لـ"كهربة" أوروبا، وتلبية الطلب على مكونات تصنيع السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح البحرية.

ضريبة بيئية

مع توسعات النرويج في قطاعي النفط والغاز -ومؤخرًا المعادن أيضًا- باتت منافستها لكبار المُصدّرين أمرًا منطقيًا، وبعد أن حلّت تدفقاتها محل الغاز الروسي يبدو أن معادنها ستؤدي الدور ذاته مع الصين، فيما يبدو أن أوروبا ستتجه لتحقيق اكتفائها ذاتيًا من أوسلو.

وقوبلت طموحات التطوير بمقاومة بيئية، سواء للمشروعات البرية أو البحرية، وأكد كبير الباحثين في منظمة الأبحاث المستقلة بأوسلو "سينتف" آرني بيتر راتفيك، أن تعزيز إمكانات المعادن في النرويج طالما كان أمرًا مثيرًا للجدل لما له من تكلفة بيئية وتداعيات صحية.

وللخروج من مأزق الملاحقة البيئية لعمليات التعدين الأرضية بحثًا عن المعادن الأرضية النادرة في النرويج، ركّزت السلطات جهودها على التعدين في أعماق البحار، وهو ما كشفت الدراسة إمكاناته بتوافر معادن "النحاس والزنك وغيرها من المعادن اللازمة لتعزيز الطاقة الخضراء بالقارة.

وعلى الصعيد الاجتماعي، وفّرت جهود التنقيب الرامية لتعزيز إمكانات المعادن في النرويج وظائف لنحو 4 آلاف و646 شخصًا عام (2020).

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق