رئيسيةأخبار الغازأخبار النفطعاجلغازنفط

تصعيد جديد يهدد بوقف إنتاج النفط الليبي

ياسر نصر

تهدد صفقة إيني الإيطالية بعودة قطاع النفط الليبي إلى المربع الذي عانى منه لسنوات جراء إغلاقات المواني والحقول في ظل عدم وجود توافق سياسي في البلاد.

حالة من اللغط والتشكيك لم تتوقف منذ إعلان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة قبل أسبوع عزم بلاده توقيع صفقة مع إيطاليا باستثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار لتطوير حقلين للغاز في البحر المتوسط، حسبما رصدت منصة الطاقة المتخصصة.

وما بين عدم شرعية حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة في توقيع اتفاقيات بصفتها منتهية الصلاحية، وما بين اتهامات بالتفريط في المكتسبات الوطنية لصالح الشريك الأجنبي، لم تتوقف الاعتراضات، حتى بعد توقيع الصفقة مع إيني يوم السبت الماضي، بحضور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني.

تهديد بإغلاق الحقول والمواني

كشف نائب رئيس المجلس الأعلى لقبائل ليبيا، السنوسي الحليق، عن تحركات مقبلة بالعديد من المواقع النفطية في البلاد قد تصل إلى حدّ إغلاق المواني والحقول.

وقال اليوم الإثنين 30 يناير/كانون الثاني، إن الاحتقان في الشارع الليبي وصل إلى درجة غير مسبوقة، حسبما ذكرت وكالة سبوتنيك الروسية.

النفط الليبي
أحد مشروعات قطاع النفط الليبي

وأضاف أن هناك خطوط تصعيدية ستتخذها القبائل الليبية خلال الأيام المقبلة، للردّ على الاتفاق الذي وقّعته حكومة عبدالحميد الدبيبة مع إيطاليا، واصفًا الاتفاق بأنه غير قانوني.

وأشار إلى أن الخطوات التصعيدية تتمثل في إغلاق الحقول النفطية والمواني وخطوط إمداد الغاز إلى إيطاليا بكامل المناطق الواقعة في سرت والجنوب الشرقي.

كان محتجّون قد اقتحموا أمس الأحد مجمع مليتة للنفط والغاز، النقطة الرئيسة لخط الغاز الرابط بين ليبيا وإيطاليا، اعتراضًا على توقيع الاتفاقية بين الجانبين؛ لأن حكومة الدبيبة لا تملك صلاحية التوقيع على اتفاقيات مصيرية.

وطالب المحتجون بوقف الاتفاقية، وعدَّها بعضهم تنازلًا عن جزء من حق الدولة في حقول الغاز لصالح شركة إيني الإيطالية.

اتفاق غير شرعي

أوضح السنوسي الحليق أن "الاتفاق الذي وقّعه الدبيبة غير شرعي، وإضاعة لحقوق الليبيين، وإهدار للمال العام، كما أن الأخطاء نفسها ارتُكبت في وقت سابق مع شركة "توتال" الفرنسية".

حسب المادة 10 من الاتفاق السياسي الموقّع بين القوى السياسية الليبية، فإن حكومة الوحدة الوطنية غير مصرّح لها بتوقيع اتفاقيات إلزامية مع دول أخرى، وهي المادة التي استند إليها القضاء في طرابلس حين حكم ببطلان الاتفاقيات الموقعة بين الدبيبة وتركيا.

ولفت السنوسي إلى أن "القبائل الليبية في الشرق تعتزم تصعيد الأمور لدرجة كبيرة، خاصة أن جميع أموال النفط تتحكم فيها أيادٍ غير آمنة.

وشدد على أن "القبائل الليبية ستتحرك لإغلاق العديد من الحقول النفطية في الجنوب الشرقي، وفي سرت، وفي كل المناطق الواقعة شرق ليبيا".

مجمع مليتة لمعالجة النفط والغاز شرق مدينة زوارة الليبية
مجمع مليتة لمعالجة النفط والغاز شرق مدينة زوارة الليبية

مجمع مليتة

أكد السنوسي أن "إغلاق مجمع مليتة للنفط والغاز، النقطة الرئيسة لخط الغاز الرابط بين ليبيا وإيطاليا، هو خطوة أولى، بعد توقيع اتفاقية بين رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، "التي سحب البرلمان الثقة منها"، ورئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني.

كان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة قد أكد أن بنود الاتفاقية تتضمن إنتاج نحو 850 مليون قدم مكعبة يوميًا، وتطوير حقلين اكتُشفا وفق اتفاق عام 2008.

وأشار إلى أن استثمارات الصفقة تتراوح قيمتها بين 7 إلى 9 مليارات دولار ستضخّ في قطاع النفط الليبي خلال السنوات الـ3 المقبلة، وسط توقعات أن تحقّق صافي إيرادات للدولة يصل إلى 13 مليار دولار.

وأوضح أن احتياطيات الحقلين تُقدَّر بـ6 تريليونات قدم مكعبة، وقد يضخّان بمعدل 750 مليون قدم مكعبة يوميًا لمدة 25 عامًا.

وزير النفط يعترض

لم تمرّ ساعات على توقيع الصفقة التي حضرتها رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، إلّا وخرج وزير النفط محمد عون- أحد أعضاء الحكومة- والذي لم يكن مشاركًا في مراسم التوقيع، ليعلن اعتراضه على الاتفاقية.

وأشارت وزارة النفط الليبية في بيان لها أن الصفقة غير قانونية، مشيرةً إلى أن المؤسسة الوطنية عدّلت بحصص شركة إيني في الإنتاج، والتي اتُّفِقَ أن تكون 30%، إذ رفعتها إلى 37%.

من جانبها، أكدت مؤسسة النفط الليبية في بيان سابق اطّلعت عليه منصة الطاقة، أن النسبة التي يتحدث عنها بعضهم ليست نسبة المقاسمة في العائد، بل هي النسبة المسموح بها لاسترجاع التكاليف الرأسمالية في المشروع، أي النسبة المسموح باسترجاعها من الإنتاج لاسترداد التكاليف الرأسمالية للمشروع.

صادرات الغاز الليبي إلى إيطاليا

تعدّ صفقة إيني مع قطاع النفط الليبي إحدى الأدوات التي تسعى من خلالها إيطاليا إلى زيادة وارداتها من الغاز بعيدًا عن روسيا.

ترتبط إيطاليا مع ليبيا بخط أنابيب "غرين ستريم"- الذي أُنشِئَ وفقًا لاتفاق بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني بالمناصفة، رغم أنه لا يعمل بطاقته التشغيلية كاملة.

ويُضَخ الغاز من محطة لضغط الغاز في مجمع مليتة – التي اقتُحِمَت بعد الصفقة- وإرساله عبر خط طوله 520 كيلومترًا إلى محطة أخرى تستقبل الغاز في جزيرة صقلية، وينتج معظم صادرات الغاز الليبية من حقل بحر السلام، ومن حقل الوفاء جنوب غرب البلاد، ويرسل إلى مجمع مليتة للمعالجة قبل التصدير إلى إيطاليا.

إيني الإيطالية
مراسم توقيع الاتفاق بين إيني الإيطالية ومؤسسة النفط الليبية

وكان رئيس إيني كلاوديو ديسكالزي قد قال في تصريحات مؤخرًا، إن خط أنابيب غرين ستريم تتراوح سعته بين 12 و14 مليار متر مكعب، ويمكن زيادته بضعة مليارات باستعمال الضغط الملائم.

ويتزامن اتفاق إيني مع مؤسسة النفط الليبية مع إطلاق "خطة ماتي" التي طلبتها رئيسة الوزراء ميلوني، وتهدف إلى تعميق العلاقات السياسية وقطاع الطاقة بين إيطاليا والقارة الأفريقية.

وترى إيطاليا أن مشروعها في ليبيا لا يواجه مخاطر كبيرة فوق الأرض مرتبطة بالبنية التحتية البرية للنفط والغاز في البلاد، بما في ذلك التعرض للتخريب والهجوم.

وتباطأ تدفُّق الغاز من ليبيا إلى إيطاليا في العامين الماضيين، ويبلغ حاليًا نحو 7-8 ملايين متر مكعب يوميًا، ففي المدة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/شباط 2022، استوردت إيطاليا نحو 2.3 مليار متر مكعب من الغاز من ليبيا، مقابل 3 مليارات متر مكعب في المدة نفسها من عام 2021.

في عام 2019، في المدة من يناير/كانون الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول، استوردت إيطاليا نحو 5.7 مليار متر مكعب من الغاز عبر غرين ستريم.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق