نفطالنشرة الاسبوعيةتقارير النفطروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسية

النفط السعودي يضمن توازن أسواق الطاقة.. وهذا دور المملكة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية

مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • السعودية صمام أمان لإمدادات النفط العالمية.
  • الصراع في أوكرانيا يبرز مكانة السعودية في قلب الشؤون العالمية والطاقة.
  • معادلة النفط مقابل الأمن عفى عليها الزمن.
  • السعودية ترفض تسييس أسواق النفط.

بلغ تأثير الحرب بين روسيا وأوكرانيا في مختلف بلدان العالم أشُده، ولم تكن أسواق الطاقة -خاصة النفط- بمنأى عن تبعات الأزمة.

وخلق المناخ الحالي زخمًا غير مسبوق لتعزيز القوة الجيوسياسية للمملكة العربية السعودية.

وفي ضوء ذلك، نشر معهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا (آي إس بي آي) تقريرًا -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- بعنوان "زخم القوة السعودية الناشئة.. كيف يشكل الصراع في أوكرانيا سياسة الطاقة السعودية"، بقلم الخبيرة في مجلس الطاقة العالمي، الدكتورة نورا منصوري.

وركّزت منصوري، في هذا التقرير، على كيف أعادت السعودية تأكيد دورها القيادي بصناعة النفط، ومكانتها بصفتها صمام أمان لإمدادات النفط العالمية.

توازن أسواق النفط

أشارت منصوري إلى أن النفط السعودي أسهم في توازن أسواق الطاقة العالمية، موضحةً أن السعودية تؤدي دور المنتج المتأرجح -أي أنها تزيد أو تخفض الإنتاج بما يفيد مصالحها الاقتصادية على المديين القصير والبعيد- وتعمل على تحقيق التوازن في أسواق النفط وتلبية الطلب.

ويمكن للسعودية زيادة إنتاج النفط، بفضل بنيتها التحتية المرنة، وتدعمها في ذلك مواصلة الاستثمار في قطاع المنبع (التنقيب والإنتاج)، وانخفاض تكاليف إنتاج برميل النفط، وقدرتها الاحتياطية، إلى جانب أنها تتمتع بواحد من أدنى مستويات كثافة الكربون على مستوى العالم لكل برميل.

ومن خلال أوبك وأوبك+، تمكنت السعودية مع شركائها من تهدئة بعض اضطرابات الإمدادات بعد جائحة كورونا، ومن المرجّح أن تحافظ على دورها القيادي خلال المدة المقبلة.

ويعتمد العالم على المملكة العربية السعودية وقدرتها على تخفيف أزمة الطاقة المتفاقمة عن طريق ضخ المزيد من النفط، لكنها تواصل إبعاد أسواق النفط عن السياسة الدولية.

ورفضت المملكة الانحياز إلى أي طرف في الصراع الروسي الأوكراني، وحافظت على موقف محايد، مع ضمان تقديم إمدادات كافية لتحقيق التوازن في أسواق النفط.

كما أن الاستثمارات السعودية في قطاع التنقيب والإنتاج جعلتها أحد المصادر الموثوقة لسد الفجوة في ظل الأزمات، بحسب التقرير الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ويُعَد الصراع الروسي الأوكراني بمثابة جرس إنذار للتذكير بالواقع الخطير الذي يعيشه العالم اليوم؛ حيث تفقد المخاوف من تغير المناخ بريقها عندما تواجه البلدان معضلة مع أمن الطاقة.

وفي هذه النقطة، أشارت منصوري إلى اتجاه الدول الأوروبية التي تعاني نقص إمدادات النفط والغاز الروسيين إلى العودة للفحم، رغم تناقض ذلك مع تعهدات قمة المناخ "كوب 26".

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات السعودية من النفط الخام:

صادرات السعودية من النفط

الأوضاع قبل الحرب الأوكرانية وبعدها

أدى الصراع الروسي الأوكراني إلى ظهور أزمات عالمية في الطاقة والغذاء، وأسفر نقص إمدادات الطاقة عن ارتفاع الأسعار، وزيادة معدلات التضخم المصحوب بركود كبير في جميع أنحاء العالم.

ومع ذلك؛ كان النظام العالمي يشهد تغيرات ضخمة حتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا؛ حيث عملت روسيا على تعزيز وجودها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويبدو أن تنامي الاقتصاد الصيني دفع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى التحول شرقًا، بحسب ما قالته منصوري.

على الجانب الآخر، أدى استقلال الولايات المتحدة في قطاع الطاقة بسبب ثورة النفط الصخري، وضعف حضورها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى خلق فراغ، لكن حاول اللاعبون الآخرون ملأه بسرعة.

وربما أثر ذلك في تقليص العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج.

وقبل اندلاع الصراع، بدأت تتلاشى التداعيات الناجمة عن الوباء، وكان من المقرر أن يتعافى النمو الاقتصادي العالمي في عام 2023، ويعود إلى مستويات ما قبل الجائحة.

وشهد العديد من الاقتصادات انتعاشة قوية، وتزايد الطلب على الطاقة والأغذية والأسمدة، متجاوزًا العرض -أحيانًا- ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

ومع ذلك، كان أثر الصراع الروسي الأوكراني ملحوظًا في الاقتصاد العالمي، وحذر الاقتصاديون من أزمة مالية عالمية جديدة، بحسب التقرير الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

مكانة السعودية

يسلط الصراع في أوكرانيا الضوء على مكانة السعودية، ووضعها في قلب الشؤون العالمية؛ إذ تبرز بصفتها قوة عظمى في مجال الطاقة.

ويمكن للمملكة أن تساعد في تخفيف اضطرابات سوق النفط العالمية، التي تركت وراءها أزمة طاقة في أوروبا، وتداعيات مباشرة على الاقتصاد العالمي.

ومع ارتفاع أسعار النفط الخام إلى أكثر من 130 دولارًا للبرميل بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا (قبل هبوطه حاليًا إلى مستوى 85 دولارًا) لجأ العديد من الدول لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية أمن الطاقة، مثل إفراج الولايات المتحدة عن ملايين البراميل من مخزون النفط الإستراتيجي، وسنّت، مؤخرًا، قانون خفض التضخم.

ورغم التأثير السلبي للصراع الروسي الأوكراني في الاقتصاد العالمي؛ فقد حققت البلدان المصدرة للنفط أرباحًا ضخمة بسبب أسعار النفط القياسية.

وفي الربع الأول من عام 2022، سجّلت السعودية نموًا سنويًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 7.6%، وكانت هذه الزيادة هي الأعلى نموًا في العالم.

وأصبحت أرامكو السعودية الشركة الأكثر قيمة في العالم، وتبلغ قيمتها 2.34 تريليون دولار.

وأعادت المملكة تأكيد هيمنتها النفطية في المنطقة وفي أوبك+؛ حيث تمتعت البلاد بحصة أكبر في السوق العالمية، وبلغت الإيرادات النفطية مستويات قياسية.

كما حققت أرامكو أرباحًا قياسية بلغت 48.4 مليار دولار في الربع الثاني، بعدما ارتفعت الإيرادات بنسبة 80% إلى 562 مليار ريال سعودي (قرابة 150 مليار دولار).

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أسعار النفط يوميًا خلال عام 2022:

أسعار النفط اليومية خلال 2022

النفط مقابل الأمن

يعتقد الكثيرون أن معادلة النفط مقابل الأمن عفى عليها الزمن.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ما زالتا تتمتعان بتحالف إستراتيجي؛ فإنه لم يعد قويًا كما كان، ولا تحتاج الولايات المتحدة إلى القدر نفسه من نفط الشرق الأوسط كما كانت في السابق؛ بفضل ثورة الصخري وتقنيات التكسير المائي (الهيدروليكي).

ومن الواضح أن العلاقة الثنائية بين المملكة والولايات المتحدة مبنية على تجارة النفط والأسلحة، لكن هذه المحفظة تنوّعت بدرجة كبيرة.

وأدى النظام العالمي متعدد الأقطاب إلى تراجع الهيمنة الأميركية أحادية القطب؛ فقد تُرجم صعود الصين ومنظمة شنغهاي للتعاون في العقود الأخيرة، بالإضافة إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، إلى مشروعات صينية في البنية التحتية تقوم على صفقات تجارية بحتة.

على سبيل المثال، نمت شراكة الصين ومشروعاتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أنها لا تتدخل في شؤون البلدان التي تزاول فيها أنشطتها التجارية على عكس القوى الغربية الأخرى في المنطقة.

وبذلك، تمتلك دول الشرق الأوسط بديلًا جذابًا لنهج القوى الغربية في مشروعات البنية التحتية طويلة الأجل والصفقات الأمنية، التي غالبًا ما تأتي مع شروط مسبقة وتدخلات سياسية وإنسانية.

وأصبحت السعودية أكبر مصدر للنفط إلى الصين، وتشهد العلاقات الثنائية تحسنًا ملحوظًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مشروعات البنية التحتية الضخمة التي نفذتها الصين في المنطقة.

النفط باليوان الصيني

مع وصول العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى أدنى مستوياتها، أفادت أنباء بأن السعودية تفكر في بيع النفط الخام باليوان الصيني، لكن الرئيس التنفيذي للشركة وصفها بأنها "تكهنات".

وأشار الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس، جيسون توفي، إلى أن ربط العملة بالدولار كان الركيزة الأساسية لاستقرار الاقتصاد الكلي في السعودية لعقود، موضحًا أنه حتى لو تلقّت السعودية العملة الصينية لمبيعاتها من النفط إلى الصين؛ فستظل بحاجة إلى التجارة بالدولار الأميركي.

السعودية وأسواق الطاقة والنفط السعودي
من استقبال ولي العهد السعودي للرئيس الصيني - الصورة من وكالة الأنباء السعودية "واس"

واتجهت المملكة، مؤخرًا، إلى بناء شراكات متعددة مع القوى العالمية، وكانت مدفوعة جزئيًا بالمستوردين الرئيسين للنفط السعودي، والموجودين في الشرق، مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان والهند.

في حين تهدف موسكو إلى تعزيز العلاقات مع الرياض، بالإضافة إلى زيادة وجودها السياسي والعسكري والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فعلى سبيل المثال؛ تبني شركة روساتوم الروسية محطات نووية في تركيا ومصر.

وأدى إنشاء تحالف أوبك+ في عام 2016 إلى ترسيخ العلاقات الثنائية بين روسيا والسعودية، وبزوغ نظام نفطي جديد.

وجمع التحالف بين أعضاء منظمة أوبك و10 دول منتجة من خارج أوبك، ويستهدف إعادة التوازن والاستقرار في أسواق النفط.

وسيطر أعضاء أوبك البالغ عددهم 14 عضوًا على 35% من إمدادات النفط العالمية، و82% من الاحتياطيات المؤكدة، وبانضمام أوبك+ ارتفعت هذه النسب إلى 55% و90% على التوالي.

ومنح ذلك أوبك+ نفوذًا أكبر على أسواق النفط العالمية والاقتصاد العالمي.

تسييس ملف الطاقة

منذ بداية الصراع الروسي الأوكراني، اتخذ تحالف أوبك+ موقفًا محايدًا من الأزمة، والتزم بأسس اتفاقية الجزائر لعام 2016.

كما حافظت السعودية على موقف محايد من الصراع، وركّزت على آليات أسواق النفط، رافضةً تسييس السوق لضمان موثوقيتها واستقرارها.

وهو ما أكده وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي؛ إذ شدد على ضرورة فصل السياسة عن ملف الطاقة، وإلا ستؤدي النتيجة إلى الفقر والركود الاقتصادي.

وردًا على سؤال حول العلاقات السعودية الروسية، خلال منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي، في منتصف يونيو/حزيران 2022، أجاب وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، بأنها "دافئة مثل طقس الرياض".

ومع ذلك، صوّتت السعودية والإمارات على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد استخدام القوة في أوكرانيا، وأكدتا احترامهما لسيادة الدول.

بعد ذلك، استهدفت زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأخيرة إلى السعودية إعادة تعزيز العلاقات الثنائية.

ومع ذلك، ظل موقف المملكة من زيادة إمدادات النفط كما هو (أي السماح لديناميكيات السوق بتحديد الإنتاج)، حتى بعد زيارة بايدن.

لذلك، بذلت الولايات المتحدة جهودًا لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النووي الإيراني، وأعادت النظر في إمكان رفع العقوبات الاقتصادية ضد إيران لزيادة إمدادات النفط، إلا أن هذه الخطوة لم تلقَ ترحيبًا من السعودية وبعض بلدان المنطقة.

وبعدها قرر أوبك+ خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، حتى نهاية عام 2023.

وفي هذه النقطة، أكد وزير الخارجية السعودية أن العلاقات بين بلاده وأميركا إستراتيجية وعززت الأمن والاستقرار في المنطقة، موضحًا أن قرار خفض الإنتاج جاء لأسباب اقتصادية بحتة، واتفق عليه الأعضاء بالإجماع.

إنتاج النفط

يؤدي إنتاج النفط السعودي والقدرات الفائضة دورًا مهمًا في أمن الطاقة العالمي.

وتُعَد المملكة ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، وتمتلك ثاني أكبر احتياطيات مؤكدة للنفط الخام.

وفي وقت سابق، قال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، أمين الناصر: "بينما لا تزال تقلبات السوق العالمية وعدم اليقين الاقتصادي قائمة؛ تدعم الأحداث خلال النصف الأول من عام 2022 وجهة نظرنا بأن الاستثمار المستمر في صناعتنا ضروري للمساعدة في ضمان توفير الإمدادات إلى أسواق النفط وتيسير الانتقال المنظم للطاقة".

وعمومًا، تواجه الاستثمارات في صناعة النفط والغاز تحديات مستمرة، وانخفضت بشدة، ولا سيما خلال السنوات الـ8 الماضية.

بالإضافة إلى ذلك، حذر الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، جوزيف ماكمونيغل، من أن تداعيات الصراع الروسي الأوكراني تعوق الاستثمارات الجديدة في استخراج النفط والغاز في زمن يحتاج إليه العالم بشدة.

ولضمان توازن السوق، قالت منصوري -بحسب التقرير الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إنه تجب زيادة الاستثمار في قطاع المنبع إلى مستويات ما قبل الجائحة (252 مليار دولار)، وضرورة استمرار الاستثمارات حتى عام 2030.

ونظرًا إلى امتلاك السعودية والإمارات نصيب الأسد من القدرات الفائضة لأوبك بنحو 2.5 مليون برميل يوميًا، يمكنهما المساعدة في استقرار أسواق النفط من خلال زيادة الإمدادات، لكنهما التزمتا علنًا بالأهداف السابقة لأوبك+.

كما يمكن للمنتجين الآخرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المساعدة في تهدئة الاضطرابات بأوروبا، لكن من وجهة نظر منصوري؛ فإن عملية زيادة إنتاج النفط عملية معقدة؛ لذا يجب على المنتجين في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مراعاة عدد من العوامل قبل زيادة الإمدادات في أسواق النفط.

  • أولًا: تتطلب زيادة القدرات الإنتاجية وقتًا (يصل إلى عامين أو أكثر) واستثمارًا.
  • ثانيًا: يجب احترام العقود طويلة الأجل مع المشترين الآسيويين وغيرهم.
  • ثالثًا: تجب مراعاة اتفاقيات أوبك+ وسقف الإنتاج.
  • رابعًا: يجب الحفاظ على العلاقات الدولية ذات الشراكات متعددة الاتجاهات، بما في ذلك روسيا والصين.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إنتاج السعودية من النفط الخام:

إنتاج النفط الخام في السعودية

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق