غازتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانيانفط

مشروعات الوقود الأحفوري تتزايد في أوروبا.. ومخاوف من انتكاس الأهداف المناخية

مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • قد تنفق دول الاتحاد الأوروبي مليارات الدولارات على مشروعات الوقود الأحفوري
  • خطة "ريباور إي يو" تهدف للتخلص من الوقود الأحفوري الروسي
  • قد تصل مشروعات الغاز الممولة من صندوق كورونا إلى 41 مشروعًا
  • توقعات بحصول 34 مشروعًا للغاز المسال على قروض أوروبية مدعومة بمبادرة "ريباور إي يو"

عملًا بالمثل القائل "الغاية تبرر الوسيلة"، تتجه قارة أوروبا لتطوير مشروعات الوقود الأحفوري بمليارات الدولارات المخصصة للتعافي من آثار جائحة فيروس كورونا، رغم خططها الخضراء وأهداف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وسيسمح الاتحاد الأوروبي بإنفاق أموال التعافي من كورونا على تطوير مجموعة من مشروعات البنية التحتية الجديدة بجميع أنحاء القارة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن صحيفة "إي يو أوبزرفر" (EUobserver).

ويبدو أن هذه الخطوة قد تخاطر بتقويض جهودها في التحول الأخضر، وتقييدها بعقود على مدار السنوات الـ20 المقبلة.

في مقابل ذلك، لم تنل هذه الخطوة استحسانًا من نشطاء المناخ، ووصفوها بأنها "كارثية"، إذ يخشون من أن تزيد هذه المشروعات من اعتماد أوروبا على الوقود الأحفوري المستورد.

تعديل اللوائح

توصَّل المفاوضون بعد ساعات من المناقشات المحتدمة، صباح يوم 15 ديسمبر/كانون الأول (2022)، إلى نتيجة لتعديل آليات التعافي والقدرة على مواجهة الأزمات (آر آر إف)، والتي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو (801 مليار دولار أميركي)، والتي اعتمدها الاتحاد الأوروبي لمواجهة تداعيات وباء كورونا.

(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا).

النائب الروماني في البرلمان الأوروبي سيغفريد موريسان
النائب الروماني في البرلمان الأوروبي سيغفريد موريسان - الصورة من صفحته الرسمية بموقع تويتر

ووافق البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي على إمكان استغلال هذه المخصصات في المبادرات المتعلقة بخطّة "ريباور إي يو" الأوروبية.

فقد كشف الاتحاد الأوروبي عن خطة "ريباور إي يو" في مارس/آذار (2022)، ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا والمخاوف المتعلقة بإمدادات الطاقة.

وتهدف الخطة إلى تسريع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، إلى جانب تسريع التحول البيئي، وتعزيز مرونة نظام الطاقة على مستوى الاتحاد الأوروبي.

وخلال تصويت نوفمبر/تشرين الثاني (2022) على تعديل لائحة "آر آر إف"، وافق البرلمان الأوروبي على استبعاد مبدأ عدم إلحاق الضرر مؤقتًا، وهو مبدأ يضمن أن المشروعات الممولة لا تسبب أيّ ضرر بيئي.

ونتيجة لذلك، باتت العشرات من مشروعات الوقود الأحفوري المقترحة بجميع أنحاء أوروبا مؤهلة لتلقّي الأموال المخصصة لمبادرات التعافي من تداعيات فيروس كورونا.

وفي هذا الصدد، قال النائب الروماني في البرلمان الأوروبي سيغفريد موريسان، إن الحلول يجب أن تكون أوروبية لمواجهة أزمة الطاقة، مشيرًا إلى أن الدول الأعضاء يتعين عليها مواجهة العراقيل الحالية المتعلقة بنقل الطاقة من المشروعات العابرة للحدود والمتعددة البلدان.

ويرى أن خطة ريباور إي يو بإمكانها أن تحقق قيمة مضافة للدول، وتدعمها خلال هذه الأزمة.

بينما أرادت المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي المضي إلى ما هو أبعد، من خلال إلغاء الحدّ الأقصى لتعبئة الأموال الخاصة بالنفط والغاز، وإدراج النفط في مشروعات البنية التحتية الجديدة.

ووجد تحقيق أجرته مؤسسة "إنفستيغيت يورب" أنه سيُسمح لقرابة 30% من القروض المدعومة التي تقدّمها خطط التعافي -أي نحو 67.5 مليار يورو من أصل 225 مليار يورو من القروض المتاحة- بتمويل المشروعات العاجلة المتعلقة بأزمة الطاقة.

وحددت المؤسسة خططًا لتطوير ما لا يقلّ عن 41 محطة للغاز المسال أو خطوط أنابيب للغاز، وأصبح بالإمكان تمويل الكثير منها بالأموال المخصصة من تداعيات الجائحة.

قرار كارثي

وصف الخبير الاقتصادي، منسّق الشؤون المالية في منظمة "كلايمت أكشن نتورك" أوليفيه فارداكولياس، التعديلات بأنها "كارثية" ولا داعي لها.

ويرى أن هذه الخطوة تزيد من اعتماد الاتحاد الأوروبي على الوقود الأحفوري المستورد، وهو ما أدى إلى الأزمة الحالية.

في المقابل، يعتقد وزير المالية التشيكي زبينيك ستانجورا أن الحاجة إلى استبدال الغاز الروسي تبرّر استثمارات أوروبا الجديدة في الوقود الأحفوري.

وعندما عقدت جماعة الضغط "يوروغاز" مؤتمرها السنوي في ديسمبر/كانون الأول (2022) ببروكسل، دعا الرئيس ديدييه هولو، -وهو، أيضًا، نائب رئيس شركة إنجي الفرنسية العملاقة- الاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم، وأعرب عن أمله في تلقّي مساعدة من المفوضية الأوروبية لحلّ أزمة الإمدادات.

ولدى حكومات الاتحاد الأوروبي مهلة حتى مارس/آذار (2023) لإرسال مقترحات جديدة إلى بروكسل المتعلقة بخطّة التعافي الوطنية، بما في ذلك مشروعات الغاز التي يريدون تمويلها.

ويجب أن تكون المشروعات جاهزة للعمل بحلول عام 2026، وفقًا لشروط خطة "ريباور إي يو".

مشروعات الوقود الأحفوري في أوروبا

منذ بداية الحرب في أوكرانيا، أعلنت الدول الأوروبية خطط تطوير ما لا يقلّ عن 34 مشروعًا للغاز المسال و7 مشروعات لخطوط أنابيب الغاز، وفقًا لبيانات مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور لأبحاث الطاقة.

أنابيب داخل محطة في ألمانيا
أنابيب داخل محطة في ألمانيا – الصورة من موقع بوسطن غلوب

وتوجد هذه المشروعات في 10 دول أوروبية، وتشمل 26 قاعدة بحرية أو عائمة، والتي تتضمن وحدات عائمة للتخزين وإعادة التغويز ووحدات تخزين عائمة و8 مشروعات برية، وتُقدَّر تكلفتها بعشرات المليارات من الدولارات.

ولدى ألمانيا وحدها 11 مشروعًا، 5 منها محطات ثابتة، و6 محطات عائمة.

وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية، إن تطوير البنية التحتية للوحدات العائمة للتخزين وإعادة التغويز وتأجيرها ضروري لأمن الطاقة، في ظل تراجع إمدادات الغاز الروسي.

وأضاف أن مرحلة التطوير والبناء ستستمر حتى 2038، بتكلفة تقديرية تصل إلى 9.7 مليار يورو.

وتأتي إيطاليا في المرتبة الثانية بـ6 مشروعات تخطط لتنفيذها، تليها اليونان بـ5 مشروعات، ومشروعين في كل من إستونيا ولاتفيا وهولندا.

وفي مايو/أيار (2022)، نشرت المفوضية الأوروبية مخططًا يحتوي على 13 مشروعًا فقط للغاز المسال، من المحتمل تمويلها عن طريق خطة "ريباور إي يو"، ومنذ ذلك الوقت، لم يكشف مسؤولو الاتحاد الأوروبي أيّ تطورات جديدة؛ لأن المفوضية الأوروبية في انتظار الخطط المحدّثة من الحكومات.

وجمع تحالف "كان يورب" ومنظمة "فوود آند ووتر أكشن يورب" معلومات من مختلف الدول الأوروبية المعنية.

ووفقًا للتقديرات، يمكن حصول ما لا يقلّ عن 34 مشروعًا للغاز المسال على قروض أوروبية مدعومة من خلال مبادرة "ريباور إي يو".

ويضاف إلى ذلك المشروعات الضخمة لخطوط الأنابيب الجديدة، مثل خط أنابيب الغاز المخطط إنشاؤه تحت الماء، والذي يربط بين برشلونة ومرسيليا، المعروف بـ"إتش 2 إم إي دي"، إذ تعهدت حكومات إسبانيا وفرنسا والبرتغال بنقل الهيدروجين الأخضر والغاز.

ومع خطط تشغيل الخط بحلول عام 2030، وحالة عدم اليقين التي تسيطر على سوق الهيدروجين الأخضر، الذي يمثّل -حاليًا- قرابة 5% فقط من إجمالي إنتاج الهيدروجين، ليس هناك ما يبرر هذه الاستثمارات.

وتقول كبيرة منسّقي سياسات الغاز في تحالف "كان يورب"، إن الاتحاد الأوروبي يخاطر باستثمار مليارات الدولارات لتمويل خطوط أنابيب الغاز الجديدة ومحطات الغاز المسال؛ بحجّة ضمان أمن الطاقة على المدى القصير.

وتابعت: "هذا محض هراء، ولن يساعد في استبدال الغاز الروسي هذا الشتاء.. لا يجب أن يسهم أيّ إجراء قصير الأجل في تعريض عشرات الملايين من المواطنين بأوروبا، الذين يواجهون أزمة مناخية واجتماعية وأزمة طاقة، إلى أزمة مستقبلية بسبب الوقود الأحفوري".

تداعيات تطوير مشروعات الوقود الأحفوري

أعربت مديرة شؤون الاتحاد الأوروبي في منظمة "فود آند ووتر أكشن يورب" فريدا كينيغر عن قلقها من طول مدة العقود التي تتراوح بين 10 و15 عامًا.

وقالت، إن هذه الخطوة تبعث إشارات سيئة إلى المنتجين في جميع أنحاء العالم، إذ سيواصلون الاستثمار وزيادة تجارتهم "القذرة" مع أوروبا، ويمثّل ذلك شريان حياة إلى منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، ويجعل التصدير مغريًا في نيجيريا أو قطر.

وتابعت: "ماذا سيحدث بعد ذلك؟.. في غضون 10 سنوات سنكون في عام 2033، ومن المفترض تراجع الطلب على الغاز، لكن سيظل لدينا عقود مع شركات الغاز المسال".

بالإضافة إلى هذه العقود الطويلة، ستكون أوروبا قد انتهت من تطوير آلاف الكيلومترات من خطوط الأنابيب، وعلى الأرجح ستكون ممولة جزئيًا بموجب خطة "ريباور إي يو".

في ضوء ذلك، تُجري شركة إيناغاز الإسبانية وشركة سنام الإيطالية دراسة جدوى لتطوير خط تحت البحر لنقل الغاز إلى ليفورنو في إيطاليا وبقية أوروبا.

ومن بين المشروعات المحتملة الأخرى، توسعة خط أنابيب "ترانس أدرياتيك" الذي يمتد من أذربيجان مرورًا بتركيا واليونان وإيطاليا.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- استهلاك الغاز الطبيعي في أوروبا:

الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا

كما يمكن أن يمتد تمويل الاتحاد الأوروبي إلى أفريقيا، ودعم جزء من مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء المقرر تنفيذه بين الجزائر والنيجر ونيجيريا.

بالإضافة إلى ذلك، أجرت المنظمتان حسابًا للتكلفة التشغيلية لكل محطة غاز مسال أو خط أنابيب.

ووفقًا للتقديرات، سيكلف مشروع محطة أليكساندروبوليس للغاز المسال في اليونان 19 مليون يورو سنويًا، و90 مليون يورو لخطّ أنابيب إيست ميد، و34 مليون يورو لتوسعة محطة كرك للغاز المسال بكرواتيا، و64 مليون يورو سنويًا لمشروع "بلطيق سي كوست" للغاز المسال في بولندا.

ويُعتقد أن تخصيص هذه الأموال لتطوير البنية التحتية للوقود الأحفوري سيثقل كاهل المواطنين.

وترى عضوة البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر ماري توسان أن مشروعات الغاز في أوروبا تعدّ هجومًا مباشرًا على أهداف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمناخ، مشيرةً إلى أنها تمثّل رضوخًا للمستفيدين من استثمارات الغاز، دون ضمان واضح بمحاربة تضخم أسعار الطاقة.

وفي مايو/أيار (2022)، كانت توسان من بين 48 ممثلًا عن البرلمان الأوروبي والكونغرس الأميركي، ممن وجّهوا رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للمطالبة بوضع خطة تضمن عدم تخصيص أيّ تمويل جديد أو منح أيّ رخصة استكشاف جديدة أو تصريح لتطوير بنية تحتية أو استخراج أو تصدير أو استيراد الفحم والنفط والغاز.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. انا متأكد انه يوجد مكان نفط وغاز في اسبانيا في الجنوب والشمال وفي شرق اسبانيا وكذالك جزر البليار أضف الى ذالك كميات ضخمن الغاز والبترول في كلا من ايطاليا واليونان وصربيا في مقاطعة بانونيا ووسط صربيا كذالك في كرواتيا في برا وبحرها وايضا البرتغال هناك كميات من الغاز والنفط أضف الى ذالك هنا الغاز والنفط في جورجيا السوال نا لماذا كل هذه الدول الأوربية لا تبدأ باستخراج كل هذا الغاز والبترول فمثلا بحر البلطي يمتلك كميات هائلة من النفط والغاز على سواحل دول البلطي والسويد والمانيا وهولندا وفلندا وساحل المانيا على بحر الشمال وفي شمال ووسط المانيا كميات اكلة من النفط والغاز لماذ لا تستخرج كل هذه الدول الأوربية الغاز والنفط ولا سيما هم كلهم محتاجين للغاز والنفط للتعبئة والكهرباء وقود السيارات وكذلك هم عندهم إمكانيات مادية لبدا الاستخراج والبحث عن الغاز والنفط. مهندس نفط وغاز في نيو ساوث ويلز سدني استراليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق