طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

هل طاقة الرياح صديقة للبيئة؟.. هذه أبرز المخاوف من انتشارها

مي مجدي

بينما يبحث العالم عن مصادر نظيفة لتوليد الكهرباء، تحمل مصادر الطاقة المتجددة، وفي مقدمتها طاقة الرياح، البشرى إلى العالم للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، والإسهام في خفض انبعاثات الاحتباس الحراري.

وتُعد مزارع الرياح من أسرع مصادر الطاقة نموًا في العالم، وتتسابق مختلف الدول لتطويرها، بهدف توفير كهرباء نظيفة خالية من الانبعاثات لشعوبها.

إلا أن التقنيات المستخدمة في طاقة الرياح ليست بمنأى عن اللوم إزاء التغيرات المناخية، وتعريض الطيور لخطر الانقراض، وقتل البشر -أحيانًا-.

وترصد منصة الطاقة المتخصصة في التقرير التالي أبرز المخاوف المتعلقة بطاقة الرياح..

هل طاقة الرياح صديقة للبيئة؟

رغم شهرة طاقة الرياح بتوليدها كهرباء متجددة، بات سؤال "هل طاقة الرياح صديقة للبيئة؟" غير محسوم، نظرًا إلى أن العديد من المكونات تعتمد على الوقود الأحفوري.

وتتطلّب توربينات الرياح زيوت التشحيم المشتقة من النفط لتشغيلها، التي تلحق أضرارًا بالغة عند تسربها.

ويحتوي كل توربين بقدرة 5 ميغاواط على 700 غالون من زيوت التشحيم، التي يجب استبدالها كل 9-16 شهرًا.

(الغالون = 3.7 لترًا)

تسرب زيوت التشحيم في توربين رياح
تسرب زيوت التشحيم في توربين رياح - الصورة من بلومبرغ

كما يتطلّب بناء توربين هوائي واحد 800 طن على الأقل من الفولاذ، وينتج كل طن من الفولاذ قرابة 1.85 طنًا من ثاني أكسيد الكربون، فضلًا عن 2300 طن من الخرسانة، و41 طنًا من البلاستيك غير القابل لإعادة التدوير.

وتشير التقديرات إلى أن الخرسانة مسؤولة عن قرابة 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

وتعد أنسب طريقة لصنع شفرات التوربينات هي مادة الإيبوكسي المقوى والمواد اللاصقة، والمصنوعة من البتروكيماويات.

بالإضافة إلى ذلك، يبلغ عمر التوربينات الحديثة قرابة 20 عامًا، وبعد ذلك يجب استبدال الأجزاء المتحركة.

ولا يمكن إعادة تدوير هذه الشفرات البالغ طولها 80 مترًا أو إعادة استخدامها، وينتهي بها الحال في مكب النفايات.

هل طاقة الرياح مسؤولة عن تسربات لغازات الدفيئة؟

خلال شهر يونيو/حزيران (2022)، اضطر نحو 80 موظفًا إلى إخلاء مشروع "سيغرين" الذي تبلغ تكلفته 3 مليارات جنيه إسترليني وعلى بُعد 27 كيلومترًا من ساحل أنغوس في إسكتلندا، بسبب تسرب أقوى غازات الدفيئة في العالم.

وشهدت أكبر مزرعة رياح بحرية في إسكتلندا -التي من المتوقع أن تدخل حيز التشغيل التجاري في منتصف عام 2023- تسرب غاز سداسي فلوريد الكبريت (SF6)، الذي يُعد أكثر غازات الاحتباس الحراري ضررًا، ويمكن أن يسبب مشكلات في الجهاز التنفسي للإنسان إذا تعرّض لتركيزات عالية، فضلًا عن خطورته على البيئة.

فعلى الرغم من أن سداسي فلوريد الكبريت يُسهم فقط بنحو 0.8% من الاحترار العالمي، فإن قوته ووجوده في الغلاف الجوي لمدة 3 آلاف و200 عام يستلزم اتخاذ إجراء عاجل، حسب موقع فوربس.

فقد ساعدت الخصائص الكيميائية الفريدة لسداسي فلوريد الكبريت ليصبح عازلًا كهربائيًا جيدًا؛ لذا يستعمل في المولدات الكهربائية لتوربينات الرياح.

وتحاول شركات الطاقة إيجاد بدائل لسداسي فلوريد الكبريت المحظور في أوروبا، باستثناء استخدامه في توليد الكهرباء.

وتبحث الشركات -حاليًا- عن بدائل غير قابلة للاشتعال أو التآكل، ومتاحة وآمنة في الاستعمال وغير سامة.

مزرعة رياح سيغرين البحرية
مزرعة رياح سيغرين البحرية - الصورة من صحيفة الغارديان

مخاوف من انقراض الطيور

من المهم قبل تطوير مشروعات طاقة الرياح إجراء مسوحات بيولوجية، لتوفير البيانات المتعلقة بموائل الطيور ومواقع التعشيش ومسارات الهجرة.

ويتمثّل أحد التحديات الرئيسة التي تواجه صناعة طاقة الرياح هو تأثيرها في الحياة البرية، سواء بصورة مباشرة عن طريق الاصطدام بها، أو بصورة غير مباشرة بسبب التلوث وفقدان الموائل.

وتُعد الطيور والخفافيش الأكثر تأثرًا بتوربينات الرياح، وبقاؤها يعني القضاء على الحشرات الضارة التي توفّر فوائد اقتصادية بمليارات الدولارات للقطاع الزراعي سنويًا.

ويشير العلماء إلى أن نحو 500 ألف طائر يُقتل سنويًا بسبب الاصطدام بتوربينات الرياح، وأغلبها من الصقور والبوم والنسور المهددة بالانقراض.

وفي نهاية عام 2021، قاضت جمعية أودوبان البيئية الأميركية مقاطعة ألاميدا في ولاية كاليفورنيا بعد موافقتها على تطوير مشروع لتوربينات الرياح، بحجة أنه يمثّل تهديدًا للطيور والخفافيش في المنطقة، وزعمت أن المشروع حظي بمراجعات بيئية ضعيفة.

وأشارت جمعية أودوبان إلى أن التوربينات تشكل خطورة على أنواع الطيور المهاجرة، من بينها النسر الذهبي، وبوم الجحور الغربي ذات الأرجل الطويلة، وغيرها.

وتُعد النسور الذهبية من الطيور المعرضة لخطر الانقراض منذ عام 1940، وخضعت للحماية بموجب قانون اتحادي في أميركا.

أما في مزارع الرياح البحرية فتتعرض الحياة البحرية خاصة الحيتان والفقمات والأسماك للعديد من المخاطر، ويرجع ذلك إلى أعمال البناء وتشييد قواعد الأساسات في قاع محطات الرياح البحرية.

طائر يحلق أمام توربين للرياح
طائر يحلّق أمام توربين للرياح - الصورة من موقع ريتشارج نيوز

ماذا عن الوفيات البشرية؟

رغم التركيز الأكبر على عدد وفيات الطيور بسبب توربينات الرياح، فإنها يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة وسلامة الإنسان.

ففي عام 2014 دعا تقرير صادر عن وزارة الصحة الفنلندية إلى تطوير مزارع الرياح بعيدًا عن المنازل لمسافة لا تقل عن كيلومترين.

وفي عام 2016 أقرت بافاريا تشريعًا يتطلب وجود مسافة كيلومترين على الأقل بين توربينات الرياح والمنازل، وتدرس أيرلندا اتخاذ إجراءات مماثلة.

وتُظهر بيانات تحالف "إسكتلندا أغنست سبين" المستقل -الذي يهدف إلى إصلاح سياسة طاقة الرياح- أن أعطال الشفرات هي أكثر الحوادث شيوعًا، وتليها الحرائق وسوء الصيانة.

وفي عام 2011، أكدت شركة "رينوابل يو كيه" وقوع نحو 1500 حادث في توربينات الرياح بالمملكة المتحدة وحدها خلال 5 سنوات، بحسب صحيفة ديلي تليغراف.

وفي إنجلترا، وقع نحو 163 حادثًا لتوربينات الرياح، وأودت بحياة 14 شخصًا في عام 2011، حسب موقع فوريس.

وفي يوليو/تموز (2019)، أفادت التقارير بإصابة نحو 81 عاملًا في مزارع الرياح بالمملكة المتحدة منذ عام 2014.

ومع استمرار حوادث الشفرات، ووجودها بالقرب من المنازل والمجتمعات الريفية، فإن خطر الموت وإصابة الأشخاص يتفاقم، إما بسبب اصطدام المركبات بشفرات توربينات الرياح، وإما اصطدام الأشخاص بالأجزاء المتطايرة.

وسجلت صناعة الرياح، التي انطلقت في أواخر التسعينيات، قرابة 228 حالة وفاة.

أساسيات لإنشاء توربين للرياح
أساسات لإنشاء توربين للرياح - الصورة من موقع ويند ووتش

هل تشكل خطرًا على المياه؟

أحد المخاوف الأخرى المتعلقة بتطوير مشروعات الرياح هو تأثيرها في البيئة المائية.

ويمكن أن تنعكس عمليات التطوير والتشغيل وإيقاف عمل توربينات الرياح على منسوب المياه.

ويؤدي حفر أساسات توربينات الرياح إلى تقليل منسوب المياه الجوفية، ومن ثم حدوث تغييرات في توزيع المياه وتدفقها.

كما تشكل عمليات الحفر تهديدًا باضطراب التربة وتلوث المياه الجوفية، فضلًا عن التلوث الناجم عن زيوت التشحيم وتسربها ومواد البناء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق