التقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

الغاز المسال الأميركي يواصل سيطرته على واردات أوروبا في 2023 (تقرير)

والتأثير البيئي أحد العوامل المحركة

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • مشروعات الغاز المسال الأميركية تستفيد من اندفاع أوروبا لتأمين العقود
  • الولايات المتحدة تظل الخيار الأفضل للمشترين الأوروبيين
  • أوروبا تعمل على بناء المزيد من القدرة على استيراد الغاز المسال
  • تلاشي الامتناع عن توقيع صفقات طويلة الأمد للغاز المسال في أوروبا بسبب الأهداف البيئية

يستمر الغاز المسال الأميركي في الاستفادة من سعي أوروبا إلى تأمين عقود طويلة الأجل، لتعويض نقص الإمدادات الروسية على خلفية غزو موسكو لأوكرانيا والعقوبات التي أعقبته.

ومن المتوقع أن يواصل مشترو الغاز المسال الأوروبيون في عام 2023 موجة نشاط العقود التي أُغلقت العام المنصرم (2022)، مع تشغيل المزيد من محطات الاستيراد، وتأميم الشركات الكبرى، كما أن السياسات المناخية أصبحت أكثر وضوحًا.

وتستعد مشروعات الغاز المسال الأميركية للاستفادة القصوى من الاندفاع التعاقدي؛ إذ وقّعت اتفاقيات طويلة الأجل في عام 2022 لتزويد ما يقرب من 50 مليون طن متري سنويًا من الغاز المسال، بشكل أساس للمشترين الآسيويين.

وبلغت حصة المشترين الأوروبيين 11.4 مليون طن فقط من إجمالي صادرات الغاز المسال الأميركي، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

الغاز المسال الأميركي.. الفائز

في الوقت الذي توجد فيه إمدادات محدودة متبقية، قد تكون الولايات المتحدة الخيار الأفضل للمشترين الأوروبيين، بحسب ما أوردته منصة "ناتشورال غاز إنتليجنس" (Natural Gas Intelligence).

واستحوذت القارة العجوز على ما يقرب من 70% من إجمالي صادرات الغاز المسال الأميركي في عام 2022.

وتمتلك الولايات المتحدة -أيضًا- أكثر المشروعات الجاهزة للانطلاق في العالم؛ إذ هناك نحو 20 مشروعًا قيد الإنشاء، أو جرت الموافقة عليها من قبل المنظمين أو اقتُرِحَت للبلاد.

وبينما تعمل قطر على زيادة إنتاجها من الغاز المسال من 77 مليون إلى 126 مليون طن سنويًا في هذا العقد، فإن علاقتها مع أوروبا تعقّدت بسبب مزاعم رشوة تورَّط فيها مشرّعون أوروبيون ودولة قطر.

كما أدى عدم الاستقرار في أماكن -مثل أفريقيا- وعدم إحراز تقدّم بالمشروعات في دول أخرى -بما في ذلك كندا وأستراليا- إلى جعل الولايات المتحدة في وضع جيد، على الرغم من استمرار التساؤلات حول حجم القدرة الجديدة التي يمكن بناؤها في البلاد خلال السنوات المقبلة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- صادرات الغاز المسال الأميركي في عام 2022، مقارنةً بقطر وأستراليا، استنادًا إلى تقرير منظمة أوابك:

صادرات قطر من الغاز المسال مقارنة باميركا وأستراليا

خطوة مهمة لأوروبا

منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقّع المشترون الأوروبيون -بما في ذلك إنجي الفرنسية وغالب إنرجيا البرتغالية وإينيوس البريطانية وآر دبليو إي الألمانية، صفقات لشراء الغاز المسال الأميركي لمدة 15 عامًا أو أكثر.

وفي الوقت نفسه، حصلت شركة ترافيغورا غروب على قرض بقيمة 3 مليارات دولار بدعم من الحكومة الألمانية لشراء المزيد من الغاز للبلاد.

كما وقّعت شركة كونوكو فيليبس عقودًا مع شركة قطر للطاقة لنقل المزيد من الغاز المسال الأميركي إلى ألمانيا.

وتشير التقديرات إلى أن أوروبا تحتاج من 50 مليون إلى 75 مليون طن من إمدادات الغاز المسال طويلة الأجل من الولايات المتحدة وحدها، للمساعدة بتعويض الانخفاض في الواردات الروسية.

ولذلك، تعمل العديد من الدول في جميع أنحاء أوروبا لبناء المزيد من القدرة على استيراد الغاز المسال.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة إل إن جي ألاياز، فريد هوتشيسون: "لقد كانت خطوة ضرورية قبل أن يتمكن المشترون من "الاستقرار حقًا في العمل على بعض الصفقات طويلة الأجل"، وفق ما نقلته "ناتشورال غاز إنتليجنس".

كما جرى تأميم وإعادة رسملة بعض أكبر مشتري الغاز في أوروبا، بما في ذلك شركة كهرباء فرنسا (إي دي إف) ومؤسسة "تأمين الطاقة لأوروبا" (سيفي) -التي كانت تحمل سابقًا اسم "غازبروم جيرمانيا"-، وشركة يونيبر الألمانية.

ألمانيا تستبدل الغاز الروسي

لا يوجد مكان يتجلى فيه هذا الأمر أكثر مما هو عليه في ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز في أوروبا، والتي كانت في يوم من الأيام الأكثر اعتمادًا على الواردات الروسية.

فقد استأجرت الدولة 6 وحدات تخزين إعادة تغويز عائمة، وتعمل على دعم بناء أول محطات استيراد برية لها بسرعة فائقة.

وقال هوتشيسون: "أعتقد أن الأمور تسير على قدم وساق قدر الإمكان في ألمانيا، بالنظر إلى بداية هذه الأزمة" في فبراير/شباط 2022.

وأضاف: "وجهة نظري هي أنه كان هناك الكثير يحدث وراء الكواليس، وسنبدأ في رؤية إعلانات أكثر تحديدًا في وقت مبكر من عام 2023".

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات ألمانيا من الغاز الطبيعي:

الغاز الطبيعي - ألمانيا

وقال مسؤول تنفيذي أميركي للغاز المسال -لم يرغب في الكشف عن اسمه لمناقشة مفاوضات العقود الجارية-: "الاهتمام من أوروبا موجود بالتأكيد، أتوقع أنه بحلول منتصف عام 2023 ونهاية عام 2023 وحتى عام 2024، ستشهدون المزيد من الأوروبيين يأتون إلى السوق، الأحجام التي نسمع عنها تُقدَّر بعشرات الملايين من الأطنان".

ومن المتوقع أن تنضم يونيبر وسيفي على وجه الخصوص إلى مشترين ألمان آخرين في إبرام المزيد من صفقات التوريد طويلة الأجل؛ إذ وقّعت شركة المرافق الألمانية إي إن بي دبليو وشركة آر دبليو إي صفقات العام الماضي.

وصرّح مسؤول حكومي ألماني بأن البلاد تبذل كل ما في وسعها لدعم مشتريات الغاز الإضافية، لكن الأمر متروك في النهاية للقطاع الخاص.

وقال المسؤول، إن دعم الحكومة لتعزيز إمدادات الغاز يتضح من معارضتها الشديدة لسقف الأسعار الذي فرضه الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل.

السياسات المناخية تتحكم

اجتاز المشترون الأوروبيون أيضًا موجة من صنع السياسات والإشارات المتضاربة، إذ تحرّك المشرّعون في الاتحاد الأوروبي للاستجابة بسرعة لارتفاع أسعار الطاقة ونقص الإمدادات الذي خلّفته روسيا.

كما يتطلب قانون المناخ في الاتحاد الأوروبي خفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030، بينما تستهدف المجموعة في النهاية الحياد المناخي بحلول عام 2050.

وقال مستشار شؤون الغاز المسال في شركة "بوتين آند بارتنرز" ماجد ليمام: "يتعين على أوروبا بالتأكيد أن تستمر في تعديل سياساتها وأنظمتها، من أجل الحصول على المزيد من الغاز الطبيعي المسال في المدى الطويل واستبدال الغاز الروسي"، بحسب ما نقلته "ناتشورال غاز إنتليجنس".

وأضاف: "التأثير البيئي طويل المدى هو أحد العوامل المحركة.. السياسة التي تحدّ من استعمال الغاز الطبيعي على المدى الطويل يمكن أن تؤدي إلى تعقيد نظام المشترين، لأنهم يتنافسون على التزامات طويلة الأجل للغاز المسال، وربما تشوّش تمويل مشروعات التوريد".

وفي هذه الظروف، بدأ يتلاشى الامتناع الكبير عن توقيع صفقات طويلة الأمد للغاز الطبيعي المسال في أوروبا بسبب الأهداف البيئية واسعة النطاق.

وتُعدّ صفقات التوريد لمدة 10 سنوات، والتي ستكون مثالية لأوروبا لتحقيق أهداف الحياد الكربوني في عام 2050، ليست قابلة للتطبيق لمطوّري المشروعات الأميركيين، الذين يتصارعون مع تضخّم التكلفة وضعف الأسواق المالية، وهو أمر أوضحه البائعون خلال المفاوضات.

وتضمنت بعض الصفقات التي وُقِّعَت في أواخر العام الماضي (2022) مع مشترين أوروبيين أحكامًا لاستعمال الغاز الطبيعي المعتمد، أو أطر عمل لخفض كثافة الكربون في محطات التسييل الأميركية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق