التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

الحياد الكربوني.. 6 إنجازات مناخية في 2022 رغم أزمة الطاقة و"انتكاسة" الفحم

هبة مصطفى

اصطدمت خطط الحياد الكربوني المستهدفة لعام (2022) بالغزو الروسي لأوكرانيا خلال الربع الأول وتغييره مسارات مكافحة التغير المناخي التي سبق أن تعهّدت بها دول كبرى.

وعمّقت العقوبات المفروضة على موسكو -لحصار تمددها في كييف- من أزمة الطاقة في الأسواق العالمية، وارتفعت أسعار الغاز والكهرباء إلى مستويات غير مسبوقة، ما اضطر بعض الدول إلى العودة بقوة إلى "الفحم" وإرجاء خططها المناخية جانبًا لتلبية الطلب.

وسجل استهلاك الوقود الأشد تلوثًا من بين أنواع الوقود الأحفوري انتعاشًا خلال 2022، وتخلّت دول كبرى كالمملكة المتحدة والصين -جزئيًا- عن تعهداتها المناخية، وعاد الفحم إلى الظهور في مزيج طاقتها مرة أخرى.

وشهد العام المنصرم ظواهر مناخية أعادت دق ناقوس الخطر من جديد حول أهمية الخطط الرامية لخفض مستويات الانبعاثات ومسارات الحياد الكربوني، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وطالت تلك التغيرات قارة آسيا، ففي باكستان ضربت فيضانات هائلة مناطق عدة في أنحاء البلاد ودفعت نحو مقتل الآلاف ونزوح الملايين، وقُدر حجم الخسائر بما يزيد على 40 مليار دولار.

الحياد الكربوني
تداعيات الفيضانات في باكستان - الصورة من (Finger Lakes Times)

الأمر ذاته تكرر في أفريقيا، وأدت الفيضانات التي ضربت نيجيريا الواقعة غرب القارة السمراء إلى قتل المئات وتشريد ما يزيد على مليون مواطن.

ولم تكن مظاهر التغير المناخي بعيدة عن الدول الكبرى خلال 2022، إذ واجهت قوى صناعية مؤثرة في الأسواق العالمية -وأبرزها أميركا وأوروبا والصين- موجة جفاف للأنهار النشطة قيّدت إنتاج الطاقة الكهرومائية وحركة التجارة وكانت لها تداعيات ضخمة.

ورغم "الانتكاسات" التي شهدها العام ولحقت بالخطط المناخية والالتزامات الدولية، فإن عام 2022 شهد 6 علامات فارقة في طريق الحياد الكربوني وجهود تقويض ارتفاع درجات الحرارة وزيادة غازات الاحتباس الحراري، نستعرضها في التقرير التالي حسبما أوردتها بلومبرغ.

1) قانون خفض التضخم في أميركا

جاء إقرار قانون خفض التضخم في أميركا بمثابة إنقاذ لخطط الحياد الكربوني، بعد أن تأثرت بعوامل محلية كارتفاع أسعار البنزين والغاز، ودولية بعدما ضربت أزمة الطاقة الأسواق عقب اندلاع الحرب الأوكرانية.

وحاولت إدارة الرئيس جو بايدن إقرار القانون منذ توليه الرئاسة، إلا أن محاولات الضغط لإقراره في الكونغرس نجحت خلال أغسطس/آب الماضي، وخُصص له حجم إنفاق للبنود المناخية يصل إلى 374 مليار دولار.

ويبدو أن الولايات المتحدة تعوّل كثيرًا على القانون، إذ يُوصف بأنه "الأقوى" في البلاد بالنظر إلى أنه يغطي العقود المقبلة بالتزامات تعزّز انتقال الطاقة عبر نشر الطاقة المتجددة ودعم التقنيات الخضراء والسيارات الكهربائية.

وعبر الآليات التي يدعمها القانون بالتوافق مع خطط الحياد الكربوني في البلاد، يقدر خبراء الطاقة إسهامه في خفض انبعاثات الاحتباس الحراري بما يصل إلى 4 مليارات طن.

2) ضريبة الكربون في الاتحاد الأوروبي

ربما كانت الدول الأوروبية ضمن أوائل الدول المتضررة من أزمة الطاقة عام (2022)، ورغم ذلك خطت دول الاتحاد -البالغة 27 دولة- خطوات مهمة نحو أكبر الإصلاحات والتعديلات لسوق الكربون بإعلانها تعديلات على حدوده.

الحياد الكربوني
الجفاف يضرب مدنًا صينية - الصورة من BBC

ويبدو أن تلك الخطوة دعمت مستهدفات خفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول نهاية العقد (2030) مقارنة بمستوياتها لعام 1990، واستمرار مسارات الحياد الكربوني جنبًا إلى جنب مع محاولات التغلب على نقص الطاقة وارتفاع الأسعار.

وبموجب اتفاق دول الاتحاد الأوروبي على الآلية الجديدة لتسعير الكربون، يسمح دخوله موضع التنفيذ فرض "رسوم" على السلع الواردة من دول غير الأعضاء، في محاولة لمكافحة معدلات التلوث والانبعاثات المسببة لارتفاع مستويات الاحترار العالمي.

وتغطي إصلاحات سوق الكربون في الاتحاد الأوروبي وسائل النقل البرية والشحن البري، وكذا وسائل وموارد التدفئة، ومن شأن تلك التعديلات إلزام الشركات المنتجة للطاقة بخفض انبعاثاتها أيضًا.

وأدت تلك الخطوات إلى وصف عام 2022 بمثابة "نقلة" لمستويات أسعار الكربون في أوروبا، إذ دفعت الإصلاحات الداعمة لخطط الحياد الكربوني نحو تسجيل أسعار الكربون مستويات قياسية.

3) التمويل المناخي وصندوق كوب 27

كان الاتفاق حول إنشاء صندوق لتمويل المتضررين مناخيًا أبرز ما أفضت إليه قمة المناخ كوب 27 التي انعقدت في مصر خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دعمًا لأهداف الحياد الكربوني العالمية.

ووُصف الاتفاق -حينها- بأنه "اتفاق اللحظة الأخيرة"، إذ كان محل جدل واختلاف استمر لساعات طويلة قبيل إعلانه ضمن توصيات البيان الختامي، ويهدف بالأساس إلى مساعدة البلدان المنامية التي طالتها تداعيات التغير المناخي.

وكان الصندوق إحدى آليات التمويل المناخي، إذ سبقه التوسع في برنامج "جاست إنرجي ترانزيشن بارتنرشيب" خلال 2022، لدعم انتقال الطاقة في البلدان النامية بعيدًا عن الوقود الأحفوري لمساعدتها على تنفيذ مسارات الحياد الكربوني.

ودعّمت تلك الآلية تخلي الدول النامية واقتصاداتها الناشئة عن الفحم بصورة تدريجية، وسبق أن أُعلن عام (2021) دعم البرنامج لجنوب أفريقيا بقيمة تقارب 8.5 مليار دولار، في حين خصص ما يقارب 20 مليار دولار لدعم إندونيسيا وفيتنام خلال العام المنصرم.

4) تعهدات الميثان

جاء إدراك مخاطر غاز الميثان على الخطط المناخية بطيئًا بعض الشيء، رغم دوره الكبير في الاحتباس الحراري، وصعوبة التحكم به خلال عمليات استخراج النفط والغاز والفحم أو إطلاقه من تجمعات النفايات.

وشهدت قمة المناخ كوب 27 التي انعقدت في مصر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي انضمام أستراليا ودول أخرى إلى التعهد العالمي بخفض انبعاثات الميثان المتفق عليه خلال قمة المناخ كوب 26 عام (2021)، وبانضمام تلك الدول ارتفع عدد الدول الموقعة على التعهد إلى ما يزيد على 150 دولة.

وقد تقع مسؤولية الوفاء بتلك التعهدات الرامية إلى محاصرة انبعاثات الميثان على عاتق شركات الطاقة في المقام الأول.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- الحجم الإجمالي لانبعاثات وكثافة الميثان لبعض الدول المنتجة للنفط والغاز عام (2021)، وفق بيانات الوكالة الدولية للطاقة.

انبعاثات الميثان
إجمالي انبعاثات الميثان وكثافته لمجموعة من الدول المنتجة للنفط والغاز في عام 2021

5) التنوع البيئي والبيولوجي

أحرز مهتمون بالتنوع البيئي والبيولوجي إنجازًا مهمًا قبيل انتهاء عام 2022 بنحو أسبوعين فقط، إذ تعهدت 195 دولة برعاية الأمم المتحدة بالعمل على حماية واستعادة ما يقرب من 30% من أراضي الكوكب ومياهه بحلول نهاية العقد (2030).

والتزمت الدول الغنية بدفع ما يقرب من 30 مليار دولار للدول الأكثر فقرًا بصورة سنوية بدءًا من عام 2030، عبر صندوق لتمويل التنوع البيولوجي.

6) مواقف قادة الدول

شهد عام 2022 تغيرًا في مواقف عدد من قادة الدول، ما عكس تغيرًا في ميزان خطط الحياد الكربوني، وبرهنت الكتلة التصويتية خلال الانتخابات الرئاسة على أن هناك قبولًا شعبيًا للمسارات المناخية.

الحياد الكربوني
الرئيسان الأميركي والصيني خلال لقاء سابق - الصورة من (NPR)

وتُعد انتخابات الرئاسة البرازيلية دلالة على ذلك، ودفع تعهد الرئيس البرازيلي الحالي "لويس إيناسيو لولا دا سيلفا" بالحفاظ على غابات الأمازون وعدم إزالتها نحو دعم تقلده منصب الرئاسة.

ومن أميركا الجنوبية إلى أستراليا، إذ أتت التعهدات المناخية والانحياز إلى مسارات الحياد الكربوني بحكومة رئيس الوزراء الحالي أنتوني ألبانيز وحزب العمل إلى مناصبهم.

ولم تكن الانتخابات وحدها صاحبة السيادة في تغير اتجاهات الدول تجاه الحياد الكربوني، فتغير المواقف أيضًا كان داعمًا لهذا المسار.

ويبدو أنه أخيرًا وجدت العلاقات الأميركية-الصينية نقاط اتفاق مناخية، بعدما انتهت التوترات الدبلوماسية بين البلدين حول تايوان بلقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ.

ولطالما عوّلت الخطط المناخية الرامية لتحقيق الحياد الكربوني على خفض اثنين من أكبر مطلقي الانبعاثات "واشنطن، وبكين" في محاولة لدفع اتفاقية باريس للمناخ إلى الأمام.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق