التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازرئيسيةطاقة متجددةغاز

هل تستطيع ألمانيا التخلي عن الغاز وتأمين احتياجاتها من الطاقة المتجددة؟

كشفت أزمة الطاقة في أوروبا عن خطط ضخمة للعديد من الدول وفي مقدمتها ألمانيا، أكبر اقتصاد في القارة العجوز، لزيادة التوسع في الطاقة المتجددة من أجل التوقف عن الوقود الأحفوري.

وفي ظل المساعي للتوقف عن استيراد الوقود الروسي بات التساؤل الأكثر تداولًا لدى العامة ومراكز الأبحاث حول قدرة اقتصادات أوروبا على التخلي عن الغاز في ظل ضغوط للوفاء بتعهداتها المناخية.

كشف تقرير حديث لشركة الاستشارات ماكنزي عن أن الغاز الطبيعي سيكون جزءًا مهمًا من إمدادات الطاقة في ألمانيا لمدة 10 سنوات مقبلة على الأقل؛ إذ إن التوسع في مصادر الطاقة المتجددة لتأمين احتياجات شبكة الكهرباء لا يزال يتطلب استثمارات ضخمة لزيادة قدرتها الإنتاجية.

أجندة الطاقة والمناخ

أعلنت الحكومة الألمانية برئاسة أولاف شولتس، عقب توليها المهام قبل نحو عام، تكريس جهود كبيرة لإصلاحات المناخ والطاقة، إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية صعدت أزمة الطاقة إلى الصدارة.

ودفعت الحرب الحكومة الألمانية إلى التركيز بشكل أكبر على أمن الإمدادات، من خلال الوقود الأحفوري؛ إذ يواصل الغاز الطبيعي أداء دور مهم في خطط الحكومة لتمكين تحول الطاقة في ألمانيا إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2045.

تحديات إمدادات الكهرباء

تواجه إمدادات الكهرباء في ألمانيا تحديات في السنوات المقبلة من أجل تحقيق هدف توفير إمدادات كهرباء آمنة وبأسعار معقولة ومستدامة بحلول عام 2025، وهو ما يتطلب ضرورة التوسع المتسارع في مشروعات الطاقة المتجددة.

مستودع لتخزين الغاز في ألمانيا - الصورة من رويترز
مستودع لتخزين الغاز في ألمانيا - الصورة من رويترز

في الوقت نفسه، يجب توسيع قدرات توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي بشكل كبير، وتحويلها لاحقًا إلى غاز حيوي وهيدروجين أخضر بوصفه وقودًا.

أكدت ماكنزي أن الغاز سيبقى جزءًا أساسيًا من نظام توليد الطاقة الكهربائية في ألمانيا للعقد المقبل، كما أنه من أجل تحقيق أمن إمدادات الطاقة، من الضروري الاستمرار في تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم بسعة 10 غيغاواط، والتي كان من المقرر إغلاقها بحلول عام 2025.

ودعت دراسة "إمدادات الطاقة في المستقبل.. في الطريق إلى إمدادات طاقة آمنة وبأسعار معقولة ومستدامة لألمانيا بحلول عام 2025"، التي أعدتها شركة الاستشارات العالمية ماكنزي، إلى إمكانية تحويل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم إلى محطات منخفضة الانبعاثات وقادرة على العمل بالغاز، على الرغم من الآثار السلبية قصيرة المدى على الاستدامة.

ينطوي التوسع في الطاقة المتجددة على إمكانات كبيرة لإيجاد فرص عمل؛ إذ ستكون هناك حاجة إلى أكثر من 180 ألف عامل إضافي لتطوير الأنظمة وتركيبها وتشغيلها.

ومن أجل تأمين الطلب على العمال المهرة بشكل مستدام حتى عام 2025 وما بعده يجب اتخاذ تدابير مستهدفة لمعالجة المخاطر بشكل استباقي.

عوامل النجاح

وفقًا لحسابات ماكنزي، تتطلب حزمة تدابير التوسع في الطاقة المتجددة على هذا النطاق التنسيق عبر سلسلة القيمة؛ إذ تتراوح مجموعة الأنشطة التي يتعين تنسيقها من عمليات تحويل الأراضي والموافقة عليها إلى رفع مستوى الإنتاج الصناعي للطاقات المتجددة وضمان قدرات التخطيط والبناء الكافية.

بموجب تنفيذ أهداف التوسع الطموحة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، سيُضَاف 44 غيغاواط من الطاقة الكهروضوئية و25 غيغاواط من طاقة توربينات الرياح بحلول عام 2025، ضمن خطة للوصول إلى أكثر من 300 غيغاواط من الطاقة الشمسية ونحو 100 غيغاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2040.

الكهرباء في ألمانيا – الانبعاثات
توربينات الرياح بالقرب من محطة كهرباء تعمل بالفحم في غرب ألمانيا - الصورة من موقع يورو نيوز

مشروعات طاقة الرياح

عادة ما يستغرق مشروع الرياح البرية في ألمانيا نحو 7 سنوات من بدء التشغيل إلى إنتاج الكهرباء، ويوجد حاليًا أكثر من 8 غيغاواط من توربينات الرياح البرية في مراحل مختلفة من التخطيط.

وفي عام 2021، على سبيل المثال، من أصل مشروعات بقدرة 4.5 غيغاواط من حجم المناقصة المخطط له، جرى التصريح ببدء تنفيذ مشروعات بقدرة 3.3 غيغاواط فقط، وهو ما يعني أن ثلث المشروعات رُفِضَت، ويرجع ذلك في الغالب إلى تغير اللوائح في سياق عملية الموافقة.

وقالت دراسة ماكنزي إنه إذا ما سُرِّعَت العملية برمتها من 7 سنوات إلى نحو 4 سنوات، يمكن توصيل المشروعات التي تبلغ قيمتها نحو 3 غيغاواط، والتي سيجري الانتهاء منها في ظل الظروف الحالية في السنوات من 2026 إلى 2028، بالشبكة بحلول عام 2025.

مشروعات الطاقة الشمسية

تتطلّب مشروعات الطاقة الشمسية مدة تنفيذ قصيرة نسبيًا -في المتوسط 3 سنوات فقط للأنظمة المثبتة على الأرض-، وهو ما يجعل محطات الطاقة الشمسية جذابة أكثر للتوسع السريع في السعة.

وبحلول عام 2025، تكمن أكبر إمكانات في التوسع المتزايد في أنظمة الألواح الشمسية القائمة بذاتها والأنظمة الشمسية على الأسطح.

وعلى المدى الطويل، أي بعد عام 2025، يمكن أن تكون مناطق الاستخدام المزدوج مثل الحقول واعدة بشكل متزايد.

في ألمانيا، هناك مساحة كافية متاحة للتوسع في محطات الطاقة الشمسية؛ إذ يوجد نحو 14.4 ألف كيلومتر مربع من المساحات المفتوحة لديها إمكانات إجمالية لتوليد نحو 860 غيغاواط.

بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات المتحفظة إلى أن 900 كيلومتر مربع من مناطق الأسطح في ألمانيا مناسبة للأنظمة الشمسية، ولديها إمكانات إجمالية تبلغ 130 غيغاواط.

الرياح البحرية

تظهر محطات طاقة الرياح البحرية لأداء دور في مستقبل مزيج الطاقة الألماني، إلا أنه نظرًا إلى وقت التنفيذ الطويل لمثل هذه المشروعات؛ فإنها لا تمثل سوى إمكانات محدودة للتوسع المتسارع بحلول عام 2025.

أحد مشروعات طاقة الرياح البحرية
أحد مشروعات طاقة الرياح البحرية - أرشيفية

ويجري حاليًا تطوير 6 مزارع رياح مع التشغيل المخطط لها بحلول عام 2025 بقدرة إجمالية تبلغ 2.8 غيغاواط، فضلًا عن 3 مزارع رياح أخرى، يخطط لها بدء الإنتاج في بداية عام 2026، وهو ما يمكن تعجيل الجدول الزمني لها من أجل الانتهاء في وقت مبكر من عام 2025 إذا بدأ البناء في وقت مبكر، وهذا من شأنه أن يتيح قدرة إضافية تقل قليلًا عن 1 غيغاواط في عام 2025.

سلاسل التوريد

يُعَد أحد الشروط الأساسية للتوسع في قدرات الطاقة المتجددة في ألمانيا بحلول 2025 سلاسل التوريد القابلة للتطوير والمرونة.

ففي حالة الخلايا الشمسية، من المهم تحقيق قدر أكبر من الاستقلال عن البلدان الأخرى في أوروبا؛ ففي الوقت الذي اشترت ألمانيا نحو 55% من غازها الطبيعي من روسيا في عام 2021، تحصل حاليًا على 95% من خلاياها الشمسية بشكل مباشر أو غير مباشر من الصين.

ويبدو أن إعادة بناء صناعة الألواح الشمسية في أوروبا على الأقل خيار ضروري في أهداف التوسع؛ إذ ستكون لإعادة إنتاج الخلايا الشمسية -منذ 15 عامًا كانت ألمانيا رائدة السوق العالمية في الألواح الشمسية- وهو ما من شأنه أن يقلل من خطر حدوث اضطرابات في سلسلة التوريد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق