التغير المناخيرئيسيةسلايدر الرئيسيةقمة المناخ كوب 27مقالات التغير المناخيمقالات النفطنفط

أمين عام أوابك يكتب لـ"الطاقة" عن قمة المناخ ومواقف الدول النفطية (مقال)

بقلم: علي سبت بن سبت

تنعقد قمة المناخ في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27)، خلال المدة من 6 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بمشاركة وحضور 120 من قادة وزعماء دول العالم ورؤساء الحكومات، وعدد من الشخصيات الدولية والخبراء ورؤساء المنظمات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ إذ بلغ عدد المشاركين أكثر من 40 ألف مشارك.

ويأتي انعقاد هذه القمة في ظل تطورات إستراتيجية مهمة كالأزمة الروسية الأوكرانية، وأزمة الطاقة عالميًا، وخطر حدوث ركود اقتصادي عالمي والتقدم في موضوع الحياد الكربوني، وغيرها مما اتُّفِق عليه سابقًا في مؤتمر غلاسكو (COP26).

لذا تحرص الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) على الحضور بصفة مراقب في فعاليات هذه القمة من خلال الاجتماعات اليومية للفرق التفاوضية؛ لمناقشة مواد الاتفاقية وبنودها، وكذلك الاجتماعات رفيعة المستوى وحضور اجتماعات الفريق التفاوضي العربي اليومية التي تعقدها جامعة الدول العربية ضمن فعاليات هذه القمة.

وتحرص الأمانة العامة من خلال دولها الأعضاء على تأكيد التزامها الطوعي تجاه قضايا تغير المناخ والتزامها بقواعد اتفاق باريس، وهو تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ عن طريق الحفاظ على ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية هذا القرن إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك إلى درجة ونصف درجة مئوية.

قمة المناخ والحاجة لكل مصادر الطاقة

إن العالم اليوم يواجه ظروفًا معقّدة، وأصبحت الأوضاع الجيوسياسية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى؛ ما ترتب على ذلك حاجة دول العالم إلى مزيد من الطاقة من جميع مصادرها من النفط والغاز والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية والهيدروجين، وبأقل انبعاثات. وكذلك إلى مزيد من الطاقة الموثوقة ومنخفضة التكلفة، كما دلت عليها تجربة السنتين الماضيتين، وتجربة أزمة الطاقة الحالية في ظل تنامي عدد سكان العالم الذي يُتوقع أن ينمو بمعدل 0.8% خلال المدة من 2021 إلى 2045، ليصل إلى 9.5 مليار نسمة في عام 2045.

وسيظل الاقتصاد العالمي معتمدًا على النفط والغاز مصدرًا رئيسًا للطاقة؛ حيث سيستحوذان معًا على حصة 53% من مزيج الطاقة المتوقع استهلاكها في عام 2045، ولتلبية الارتفاع في الطلب يحتاج العالم إلى استجابة شاملة تعتمد على مزيج أكثر تنوعًا لمصادر الطاقة المختلفة.

لذا بادرت الدول الأعضاء في أوابك بوضع الإجراءات اللازمة لتنويع مزيج إنتاج الطاقة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضمان أمن إمداداتها للطاقة حتى إتمام مرحلة التحول الطاقوي من أجل تنوع احتياجات شعوب العالم ومتطلباتهم مع الالتزام بخفض الانبعاثات، وهو ما تتجه إليه صناعة النفط والغاز حاليًا في دولنا الأعضاء.

مبادرات عربية

إن دول أوابك لديها خريطة طريق تتطلب الإسراع بتنفيذ مشروعات خفض الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة التي تُنَفَّذ بالتعاون مع الشركاء الدوليين، وهذا الأمر يحتاج إلى استخدام التكنولوجيا الخاصة بخفض الانبعاثات الكربونية للقطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، والمزيد من التعاون التكنولوجي مع الدول المتقدمة بهدف التحرك في المسار الصحيح نحو خفض الانبعاثات الكربونية وضخ مزيد من الاستثمارات الضخمة في القطاعات الاقتصادية ذات الصلة، وظهر ذلك جليًا من خلال إعلان الدول الأعضاء في المنظمة مبادراتها لرفع مستوى الطموح وإبراز المشروعات والمبادرات الخضراء التي تواكب التوجهات العالمية بهذا الخصوص.

إذ أعلنت المملكة العربية السعودية مبادرةَ الشرق الأوسط الأخضر التي تعد خريطة طريق طموحة وواضحة للعمل المناخي الإقليمي؛ ما يضمن تنسيق جهود واتباع نهج موحد وواضح لمواجهة تبعات التغير المناخي على دول المنطقة؛ حيث ستسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة، وزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة وفق برنامج يُعد من أكبر البرامج لزراعة الأشجار في العالم، وكذلك المساهمة بـ2.5 مليار دولار دعمًا للمبادرة على مدى السنوات الـ10 المقبلة.

قمة المناخ كوب 27 في مصر

ولتحقيق هذه الأهداف المرجوة منها يتطلب استمرار التعاون الإقليمي والمساهمات الفعالة من الدول الأعضاء، كما أُعلِنَ الوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون.

وكذلك أطلقت المملكة العربية السعودية مركزًا إقليميًا للاقتصاد الدائري للكربون الذي يهدف إلى القضاء على الهدر وترشيد الموارد وإعادة الاستخدام وإعادة التصنيع والتدوير لإنشاء نظام حلقة مغلقة؛ ما يقلل استخدام مدخلات الموارد إلى الحد الأدنى ويخفض انبعاثات النفايات والتلوث وانبعاثات الكربون، وكذلك الاتفاق مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لغرب آسيا "الإسكوا" لتأسيس مركز إقليمي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لخفض الانبعاثات الكربونية، وسيكون مقره الرياض، وكذلك جرى التوقيع على 13 مشروعًا للطاقة المتجددة واستثمارات تصل قيمتها إلى 9 مليارات دولار.

من جهتها أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة منصة لتسريع التحول العادل لأنظمة الطاقة بالشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لتعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في الدول النامية بقيمة استثمارية أولية تبلغ مليار دولار عام 2021، ومبادرة الإمارات الإستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد الكربوني المناخي 2050.

كما تعهّدت الإمارات، خلال حفل افتتاح قمة المناخ COP27، بالعمل على إيجاد حلول عملية تُسهِم في معالجة الخسائر والأضرار نتيجة تغير المناخ وخلق فرص نمو اقتصادي مستدام للبشرية في كل مكان والتأكيد على ضمان أمن الطاقة مع خفض الانبعاثات.

والجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة ماضية قُدمًا في تنفيذ مبادرات نوعية في الطاقة النظيفة، فضلًا عن استضافتها مؤتمر الأطراف المقبل (قمة المناخ COP28) خلال عام 2023.

وقد أطلقت جمهورية مصر العربية مبادرة المنتدى العالمي للهيدروجين المتجدد باعتبارها منصة دائمة للحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة للهيدروجين الأخضر بهدف تنسيق السياسات، وخلق ممرات للتجارة والاستثمار في الهيدروجين.

وتأتي هذه المبادرة في سياق أزمة الطاقة التي يمر بها العالم اليوم؛ حيث يتوجب على الدول جميعًا تأمين إمدادات الطاقة التي تحتاج إليها الدول دون الإخلال بالتزاماتها تجاه قضايا تغير المناخ، وهذه المبادرة بمثابة فرصة حقيقية للتنمية الاقتصادية التي تتماشى مع اتفاق باريس لتغير المناخ ومن خلال تنفيذ جدول أعمال 2030، وأهداف التنمية المستدامة.

كما أعلنت بعض الدول الأعضاء في أوابك -إن لم يكن غالبيتها- حرصها على مواكبة الجهود المتسارعة لمواجهة أزمة تغير المناخ في العالم؛ حيث تعهّدت بالوصول إلى الحياد الكربوني بين عامي 2050 و2060.

التغير المناخي

إن مفهوم التغير المناخي وما يرتبط به من تداعيات يعتمد على تعاون كل مكونات المجتمع الدولى، والتعامل مع التكنولوجيات الحديثة وتوظيفها لمعالجة هذه التداعيات من أجل كفاءة الطاقة ومعالجة الأمور المتعلقة بالتلوث البيئي والعمل على وضع حلول طموحة في هذا المجال.

وهذا ما قامت به الدول الأعضاء من خلال تقديم تلك المبادرات السابقة لخفض الانبعاثات وتعزيز الجهود المبذولة ذات الصلة بالمناخ في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط لتحقيق الطموحات المناخية ومستهدفات المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs) بحلول عام 2030، وكذلك أهمية التحول النوعي في النماذج التنموية في إستراتيجياتها الوطنية؛ بحيث يشمل إنتاج منتجات نفطية ذات قيمة مضافة عالية قليلة الانبعاثات بالاستعانة بأحدث التكنولوجيات التي يمكن التعويل عليها في إنتاج منتجات بترولية نظيفة، ملتزمة بأكثر المعايير البيئية العالمية صرامة وإدراج الطاقات المتجددة ضمن الإستراتيجيات الاقتصادية المرتبطة بالطاقة ووضع برامج وحوافز لاستقطاب الاستثمار الخاص لهذا القطاع الحيوي والواعد وأهمية التنويع الاقتصادي.

إن صناعة النفط والغاز تواجه جملة من التحديات والعقبات؛ من أهمها التوجه العالمي نحو الانحياز للطاقات المتجددة بسبب التغيرات المناخية التي يحمل الوقود الأحفوري المسؤولية الكبرى عن حدوث ظاهرة تغير المناخ جراء انبعاثاته المتزايدة من ثاني أكسيد الكربون.

قمة المناخ في مصر

وإن هذا الواقع تواكبه تحديات اقتصادية متعددة لا بد من أن تتضافر الجهود المشتركة من كل الأطراف المعنية سواء الدول النامية أو الدول المتقدمة الصناعية، وفيما يخص مواقف الدول العربية تجاه قضايا تغير المناخ؛ فإنها تؤكد بشكل عام ضرورة أن تقود دول المرفق الأول عملية خفض الانبعاثات بسبب مسؤوليتها التاريخية والالتزام بتعهداتها المالية وزيادة هذه التعهدات الخاصة بمبادرة التكيف والتخفيف للدول الأخرى.

ويجب أن تتوافق جميع القرارات والمفاوضات خلال قمة المناخ COP27 مع مبادئ الاتفاقية الإطارية واتفاق باريس لعام 2015، وأن تكون مدفوعة بالأطراف وشاملة وشفافة وتلتزم بمبادئ العدالة والإنصاف والمسؤوليات المشتركة لكن المتباينة الأعباء مع رفض الإجراءات الأحادية الجانب في تناول قضايا تغير المناخ.

إننا ندرك أن الطاقة تؤدي دورًا أساسيًا في المساهمة بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف السابع منها في وقت كان فيه كثير من شعوب العالم في الدول النامية محرومة من الوصول إلى وسائل حديثة يمكن الاعتماد عليها وبأسعار معقولة للطاقة، والاعتراف بأن تغير المناخ يمثل أحد أكبر التحديات في العصر الحديث، وتأثرت به جميع الدول على السواء من حيث إن استمرار تنفيذ تدابير الاستجابة للتصدي للتغير المناخي تؤثر بشكل غير متناسب في اقتصادات الدول النامية خاصة الدول المصدرة للطاقة.

وكذلك أهمية التزام الدول المتقدمة بتعبئة 100 مليار دولار أمريكي ووجوب الوفاء بها سنويًا، وكذلك ينبغي زيادة التمويل المتعلق بالمناخ واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ؛ حيث يجب أن تتفق الدول الأطراف على هدف كمي إجمالي جديد للدعم المالي، والسعي من خلال الاتفاقية لتحقيق التنمية المستدامة والجهود المبذولة للقضاء على الفقر؛ بما في ذلك فقر الطاقة، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف والقدرات الوطنية للدول النامية.

*أمين عام منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك، علي سبت بن سبت.

*هذا المقال كتبه الأمين العام خصيصًا إلى منصة الطاقة، بمناسبة استضافة مصر لقمة المناخ كوب 27، وردًا على العديد من الاستفسارات في هذا الشأن.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق