رئيسيةالتغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيقمة المناخ كوب 27

أفريقيا قبل كوب 27.. القارة السمراء ضحية التغيرات المناخية والتعقيدات التمويلية

أمل نبيل

تعلّق دول القارة الأفريقية آمالًا كبيرة على مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 27، للتوصل إلى اتفاقيات مرضية تضمن حصول القارة على تعويضات مناخية تخفّف من حدة الأضرار التي لحقت بشعوبها التي لا ناقة لها ولا جمل في تزايد الانبعاثات الكربونية.

وتعاني أفريقيا أسوأ آثار التغيرات المناخية، رغم أنها القارة الأقل إسهامًا في الانبعاثات الكربونية، إذ يتعرّض مواطنوها كل عام لمزيد من الفيضانات ودرجات الحرارة المرتفعة وتآكل السواحل وتدهور الأراضي والصدمات المناخية الأخرى.

وفي غرب أفريقيا ووسطها، أثرت الفيضانات الأخيرة بالمنطقة في ملايين الأشخاص، ما أدّى إلى مقتل مئات الأرواح وتشريد عشرات الآلاف من منازلهم، وفق التقارير التي اطلعت عليها منصّة الطاقة المتخصصة.

ويُعقد مؤتمر كوب 27 في مدينة شرم الشيخ المصرية من 6 وحتى 18 نوفمبر/تشرين الأول الجاري (2022)، في وقت متأزم على الصعيد العالمي، وسط أزمة طاقة طاحنة نتيجة تداعيات فيروس كورونا، وزادت حدّتها مع الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، واتجاه جميع الأطراف إلى استعمال سلاح الطاقة.

نقص محطات الرصد الجوي

تشهد أفريقيا -أيضًا- بعض أسرع معدلات النمو السكاني على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى ما يقرب من 2.1 مليار شخص بحلول عام 2050، وفقًا لتوقعات الأمم المتحدة.

وتصدر معظم انبعاثات الكربون عن 20 دولة هي الأكثر تقدمًا في العالم، في حين تضم أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى نحو 48 دولة مسؤولة عن نسبة لا تتجاوز 0.55% من تلك الانبعاثات، و3% لكل القارة، ومع ذلك تقع 17 من أكثر الدول المعرّضة لخطر التغيرات المناخية في العالم في القارة السمراء.

وتعاني القارة الأفريقية -حاليًا- نقصًا حادًا في المراصد الجوية -منشآت تستخدم لأغراض الرصد والتنبؤات الجوية- التي يمكنها أن توفر بيانات مناخية جيدة، وفقًا لبلومبرغ.

ويؤدي نقص محطات الرصد الجوي إلى إعاقة علوم المناخ في أفريقيا، ما يؤثر سلبًا في قدرة القارة على المطالبة بالتعويض عن الأضرار المناخية.

كوب 27 في مصر
مرصد جوي في المملكة المتحدة - الصورة من موقع metoffice

وما زالت البلدان النامية تنتظر 100 مليار دولار من التمويل السنوي للمناخ الذي وعدت به الدول الغنية في عام 2009، وهو التزام كان من المفترض أن يتحقق بحلول عام 2020، وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الوفاء به أواخر عام 2023.

وحتى الآن، تعهَّد عدد قليل فقط من الحكومات بتمويل مخصص للخسائر الناتجة عن تغيّر المناخ، فضلًا عن أن المبالغ ما زالت ضئيلة؛ إذ أعلنت الدنمارك، في سبتمبر/أيلول الماضي، أنها ستقدّم 100 مليون كرونة دنماركية (13 مليون دولار) لهذا الغرض.

لدى فقط 40% من الناس في أفريقيا إمكان الوصول إلى أنظمة الإنذار المبكر التي يمكن أن تحميهم من الظواهر الجوية الشديدة وتأثيرات تغير المناخ، بحسب بيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

ويرجع نقص محطات الرصد الجوي في أفريقيا بصفة رئيسة إلى التكلفة، إذ يمكن أن تكلف المحطة الواحدة ما يصل إلى 20 ألف دولار لتثبيتها.

الآثار الكارثية للتغيرات المناخية

تتسبّب التغيرات المناخية في حدوث كوارث بيئية في الدول الأفريقية، ففي 14 أغسطس/آب (2017)، انهار جبل "شوغرلوف" في ضواحي مدينة (فريتاون) عاصمة سيراليون -دولة في غرب قارة أفريقيا- نتيجة الأمطار الغزيرة، وحطمت الصخور الكبيرة المنازل وابتلعت السيول الطينية أي شيء في طريقها.

وأودى الانهيار الناجم عن الفيضانات الشديدة التي تفاقمت بسبب إزالة الغابات بحياة ألف و141 شخصًا، في أسوأ كارثة طبيعية تشهدها البلاد في التاريخ الحديث.

وبعد نحو 5 سنوات، كررت المأساة نفسها، في أغسطس/آب من العام الجاري (2022)، إذ أدى انهيار أرضي إلى مقتل 8 أشخاص على الأقل في العاصمة فريتاون وتشريد المئات.

ومع تضاعف عدد سكان المدينة على مدار الـ20 عامًا الماضية، انتشرت أكثر من 70 مستوطنة عشوائية في جميع أنحاء المدينة على حطام التلال السابقة، وتزيد الأعاصير والفيضانات المتكررة من خطورة هذه الأماكن المعرضة للكوارث بصورة كبيرة.

كوب 27 في مصر
أعضاء فريق البحث والإنقاذ في موقع الانهيار الطيني بالقرب من فريتاون في سيراليون عام 2017 - الصورة من بلومبرغ

وتواجه المدن الأفريقية الفقيرة صعوبة في الحصول على التمويلات اللازمة للتخفيف من التغيرات المناخية والتكيف معها.

وفي عام 2020، تلقت أفريقيا 30 مليار دولار فقط من التمويل المتعلق بمكافحة تغير المناخ، خُصصت 50% منها لمصر والمغرب ونيجيريا وكينيا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا.

صعوبة الحصول على تمويلات مناخية

تأتي المدن الأفريقية في المراتب الأخيرة عندما تُصرف القروض والمنح المناخية، التي تشكل الجزء الأكبر من مبادرة الـ100 مليار دولار التي تعهّدت بها الدول المتقدمة منذ نحو 14 عامًا.

وقال مدير السياسات العامة في نيو سكول بمدينة نيويورك -الذي يتمتع بخبرة كبيرة في البنك الدولي- مايكل كوهين، إنه سواء حُوّلت الأموال بصورة ثنائية بين البلدان أو من خلال مصارف التنمية متعددة الأطراف، فإن الأموال تذهب أولًا إلى وزارات المالية في البلدان المتلقية ثم إلى الوكالات المركزية الأخرى قبل أن تصل أخيرًا إلى المدن.

وأضاف كوهين: "لا تمنح الحكومات المحلية البلديات المال عندما تحتاج إليه"، بحسب بلومبرغ.

وعندما يُخصّص جزء من التمويلات الممنوحة للمدن، تُقيّد أوجه الإنفاق على أولويات معينة، وتكثّف المدن الأفريقية جهودها للحصول على تمويلات من المانحين من القطاع الخاص.

في عام 2021، تلقت فريتاون -عاصمة سيراليون-، 174 ألف دولار من صندوق المدن العالمية للمهاجرين واللاجئين.

وعندما تحاول المدن الحصول على تمويلات خارجية، فإنها تواجه مجموعة من العراقيل التنظيمية؛ على المستوى المحلي، تفتقر حكومات المدن إلى القدرة على إعداد مشروعات جذابة للمستثمرين من الناحية المالية.

وعلى الصعيد الوطني، غالبًا ما تقيّد الحكومات المركزية قدرة المدن على الاقتراض، ودوليًا تتطلّب معظم آليات الاستثمار المالي ضمانات سيادية وطنية أو مستويات عالية من الجدارة الائتمانية نادرًا ما تمتلكها المدن في البلدان منخفضة الدخل، بما في ذلك فريتاون.

وقال كوهين: "هناك تردد في إقراض الحكومات المحلية، لأن معظمها ليست لديها القدرة على السداد".

وتتمتع 4% فقط من 500 مدينة كبيرة في البلدان النامية، بجدارة ائتمانية في الأسواق المالية الدولية.

تغير المناخ

يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى خسائر سنوية في الناتج المحلي الإجمالي للدول الأفريقية، تتراوح بين 2 و12% بحلول عام 2050، ما يدفع ملايين المواطنين إلى الفقر.

وفي منطقة الساحل الأفريقي التي تضم 5 دول، قد يقع 13.5 مليون شخص إضافي في براثن الفقر بحلول عام 2050 إذا لم يُتخذ أي إجراء لمحاربة تغير المناخ في القارة، بحسب موقع المنتدى الاقتصادي العالمي.

وتحتاج البلدان الأفريقية إلى الاستثمار في التكيف مع المناخ والتحول إلى مسار نمو منخفض الكربون لدعم التنمية المستدامة.

وفي العام الماضي (2021)، وافقت الدول المتقدمة في (كوب 26) في غلاسكو على مضاعفة التمويل الدولي للتكيف بحلول عام 2025، إلا أن هذه التعهدات لا تُترجم على أرض الواقع، بحسب موقع تشاينا ديالوج (chinadialogue).

وتحتاج الاستجابة لحالة الطوارئ التي فرضها تغير المناخ من خلال الإسهامات المحددة وطنيًا في أفريقيا إلى 277 مليار دولار سنويًا، وفقًا لدراسة أجرتها ونشرتها مؤخرًا مجموعة الأبحاث المستقلة "مبادرة سياسة المناخ"، ومقرها مدينة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية.

وتلخّصت أبرز نتائج الدراسة في ضرورة مضاعفة تمويل المناخ 9 مرات في أفريقيا، حسب تقرير اطّلعت عليه منصّة الطاقة المتخصصة.

وتعمل مصر على تبني قضايا قارة أفريقيا، خلال "يوم التمويل" الذي تنظمه وزارة المالية المصرية، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر المناخ كوب 27.

وقال وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، إن بلاده ستعرض قضايا القارة السمراء في "يوم التمويل"، الذي تنظمه وزارة المالية، في اليوم الثالث من قمة المناخ "كوب 27".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق