التقاريرتقارير الغازرئيسيةروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةغاز

منشآت الطاقة الأوروبية تواجه حربًا روسية خفية.. هل يتكرر مصير نورد ستريم؟

مخاوف من تعرُّض خط البلطيق لنقل الغاز النرويجي لهجمات مماثلة

هبة مصطفى

بينما تدور الحرب علنًا على الأراضي الأوكرانية منذ الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط (2022)، أي قبل نحو 8 أشهر، تواجه منشآت الطاقة الأوروبية هجمات من نوع آخر تركَّزت غالبيتها على خطوط نقل تدفقات الغاز.

وتأتي الحرب الخفية في توقيت بالغ الأهمية للقارة العجوز، التي تتعطش دولها لأيّ تدفقات تسمح بتلبية الطلب على الكهرباء والتدفئة خلال فصل الشتاء المقبل، وبالتزامن مع أزمة طاقة يتعرض لها عدد من الأسواق الدولية، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وعقب الانفجارات التي لحقت بخطّ أنابيب الغاز من موسكو إلى أوروبا "نورد ستريم"، تحبس أسواق الطاقة أنفاسها خوفًا من تعرُّض تدفقات الغاز النرويجي للمصير ذاته، حسب مقال نُشر بصحيفة الغارديان للكاتب سيمون تيسدال.

ولم تقتصر المخاوف حول مصير منشآت الطاقة الأوروبية على منشآت الغاز، بل امتدّت -أيضًا- لمحطات الطاقة النووية ومرافق الكهرباء، لا سيما أن أوروبا على أعتاب مواجهة شتاء شديد البرودة من المتوقع أن يشهد زيادة في الطلب على الكهرباء والتدفئة.

مصير منشآت الطاقة الأوروبية

كان الرد الروسي على العقوبات الأوروبية وعدم نجاحها -حتى الآن- في حسم الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية يشكّل تهديدًا طال منشآت الطاقة الأوروبية، التي تُعدّ ركيزة أساسية وركنًا مهمًا من الحرب غير المعلنة بين موسكو من جهة والغرب من جهة أخرى.

وعقب سلسلة من الأحداث والتداعيات التي تبعت اضطراب وتوقُّف تدفقات الغاز الروسي، واجه خط نورد ستريم ضررًا فادحًا، بعدما انفجرت أجزاء منه دفعت نحو تدمير غالبيته وخروجه نسبيًا من الخدمة لحين استكمال الإصلاحات، وهو أمر مستبعد بالآونة الحالية، في ظل التوترات الدائرة.

منشآت الطاقة الأوروبية
آثار انفجار أجزاء من خط نورد ستريم - الصورة من ABC News

وقال الكاتب سيمون تيسدال في مقاله، إن هناك حربًا روسية غير معلَنة تستهدف إلحاق الضرر بمنشآت الطاقة الأوروبية، والدخول في دائرة اتهامات متبادلة بين موسكو والغرب، دون أدلّة واضحة.

وأضاف أن الرئيس فلاديمير بوتين يعلم أنه مقبِل على مرحلة مواجهة مع الناتو، رغم تلويحه بردّة فعل نووية، لذا قد يتخذ من الهجمات غير المعلنة على منشآت الطاقة وخطوط الغاز أداة جديدة للحرب والردّ على العقوبات.

وتوقَّع تيسدال تزايُد حدّة تلك الهجمات في الآونة المقبلة مع تزايد حدّة اليأس لحسم الحرب الأوكرانية لدى بوتين، لكن تلك الهجمات من شأنها زيادة الحصار على منشآت الطاقة الأوروبية، في ظل زيادة الطلب.

الغاز النرويجي في خطر

بانهيار الآمال المتعلقة بانتظام تدفّقات الغاز من روسيا، عدّلت أوروبا وجهتها نحو الغاز النرويجي الذي حظي بالاهتمام، إلى أن بات أكبر مورّدي الغاز للقارة العجوز حاليًا، ورغم ذلك تدور مخاوف من تعرُّض خط أنابيب البلطيق الذي ينقل التدفقات من أوسلو إلى بولندا ودول أوروبية أخرى للمصير ذاته.

واقترن القلق من هجوم روسي -غير معلن- على منشآت الطاقة الأوروبية وخط أنابيب البلطيق بدلائل وشواهد، لكنها لا ترقى لمستوى مواجهة موسكو اتهامات مباشرة.

وتثير محطة عبور الحدود بين النرويج وروسيا "محطة ستورسكوغ" الواقعة بمدينة فينمارك على الحدود الشرقية لروسيا القلق بشدة، إذ إن احتمالات اشتعال الموقف تحت مظلة حرب الطاقة الخفية بين البلدين تعيد للأذهان اشتباكات عهد الاتحاد السوفيتي، لا سيما أن التسليح النووي لموسكو ما يزال قائمًا بالمنطقة ذاتها.

وتُشير الخريطة التالية إلى مواقع خطوط نقل الغاز الروسي لأوروبا قبيل تفجير نورد ستريم، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة استنادًا إلى بيانات ذي إيكونوميست:

خطوط أنابيب نقل الغاز الروسي إلى أوروبا

ويتزامن ذلك مع رصد قوات الشرطة النرويجية طائرات مُسيّرة (طائرات دون طيار) تحوم حول منشآت الطاقة الأوروبية، خاصة منشآت النفط والغاز في النرويج، بالإضافة إلى إلقائها القبض على عدد من الروسيين كان بحوزتهم تلك الطائرات وعبروا الحدود من خلال محطة "ستورسكوغ"، طبقًا لما تطرَّق إليه المقال.

وقالت وزير العدل النرويجية إيميلي إنغر ميهل، إنه رُصِد مرور طائرات مُسيَّرة أعلى منصات النفط والغاز في بحر الشمال، ما دفع لتكثيف دوريات المراقبة بالتنسيق مع الدنمارك.

قلق أوروبي.. وحماية بريطانية

تشكّل حماية منشآت الطاقة الأوروبية -سواء خطوط نقل الغاز أو المرافق النفطية ومحطات الكهرباء والطاقة النووية وغيرها- من أيّ هجمات مباشرة أو غير مباشرة خطوة صعبة تكاد تكون مستحيلة، باعتراف مسؤولين من الاتحاد الأوروبي.

ومع تصاعد القلق حول سبل حماية تلك المنشآت بنطاق واسع عقب تدمير نورد ستريم، تزداد الضغوط على القادة الأوروبيين الذين يتعرضون لضغوط سياسية واقتصادية ضخمة منذ بدء الحرب الأوكرانية.

منشآت الطاقة الأوروبية
عامل بشركة غازبروم الروسية - الصورة من (The Japan Times)

ويسعى قادة الاتحاد للتوصل إلى اتفاق حول سقف لسعر الغاز ضمن إجراءات تجاوز أزمة الطاقة، بينما تواجه دول كبرى خلافات تهدد التضامن فيما بينها، مثل ألمانيا وفرنسا.

ويُشير المقال إلى أن نمو الخلافات التي تهدد الاستقرار الداخلي والدبلوماسي بين الدول الأوروبية أحد أدوات الحرب الروسية غير المعلنة ضد القارة العجوز، محذرًا من التخلّي عن التضامن فيما يتعلق بحلول أزمة الطاقة، إذ يرى أن فصل الشتاء معيار لاختبار الإرادة الأوروبية في تجاوز تلك العقبات.

وبينما تخشى المملكة المتحدة وفرنسا تعرُّض خطوط الاتصالات لهجوم روسي خفي، فإن بريطانيا تعكف على طرح أولى سفنها المخصصة للمراقبة البحرية ودخولها حيز التشغيل العام المقبل (2023).

كما خصصت باريس ما يُقدَّر بنحو 11 مليون يورو للاستعانة بالطائرات المُسيرة وأجهزة المراقبة الآلية تحت الماء، في محاولة لمواجهة أيّ هجمات روسية متوقعة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق