المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

أميركا تهدر احتياطي النفط الإستراتيجي وسط الضغوط الاقتصادية (مقال)

فاندانا هاري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الاستمرار في السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي هو الخيار الأقلّ سوءًا لدى بايدن
  • • هناك سحب جديد كبير على الديزل الأميركي من أوروبا هذا العام
  • • تحرّك الولايات المتحدة لتقليص أو حظر صادرات المشتقات النفطية أمر غير مرجّح
  • • حظر صادرات المشتقات النفطية قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع الحلفاء في أوروبا

لا يمكن لسحب بضع مئات الملايين من احتياطي النفط الإستراتيجي في أميركا أن يلوي ذراع مجموعة المنتجين الذين يضخون مجتمعين أكثر من 40 مليون برميل يوميًا.

وليس من المنطقي كذلك التلويح باستعمال الاحتياطي الإستراتيجي لدولة مستهلكة ضد تحالف يوفر 40% من احتياجات النفط العالمية، وقد يُطرَح هذا الأمر للنقاش في يوم آخر.

ولم يكن مفاجئًا أن تتجاهل السوق إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الأربعاء الماضي 19 أكتوبر/تشرين الأول، بسحب 15 مليون برميل من احتياطي النفط الإستراتيجي في ديسمبر/كانون الأول، مع الوعد بمزيد من المبيعات عند اللزوم.

لقد تجاوزت مبيعات احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي تلك النقطة من القدرة على مواجهة أيّ نقص متعمد أو حتمي بإمدادات تحالف أوبك+ في الظروف الحالية.

على أيّ حال، من المفهوم سبب قيام إدارة بايدن بهذه البادرة، فاعتبارات السياسة تطلّبت بذلك، وكان استياء واشنطن المتوقع من قرار أوبك+ خفض هدف الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يوميًا، في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، يستوجب ردًا.

في المقابل، عززت انتخابات التجديد النصفي الأميركية، بعد 3 أسابيع، ضرورة قيام الإدارة الأميركية ببعض الإجراءات، التي تهدف إلى مواجهة تحركات أوبك+ وتهدئة أسعار المحروقات بالتجزئة، على الأقلّ من الناحية النظرية.

وكما قلنا في مقالنا الأسبوع الماضي، فإن جميع الردود الأخرى المقترحة هي إمّا إجراءات غير عملية، أو مجرد إجراءات انتقامية، لن يكون لها أيّ تأثير في توازنات العرض والطلب أو الأسعار على المدى القصير.

وقد تأتي ردود الفعل تلك بنتائج عكسية على المدى الطويل، وبتصعيد الحرب بين الولايات المتحدة وأوبك+.

احتياطي النفط الإستراتيجي
صهاريج تخزين النفط الخام بالقرب من مدينة كوشينغ بولاية أوكلاهوما الأميركية – المصدر: رويترز

بالنسبة لإدارة بايدن التي تمر في ظروف ضاغطة، كان الاستمرار في السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي هو أقلّ الخيارات سوءًا، علمًا أنه يوجد أكثر من بضعة أسباب تجعل ذلك الإجراء غير فعّال إلى حدّ كبير.

حاجة ملحّة للمشتقات وليس للخام

تُعدّ كمية 15 مليون برميل ستُباع في ديسمبر/كانون الأول، جزءًا من سحب بمقدار 180 مليون برميل أُعلِنَ في 31 مارس/آذار، وكان من المقرر أصلًا أن يجري في المدة من مايو/أيار إلى أكتوبر/تشرين الأول.

وهذا يحدّ من التأثير النفسي في السوق، بالنظر إلى أن حجم السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي قد أُخِذَ في الحسبان سابقًا.

وبالنظر إلى اقتراب ذروة الطلب في فصل الشتاء بنصف الكرة الشمالي، فإن الحاجة الملحّة تتركز على المشتقات النفطية.

وقد يكون مجال المناورة محدودًا، إذ تعمل مصافي التكرير الأميركية، حاليًا، بطاقة إنتاج 90%، مقابل متوسط طاقة إنتاجها لعامَي 2015-2019، البالغ 87% لهذا الوقت من العام، وهو عادةً موسم انتقالي.

علاوة على ذلك، عند مستوى 17.96 مليون برميل يوميًا، تمتلك الولايات المتحدة طاقة تكرير قابلة للتشغيل أقلّ بنحو مليون برميل يوميًا، مقارنة بهذا الوقت في عام 2020.

وقد أصبحت مخزونات نواتج التقطير الأميركية، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، عند أدنى مستوى لها على الإطلاق في هذا الوقت من العام.

من ناحية ثانية، يوجد سحب جديد كبير على الديزل الأميركي من أوروبا هذا العام، الذي سينمو فقط حيث يمنع الاتحاد الأوروبي جميع واردات المشتقات النفطية المنقولة بحرًا من روسيا، بدءًا من 5 فبراير/شباط.

ونظرًا إلى تصاعد الضغط السياسي على مصافي التكرير الأميركية لزيادة المخزونات في الشمال الشرقي، كان الساحل الشرقي للولايات المتحدة يسحب إمدادات الديزل في إطار التنافس مع أوروبا.

على ضوء ذلك، فإنّ تحرُّك الولايات المتحدة لتقليص أو حظر صادرات المشتقات النفطية أمر غير مرجّح إلى حدّ كبير، لأنه قد يتسبب في تصعيد التوترات مع الحلفاء في أوروبا.

احتمال بقاء النفط الخام تحت الضغط

لا يعني انخفاض تأثير السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي أن أسعار النفط الخام ستستمر في الصعود.

وإذا استمرت الضغوط الاقتصادية في التأثير بقوة، وازدادت مخاوف الطلب العالمي على النفط، فإن مسار النفط الخام، الأقلّ مقاومة يظل هبوطيًا.

ويشير الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إلى خطة السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي التي أقرّها الرئيس بايدن:

احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي

عندما استقرت العقود الآجلة لخام برنت في ديسمبر/كانون الأول عند 90.03 دولارًا، يوم الأربعاء الماضي 19 أكتوبر/تشرين الأول، كان سعر العقود يزيد قليلًا عن 80% ممّا يقرب من 10 دولارات للبرميل في الأسبوع المنتهي 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وجاء ذلك ردّ فعل سريعًا ومباشرًا على قرار أوبك+ خفض الإنتاج.

وعلى الرغم من أن الأسعار أغلقت الأسبوع بارتفاع طفيف، فمن المحتمل أن ينعكس مسارها مرة أخرى.

حظر واردات النفط ا الروسي

من المتوقع أن يؤدي حظر الاتحاد الأوروبي، في 5 ديسمبر/ كانون الأول، على واردات النفط الروسي المنقولة بحرًا، وعلى شركات الاتحاد الأوروبي من توفير خدمات التأمين والخدمات المالية لشحنات النفط الروسية، إلى اضطراب شديد في الإمدادات.

من جهتها، تواصل الهند والصين وتركيا استيراد المزيد من النفط الروسي، وقد تستورد مجموعة صغيرة من المستوردين الجدد الصغار، بما في ذلك ماليزيا وإندونيسيا وسريلانكا وباكستان، بعض الكميات.

ولا يبدو أن خطة الولايات المتحدة ومجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي لتشكيل تحالف دولي من الدول المستوردة لفرض سقف لسعر النفط الروسي بهدف تجنّب ارتفاع محتمل في أسعار النفط بعد الحظر المفروض من الاتحاد الأوروبي، تُحرز تقدمًا كبيرًا.

إلى جانب ذلك، فإن التقدم الحاصل يتمثل في أن روسيا والمشترين ووسطاء التجارة يقومون بترتيبات بهدوء للحفاظ على تدفّق النفط، حتى بعد الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي.

وتشمل هذه أساطيل الظل التي ظهرت في نصف (دزينة) من البلدان شرق السويس لشحن النفط الروسي، وفي بعض الحالات، ترتيبات بديلة لدفع العملة.

وبحسب ما ورد من معلومات، أجرى بنك "يو سي أو" وبنك "يس" Yes Bank الهنديان ترتيبات مع غازبروم بنك الروسي وبنك بطرسبورغ سوشال كوميرشال، على التوالي، لإنشاء حسابات مصرفية مشتركة "فوسترو" للتسوية التجارية بالروبية الهندية.

ويتبع ذلك أذونات من بنك الاحتياطي الهندي لبنك "يو سي أو" بنك "يس" Yes Bank لإنشاء مثل هذه الحسابات.

نظرًا لأن الإدارة الأميركية قالت مرارًا وتكرارًا، إنها تريد ضمان استمرار تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية بعد حظر الاتحاد الأوروبي لتجنّب النقص وارتفاع الأسعار، فإن فرص فرض واشنطن عقوبات ثانوية على الدول، التي تواصل استيراد النفط الخام من روسيا، منخفضة.

لذلك، قد تكون هناك حاجة إلى ترتيبات الشحن والدفع البديلة إذا امتنعت شركات الشحن والبنوك أو المؤسسات الغربية، التي تمارس أعمالًا كبرى في الولايات المتحدة وأوروبا، طواعية عن التجارة مع روسيا.

* فاندانا هاري هي مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.

هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق